تهتم هذه المدونة وتعنى بأنساب وتاريخ وأعراف وتقاليد وأخبار وأعلام وشؤون قبائل المساعيد

الجمعة، أغسطس 31، 2012

أبناء وسط سيناء يديرون ظهرهم للانتخابات لإنها ضاعفت تهميشهم

تعاني منطقة وسط سيناء الغنية بالمواد الخام من التهميش والفقر، وهي مرشحة للمزيد من التهميش خاصة بعد ضمها على دائرتي شمال وجنوب سيناء. في جولة في المنطقة شكا بعض المواطنين من التقسيم الجديد للدوائر ومن غياب مشاكل المنطقة من معظم برامج الأحزاب.
تنقسم محافظة سيناء من حيث الدوائر الانتخابية في انتخابات 2011 وفقا للترسيم الجديد للدوائر إلى دائرتين، دائرة شمال سيناء ودائرة جنوب سيناء، ربما لصغر الكتلة السكانية التي تشكلها إذ يقدر عدد سكانها بنحو 5 بالمائة فقط من سكان سيناء، وبذلك اختفت الدائرة الثالثة للمحافظة التي كانت موجودة حتى انتخابات 2010 وهي دائرة وسط سيناء. غياب هذه المنطقة التي تشكل 80 بالمائة من مساحة سيناء من خريطة الانتخابات لا يبرره وضعها المعيشي، فهذه المنطقة تعد من أكثر مناطق سيناء خطورة، وهي غنية بالخامات الطبيعية التي لا تستثمر، فلا يوجد في المنطقة سوى مصنعين للأسمنت وبعض المحاجر الصغيرة، والمفارقة أن هذه المشروعات رغم ندرتها كان حظ السكان فيها قليلا بعد أن استعانت بعمال وفنيين من خارج وسط سيناء. في هذه البيئة الفقيرة يشعر المواطنون بالاحتقان بسبب حرمانهم من كثير من الخدمات وأهم من هذا فرص الحياة والعمل لذلك يتجه كثيرون منهم للهجرة شمالا أو جنوبا.
في طريقنا إلى وسط سيناء لم تكن كثافة الدعاية الانتخابية وحدها التي تتراجع، وإنما العمران أيضاً. كانت مظاهر المدنية تتراجع بشكل كبير كلما أوغلنا، بين لحظة وأخرى ومن بعيد كانت تظهر تجمعات صغيرة جداً لا تتعدى بيتين أو ثلاثة. في الكيلو 30 لاحظنا ندرة الدعاية الانتخابية، وفي القرية كان معظم من تحدثنا معهم يحدثنا عن المشاكل الملحة مثل عدم توفر المياه والكهرباء والخدمات الأخرى كالصحة والتعليم.
أحد سكان القرية من قبيلة الترابيين هو الحاج سليمان أبو عوجان الشهير ب " أبو ماجد " قال لنا: "منطقتنا مالها راعي.. ما أنت لاقي حدن تعقد عليه وتقول ودي كذا وكذا." يقصد أن وسط سيناء بلا مسئول يهتم بها ويسهر على مصالحها ويذهب الناس إليه ليعلنوا مطالبهم، ويستطرد أبو ماجد: نتمنى أن يكون لمنطقتنا ممثل من أبنائها. تركنا الكيلو 30 في طريقنا إلى القسيمة، الحال هو نفسه هناك، رغم أن القسيمة تجمع سكاني أكبر لكن المشكلات التي يتحدث عنها الناس هي نفسها، البطالة وقلة فرص العمل، المشقة التي يعانونها في الحصول على الماء والكهرباء والخدمات الصحية. رغم ذلك تعلن الانتخابات عن نفسها على استحياء بملصق وحيد لمرشح على باب محل مغلق، لافتة مزقتها الرياح

شربة الماء أهم من الانتخابات
حين سألنا الأستاذ صبحي أبو قرشين - وهو من أبناء القسيمة وقبيلة التياها ويعمل أخصائي اجتماعي - عن الانتخابات رد بانفعال، تسألني عن الانتخابات وليس في بيتي شربة ماء ؟! واستطرد يقول: "يا عزيزي حدثني عن حياة كريمة ثم حدثني عن الانتخابات، نحن هنا نعاني من البطالة ونقص فرص العمل مما يدفع الشباب للبحث عن طرق أخرى غير شرعية لمواصلة الحياة، كثير من الناس هاجروا وتركوا المكان بلا رجعة، الانفلات الأمني وصل لحد أن الناس من الممكن أن يتبادلون إطلاق النار على أتفه الأسباب حتى ولو كان السبب بطيخة".
أما يحي التيهي وهو منسق حركة ثوار سيناء بالوسط ومن أبناء مدينة نخل فقال لنا إن المشكلة هي أن الناس في وسط سيناء كانوا مهمشين منسيين وحلموا مثلما حلم كل شباب مصر بالتغيير، وأن تتحول منطقتهم إلى منطقة جاذبة للسكان بدلا ً من كونها الآن طاردة لهم، لكن الحال بقي كما هو عليه بل أنه تغير للأسوأ، فتوسيع الدائرة وضمها في دائرة واحدة جعل حظوظ الناس في وسط سيناء بأن يكون لهم من يمثلهم منعدمة. مضيفا "كنا مهمشين وسنزداد بهذا الوضع تهميشاً".
للتنويه فقط كانت هناك مطالب شديدة قبل الثورة بإضافة دائرة رابعة في وسط سيناء إلى دوائر شمال سيناء الثلاث ( بئر العبد – العريش – الشيخ زويد ورفح )، الآن تم ضم كل تلك الدوائر في دائرة لتصبح شمال سيناء من أقصاها إلى أقصاها دائرة واحدة

التحفظ سيد الموقف
في الحسنة كنا على موعد مع أحد أبناء قبيلة التياها هو الشاعر البدوي حسين بن عامر التيهي الذي قابلنا بود رفع الكثير من عناء الرحلة، حين سألناه عن الانتخابات قال "نفسنا نشارك بس كيف؟ حتى الآن لا نعرف أين نذهب؟ ومن نختار؟ وكيف؟ لم يتصل بنا أحد من المرشحين". ضحك ثم استطرد "عندهم حق عددنا قليل ولن يضيف لهم شيئاً، المأساة أن وسط سيناء رغم أهميته يطرد الناس بسبب فقره ولا يجذبهم".
قبل أن نغادر لم يكن لنا أن نترك وسط سيناء دون أن نتصل بأحد أبناءه الأكثر شهرة هو المهندس على فريج راشد ابن قبلية اللحيوات ومؤسس الحزب العربي للعدل والمساواة ورئيسه في نفس الوقت، فاجأنا بتفاؤله بمشاركة الناس في وسط سيناء في الانتخابات، لكنه قال إن هناك مشكلة في ضم الكثير من المقار الانتخابية في مقرات بعيدة ضاعفت من مشقة الناس الذين سيقطع بعضهم أكثر من ثمانين كيلومتر للوصول إلى المكان الذي سيصوت فيه، وضرب مثالا ً بالكونتيلا والنقب، ثم تحدث عن غياب وسط سيناء عن برامج معظم الأحزاب التي تشارك في المنافسة الانتخابية باستثناء الحزب العربي للعدل والمساواة – على حد تعبيره - وقال بأنه يأمل أن تفوز قامة حزبه حتى يجد الوسط من يتحدث عن مشاكله ومتطلبات سكانه.

في طريق العودة عبرنا مصنع أسمنت سيناء الشهير، فقال لي مرافقي الذي أصر على أن يظل معنا حتى العريش: "هل تعرف ما هي نسبة العاملين في هذا المصنع من أبناء الوسط؟ صمتُ فقال: "لا تتعدي خمسة في المائة". سألته عن السبب فقال "يقولون المهارات الفنية"، واستطرد: "هي بالطبع حجج واهية باستطاعتهم عمل مراكز تدريب. أليس أبناء الوسط المحرومين من فرص العمل أحق بهذا!: تنهدت دون أن أرد وواصلنا طريقنا. عبرنا " لحفن " وشيئاً فشيئاً عاود العمران وبدأت الدعاية الانتخابية تعلن عن نفسها في مدخل العريش

منقول من موقع مصر تنتخب :

 http://www.egyptvotes.org/ar/compone.../item/385.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق