تهتم هذه المدونة وتعنى بأنساب وتاريخ وأعراف وتقاليد وأخبار وأعلام وشؤون قبائل المساعيد

الأحد، فبراير 09، 2014

عادات وأعراف قبائل سيناء : نظرة على المجتمعات البدوية ، بقلم الأستاذ نبيه كحيل

 
الأستاذ نبيه كحيل
 
 
8 فبراير / 2014

البدو هم سكان البادية الرعاة الرحل الذين يسكنون الخيام ويعيشون على رعي الإبل والماشية ويتنقلون من مكان لآخر طلبا للماء والكلأ. في قاموس لسان العرب: البدو هم ضد الحضر، والبادية خلاف الحاضرة سواءً من العرب أو سواهم ؛ بكل الأحوال فالاستعمال الحالي لمصطلح بدو، يشير إلى الجماعات العربية الرّحل فقط، بينما يشار بمصطلح رحل إلى غير العرب.
يعيش البدو على الرعي بشكل أساسي، ولذلك هم من الرعاة الرحل. وتجارة المواشي والمؤن ويربي البدو في شبه الجزيرة العربية الجمال وبعض الأغنام. والبدو منتشرون في أنحاء متفرقة من الجزيرة العربية والصحراء السورية وغرب العراق وسيناء والنقب والأردن وفلسطين المحتلة وفي الصحراء الشرقية والصحراء الغربية من شمال أفريقيا . والحياة في الصحراء تتيح للبدو ممارسة نمط حياتهم التقليدي بعيدا عن مؤثرات التمدن .

المجتمعات البدوية ، تراث وثقافة
موروثات سيناء الثقافية تطورت ، في عزلة بالصحراء، بعيدا عن المجتمعات الأخرى .. أن المجتمعات البدوية ــ القبائل والعشائر ــ تلك التي تمتد في أعماق سيناء .. عاشت بمعزل عن التلوث ، وبمعزل عن تعقيدات الحياة المدنية . و لظروف بيئية وطبيعية ، ظلت محافظة على تراثها .. وهو تراث نجده في أنماط سلوك ومعيشة حياة وملابس وأفراح وأغاني ، وقانون عرفي.. والإنسان البدوي ، أمتلك إلهامات فطرية ، ساعدته في وضع حلولا لمشكلاته .. وإدماج وجوده بوجود الصحراء من حوله .. يدفعه إلى ذلك حب الحرية والترحال وكراهية القيود ..
وهناك ظن خاطىء ، بأن حياة البدو ، هي حياة غير منظمة، بمعنى أن الفوضى تغلب عليها لا التنظيم .. وهذا خطأ يقع فيه الباحث المتسرع ، فالممارسات والطقوس اليومية والقوانين التي وضعت وطورت ، كل ذلك أوجد نظاما من نوع معين لا يسمح بالانزلاق في الفوضى .. فالتعدي يقابل بعقاب .. والسرقة تقابل بردع .. والخلافات كانت ولمئات السنين تحل بجلسات عرب ، فنحن هنا أمام ممارسات تستهدف تنظيم الحياة الاجتماعية .. وهو تنظيم لكي يتحقق فهو يحتاج لجهد مستمر لتطبيع النفس على توافق اجتماعي لاحترام الحدود وعرف القبيلة وتمجيد قيمها .. والأخذ بالشرف والكرامة والنبل .
وسنحاول هنا تقديم بعض ملامح التراث والثقافة في المجتمع البدوي :
القضاء العرفي
مجتمع سيناء البدوي لا يعرف نظام المحاكم بالمعنى المتعارف عليه , ولا توجد فيه قوانين وضعية وصيغ قانونية ، لكنه يمتلك ثروة من قواعد وأحكام تراكمت على مر السنوات نتيجة لخبرات طويلة ، هذه القواعد والأحكام تجمعت في القانون العرفي واحد أهم عوامل وجوده هو طبيعة المجتمع البدوي وترحاله المستمر , في إقليم تسيطر عليه صحراء مترامية الأطراف , وفى هذا الحيز المكاني الواسع يتم الحركة بين أماكن متعددة , تتكرر تبعا لإيقاع زمني معين ، ولمجابهة المخاطر الناتجة عن هذا الترحال ، وعزلتهم النسبية ، كان يلزم تكاتف أفراد القبيلة ، وهو ما يعنى أن يكون الولاء لها والطاعة لكبارها وشيوخها ، والنزول على أحكامهم فيما يطرأ من مشكلات وأحداث تواجههم ، وهو ما أوجد القانون العرفي الذي يتحقق من خلاله عمليه الضبط للمجتمع , لكن هذا الضبط تحكمه عوامل ( فالروابط القرابية تعتبر عاملا وأداه للضبط الإجتماعى باعتبارها الوحدة المسئولة عن توقيع العقوبة على أفرادها حين يخرج احدهم على أنماط السلوك والقيم والتقاليد )
وروابط القرابة في المجتمع البدوي بسيناء تحدد حقوقا والتزامات تقوم بين أعضاء الجماعة القرابية مما يساعد على تماسكها واستمرار قيام العلاقات القوية بين أفرادها , إن هذه العلاقة تعمل على قيام المجتمع البدوي بتوعية أجياله باستمرار بطبيعة الجزاءات التي تفرض على مختلف أشكال الخروج على الشرعية الاجتماعية البدوية , حتى يتم حماية الفرد وحماية الجماعة القرابية , وقد يطرح سؤال هو : كيف يتم حماية الجماعة القرابية من جريمة قام بها فرد ؟؟ الإجابة تكمن في امتداد المسئولية مطبق في هذا المجتمع , بمعنى أن المسئولية لا تطبق فقط على الشخص الذي ارتكب الجريمة , بل المسئولية ( تمتد إلى الجماعة القرابية التي ينتمي إليها وتحديدا تسمى جماعة الخمسة اى خمسة أفراد ينحدرون جميعا من أصل واحد مشترك خلال خط الذكور في خمسة أجيال بالطول )
أن تلك المسئولية القرابية هي احد الضمانات لتنفيذ الجزاءات العرفية وتضغط في اتجاه التنفيذ , لكنها تضغط أكثر في عمليه الوقاية , بإلزام الجماعة بتوعية الفرد بفوائد السلوك القويم وان الخروج عليه سيقابل بالعقوبة , وإهمال الجماعة القرابية تلك التوعية سيعود عليها بالجزاء إذا خرج فرد منهم عن المعايير الموضوعة
والقضاء العرفي سبق القانون المدني في تحديد اختصاصات كل محكمة وكل قاض، ويستند إلى بنود محددة ويقرر عقوبات لا يخرج عنها أحدا، فالقضاة هم كبار مشايخ القبائل والعائلات، التي يذعن جميع الأفراد لها بالولاء ، وهو بذلك يعتبر الدعامة الرئيسية في تحقيق الضبط الإجتماعى رغم انه( لا يصدر أحكاما بالسجن أو الإعدام ) لكنه يحقق أعلى مستوى من التراضي بين أفراد المجتمع البدوي .
وما اقصده بتراكم ثروة من القواعد والأحكام على مر السنوات , ليست سنوات قريبه , بل يرجع أصل القانون العرفي مع بداية البداوة , وهى ضاربه في أعماق الزمن , وتعتبر أول مرحلة من مراحل تطور المجتمع , إن وجود القبيلة أساسا يعتمد على وجود قوانين تحافظ على تما سك القبيلة وتحمى بنائها التقليدي وتواجه صراعات الخارج ومشكلات الداخل .
وإذا كان القضاة هم كبار مشايخ القبائل والعائلات، فعدم الإذعان لأحكامهم يهدد وجود القبيلة نفسها , والراوي في السير الشعبية أدرك هذه الحقيقة وذكرها في أكثر من موضع , وفى سيرة عنترة وهى من أقدم السير التي ذكرت حياة القبائل والبداوة والترحال , عندما يرفض احد الفرسان نصائح حكيم أو شيخ القبيلة , فأن المعنى هو رفض للتراث الثقافي السائد , فتكون النتيجة الدمار وأراقه الدماء وتشتت أفراد القبيلة وسبى نسائها , وليس المقصود الطاعة العمياء للسلطة , لأن السلطة في المجتمع البدوي ليست متحكمة أو متعسفة وظالمة ، بل هي أساسا معنوية , فهم يحترمون الشورى في الشئون العامة ، أن المقصود الالتزام الخلقي أمام المجموع من اجل المنفعة العامة .
ويتصف رجال القضاة بالموضوعية والنزاهة والشرف ، ويعتبر قضاة الصلح من أهم الأشخاص الذين يمنعون التوتر والنزاع بين عائلتين أو أكثر والذي ينشأ لأسباب منها القتل قبل أن يتطور النزاع ويثير حربا ، أما إذا أفضى النزاع بين الأفراد لجروح فتحال إلى قاضى القصاص الذي يقيس الجروح ويحكم تبعا لطول الجرح أو عرضه . ويختص قاضى “المنشد ” بقضايا العرض والشرف وفى مجال الأحوال الشخصي يختص القاضي “العقبى ” أما الزيادى فينظر في مسائل المال والإبل ويمكن الاعتراض على حكمه عبر القاضي ” الضريبي ” هناك جرائم يتم إنكارها ، ويحوم الشك أحيانا حول مرتكبيها دون تأكيد ، نظرا لعدم وجود شهود ، وهى جرائم تحال إلى ” المبشع ” وسمي بذلك لأن أحكامه تنتج بعد طرق يجريها على المتهم كلحس معدن محمى بالنار .
لقد عرف البدو كيفية وضع قوانين تعترف بها القبائل والعشائر كقانون غير مكتوب ، لكنه لم يوجد أساسا لمجرد توقيع عقاب أو قصاص بل من اجل حماية بناء القبيلة واستمرار بقائها ، ولذا فقد وجد في هذا القانون قواعد تقضى بعقد أحلاف بين القبائل لتبادل النفع العام تبعا لاتفاقيات معينه تعقد ، ومنها السماح لأحد القبائل التي هدد منطقتها الجفاف بالرحيل إلى منطقة قبيلة أخرى للعيش فيها والرعي بها ، وإذا قامت تلك القبيلة بذلك دون تحالف فسيعتبر ذلك تعديا يحتكم فيه إلى القانون العرفي .
ومن الشخصيات التي تساعد القاضي العرفي ما يطلق عليهم بـــ ” أهل الخبراء ” لخبرتهم في مجالات الأراضي والإبل والأجور والنخيل ، وأشهرهم هو قصاص الأثر وهو بسبب في خبرته يعتبر في حكم قاض ، وعمل القصاص في القضايا يبدأ بعد الواقعة مباشرة قبل ضياع الأثار ، و يعتمد على تتبع الخطوات من مكان الجريمة لتحديد اتجاه مرتكب الجريمة عبر أثاره التي يتركها على الرمال وعملية قص الأثر ليست صناعة يتعلمها الإنسان مثل ما يتعلم العمل على ماكينة ما ، بل هي موهبة فطرية، تتطور من التجارب وعادات الآباء والأجداد . ويقول الإخباريون أن عملية قص الأثر تتعدي الإنسان إلى الحيوانات التي تأكل المزروعات ، وقصاص الأثر يعرف من أين جاءت ومن يمتلكها . وإثناء زيارتي لمزرعة احد الشيوخ بجوار بئر الشهداء بمدينة الحسنة , أشار لي على اثر في مزروعاته قضمت بواسطة جمل ، ثم حدد لي من خلال الأثر على الرمال اتجاه الجمل واسم صاحبة أيضا .
الثوب البدوي :
للمرأة البدوية دورها الهام في المجتمع البدوي، وهى ليست مهانة لا شأن لها ولا قيمة . بل كانت وما زالت مكرمة مسموعة الكلمة عند الجميع، وهى مرهفة الإحساس ، تتميز بالطهر والعفة وهى عاملة وشريكة للرجل في أكثر أعماله، تبعا لمراحل عمرها , وحياتها في معظمها كحياة الرجل شظف عيش وخشونة , لكنه ليس صراعا ضد طبيعة الصحراء ، فالإنسان البدوي ــ رجل أم امرأة ــ هو ابن الصحراء ، ويمكن التعبير عن الحياة فيها بأنه صراع تكييف مع الظروف البيئية، وبالرغم من التغيرات المستمرة في المجتمع البدوي بسيناء وعمليات التحديث المستمرة وارتداء المرأة البدوية أزياء مختلفة جاهزة أو يتم صناعتها بمعرفتهن على الماكينة , فأن الثوب البدوي مازال يتربع على عرش ثياب المرأة البدوية , حيث تفتخر بامتلاك الثوب ..أن وجود الثوب البدوي يرجع إلى أن السياق الإجتماعى للمجتمع البدوي، وما يسود فيه من عادات وتقاليد , ساهم في السعي إلى إيجاد ثوب يقبله هذا المجتمع ويتلاءم مع عاداته وتقاليده , محاولا أيضا أن يجمع إلى جانب ذلك المظهر الجمالي الذي ينمى حس الإبداع في المرأة البدوية .
يصنع الثوب البدوي من القماش الأسود , ويختلف نوع القماش الذي يتم التطريز عليه باختلاف الوضع الأقتصادى للمرأة , حيث تقوم بالتطريز على كل قطعة من مكونات الثوب بمفردها من اجل إتقان العمل , وتراعى البدوية زيادة حجم التطريز على أجزاء الصدر والأجناب وخصوصا الذيل حتى لا يتطاير بفعل الرياح ، وتقوم البدوية في المناطق الرعوية بحمل كل جزء من الثوب معها إثناء قيامها بالرعي من اجل تخفيف الحمل , بسبب السير مسافات طويلة وحملها أشياء أخرى كالطعام والشراب , وبوجه عام تقوم البدوية بعمل الثوب باستغلال أوقات الرعي أو بعد التفرغ من الأعمال المنزلية , و الطريقة الشائعة هي التطريز على قطعه قماش ثم يتم تثبيتها على الثوب ، ومن الظواهر الهامة التي يتضح من خلالها مدى الحس الجمالي الذي تتمتع به البدوية , هو دقتها وإتقانها لعمليه التطريز ، فعد الغرز وحصرها جزء من العملية حتى تأتى عمليه التطريز في النهاية متناسقة , كما تراعى أيضا المساواة في الأشكال التي يتم تطريزها , وأهمية التطريز ترجع لأسباب , كتزين الثوب لاستخدامه في المناسبات كالزواج والأعياد ، وإضافة طبقه جديدة لثوب ما قبل التطريز للمساهمة في عمليه التدفئة إثناء الشتاء أو يتم تجديد ثوب قديم بتطريز جديد ، لكن هناك أهميه أخرى أوجدتها طبيعة المجتمع البدوي , فكل قبيلة لها لونها , وكل سن له أيضا لونه وذلك من اجل التمييز بين النساء وبين نساء كل قبيلة وأخرى , فالفتاة في أحدى القبائل ترتدي ثوبا مطرز بالأزرق والمرأة ثوبا مطرز بالأحمر والمسنه ترتدي ثوبا يخطين بلون احمر على أجناب الثوب وفى قبائل أخرى يطرز بأربعة خطوط اثنين من الأمام واثنين من الخلف ويبدأ التطريز من الخصر حتى الذيل , وتتشابه بعض القبائل كالدواغرة مع الأخارسة والعيادية والمساعيد , وتختلف الألوان في قبيلة بلى فالمتزوجة ترتدي ثوبا مطرز بألوان فاتحة مثل الأحمر الخفيف , والمرأة التي أنجبت ثوبا مطرز تطريزا كحليا مع لون احمر وفى قبيلة السواركة فأنها ترتدي ثوبا مطرزا باللون الأصفر والأخضر , وعموما ترتدي الفتيات الصغيرات ( الأطفال ) أثوابا مطرزة بالأوان زاهية كالبرتقالي والليموني والأحمر .
وقد ساهمت البيئة في الأشكال المطرزة التي تحمل كل منها اسما معينا يطلق عليه ( عرق ـــ مثل عرق طبق الورد وعرق أبو قصبه وعرق الخوخ ــ العصافير ــ المثلثات )
وتنتمي العروق لبيئتها ، فعرق الخوخ والتين يكثر في المناطق الزراعية , وعرق الطيور يوجد في البيئة الساحلية التي تكثر فيها الطيور وخاصة المهاجرة منها , أما عرق المثلثات فهو راجع إلى شكل التلال والجبال في البيئة الصحراوية الداخلية ولكن المرأة البدوية لا تقوم بالنقل بشكل اعتباطي من مجرد منظر رأته مثل التلال والجبال , وإنما إلى ما ترمز إليه من قدرة الخالق . إن الدلالة الرمزية للتكوينات الجزئية المترابطة في مجموع التكوين الكلي للثوب ، توجد المرأة البدوية بحس فني أصيل مجالاً خصباً للاتصال مع البيئة ، وهى بيئة ترى فيها المرأة البدوية الحياة الحقيقية، حيث تجد فيها ذاتها وتتراءى لها مملكتها الخاصة بكل مفرداتها .
بيت الشعر
يعتبر الربيع عند الإنسان البدوي ــ رجل أم امرأة ــ من أروع فصول السنة لأنه يرتبط بموسم الرعي الذي يحمل مسئوليات خاصة ، بالإضافة إلى مباهج الحرية والتسلية ولقاء الأحبة والأقارب واستعاده أيام الصبا , ونصب الخباء .
ويعشق الإنسان البدوي بيت الشعر ، لأنه يرتبط بحياة البداوة ، حياة الأجداد ، حياة بتفاصيلها وأمجادها باقية في الضمير الشعبي ، تتمدد في الأحاديث والأمثال والحكايات والسير والأشعار ، التي تقال حول منجد النار في المساء حيث يجتمع الشمل ، فيتم تبادل الخبرات والتجارب كما يتطرق الحديث إلى حكايات الأجداد وبطولات القبيلة ، وشجاعة أفرادها يلتف الجميع حول الكبار ، يستمعون بلهفة ، فيتعلمون ثقافة مجتمعهم وقيمه وعاداته يوما بعد يوم ، فيكتب لهذه المجتمعات الاستمرارية عبر انتقال تراثها من جيل لجيل عبر تراث شفاهي ، يخلد في الذاكرة الشعبية
وقد عبر كثير من الشعراء عن الشوق لعالم البادية وجمال بيت الشعر ، والحنين إلى حياة البداوة …. يقول الأمير عبد القادر الجزائري :
يا عاذرا لا مرىء قد هام في الحضر
وعــــاذلاً لـمـحــب الــبـــدو والـقــفــر
لا تــذمــنّ بـيـوتــا خـــــفّ مـحـمـلـهـا
وتـمـدحـنّ بـيــوت الـطـيـن والـحـجـر
لـو كنـت تعلـم مـا فـي البـدو تعذرنـي
لكن جهلت وكم في الجهل من ضـرر
مـا فـي الـبـداوة مــن عـيـب تــذم بــه
إلا الــمــروءة والإحــســـان بـالــبــدر
تبـيـت نـــار الـقــرى تـبــدو لطـارقـنـا
فيهـا المـداواة مـن جـوع ومــن فـقـر

وتقول الشاعرة ميسون بنت بحدل الكلبية :
 
للبـس عبـاءة وتـقـر عيـنـي
أحب إليّ من لبس الشفوف
وبيـت تخفـق الأريــاح فـيـه
أحـب إلـىّ مـن قصـر منيـف
وبكـر يتبـع الأظعـان صعـب
أحـب إلـيّ مـن بغـل رفــوف
 
 
أما الشاعر احمد العدواني فيقول في مطلع قصيدته مذكرات بدوى :
كنت هنا .. وكان لي بيت من الشعر
نسجته , صنع يدي .. بالصوف والوبر
قام على رابية .. مخضرة الطرر
وهو تلخيص لعالم البراءة والصفاء والبساطة والشاعرية , وهى صفات مازالت في أعماق الإنسان البدوي رغم طول المسافة الزمنية بينه وبين أجداده , ورغم عمليات التوطين المستمرة والتحديث والتغيرات الأخرى العديدة التي شملت سيناء وبعض المجتمعات الصحراوية الأخرى التي يعيش فيها .
وقد وجد بيت الشعر بفعل طبيعة الحياة البدوية و ليتكيف مع البيئة الصحراوية ، وظروف حياة التنقل والسعي وراء المرعى ويصنع البيت من الصوف وشعر الحيوانات تقوم المرأة البدوية بغزله ونسجه على شكل أشرطة وكل شريط بعرض متر تقريبا وتختلف أطواله ، ثم تجمع بعد ذلك ، ويختلف حجم بيت الشعر البدوي تبعاً لإمكانيات صاحبه المادية , بعض بيوت الشعر (الخباء) تعتمد على عامود واحد , وأخر يحملها عامودان ، وبعضها يتكون من ثلاثة أعمده أو أكثر , ومن الواضح أن العرض تبعا لذلك يكون متقاربا في كل البيوت ، ويختلف الطول باختلاف عدد الأعمدة . ويتم تقسيم البيت من الداخل تقسيما خاصا في استعماله عند البدو حسب العادات والتقاليد و لا يخلو البيت من وجود فتحات صغيرة تسمح بمرور الهواء في فصل الصيف وخروج الدخان الذي ينتج أما بفعل التدخين أو إشعال نار ، وغالبا ما يصنع سقفه من شعر الماعز لأنه لا يمتص ماء المطر . هكذا كانت ثقافة وحضارة المجتمعات البدوية فى شبة الجزيرة العربية
هى مجتمعات تستحق ثقافتها وحضارتها الاحترام الكبير .
الأهرام :http://ahram2day.com/%D9%86%D8%B8%D8%B1%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%B9%D8%A7%D 8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AF%D9%88%D9%8A%D8%A9.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق