سيناء .. والابحار في التاريخ
نعوم شقير يؤكد أن بدو سيناء يعترفون بالإسلام ديناً لهم
ولكن ليس فيهم من يعرف قواعد الإسلام
بل ليس فيهم من يعرف قواعد الصلاة.
14 / 2 / 2014
ميدل ايست أونلاين
القاهرة ـ من أيمن رفعت
يشغل كتاب "تاريخ سينا القديم والحديث وجغرافيتها" للباحث المؤرخ نعوم شقير مساحة من الذاكرة من الصعب أن يمحوها كتاب آخر، فالكتاب لم ينشر كاملاً بحسب شقير نفسه، استطاع أن يضع (سينا) بأهلها وعاداتها وثقافتها وأهميتها على الخريطة الأم – العالم – وعلى الرغم من مرور أكثر من تسعين عاماً على صدور كتاب نعوم شقير، إلا أنه لا يزال المرجع الرئيسي والمهم، بالمقارنة مع كتب أخرى كثيرة كتبت عن سيناء، إلا أنها لم تكن بالأهمية المرجوة.
يشغل كتاب "تاريخ سينا القديم والحديث وجغرافيتها" للباحث المؤرخ نعوم شقير مساحة من الذاكرة من الصعب أن يمحوها كتاب آخر، فالكتاب لم ينشر كاملاً بحسب شقير نفسه، استطاع أن يضع (سينا) بأهلها وعاداتها وثقافتها وأهميتها على الخريطة الأم – العالم – وعلى الرغم من مرور أكثر من تسعين عاماً على صدور كتاب نعوم شقير، إلا أنه لا يزال المرجع الرئيسي والمهم، بالمقارنة مع كتب أخرى كثيرة كتبت عن سيناء، إلا أنها لم تكن بالأهمية المرجوة.
في البداية، يقدم المؤلف "جغرافية سيناء الطبيعية" قائلاً: شبه جزيرة طور سيناء وبلغة الثائر الوصلة البرية بين أفريقيا وآسيا، وبعبارة أخص هي تلك البادية الشهيرة التي تصل القطر المصري نفسه بقطري سوريا والحجاز. وشبه الجزيرة في الأصل هي البلاد الواقعة بين هذين الشطرين المعروفة الآن ببلاد الطور ثم امتدت إدارياً فشملت بلاد التيه ثم بلاد العريش في الشمال أما عن معادنها.. الفيروز هو أشهر معادنها ويوجد في جبال وادي المغارة وسرابيت والصهو في قلب بلاد الطور أول من فكر في تعدين الفيروز من الإفرنج في القرن الغابر الماجور مكدونلد من ضباط الإنكليز المتقاعدين. وما زال الطورة يستخرجون الفيروز على قلة من معاونه ويبيعونه في السويس والإسكندرية ومصر.
ويشير إلى آثار بلاد التيه، فيقول: من الآثار التي تركها سلاطين مصر في درب الحج المصري عدا مدينة نخل: “النواطير” وهي ثلاثة عمد من الحجر بين ترعة السويس وشرفة وادي الحجاج بين كل عمود وآخر مسيرة ساعة وقد نصبت هناك لهداية الحجاج في ذلك التيه، و”نقب دبة البغلة” على نحو تسع ساعات شرقي نخل. ومن الآثار التي تستحق الذكر في بلاد التيه: قلعة الباشا قرب عين سدر (أو عين صدر) أما عن طرق سيناء.. يقدم أولاً طرق سيناء الخارجية: تقدم أن طريق الفرما هي أقدم الطرق بين مصر وسوريا، وطريق العريش وهي أروج الطرق الآن إلى سوريا من مصر، وكانت قبل فتح ترعة السويس تنشأ من الصالحية على 19 ميلاً غربي القنطرة وأما الآن فنبدأ من القطرة وتذهب شرقاً بانحراف تدريجي نحو البحر المتوسط.
أما الدرب المصري، فهي طريق تجارية محضة تربط مصر وسوريا عن طريق المقضبة. وهناك درب الحج المصري وأول طريق اتخذتها بعثة الحج المصري إلى قلة المشرفة هي طريق عيذاب وبقيت طريق الحج على عيذاب حتى زار السلطان الملك الظاهر مكة المشرفة وكساها وعمل لها مفتاحاً وكان قد استرجع أيلة من الصليبين سنة 665هـ = 1267 فذهب بطريق السويس وأيلة فصارت أيلة طريق الحج من ذلك الحين إلى سنة 885 هـ فاتخذت طريق البحر على السويس وجدة وما زالت كذلك إلى الآن.
ويشير المؤلف إلى ديانتهم قائلاً: يعترف بدو سيناء بالإسلام ديناً لهم ولكن ليس فيهم من يعرف قواعد الإسلام بل ليس فيهم من يعرف قواعد الصلاة. ولولا احتفال بدو سيناء بعيد الضحية وذكرهم النبي صلى الله عليه وسلم وحلفهم به والصلاة عليه لما علمت أنهم مسلمون.
أما الصناعة فيعرفون منها ما هو خليق بلوازمهم وأهمها: غزل الصوف وهو خاص بالنساء، الحياكة وهي خاصة بالنساء منهن يحكن بيوت الشعر، والأغطية، والفرش وغير ذلك من لوازم الخيام والأثاث والملبس، يحكنها من شعر الماعز وصوف الضأن ووبر الإبل.
ومن الصناعة أيضاً، الصباغة، وهي من شغل نسائهم يصبغن خيوط الصوف التي تدخل في حياكة الأخراج ألواناً حمراً وخضراً وصفراً بمواد يستخرجها من بعض الأعشاب البرية. وأمهر بدو سيناء في حياكة الأخراج نساء ألقياها والخياطة والتطريز وعمل البارود، عمل الرصاص، وعمل الفحم، الحراثة، البناء والنجارة وإصلاح السلاح، حجارة الرحي، الصيد، وقص الأثر.
وينقلنا المؤلف إلى الحديث عن قضاة البدو ومحاكمهم وشرائعهم قائلاً: أما القضاء في جزيرة سيناء؛ فالقضاة من خواص رجالهم يحكمون بينهم بالعرف والعادة وهم أنواع: كبار عرب، وهم بمثابة رجال الصلح، المنشد ويعرف بالمسعودي لأن أهم قضاته من قبيلة المساعيد التابعة لمحافظة العريش، والقصاص وهو قاض العقوبات أو قاض الجروح يعين الجزاء الذي يستحقه كل جرح حسب طول الحرج وعرضه وموضعه، والعقبي، والزيادي، وهو قاض الإبل، والضريبي وهو قاض الإحالة، والمبشع، وهو قاض الجرائم المنكورة التي لا شهود لها وذلك باختبار المتهم بالنار أو الماء أو بالرؤيا، وليس في الجزيرة كلها إلا مبشع واحد وهو الشيخ عامر عياد من قبيلة العيايدة أخذها عن أبيه عياد وعمه عويمر.
ويشير المؤلف إلى "تاريخ دير طور سيناء القديم والحديث"، قائلاً: يظهر أن النساك بدأوا بالمهاجرة إلى جزيرة سيناء والإقامة في أماكنها المقدسة منذ القرن الثاني للمسيح على أثر الاضطهاد التي أثارها الوثنيون ضد المسيحيين في مصر وسوريا. وأهم الأماكن التي نزل بها النساك والرهبان: جبل موسى، ووادي فيران، ووادي الحمام "ريثو".
وتقدم في باب الجغرافيا أن في دير طور سيناء صورة "عهد" قديم منسوب إلى محمد صلى الله عليه وسلم نبي الإسلام يعرف "بالعهدة النبوية". وفي تقاليد رهبان هذا الدير أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم كتب لهم هذا العهد في السنة الثانية للهجرة أماناً لهم وللنصارى كافة على أرواحهم وأموالهم وبيعهم وأن السلطان سليم العثماني عند فتحه مصر سنة 1517 أخذه منهم وحمله إلى الأستانة وترك لهم صورة مع ترجمتها من التركية.
ويضيف المؤلف: على الرغم من وجود العهدة النبوية مع الرهبان والتسامح الذي يوجبه الإسلام على الحكام المسلمين في معاملة النصارى عموماً والرهبان خصوصاً فإن رهبان سيناء اضطروا منذ عهد بعيد أن يشيدوا جامعاً في وسط ديرهم إلى جانب كنيسته الكبرى لا يزال قائماً فيه إلى اليوم.
أما عن رؤساء رهبان طور سيناء فيقول: كان للرهبان المقيمين في طور سيناء وكانوا تابعين لأبرشية فيران إلى أن انتقل مركز الأبرشية إلى طور سيناء واشتهر من رؤساء طور سيناء إلى ذلك العهد أربعة وهم: (الرئيس ذولاس سنة 373) وهو أول رئيس ذكره التاريخ لرهبان طور سيناء. و(الرئيس سلفانوس سنة 465) قالوا إنه أتى طور سيناء من القدس الشريف زائراً فاختار الرهبان رئيساً ًعليهم. (الرئيس لونجينوس سنة 530) وفي أيامه أرسل الرهبان وفداً منهم إلى الملك يوستنيانوس وبنى الدير بدليل وجود صورته في قبة هيكل الكنيسة الكبرى. ورابع رؤساء رهبان دير سيناء هو (يوحنا الملقب اقليمقو سنة 580: 603) قالوا إن يوحنا هذا كان شماساً للرئيس لونجينوس فلما مات خلفه في الرئاسة.
وقد كتب للرهبان كتاباً سماه الاقليمقوس فلقب به ومعنى الاقليمقوس سلم فسُمي بالعربية "سلم الفضائل" وفيه آداب الرهبنة وواجب الرهبان نحو أنفسهم وخالفهم والناس.
ويشير المؤلف إلى (العلائق التجارية بين مصر وجاراتها)، قائلاً: (صادرات جزيرة العرب إلى مصر) لجزيرة العرب تجارة مع مصر والعراق والشام في هذا العصر كما في كل عصر. أما صادرات جزيرة العرب إلى مصر فأشهرها من نجد: الإبل والخيل عن طريق حايل فالحيانية فالجوف الشمالي فوادي السرحان فدمشق الشام فطريق الشام فطريق العريش فالقنطرة. ومن شمال الحجاز: الإبل والغنم والسمن عن طريق العتبة فنخل الإسماعيلية أو السويس. ومن اليمن: البن، ومن حضرموت: التنباك عن طريق البحر الأحمر إلى السويس ولبلاد نجد تجارة إلى العراق بدرب زبيدة إلى النجف أو كربلاء فبغداد.
أما صادرات العراق إلى مصر فإذا استثنينا الإبل والغنم التي ترد إليها عن طريق الشام فأهمها: التمر والمغات (نبت يستعمل للسمنة وللنفساء)، والكوفية المعروفة بالحجازية، والمنديل الحجازي صنع بغداد تستعمله نساء الفلاحين هنا غطاء للرأس. والغباني تقليدا هنديا تستعمل أحزمة وعمائم. والسجاد ووبر الصوف ترد من بلاد العجم من أصفهان وشيراز وغيرها. والأفيون من أصفهان. وصمغ الكثيراء ويعرف هنا بالكثيراء وأصله من رشت .
وفي خاتمة الكتاب، يذكر المؤلف: يؤخذ من تاريخ العلائق بين مصر وجاراتها ثلاثة أمور جديرة بالاعتبار وهي أولاً: أن الاتصال بين مصر وسوريا كان مضطرداً منذ أقدم أزمنة التاريخ إلى اليوم.. ثانياً: أن مصر وسوريا تتعاون في الضيق، فالسوري يلجأ إلى مصر في زمن الاجتهاد وسوء الأحكام فيقيم فيها زمناً ثم يعود إلى بلاده أو يتخذها وطناً له ويهجر وطنه. وأخيراً : أن السوري الذي توطن مصر منذ عهد يوسف الصديق أو قبله أو بعده بأجيال أخلص الخدمة لمصر .
يذكر أن "تاريخ سينا" للكاتب نعوم بك شقير، أعادت طبعه الهيئة العامة لقصور الثقافة بالقاهرة ويقع في 127 صفحة من القطع المتوسط .(خدمة وكالة الصحافة العربية)
ميدل ايست اون لاين :
http://www.middle-east-online.com/?id=171204
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق