اللواء فؤاد حسين : مسعود سعيد المسعودي من أشهر رجال سيناء
اللواء فؤاد حسين ضابط المخابرات في منظمة سيناء
العربية :
فهيمة أول امرأة تحمل لاسلكي خلف خطوط العدو
فهيمة أول امرأة تحمل لاسلكي خلف خطوط العدو
حاورته: نهي حسين تصوير: محمد السهيتي
من هو اللواء فؤاد حسين الذي قررنا أن نتحاور معه علي حلقتين, واعتبرنا ما حصلنا عليه منه مهم جدا خصوصا في هذه المرحلة, أهم ما يمكن أن نشير إليه في هذا الصدد أن هذا الرجل لم يكن مجرد ضابط مخابرات
ولكن الظروف قادته إلي أكثر الأماكن سخونة, فبعد أن عاد من اليمن التحق بجهاز المخابرات المصرية في فترة من أهم فترات عمله وهي فترة احتلال إسرائيل لسيناء, ومن هنا كان هو الضابط البارز في منظمة سيناء العربية, التي أخذت علي عاتقها القيام بعمليات فدائية ضد الاحتلال, ثم إنه كان المكلف باكتشاف الجواسيس المندسة في هذه المنظمة.
استعاد ذكرياته
بداية اللواء فؤاد حسين حاصل علي بكالوريوس العلوم العسكرية في الكلية الحربية عام 1961, ودبلوم إدارة الأعمال في كلية التجارة جامعة الأزهر والعديد من الدبلومات العسكرية المتخصصة التي أهلته ليصبح ضابط مخابرات محنكا, اشترك في حرب اليمن ضمن القوات المصرية وعاد ليبدأ رحلته في المخابرات المصرية عام 66,
ليعمل في قسم مقاومة التجسس حتي عام 1986 حتي لقب بصائد الجواسيس ولم يتوقف عطاؤه لسيناء وأهلها بنهاية فترة عمله بالقوات المسلحة, ولكنه كان عضوا بارزا في جمعية مجاهدي سيناء وجمعية محبي سيناء, ونائب رئيس جهاز الاتصال بالمنظمات الدولية الذي يشرف علي تنفيذ اتفاقية السلام مع إسرائيل في سيناء,
وعضويته في جمعية مجاهدي سيناء لم تأت من فراغ, بل كانت امتدادا لعمله في منظمة سيناء العربية أول تشكيل للعمل الجماعي التطوعي الذي بدأ بعد حرب 1967 وسلاح المصريين الوحيد لمحاربة العدو الإسرائيلي في سيناء المحتلة, والتي فجرت طاقات بدو سيناء ضد الاحتلال الاسرائيلي لسنوات وحتي انتهاء حرب 1973,
وعن تلك المنظمة يقول اللواء فؤاد حسين: منظمة سيناء العربية أنشئت بتكليف من الفريق محمد أحمد صادق مدير إدارة المخابرات الحربية بعد حرب 1967 من أهالي سيناء يشاركهم متطوعون مصريون من 12 محافظة ومعهم 13 ضابط مخابرات وكنت واحدا منهم وكان عددنا 757 فردا تقريبا, وكان الهدف من إنشائها القيام ببعض العمليات الفدائية ضد المحتل الإسرائيلي, خاصة بعدما علم الفريق صادق أن العدو استولي علي معداتنا السلمية في سيناء والذخيرة بالكامل وينقلها عن طريق الأسري المصريين بواسطة قطارنا مما أشعل النار بداخله, وطلب تشكيل هذه المنظمة لمواجهة هذا التحدي الاسرائيلي بأسلوبه,
وبالفعل كانت أول انطلاقة للمنظمة هي تفجير هذا القطار بما يحمله حتي لا يصل إلي إسرائيل وتستفيد من معداتنا, وتوالت العمليات الحربية الفدائية في المنطقة بمختلف الأشكال, وكلها كانت ناجحة, وأقوي عملية مازلت أتذكرها حتي الآن وهي تفجير مبني المحافظة في العريش والذي احتلته المخابرات الإسرائيلية وتمركزت فيه, وخسرت إسرائيل في هذه العملية عددا كبيرا من ضباطها وجنودها.
وما هي طبيعة مسئوليتك آنذاك في منظمة سيناء العربية؟
- كنت مسئولا عن الكشف علي العناصر المنضمة للمنظمة, بمعني التحري عنهم حتي لا يندس بينهم جواسيس لإسرائيل, وكنت أيضا مع زملائي ندربهم علي العمليات الفدائية, وكنا نسميهم في البداية فدائيي سيناء ولما ازداد العدد أطلقنا اسم منظمة سيناء العربية, وكنت أتمتع بثقة مشايخ سيناء لمساعدتي لهم في حل بعض مشاكلهم دون تكليف بل من منطلق حبي لهم, وهذا الحب كان أساس عملهم أيضا معنا, فهم لا يتقاضون أي مبالغ مقابل تضحياتهم بأرواحهم في كل عملية يخرجون فيها, ولا يتمتعون بأي صلاحيات بل وراءهم أسر فقيرة, قد تفقد عائلها الوحيد إذا لم يعودوا إليهم. وكانوا يعملون ليلا ونهارا تطوعا لحبهم الشديد للوطن وليس غيره.
تخوين وتشويه
إذن فلماذا برأيك انتشار شائعات التخوين والتشويه ضد بدو سيناء؟
- أراه طبيعيا من الأعداء حتي يثور أهل سيناء ضد مصر ويتحولوا إلي جواسيس ضدها, ولكنهم ليسوا بهذا الغباء, فهم لديهم من الفطنة والجلد والصبر ما يجعلهم يفهمون كل ما يدور حولهم وهم يفهمون الشخصية اليهودية جيدا, فليس بين أهل سيناء خائن سواء في الجيل القديم أو الجديد, المسألة تتضح في اختلاف الأجيال فقط, فالجيل الجديد من أبنائهم قد يخرج منهم أفراد أكثر تهورا بعضهم يسعي للربح السريع فقد يعمل بالتهريب أو يخطف سيارة, ولكن هذا ليس معناه فقد انتمائهم لمصر, بل علي عكس بعض أبنائنا في المدن الأخري, البدو لهم دور كبير وينصاعون لأعرافهم وتقاليدهم التي تحكمهم حتي الآن.
وأين ذهب أعضاء منظمة سيناء العربية؟
- 45 عاما مضت علي تكوينها, وبالتالي منهم من وافته المنية, ومنهم من لايزال في السجون الإسرائيلية, ومن علي قيد الحياة انضم إلي الجمعية الجديدة وهي جمعية مجاهدي سيناء التي تم إشهارها في عام 1997 تحت رقم 94 ومقرها العريش, ومنذ انتهاء حرب 73 وتحرير سيناء بالكامل تقوم القوات المسلحة برعاية أعضاء منظمة سيناء العربية وتوفير الرعاية الصحية لهم بمستشفيات القوات المسلحة وصرف إعانة شهرية لغير القادرين منهم بالإضافة إلي اعانة الشئون الاجتماعية لأعضاء جمعية مجاهدي سيناء وكان قدرها 13 جنيها فقط, ولكن أعضاء مجلس الشعب من أبناء سيناء رفعوا تظلمات إلي المسئولين لزيادة الإعانة الشهرية وكان آخرها عام 1999 عندما تقدمت السيدة جليلة جمعة عواد عضو مجلس الشعب عن جنوب سيناء باقتراح صرف إعانة قدرها 200 جنيه, وعقدت لجنة الاقتراحات والشكاوي اجتماعا للنظر في مقترحها وقررت بعده رفع المبلغ إلي 500 جنيه شهريا بدءا من عام 2006.
بطولات نسوية
إذن المرأة السيناوية في الحاضر ساندت أبطال سيناء, هل كان لها دور بينهم في الماضي؟
- بالطبع دور كبير جدا بحكم كونها سيدة فكان التعرض لها أقل لذا كانت تتولي حماية ورعاية الجنود والضباط المصريين المكلفين بعمليات استطلاعية في سيناء وعلي رأسهم المجاهدة فهيمة أول سيدة تعمل في منظمة سيناء العربية, فهي حاملة جهاز اللاسلكي متنقلة به من مكان إلي آخر دون أن يدخل الخوف قلبها من العدو الاسرائيلي, وهي أيضا ناقلة التموين لأفراد خلف الخطوط, وهي أول سيدة يكرمها رئيس الجمهورية الرئيس أنور السادات, وتم تكريمها هي وزوجها, ومنحها الرئيس نوط الشجاعة من الطبقة الأولي, لأنها علاوة علي أدوارها السابقة كانت تقوم بإيواء الفدائيين في منزلها لفترات طويلة, وتمد القوات المصرية بالمعلومات عن العدو.
ولا أستطيع نسيان السيدة وداد حجاب وهي أيضا من المجاهدات فكانت تعمل ممرضة في مستشفي العريش الحكومي, وكانت تمدنا بالمعلومات الغزيرة والتفصيلية عن أفراد العدو, وكانت أحد أعضاء منظمة سيناء العربية والآن عضو جمعية مجاهدي سيناء, فالسيدة السيناوية لها أدوار متعددة منذ حرب 67 وحتي الآن وكن جميعا يعملن دون تكليف وبدون مقابل, لمجرد شعورهن بالانتماء إلي مصر رغم العزلة ونقص الخدمات في سيناء.
وما الدليل علي مقاومتهم الاحتلال الاسرائيلي دون تكليف؟
- هم لم يقاوموا بعد احتلال سيناء في 1967, بل نبهونا لهجمة إسرائيل قبل 5 يونيو 67, فقاموا بجمع المعلومات عن العدو وتصوير المواقع الإسرائيلية ورصد التحركات العسكرية داخل إسرائيل وأرسلوها إلي المخابرات الحربية المصرية في العريش وعليه أرسلتها إلي وزارة الحربية في 2 يونيو 67 بتوقع هجوم إسرائيلي وشيك علي مصر في يوم 4 أو 5 يونيو تحديدا,
وهذه المعلومات أجمع المحللون والقادة في مذكراتهم أنه لو كان تم التعامل معها بجدية وسرعة لما نجحت ضربة إسرائيل الجوية الأولي علي المطارات المصرية, وبرغم ذلك واصل أهل سيناء جهودهم دون توجيه أو إرشاد بعد حرب 67, حتي أصبحت كل القبائل والعائلات مشاركة في الكفاح ضد العدو من خلال أبنائهم وأدوارهم البطولية, بداية بمساعدة الشاردين من قواتنا في صحراء سيناء وإيوائهم وتوصيلهم إلي قناة السويس بعد إخفائهم عن أعين القوات الإسرائيلية,
علاوة علي نقلهم للمصابين من أفراد قواتنا المصرية وعلاجهم, بل أقاموا مراكز إعاشة وتجميع لأفراد القوات المسلحة في منطقة بئر العبد بالتعاون مع المخابرات الحربية لنقلهم بواسطة مراكب صيد صغيرة إلي بور سعيد, وكان من ابرز رجال سيناء في هذا الوقت المرحوم مسعود سعيد المشهور بالعبد من قبيلة المساعيد, والمرحوم الشيخ عبدالعزيز أبو مرزوقة عمدة البياضين.
أموال البنوك
ويستكمل اللواء فؤاد حسين ذكرياته حول بطولات أهل سيناء بعد حرب 67 قائلا: قام أهل العريش بعمل قومي لا ينسي وهو سحب أموال البنوك وبلغت وقتها 300 ألف جنيه مصري بخزينة بنك الإسكندرية فرع العريش قبل وصول القوات الإسرائيلية إليها, وتحرير محضر رسمي بين أهالي ومدير البنك لتوفير الرواتب للموظفين في المدينة من أجل استمرار صمود أهالي سيناء, كما قام أهالي سيناء العاملون الشرطة المدنية بجمع البطاقات الشخصية والعائلية الفارغة بمبني السجل المدني قبل استيلاء العدو عليها, وكذا إخفاء الأختام وشعار الجمهورية لاستخدامه في استخراج بطاقات لأفراد قواتنا المحتجزين في العريش لتسهيل هروبهم.
ولم يكتفوا بذلك وإنما أعادوا إصلاح جهاز لاسلكي من أجهزة محافظة سيناء بالعريش المحتلة ليتصلوا بالقيادة في مصر ويبلغوهم بتنفيذ أي أوامر تصدر لهم, وكان هذا من خلال الرقيب احمد كامل من سلاح الحدود والذي كان يعمل في مركز شرطة العريش, والذي أرسل الإشارات بـالمورس علي الجهاز اللاسلكي رقم 19,
وجندوا أفرادا من اهل العريش لجمع المعلومات وإرسال تقارير كاملة عن الوضع في سيناء من خلال جهاز اللاسلكي الكبير الذي كان يتكون من ثلاث قطع إرسال, استقبال وبطارية, بالإضافة إلي هوائي كبير, حتي تم القبض عليهم بواسطة المخابرات الإسرائيلية بعد اكتشافهم وحكم عليهم بالسجن لمدة 15 سنة, ولكن تم الإفراج عنهم في عام 1968 ضمن صفقة تبادل الأسري بناء علي طلب المخابرات المصرية.
تحرير أم لا؟
في الاحتفال هذا العام بعيد تحرير سيناء الثلاثين, هل تري أن هذا التحرير حقق آمال أهلها أم لا؟
- بالفعل هناك تغيير حدث لسيناء منذ عام 67 وحتي الآن ويكفي قدرة أهلها علي السفر إلي أي محافظة والعودة إليها دون تصريح مسبق, فكانت في الماضي تتبع حرس الحدود ولا يصرح بالسفر منها أو إليها إلا بالحصول علي تصديق للسفر من حرس الحدود والشرطة هناك,
وكذا المرور بنقاط تفتيش جمركي, كما لو أنها بلد غريب عن مصر, فعلي سبيل المثال السيناري يسافر الي الإسماعيلية أو السويس ليشتري احتياجاته التموينية, وإذا أراد شراء ماعز ليعود بها لا يستطيع لأنها غير مسجلة في التصريح الذي استخرجه قبل سفره إلي الإسماعيلية, كما حدث تغيير لسيناء علي الخريطة السياسية, فهي كانت لا تتبع الحكم المحلي حتي 67, وأصبحت تتبعه في عام 74 في عهد السادات وتم تقسيمها إلي محافظتين شمال وجنوب سيناء, واشترك في حدودها ثلاث محافظات أخري وهي مدن القناة وذلك لتشهد تنمية تقوم بها الخمس محافظات.
ومع ذلك التنمية في سيناء تكاد تكون صفرا فلماذا؟
- أي مشروع لتنمية سيناء لا يتأتي في غياب علمنا بها, فالجهل المصري بسيناء كبير, ولا يتقدم مستثمر مصري لمكان لا يعلم عنه شيئا, وهو ما أدعو إليه منذ 67 ألا وهو تبني مشروع قومي لمعرفة سيناء, فعلي سبيل المثال هل يعقل أن نبحث عن جبل الطور علي شبكة الإنترنت فنجد المعلومات تؤكد أنه في السعودية, جبل الطور الذي شهد معحزات عديدة في سيناء وذكر في القرآن 12 مرة,
والذي يعد من أهم المزارات السياحية الدينية في العالم غير موجود علي اي خريطة سياحية أو مساحية مصرية, لذا ذهب الأمريكان واليهود المهتمون بالكتابة علي الإنترنت ليشوهوا المعلومات ويطمسوا الحقائق ويسرقونا دون أن ندري, فنقلوا الوادي المقدس طوي وجيل الطور إلي السعودية, بل عندما وجدت كتابا عن سيناء أصدرته الهيئة العامة للاستعلامات يغيب عن خرائطها جيل الطور برغم توضيحها لدير سانت كاترين كأهم معالم سيناء, ذهبت إليهم,
فوجدت أن اهتمامهم انصب علي السؤال كيف يتم بيع وشراء كتب الهيئة بالمكتبات العامة, ولم يهتموا بما ذهبت من أجله بممتلكات مصر ومعالمها التي سقطت سهوا فمتي إذن نعرف بلدنا ونحافظ علي أهم قطعة فيه وهي سيناء أرض المعجزات التي تعرفت أنا شخصيا عليها منذ عام 67 بحكم عملي فيها, والتي شهدت أسر أحد ضباط المخابرات زميلي لعدم معرفته بطرقها فسقط في الأسر وتم تجنيده ولم نكتشف إلا عند عودته ليحكي لنا أيامه في الأسر.
نصف الدنيا :
http://nisfeldunia.ahram.org.eg/Inne...20&issueid=114
من هو اللواء فؤاد حسين الذي قررنا أن نتحاور معه علي حلقتين, واعتبرنا ما حصلنا عليه منه مهم جدا خصوصا في هذه المرحلة, أهم ما يمكن أن نشير إليه في هذا الصدد أن هذا الرجل لم يكن مجرد ضابط مخابرات
ولكن الظروف قادته إلي أكثر الأماكن سخونة, فبعد أن عاد من اليمن التحق بجهاز المخابرات المصرية في فترة من أهم فترات عمله وهي فترة احتلال إسرائيل لسيناء, ومن هنا كان هو الضابط البارز في منظمة سيناء العربية, التي أخذت علي عاتقها القيام بعمليات فدائية ضد الاحتلال, ثم إنه كان المكلف باكتشاف الجواسيس المندسة في هذه المنظمة.
استعاد ذكرياته
بداية اللواء فؤاد حسين حاصل علي بكالوريوس العلوم العسكرية في الكلية الحربية عام 1961, ودبلوم إدارة الأعمال في كلية التجارة جامعة الأزهر والعديد من الدبلومات العسكرية المتخصصة التي أهلته ليصبح ضابط مخابرات محنكا, اشترك في حرب اليمن ضمن القوات المصرية وعاد ليبدأ رحلته في المخابرات المصرية عام 66,
ليعمل في قسم مقاومة التجسس حتي عام 1986 حتي لقب بصائد الجواسيس ولم يتوقف عطاؤه لسيناء وأهلها بنهاية فترة عمله بالقوات المسلحة, ولكنه كان عضوا بارزا في جمعية مجاهدي سيناء وجمعية محبي سيناء, ونائب رئيس جهاز الاتصال بالمنظمات الدولية الذي يشرف علي تنفيذ اتفاقية السلام مع إسرائيل في سيناء,
وعضويته في جمعية مجاهدي سيناء لم تأت من فراغ, بل كانت امتدادا لعمله في منظمة سيناء العربية أول تشكيل للعمل الجماعي التطوعي الذي بدأ بعد حرب 1967 وسلاح المصريين الوحيد لمحاربة العدو الإسرائيلي في سيناء المحتلة, والتي فجرت طاقات بدو سيناء ضد الاحتلال الاسرائيلي لسنوات وحتي انتهاء حرب 1973,
وعن تلك المنظمة يقول اللواء فؤاد حسين: منظمة سيناء العربية أنشئت بتكليف من الفريق محمد أحمد صادق مدير إدارة المخابرات الحربية بعد حرب 1967 من أهالي سيناء يشاركهم متطوعون مصريون من 12 محافظة ومعهم 13 ضابط مخابرات وكنت واحدا منهم وكان عددنا 757 فردا تقريبا, وكان الهدف من إنشائها القيام ببعض العمليات الفدائية ضد المحتل الإسرائيلي, خاصة بعدما علم الفريق صادق أن العدو استولي علي معداتنا السلمية في سيناء والذخيرة بالكامل وينقلها عن طريق الأسري المصريين بواسطة قطارنا مما أشعل النار بداخله, وطلب تشكيل هذه المنظمة لمواجهة هذا التحدي الاسرائيلي بأسلوبه,
وبالفعل كانت أول انطلاقة للمنظمة هي تفجير هذا القطار بما يحمله حتي لا يصل إلي إسرائيل وتستفيد من معداتنا, وتوالت العمليات الحربية الفدائية في المنطقة بمختلف الأشكال, وكلها كانت ناجحة, وأقوي عملية مازلت أتذكرها حتي الآن وهي تفجير مبني المحافظة في العريش والذي احتلته المخابرات الإسرائيلية وتمركزت فيه, وخسرت إسرائيل في هذه العملية عددا كبيرا من ضباطها وجنودها.
وما هي طبيعة مسئوليتك آنذاك في منظمة سيناء العربية؟
- كنت مسئولا عن الكشف علي العناصر المنضمة للمنظمة, بمعني التحري عنهم حتي لا يندس بينهم جواسيس لإسرائيل, وكنت أيضا مع زملائي ندربهم علي العمليات الفدائية, وكنا نسميهم في البداية فدائيي سيناء ولما ازداد العدد أطلقنا اسم منظمة سيناء العربية, وكنت أتمتع بثقة مشايخ سيناء لمساعدتي لهم في حل بعض مشاكلهم دون تكليف بل من منطلق حبي لهم, وهذا الحب كان أساس عملهم أيضا معنا, فهم لا يتقاضون أي مبالغ مقابل تضحياتهم بأرواحهم في كل عملية يخرجون فيها, ولا يتمتعون بأي صلاحيات بل وراءهم أسر فقيرة, قد تفقد عائلها الوحيد إذا لم يعودوا إليهم. وكانوا يعملون ليلا ونهارا تطوعا لحبهم الشديد للوطن وليس غيره.
تخوين وتشويه
إذن فلماذا برأيك انتشار شائعات التخوين والتشويه ضد بدو سيناء؟
- أراه طبيعيا من الأعداء حتي يثور أهل سيناء ضد مصر ويتحولوا إلي جواسيس ضدها, ولكنهم ليسوا بهذا الغباء, فهم لديهم من الفطنة والجلد والصبر ما يجعلهم يفهمون كل ما يدور حولهم وهم يفهمون الشخصية اليهودية جيدا, فليس بين أهل سيناء خائن سواء في الجيل القديم أو الجديد, المسألة تتضح في اختلاف الأجيال فقط, فالجيل الجديد من أبنائهم قد يخرج منهم أفراد أكثر تهورا بعضهم يسعي للربح السريع فقد يعمل بالتهريب أو يخطف سيارة, ولكن هذا ليس معناه فقد انتمائهم لمصر, بل علي عكس بعض أبنائنا في المدن الأخري, البدو لهم دور كبير وينصاعون لأعرافهم وتقاليدهم التي تحكمهم حتي الآن.
وأين ذهب أعضاء منظمة سيناء العربية؟
- 45 عاما مضت علي تكوينها, وبالتالي منهم من وافته المنية, ومنهم من لايزال في السجون الإسرائيلية, ومن علي قيد الحياة انضم إلي الجمعية الجديدة وهي جمعية مجاهدي سيناء التي تم إشهارها في عام 1997 تحت رقم 94 ومقرها العريش, ومنذ انتهاء حرب 73 وتحرير سيناء بالكامل تقوم القوات المسلحة برعاية أعضاء منظمة سيناء العربية وتوفير الرعاية الصحية لهم بمستشفيات القوات المسلحة وصرف إعانة شهرية لغير القادرين منهم بالإضافة إلي اعانة الشئون الاجتماعية لأعضاء جمعية مجاهدي سيناء وكان قدرها 13 جنيها فقط, ولكن أعضاء مجلس الشعب من أبناء سيناء رفعوا تظلمات إلي المسئولين لزيادة الإعانة الشهرية وكان آخرها عام 1999 عندما تقدمت السيدة جليلة جمعة عواد عضو مجلس الشعب عن جنوب سيناء باقتراح صرف إعانة قدرها 200 جنيه, وعقدت لجنة الاقتراحات والشكاوي اجتماعا للنظر في مقترحها وقررت بعده رفع المبلغ إلي 500 جنيه شهريا بدءا من عام 2006.
بطولات نسوية
إذن المرأة السيناوية في الحاضر ساندت أبطال سيناء, هل كان لها دور بينهم في الماضي؟
- بالطبع دور كبير جدا بحكم كونها سيدة فكان التعرض لها أقل لذا كانت تتولي حماية ورعاية الجنود والضباط المصريين المكلفين بعمليات استطلاعية في سيناء وعلي رأسهم المجاهدة فهيمة أول سيدة تعمل في منظمة سيناء العربية, فهي حاملة جهاز اللاسلكي متنقلة به من مكان إلي آخر دون أن يدخل الخوف قلبها من العدو الاسرائيلي, وهي أيضا ناقلة التموين لأفراد خلف الخطوط, وهي أول سيدة يكرمها رئيس الجمهورية الرئيس أنور السادات, وتم تكريمها هي وزوجها, ومنحها الرئيس نوط الشجاعة من الطبقة الأولي, لأنها علاوة علي أدوارها السابقة كانت تقوم بإيواء الفدائيين في منزلها لفترات طويلة, وتمد القوات المصرية بالمعلومات عن العدو.
ولا أستطيع نسيان السيدة وداد حجاب وهي أيضا من المجاهدات فكانت تعمل ممرضة في مستشفي العريش الحكومي, وكانت تمدنا بالمعلومات الغزيرة والتفصيلية عن أفراد العدو, وكانت أحد أعضاء منظمة سيناء العربية والآن عضو جمعية مجاهدي سيناء, فالسيدة السيناوية لها أدوار متعددة منذ حرب 67 وحتي الآن وكن جميعا يعملن دون تكليف وبدون مقابل, لمجرد شعورهن بالانتماء إلي مصر رغم العزلة ونقص الخدمات في سيناء.
وما الدليل علي مقاومتهم الاحتلال الاسرائيلي دون تكليف؟
- هم لم يقاوموا بعد احتلال سيناء في 1967, بل نبهونا لهجمة إسرائيل قبل 5 يونيو 67, فقاموا بجمع المعلومات عن العدو وتصوير المواقع الإسرائيلية ورصد التحركات العسكرية داخل إسرائيل وأرسلوها إلي المخابرات الحربية المصرية في العريش وعليه أرسلتها إلي وزارة الحربية في 2 يونيو 67 بتوقع هجوم إسرائيلي وشيك علي مصر في يوم 4 أو 5 يونيو تحديدا,
وهذه المعلومات أجمع المحللون والقادة في مذكراتهم أنه لو كان تم التعامل معها بجدية وسرعة لما نجحت ضربة إسرائيل الجوية الأولي علي المطارات المصرية, وبرغم ذلك واصل أهل سيناء جهودهم دون توجيه أو إرشاد بعد حرب 67, حتي أصبحت كل القبائل والعائلات مشاركة في الكفاح ضد العدو من خلال أبنائهم وأدوارهم البطولية, بداية بمساعدة الشاردين من قواتنا في صحراء سيناء وإيوائهم وتوصيلهم إلي قناة السويس بعد إخفائهم عن أعين القوات الإسرائيلية,
علاوة علي نقلهم للمصابين من أفراد قواتنا المصرية وعلاجهم, بل أقاموا مراكز إعاشة وتجميع لأفراد القوات المسلحة في منطقة بئر العبد بالتعاون مع المخابرات الحربية لنقلهم بواسطة مراكب صيد صغيرة إلي بور سعيد, وكان من ابرز رجال سيناء في هذا الوقت المرحوم مسعود سعيد المشهور بالعبد من قبيلة المساعيد, والمرحوم الشيخ عبدالعزيز أبو مرزوقة عمدة البياضين.
أموال البنوك
ويستكمل اللواء فؤاد حسين ذكرياته حول بطولات أهل سيناء بعد حرب 67 قائلا: قام أهل العريش بعمل قومي لا ينسي وهو سحب أموال البنوك وبلغت وقتها 300 ألف جنيه مصري بخزينة بنك الإسكندرية فرع العريش قبل وصول القوات الإسرائيلية إليها, وتحرير محضر رسمي بين أهالي ومدير البنك لتوفير الرواتب للموظفين في المدينة من أجل استمرار صمود أهالي سيناء, كما قام أهالي سيناء العاملون الشرطة المدنية بجمع البطاقات الشخصية والعائلية الفارغة بمبني السجل المدني قبل استيلاء العدو عليها, وكذا إخفاء الأختام وشعار الجمهورية لاستخدامه في استخراج بطاقات لأفراد قواتنا المحتجزين في العريش لتسهيل هروبهم.
ولم يكتفوا بذلك وإنما أعادوا إصلاح جهاز لاسلكي من أجهزة محافظة سيناء بالعريش المحتلة ليتصلوا بالقيادة في مصر ويبلغوهم بتنفيذ أي أوامر تصدر لهم, وكان هذا من خلال الرقيب احمد كامل من سلاح الحدود والذي كان يعمل في مركز شرطة العريش, والذي أرسل الإشارات بـالمورس علي الجهاز اللاسلكي رقم 19,
وجندوا أفرادا من اهل العريش لجمع المعلومات وإرسال تقارير كاملة عن الوضع في سيناء من خلال جهاز اللاسلكي الكبير الذي كان يتكون من ثلاث قطع إرسال, استقبال وبطارية, بالإضافة إلي هوائي كبير, حتي تم القبض عليهم بواسطة المخابرات الإسرائيلية بعد اكتشافهم وحكم عليهم بالسجن لمدة 15 سنة, ولكن تم الإفراج عنهم في عام 1968 ضمن صفقة تبادل الأسري بناء علي طلب المخابرات المصرية.
تحرير أم لا؟
في الاحتفال هذا العام بعيد تحرير سيناء الثلاثين, هل تري أن هذا التحرير حقق آمال أهلها أم لا؟
- بالفعل هناك تغيير حدث لسيناء منذ عام 67 وحتي الآن ويكفي قدرة أهلها علي السفر إلي أي محافظة والعودة إليها دون تصريح مسبق, فكانت في الماضي تتبع حرس الحدود ولا يصرح بالسفر منها أو إليها إلا بالحصول علي تصديق للسفر من حرس الحدود والشرطة هناك,
وكذا المرور بنقاط تفتيش جمركي, كما لو أنها بلد غريب عن مصر, فعلي سبيل المثال السيناري يسافر الي الإسماعيلية أو السويس ليشتري احتياجاته التموينية, وإذا أراد شراء ماعز ليعود بها لا يستطيع لأنها غير مسجلة في التصريح الذي استخرجه قبل سفره إلي الإسماعيلية, كما حدث تغيير لسيناء علي الخريطة السياسية, فهي كانت لا تتبع الحكم المحلي حتي 67, وأصبحت تتبعه في عام 74 في عهد السادات وتم تقسيمها إلي محافظتين شمال وجنوب سيناء, واشترك في حدودها ثلاث محافظات أخري وهي مدن القناة وذلك لتشهد تنمية تقوم بها الخمس محافظات.
ومع ذلك التنمية في سيناء تكاد تكون صفرا فلماذا؟
- أي مشروع لتنمية سيناء لا يتأتي في غياب علمنا بها, فالجهل المصري بسيناء كبير, ولا يتقدم مستثمر مصري لمكان لا يعلم عنه شيئا, وهو ما أدعو إليه منذ 67 ألا وهو تبني مشروع قومي لمعرفة سيناء, فعلي سبيل المثال هل يعقل أن نبحث عن جبل الطور علي شبكة الإنترنت فنجد المعلومات تؤكد أنه في السعودية, جبل الطور الذي شهد معحزات عديدة في سيناء وذكر في القرآن 12 مرة,
والذي يعد من أهم المزارات السياحية الدينية في العالم غير موجود علي اي خريطة سياحية أو مساحية مصرية, لذا ذهب الأمريكان واليهود المهتمون بالكتابة علي الإنترنت ليشوهوا المعلومات ويطمسوا الحقائق ويسرقونا دون أن ندري, فنقلوا الوادي المقدس طوي وجيل الطور إلي السعودية, بل عندما وجدت كتابا عن سيناء أصدرته الهيئة العامة للاستعلامات يغيب عن خرائطها جيل الطور برغم توضيحها لدير سانت كاترين كأهم معالم سيناء, ذهبت إليهم,
فوجدت أن اهتمامهم انصب علي السؤال كيف يتم بيع وشراء كتب الهيئة بالمكتبات العامة, ولم يهتموا بما ذهبت من أجله بممتلكات مصر ومعالمها التي سقطت سهوا فمتي إذن نعرف بلدنا ونحافظ علي أهم قطعة فيه وهي سيناء أرض المعجزات التي تعرفت أنا شخصيا عليها منذ عام 67 بحكم عملي فيها, والتي شهدت أسر أحد ضباط المخابرات زميلي لعدم معرفته بطرقها فسقط في الأسر وتم تجنيده ولم نكتشف إلا عند عودته ليحكي لنا أيامه في الأسر.
نصف الدنيا :
http://nisfeldunia.ahram.org.eg/Inne...20&issueid=114
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق