تهتم هذه المدونة وتعنى بأنساب وتاريخ وأعراف وتقاليد وأخبار وأعلام وشؤون قبائل المساعيد

الثلاثاء، يناير 14، 2014

نبذة عن قبيلة الأحيوات المساعيد في وادي عربة


بسم الله الرحمن الرحيم

كان الأستاذ الفاضل / مفلح العدوان قد نشر موضوعاً عن وادي العربة ضمن سلسلته الرائعة ( بوح القرى ) وهو مشروع مهمٌّ جدّاً في توثيق تاريخ القرى الأردنية وقد أرسلت إليه مشاركة مطولة عن قبيلة الأحيوات تبيّن شيئاً من تاريخها في منطقة وادي العربة تفضّل العدوان مشكوراً بنشرها في ثلاث حلقات كان آخرها في يومنا هذا الثلاثاء الموافق 28 / 12 / 2010 م في جريدة الرأي اليومية الأردنية وفيما يلي نصّ ما نشره في الحلقات الثلاث :

قطر .. ورحمة
الباحث راشد بن حمدان الأحيوي، من العقبة، كتب رسالة مطولة حول الجوانب المكانية والتاريخية والاجتماعية لقريتي قطر ورحمة، نورد جزءاً منها في هذا البوح، وسننشر ما تبقى منها في أسابيع قادمة، وفي رسالته يقول راشد الاحيوي:
"تفاعلاً مع ما سبق أن كتبتموه في بوح القرى عن قريتي قطر ورحمة في جنوبيّ وادي عربة في جريدة الرأي الغراء في عددها الصادر نهار السبت 10 آذار 2007 م، وفي عددها الصادر نهار السبت 7 نيسان 2007 م، أودّ أن أطرح بين يديكم ما يلي :
إن قرية قطر كان قد أسّسها الشيخ الحاج حميد بن سليمان بن عودة الكبيش الحمدي الأحيوي رحمه الله تعالى، حيث أنه كان أوّل من استقرّ في هذه القرية، ثم التحق به بعض جماعته من عشائر الكبيشات. وبعد استقرارهم تم تأسيس مدرسة لأطفال المنطقة. وقد أسّس الشيخ رحمه الله تعالى مسجد القرية الأوّل حيث كان يؤذن ويؤم من حضر ويصلّي بهم، وأصبحت المنطقة مكان استقرار للكثير من عشائر الكبيشات، وتم تنظيم القرية وتوزيع قطع الأراضي على كثير من أبناء عشائر الأحيوات عامة والكبيشات خاصة .
أما بخصوص منطقة طابا، فهي تعتبر من معالم ديار الأحيوات في وادي عربة. وهي منطقة تشتهر بأشجار النخيل فيها، وتنسب عين طابا لابن كرداش من الغراقين الأحيوات، وأقدم نصٍّ وقعت عليه عن طابا يعود إلى القرن العاشر للهجرة حيث جاء ذكرها كمزرعة تتبع للشوبك (دفتر مفصّل لواء عجلون، طابو دفتري رقم 185، محمد عدنان البخيت، نوفان رجا الحمود، ص 18 و 26 و 321).
وعن قرية رحمة، أشير الى أنها كانت تعرف باسم ضربة. حيث أن ضربة هو وادٍ، وفيه عين ماء تحمل الاسم نفسه، فلّما استقرّ فيها أبناء عشائر الأحيوات نسبت القرية إلى الوادي فعرفت باسم قرية ضربة، ثمّ تمّ تغيير اسمها إلى رحمة باسم سموّ الأميرة رحمة بنت الأمير الحسن بن طلال. وقد كانت ضربة من مياه درب الظهر من المدينة المنوّرة على القاهرة، قال الجزيري (ت نحو 977 ه 1570 م) في ذكر درب الظهر: " وهو من المدينة المنوّرة إلى القاهرة ويعرف ذلك بين العربان بدرب حسما الشرقي". وذكر مياه هذه الدرب إلى رمّ في جنوبيّ الأردن. وذكر أن الطريق تفترق من رمٍّ على غزة وإلى مصر وقال: " وامّا من رمّ على مصر فاوّل المياه ضربة بضاد مفتوحة بعدها راء ساكنة. غيظان بغين مكسورة وظاء معجمة ساكنة (؟) " (الدرر الفرائد المنظمة في أخبار الحاج وطريق مكّة المعظّمة، عبد الرحمن الجزيري، تحقيق حمد الجاسر، ج 2 ن ص 1580 1582).
قلت : غيظان تصحيف غظيان وهو لغة في غضيان وهي عين ماء تقع مقابل ضربة (رحمة) غرباً في الجانب الغربيّ من وادي عربة وكانت غضيان من أهمّ معاقل قبيلة الأحيوات في وادي عربة".


بوح تفاعلي: وادي عربة .. تاريخ الناس

تلك آفاق مختلفة توصلنا اليها أحاديث القرى، ومخطوطاتها، وتوق الأهل هناك لأن يكون لهم مشاركة في نبش التاريخ الذي لم يعبر عنه بما يليق بتلك الأمكنة والناس الذي التزموا بتراب أرضهم، وضحوا من أجله.
تلك آفاق تحملنا الى كتابة أخرى تجترح مسارها نحو شرايين التاريخ والحياة والناس في القرى، ومعها تأتي رسائل تتفاعل مع هذا الفعل لتزيد الفائدة، وتثري المعلومة، وترفع الحجب عن بعض ما توارى من تلك الذاكرة.
هنا سنعود الى وادي عربة، حيث الحديث من خلال رسالة طويلة تتحدث عن وادي عربة، وقراه، وناسه، وذاكرة أهله، حيث نشرنا الجزء الأول من الرسالة ذات بوح سابق، وكانت تشمل الجوانب الجغرافية عن رحمة وقطر وقرى وادي عربة، ولكن الجزء الثاني من الرسالة وهو ما سننشره في هذه الحلقة التفاعلية سيكون حول ذاكرة الناس، وتاريخهم، حيث يركز الباحث راشد بن حميدان الأحيوي من العقبة، في كتابته على عشيرة الاحيوات وتاريخها.
ذُريّة مُعلّى
يقول الباحث راشد الأحيوي، في القسم الثاني من رسالته الى «بوح القرى»: «الأحيوات من أكبر فروع قبيلة المساعيد التي توجد في بلاد الشام والحجاز والديار المصرية، وهم ينحدرون من نسل مُعَلّى بن سليمان المسعودي، وهم من أقدم سكّان منطقة العقبة وما حولها. وتفيدنا المعلومات المتوفّرة أنّ من ذريّة مُعَلّى كل من: أولاد سعد جيّد الوعد (صادق الوعد)، وهو حفيد مُعَلّى، فهو سعد بن علي بن مُعَلّى».
ثم يضيف بعد ذلك مشيرا الى «سليمان بن مًعَلّى بن سليمان المسعودي أمير قبيلة المساعيد الذي قتل في واقعة لهم في غزّة، وقد عرف بسليمان المنطار، وهو صاحب مقام المنطار المعروف في غزّة. وقد كان الأحيوات إلى عهدٍ غير بعيد ينتخون به فيقولون (يا جدّنا سليمان المنطار) وقد كانوا يُعشّونه (أيّْ يصنعون عشاءً عن روحه).
دير سانت كاترين
يكمل الباحث راشد الأحيوي بأنه من المتفق عليه عند الأحيوات أنّ «أقرب الناس لهم نسبا هم أمراء المساعيد. وهم فرع من أولاد عطيّة وهؤلاء من أقدم فروع قبيلة المساعيد، قال نعوم شقير في كتابه الذي وضعه عام 1906 م وصدر عام 1916 م في حديثه عن قبيلة الأحيوات : «وفي تقاليدهم أنّهم من بني عطيّة المساعيد المنتسبين إلى مسعود بن هاني « (تاريخ سيناء، ص 117). قلت : بنو عطيّة (أولاد عطيّة) هؤلاء من بدنات المساعيد القديمة ومنهم شيوخ قبيلة المساعيد كما دلّت عليه إحدى وثائق دير سانت كاترين حيث جاء في الوثيقة ما نصّه: «بتاريخ ثاني عشر شهر ربيع الثاني حضر شعيب بن كيزان ونجم بن عليان من أولاد عطية بدنة المساعيد وأخذ من الأقلوم لفرنديوس غفرتهم عن سنة ستة بعد الألف مبلغ عشرين نصفا « (مجلّة الشراع، عدد 2، ص 30)».
درك مبشر الحاج
وتفيد وثائق دير سانت كاترين في ذكر عدد من شيوخ قبيلة المساعيد ومنهم نجم بن عليان الآنف، وقد ذكر سنة 1007 و1012 1013هـ «وذكرت هذه الوثائق أنه كان يتلقى من الرهبان عشرين نصفا من الفضة في السنة، وجاء ذكر لأخيه دغيم بن عليان، وقد ذكر سنة1014 و 1017 وكان يتلقى أيضا عشرين نصفا من الفضة. وجاء ذكر أخيهما خليفة بن عليان الأعرج وقد ذكر سنة 1007 و 1015 و 1016هـ وكان يتلقى أيضا عشرين نصفا من الفضة. وجاء ذكر أخيهما سمرة بن عليان وقد ذكر سنة 1009 و 1010هـ وكان يتلقى مثلهم عشرين نصفا من الفضة. وجاء ذكر مسعد بن عتيق وقد ذكر سنة 1019 وكان يتلقى مثلهم أيضا عشرين نصفا من الفضة. وقد وجدنا في إحدى وثائق الدير نصا نفيسا لغاية كشف لنا أن المساعيد هؤلاء هم من قبيلة الأحيوات حيث جاء في الوثيقة : أن رسلان بن أحمد الأحيوي أخو نجم يقبض عشرين نصفا فضيا في السنة، وقد ورد ذلك سنة 993هـ، وهذا يعني أن رسلان المذكور هو ابن أخي الشيوخ المذكورين آنفا، فهو رسلان بن أحمد بن عليان. وعليان هذا هو عليان بن مشور بن دغيم الذي ذكره الجزيري. فقد قال الجزيري في ذكر المساعيد: « من أكابرهم عتيق بن مسعود بن دغيم وعليان بن مشور « وقال : « وأما عربان المساعيد : فهم أصحاب درك مبشر الحاج في العود، منهم عتيق بن مسعود بن دغيم، وعيسى قريبه، وعليان بن مشور بن دغيم، ولهم عن درك الباب والضبة بخان عقبة أيلة قديما سبعة وأربعون دينارا ونصف دينار، وهي مستمرة الصرف إلى تاريخه. ثم قرر لمسعود بن دغيم في الأيام المظفرية إنعاما عليه من غير درك خمسين دينارا، واستمرت بيد ولده من بعده واعلم أن درك مبشر الحاج لهذه الطائفة، فمتى جهز أمير الركب مبشره إلى القاهرة بالعود، ولم يدفع لهم عادتهم ويرضي خاطرهم. على ذلك كان توجهه على خطر كبير كما اتفق ذلك مرارا عديدة وعاد الجاويش وهو مسلوب ومجروح ولم يقدر على التوجه منهم « (الدرر الفرائد ص139 و 1345). وذكر الجزيري أن للمساعيد ربع درك نقب عقبة أيلة، وينالون مقابل ذلك خمسين دينارا (الدرر الفرائد ص1339). وذكر أن حصتهم من مبلغ الدرك خمسمائة نصف فضة (درر الفوائد ــ طبعة القاهرة ــ ، ص497).
وثائق
يضيف راشد الأحيوي: «وممّا سبق بيانه يتحقّق لنا أنّ أولاد عطيّة الفرع المسعودي القديم هو أصل الأحيوات، وأمراء المساعيد حيث كان للأمراء نصيبهم من غفرات دير سانت كاترين. فقد ذكرت إحدى وثائق الدير أن البدوي سليمان بن سعد الأمير من بدنة المساعيد قد قبض عشرين فضية وذلك في شهر رجب سنة 1082 هـ، كما جاء اسم سليمان الأمير المسعودي شاهدا في وثيقة مؤرخة بتاريخ 1087هـ،كما جاء ذكر سليمان الأمير المسعودي في وثيقة أخرى مؤرخة بعام 1088هـ وفي وثيقة أخرى مؤرخة بتاريخ بشهر صفر سنة 1089هـ.
قلت : هذا يعني أن الأمراء كانوا من بين شيوخ قبيلة المساعيد الذين كانوا يتلقون أموالا من دير سانت كاترين، وكان الدير يدفع هذه الأموال مقابل عدم التعرض لقوافله والمحافظة عليها أثناء مرورها في أرض القبيلة التي يتلقى شيوخها تلك الأموال».
أولاد أبو سنينة
«وفي القرن العاشر للهجرة ذكرت قبيلة الأحيوات تارةً باسم المساعيد وتارة باسم الأحيوات، وكانت ديارهم في نواحي العقبة بامتداد إلى شرفة بني عطيّة على نحو 80 جنوب شرق العقبة. قال الجزيري : « الأحيوات منهم أولاد أبو سنينة أصحاب درك الدلالة على المياه والأحطاب من عقبة أيلة إلى شرفة بني عطيّة ولهم مقرّر قديم من الخزائن السلطانيّة عشرة دنانير « (الدرر الفرائد، ج 2، ص 1346).
قال الأستاذ كلنتون بيلي : « يعتقد كلٌّ من المساعيد في شمال سيناء والأحيوات في وسط سيناء أنّهم كانوا في يومٍ من الأيّام قبيلة واحدة تسمّى المساعيد « وقال في ذكر نصّ الجزيري وما ورد في بعض وثائق الدير عنهم: «إنّ المصدرين المكتوبين اللذين استندت إليهما وهما الجزيري ومخطوطات دير سانت كاترين يذكران كلا الاسمين بشكلٍ مستقلّ، إلاّ أنّني بناءً على معرفتي الخاصّة وتجربتي مع البدو أنّ بعض الإشارات للمساعيد كانت لأولئك الذين ينحدرون من الأحيوات في وسط سيناء وجنوب النقب». وقال: « أرى أنّ المساعيد المشار اليهم في مخطوطات الدير كانوا جزءاً من عشيرة الأحيوات التي نراها اليوم». وقال: «إنّ أسماء الرجال المذكورين أنّهم مساعيد في وثائق الدير وهم: نجم وعليّان ومسعد وعتيّق. هي أسماء شائعة بين الأحيوات الذين يقطنون في وسط سيناء الآن بينما هذه الأسماء ليست شائعة بين المساعيد الذين يقيمون في شمال غرب سيناء والذين أتيحت لي الفرصة لدراستهم « (مجلّة التاريخ الإقتصادي والإجتماعي للشرق، العدد 34، 1991 م). وهذا الذي قاله بيلي صحيح حيث أنّ قسمي الأحيوات هما فرعان من أولاد عطيّة المساعيد كما تقدّم بيانه.
الأحيوات
يشير الباحث جمعة الاحيوي الى أنه «يتألّف الأحيوات اليوم من قسمين كبيرين هما أولاد سعد جيّد الوعد، والدغيمات. والقسم الأول منهم وهم أولاد سعد جيّد الوعد (صادق الوعد)، يتألّفون من ثلاثة فروع هي ذريّة شوفان بن سعد صادق الوعد ويعرفون باسم الشوافين، وذريّة حمد بن سعد صادق الوعد ويعرفون باسم الحمدات، وذريّة سويلم بن سعد صادق الوعد. والقسم الثاني وهم الدغيمات، ذريّة دغيم المسعودي، من شيوخ قبيلة المساعيد في منطقة العقبة في القرن التاسع للهجرة. ومن ذريّة دغيم الأحيوات: الصفايحة، والوقيات، وهم في سيناء وغيرها من أنحاء الديار المصرية.
 
قلت : قول العدوان : ( الباحث جمعة الأحيوي ) سبق قلم والمراد راشد الأحيوي

بوح تفاعلي: العقبة .. وادي عربة
 
ذاكرة المكان والإنسان، تبقى غنية، ثرية، في كل بقعة من بقاع الأردن، ولذا تكون العودة الى تلك القرى بين حين وآخر، لما فيها من تاريخ يحتاج الى مزيد من الدراسة، والتوثيق. وهنا نعود الى قرى وادي عربة، وقد كنا في بوح القرى، زرنا بئر مذكور، ورحمة، وقطر، ونشرنا أكثر من رسالة تفاعلية، حول ذاكرة تلك الأمكنة، وتاريخ الناس فيها، ومن تلك الرسائل التي نشرناها ما وصلنا من الباحث راشد بن حمدان الأحيوي المقيم في العقبة، وهو مهتم بتدوين تاريخ قرى وادي عربة، ومتخصص في تاريخ قبيلة الاحيوات التي تسكن بعضا من قرى وادي عربة، وهنا نستكمل نشر الجزء الثاني من رسالته الطويلة، وفيها يتتبع ذاكرة وتاريخ الاحيوات حيث يقول أن «قبيلة الأحيوات هي من أكبر فروع قبيلة المساعيد التي تتواجد في بلاد الشام والحجاز والديار المصرية، وهم ينحدرون من نسل مُعَلّى بن سليمان المسعودي، وهم من أقدم سكّان منطقة العقبة، وما حولها.
الاحيوات والمساعيد
وحول قبيلة الاحيوات والمساعيد، يوضح الارتباط بينهما الباحث راشد الاحيوي بقوله بأنه «في القرن العاشر للهجرة ذكرت قبيلة الأحيوات تارةً باسم المساعيد، وتارة باسم الأحيوات وكانت ديارهم في نواحي العقبة، بامتداد إلى شرفة بني عطيّة، على نحو 80 جنوب شرق العقبة. قال الجزيري : « الأحيوات منهم أولاد أبو سنينة أصحاب درك الدلالة على المياه والأحطاب من عقبة أيلة إلى شرفة بني عطيّة ولهم مقرّر قديم من الخزائن السلطانيّة عشرة دنانير « (الدرر الفرائد ، ج 2 ، ص 1346).
و الأستاذ كلنتون بيلي : « يعتقد كلٌّ من المساعيد في شمال سيناء والأحيوات في وسط سيناء أنّهم كانوا في يومٍ من الأيّام قبيلة واحدة تسمّى المساعيد «. وقال في ذكر نصّ الجزيري وما ورد في بعض وثائق الدير عنهم : «إنّ المصدرين المكتوبين اللذين استندت إليهما وهما الجزيري ومخطوطات دير سانت كاترين يذكران كلا الاسمين بشكلٍ مستقلّ إلاّ أنّني بناءً على معرفتي الخاصّة وتجربتي مع البدو أنّ بعض الإشارات للمساعيد كانت لأُولئك الذين ينحدرون من الأحيوات في وسط سيناء وجنوب النقب» وقال: «أرى أنّ المساعيد المشار عليهم في مخطوطات الدير كانوا جزءاً من عشيرة الأحيوات التي نراها اليوم « وقال : « إنّ أسماء الرجال المذكورين أنّهم مساعيد في وثائق الدير وهم : نجم وعليّان ومسعد وعتيّق هي أسماء شائعة بين الأحيوات الذين يقطنون في وسط سيناء الآن بينما هذه الأسماء ليست شائعة بين المساعيد الذين يقيمون في شمال غرب سيناء والذين أتيحت لي الفرصة لدراستهم « (مجلّة التاريخ الاقتصادي والإجتماعي للشرق ، العدد 34 ، 1991 م) وهذا الذي قاله بيلي صحيح حيث أنّ قسمي الأحيوات هما فرعان من أولاد عطيّة المساعيد كما تقدّم بيانه.
ويتألّف الأحيوات اليوم من قسمين كبيرين هما : القسم الأول هم أولاد سعد جيّد الوعد (صادق الوعد) الذين يتألّفون من ثلاثة فروع هي : ذريّة شوفان بن سعد صادق الوعد ويعرفون باسم الشوافين، و ذريّة حمد بن سعد صادق الوعد ويعرفون باسم الحمدات، وذريّة سويلم بن سعد صادق الوعد. أما القسم الثاني فهم الدغيمات؛ وهم ذريّة دغيم المسعودي من شيوخ قبيلة المساعيد في منطقة العقبة في القرن التاسع للهجرة، ومن ذريّة دغيم الأحيوات : الصفايحة والوقيات وهم في سيناء وغيرها من أنحاء الديار المصرية.
مبايعة الشريف
يتابع الباحث راشد الاحيوي سرده لتاريخ الاحيوات، ومشاركتهم في أحداث المنطقة في المرحلة السابقة، حيث يقول: «شاركت عشائر المنطقة في صناعة تاريخها، ومن أبرز مشاركاتهم خلال القرن الماضي، المشاركة في عمليّات الثورة العربية الكبرى، حيث كانوا من أوئل المبايعين للشريف الحسين بن علي، إذ أنه في تلك الفترة سار فريقٌ من رجالات الأحيوات إلى الوجه لمبايعة الشريف الحسين بن عليّ، بمقابلة ولده الشريف فيصل بن الحسين، للثورة على الأتراك في منطقة العقبة، وكان هذا الوفد حسبما أفادنا به الرواة هم كل من
إرتيمة بن سالم بن كريدم،
إسليم ابن سلاّم الغنيمي،
جمعة بن حسن إبن كريدم،
راشد بن سلاّم إبن كريدم،
سالم بن حسين الغنيمي،
سلاّم بن عيد إبن كريدم،
سلمان بن سالم إبن كريدم،
صبّاح بن علي الغنيمي،
عطيّة بن صالح الغنيمي،
علي بن مسلّم الغنيمي،
عليّان بن سالم إبن كريدم،
عنيزان بن حسن إبن كريدم،
عوض بن لويفي الغنيمي،
عيد بن حسن إبن كريدم،
عيد بن سالم إبن كريدم،
فريج بن حسن إبن كريدم،
فريج بن لويفي إبن كريدم،
محسن بن عيد إبن كريدم،
محيسن بن سالم إبن كريدم.
وقد سار هذا الوفد هجّانة إنطلاقاً من منطقة العقبة، إلى الوجه، على نحو 450 كم إلى الجنوب من العقبة، وقد ساروا إلى أن وصلوا إلى البدع، معقل قومهم المساعيد، في الحجاز، على نحو 135 كم إلى الجنوب الشرقي من العقبة، حيث تركوا إبلهم هناك وساروا إلى قيال غربا على ساحل البحر على نحو 20 كم، حيث ركبوا مركباً سار بهم إلى الوجه. ولمّا وصلوا هناك قدّموا بيعتهم للشريف الحسين بن علي، بمبايعة ولده الشريف فيصل على الثورة في منطقة العقبة، وأعلنوا ولاءهم للشريف الحسين بن علي. وقد أكرم الشريف فيصل وفادتهم ومنحهم بعض الهدايا وزوّدهم ببعض الأغذية ومنح كلاًّ منهم بندقيّة و 12 جنيها ذهبيّاً. وبعد أن مكثوا عنده لبعض الوقت ساروا عائدين إلى منطقة العقبة».
جيش الثورة العربية
ويكمل الاحيوي أنه «حينما وصلت عمليّات الثورة إلى جنوبيّ الأردن، وتساقطت معسكرات الأتراك في أبو اللّسن والقويرة، اتّجهت قوّات الثورة بقيادة الشريف ناصر بن علي، ولورنس، نحو العقبة. في تلك الأثناء كانت عشائر الأحيوات قد ثارت في منطقة العقبة، وكان الأتراك قد جمعوا قوّاتهم في الخضراء إلى الشمال الشرقيّ من العقبة، عند مدخل وادي اليتم على العقبة، فخلت البلدة منهم. وقد ذكر لورنس أنّ قبيلة الأحيوات ثارت في العقبة، في الوقت الذي كانت عمليّات الثورة قد وصلت على الفويلة في منطقة الشراة (مختارات من رسائل لورنس ، ص 55). وكان الأحيوات يستخدمون أسلوب الكرّ والفرّ في مهاجمة المعسكر التركي في الخضراء، كما كانوا يقومون بالقبض على أيٍّ من جنود الأتراك المتسللّين على القلعة، وباتت البلدة تحت سيطرتهم وأخذ رجالهم يجولون في البلدة لقطع الطريق بين الأتراك وبين التزوّد بحاجاتهم من مستودعات القلعة. وكان الأتراك يتسلّلون عبر خندقٍ أقاموه لهذه الغاية يمتدّ من الخضراء إلى قلعة العقبة. وفي أحد الأيّام اكتشف رجلان من عشيرة الكرادمة، وهما فريج بن لويفي، ومحسن بن عيد، أنّ ثلاثة جنود من الأتراك قد وصلوا متسلّلين عند بئر القلعة، فقاما بأسرهم واقتاداهم إلى سيل الجيوشيّة في جنوب شرقيّ القلعة، وسلباهم أسلحتهم، وكانت عبارة عن ثلاثة بنادق دخّاني أم أصبع، ثمّ أطلقا سراحهم بعد أن رأفا بحالهم. وفي الوقت الذي كان فيه بدو الأحيوات يهاجمون معسكر الأتراك كانت جموعهم تتوافد للمشاركة في المعركة الفاصلة، وكان عدد جنود وضبّاط الأتراك في الخضراء أكثر من 300 فرد، ولمّا وصلت قوّات الثورة على منطقة الخضراء تمّ الاتّفاق بينها وبين الأتراك على إستسلام الترك صبيحة يوم 6 / 7 / 1917م، وكانت حامية الخضراء تقع بين قوّات الثورة في وادي اليتم، وقلعة العقبة، وكانت جموع الأحيوات في العقبة لا تدري شيئاً عن الاتّفاق فبادرت بمجرّد وصول قوّات الثورة على مهاجمة معسكر الأتراك، الذي فوجئ بهذا الهجوم رغم وجود اتفاق بينه وبين قوّات الثورة، فبادر المعسكر فورا على الاستسلام ليلا. قال عبد المنعم مصطفى: (صار الاتّفاق على التسليم في الصباح ولكن قبل بزوغ الفجر جاءت قوّات عربيّة من البدو أخذت تهاجم القوّات التركية دون أن تعلم بالاتفاق فساعد هذا في حمل الترك على سرعة التسليم إذ ظنّوا أنّ القوّة العربيّة ضخمة التجهيز كثيفة العدد وهكذا دخل العرب في السادس من تمّوز عام 1917 إلى العقبة) (لورنس : قصّة حياته، ص 183). وفي ذكر ذلك أورد ميشال اشر أنّ المئات من الأحيوات انضمّوا في الليلة التالية إلى القوّات الهاشميّة، وفي الصباح استسلمت الخضراء وقال: (انضمّ الأحيوات إلى القوّات الهاشميّة، ولورنس في فتح العقبة) (لورنس ـ باللغة الإنجليزية ـ ، ص 77). وهو ما ذكره ديفيد مورفي في كتابه الثورة العربية باللغة الإنجليزيّة، ص 54، وقال الأستاذ محمد الجازي: (وقد كان لهذه القبيلة دور في المشاركة بجيش الثورة العربية الكبرى، حيثُ شاركت باحتلال العقبة عام 1917م) وقال : (وقد التحق الشيخ سالم بقيادته لعشائر الأحيوات، في صفوف جيش الثورة العربية الكبرى عام 1917م، لقتال الأتراك وقطع الإمدادات عنهم في العقبة، واستخدم إبل قبيلة الأحيوات لنقل كل ما تحتاج إليه جيوش الثورة في العقبة عبر وادي عربة) (بادية جنوب الأردن، ص 76 و 91).
الاحتفال
ولم تكن المشاركة في القتال في العقبة فقط، حيث أن رجال هذه القبيلة شاركوا في عمليات أخرى كما يشير اليها الباحث راشد الاحيوي، حيث أنه «انضم الكثيرون من رجال قبيلة الأحيوات إلى قوّات الثورة، وتسلّموا البنادق والذخيرة للمشاركة في عمليّات القتال في وادي عربة. وكان للأتراك في وادي عربة عدّة مخافر، وهي: غضيان؛ غربيّ قرية رحمة، وغرندل، والظحل، وبئر مذكور، والغور. وكانت قوّات الثورة التي تسيّر العمليّات في وادي عربة بقيادة الشريفين شاكر وعلي، وكان الفرد يتلقّى راتبا شهريّا قيمته جنيهان في الشهر، وقد بقي الأحيوات ملتحقون بقوّات الثورة لمدّة شهرين.
وفي الثالث والعشرين من شهر آب 1917م، وصل الشريف فيصل بن الحسين بحراً إلى العقبة، وكان من بين مستقبليه عشائر الأحيوات الذين قاموا بالاحتفاء به والقيام بواجب الضيافة والإكرام والاحتفال بالشريف فيصل بن الحسين في منطقة الدار إلى الشمال من قلعة العقبة».
نقل الذخيرة والمؤن
«وما أن انتهت عمليّة تحرير منطقة العقبة، وما حولها، حتى آثر الشيخ عليّان القصير، العودة بمن معه من أحيوات سيناء، إلى ديارهم في سيناء، فبادر الشيخ علي بن حسين الكبيش، وكان حينذاك في منطقة العقبة، بإرسال ابن عمّه قبلان إبن دلال إلى الشيخ سالم بن سويلم أبو خليل. وكان إذ ذاك قد ذهب إلى العقفي الواقعة إلى الغرب من غضيان، لكي يحضر على الفور ليمثّل قبيلة الأحيوات لدى الأشراف، وكان الشيخ سالم أبو خليل رجلا متقدّما ومتكلّما ومن كبار رجالات الأحيوات، فحضر وجمع الأحيوات، وتعهّد بعمليّات النقل للذخيرة والمؤن على إبل الأحيوات، عبر وادي اليتم ووادي عربة، فمنحه الشريف فيصل مالاً طائلاً فرّقه على رجال الأحيوات. وكان الأحيوات ينقلون كل ما يلزم قوّات الثورة الى غرندل، وإلى الحفيّرة بوادي عربة، وإلى خنيزيرة في الغور، وكان كراء البعير ستّة جنيهات. كما نقلوا عبر وادي اليتم إلى دلاغة بمنطقة رأس النقب وقد شارك في عمليّات النقل مختلف عشائر الأحيوات إلى أن تمّ طرد الأتراك من جنوبيّ الأردن».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق