تهتم هذه المدونة وتعنى بأنساب وتاريخ وأعراف وتقاليد وأخبار وأعلام وشؤون قبائل المساعيد

الاثنين، مايو 05، 2014

معالي المهندس سعد هايل السرور المسعودي ، وحديث عن الحاضر والماضي




 م. سعد هايل السرور: للبادية بوصلتها السياسية


عدسة: سهم ربابعة
 
ثلاث علامات استفهام كبيرة، كلّ منها له وقع الجرس الثقيل، لم يبق أحد من نشطاء العمل العام إلا وتحدّث بها ولو من باب رفع العتب.حتى إذا طُرحت هذه الاسئلة الثلاثة على الرئيس الأسبق لمجلس النواب المهندس  المهندس سعد هايل السرور كانت له فيها مفارق طرق ونقاط تختم الجُمل لتبدأ بعد ذلك أسطر جديدة من التي يمتلك مفاتيحها من يسمونهم رجال الدولة  .
الأسئلة الثلاثة كانت عن ملف معان المتجدد، وفجوة الثقة المقلقة في
اتساعها بين الشارع والسلطتين التشريعية والتنفيذية كما تظهرها استطلاعات مركز الدراسات الاستراتيجية، وكذلك موضوع العنف الجامعي والاجتماعي وعلاقته بنظام الصوت الواحد.
في موضوع القيادات السياسية والاجتماعية التي تحتاجها الدول في مراحل الانعطاف القلق كالتي نعيشها الآن، كانت وجهة نظر أبو هايل أن الرموز إن لم تستطع تحصيل ثقة الناس والتواصل معهم، فسيأتي غيرها ليأخذ الدور منها وقد لا يكون أهلاً للقيادة الاجتماعية.
 في موضوع ملف معان يميز أبو هايل بين القضية الأخيرة الراهنة وبين الجرح المفتوح منذ فترة طويلة والذي لم يجد حتى الآن من يتولاه بأريحية رحبة كان يمكن أن يساهم بها شيوخ العشائر لو لم تتقلص مكانتهم الاجتماعية بشكل مبرمج متتابع. وفي كل الأحوال فان العقل وسعة الأفق هي بديهيات إن توفرت الإرادة.
أما في موضوع العنف الجامعي والاجتماعي فان الرجل يمتلك جينات بدوية فيها من الحصافة ما يقنع ويزيد. يضع معظم اللوم على قانون الصوت الواحد الذي خلق على مدى عشرين سنة ولاءات صغيرة يحتمي بها كل صاحب مصلحة صغيرة احتماء متوتراً بشكل وبائي شرس، حان وقت الخروج منه بقانون انتخاب جديد تتحمل الحكومة وليس البرلمان مسؤولية التأخير في تجهيزه.

أبو هايل المساعيد  شيخة بدوية متسلسلة من امراء عرب الجبل، أضاف هو  لها دراية معمقة وطبعا شخصيا فائق التهذيب مع نكتة حاضرة. يُسجّل على السلطتين التشريعية والتنفيذية نقاطاً رغم قسوتها إلا أنها لا تجرح ذوي النية الحسنة. ولعل هذه هي بعض مواصفات رجال الدولة القادرين على إدراك فكر التحول الإصلاحي والتغيير الداخلي برؤية شمولية تضع الدولة في الأولوية التي تستحقها.
عند تقييم أداء الدورة البرلمانية التي تنفض اليوم فان أحداً لا يمكن أن يتجاهل أنها فشلت في اختبار الإصلاح السياسي المتمثل برغبة الانتقال إلى مرحلة الحكومة البرلمانية.
 
  أنا مؤمن بأن البرلمان كان يمكن أن يقدم أفضل مما قدم. كانت هناك فرص متاحة، برغم كل الصعوبات، إن جاز التعبير من حيث عدد أعضاء مجلس النواب الحالي، وأعتقد أن 150 عضوًا عدد كبير بالنسبة لنا كأردن في غياب المؤسسات السياسية الحزبية التي يمكن أن تصهر الناس وتقلل من تشتت آرائهم، أو في غياب نشوء كتل حقيقية تجمع النواب على رأي موحد لأعضاء الكتلة وبالتالي تساهم في التقليل من تشتت الآراء. ومع هذا قدم البرلمان على مستوى التشريعات التي بحكم الدستور يجب أن يتم تعديلها لتنسجم مع التعديلات الدستورية الأخيرة أو في موضوع بعض القوانين المؤقتة. لكن لدينا أولويات لم تعط حقها على الساحة التشريعية، ولا يسأل البرلمان ولا يلام فقط في ذلك، إذ أن الحكومة هي المسؤولة الرئيسة في إعداد مشاريع هذه القوانين ودفعها إلى مجلس النواب، نحن ما زلنا ننتظر القوانين الاقتصادية.. قوانين الضريبة والاستثمار والإصلاحات الاقتصادية، أيضاً ننتظر مواضيع القوانين السياسية الإصلاحية، كافة هذه التشريعات يجب أن تكون بتعاون ما بين الحكومة والمؤسسة التشريعية وتحديدًا مجلس النواب.
نأمل فيما تبقى من عمر البرلمان تعويض هذا النقص الذي حصل لمضاعفة الجهد لتغطية جزء لم يتم تغطيته من التشريعات الإصلاحية السياسية لغاية الآن.
 من أي زاوية تقيمون شخصياً إيجابيات وسلبيات الدورة البرلمانية الحالية؟ ولماذا باعتقادكم لم تستطع السلطة التشريعية أن ترتقي إلى تحديات الإصلاح السياسي وتفرز حكومة برلمانية؟
قد يكون من المحرج أن أتحدث في هذا الموضوع كرئيس للبرلمان في الدورة السابقة.  من لا يرغبون بأخذ الكلام على شكل حيادي ومتجرد قد يفسرون  كلامي  من زاوية «أنه لم يحظ بفرصة لأن يرأس البرلمان في هذه الدورة  ولذلك يتكلم بهذا الكلام»، لكن هذا بعيد عن تفكيري وسلوكي وبعيد عن نمط حياتي وأسلوبي في العمل. أعتقد أن أهم ما افتقدناه في الدورة الحالية هو عدم الالتزام أثناء عقد الجلسات أو في آليات عمل البرلمان التشريعي والرقابي في النصوص إن كانت نصوصاً دستورية  أو تتعلق بالنظام الداخلي، فارتكبنا بعض الأخطاء التي تتعلق بمخالفات دستورية في الأثناء، كما ارتكبنا الكثير من الأخطاء فيما يتعلق بتجاوزنا على النظام الداخلي لمجلس النواب، ارتكبنا أخطاء أيضا في إعطاء الفرص أمام كافة النواب بنفس الدرجة وبالمساواة، ارتكبنا أخطاء في أن الحكومة أصبحت اليد العليا على البرلمان، وأنها افتأتت على دور البرلمان وهذا لا يجوز أن يتم، هناك توازن للسلطات يجب أن يتبع في العمل البرلماني، والعديد من القضايا التي يفترض أن يكون للبرلمان موقفه غير ما تم في الدورة العادية الحالية.
حتى وإن تفاوتت التقييمات بشأن أداء المجلس النيابي الحالي الذي لا تزال ترتفع في الحراكات شعارات الدعوة لحلّه، فإن المؤكد أن هناك فجوة ثقة عميقة وربما تتسع بينه وبين الناس. من أين أتت وتراكمت هذه الفجوة وهل تعتقدون أن نظام الصوت الواحد هو السبب؟ ولماذا لا يبدي هذا المجلس استعجالا للتسريع في قانون الانتخاب الحالي كما دعا لذلك جلالة الملك؟
بتقديري أن مواطننا الأردني ان لم يقتنع بمصداقية الشخص في موقع المسؤولية وكانت هناك أرضية محترمة من الثقة بينهما فان كثيراً من قضايانا ممكن أن تحل، المواطن الأردني واع وممكن تفهم ظروف أياً كان في أي موقع من المسؤولية، المشكلة إذا تزعزعت هذه الثقة واصبح هناك عدم مصداقية، أعتقد يبدأ الشك والتباعد ما بين الطرفين، ونحن حريصون في هذا الوقت وفي كل وقت على استعادة ثقة مواطنينا، المواطن الاردني موجود وفاعل على الساحة الأردنية، وهو حيوي ومشارك لكن إذا وصل لمرحلة يعتقد أنه لا يستطيع أن يكون لمشاركته أي أثر أو نتيجة فينكفيء على ذاته وهذا أخطر ما يمكن أن يحصل، لذلك علينا استعادة ثقته ومصداقيته لكي يكون معطاء فاعلاً ومشاركاً في كافة ما يجب أن يشارك به، وبالتالي يكون جزء منا يحمل المسؤولية ويتحملها في دوره كمواطن مع أصحاب القرار والمسؤولين، وهذا ينطبق على مؤسسات الدولة المختلفة كما ينطبق على البرلمان. فالثقة تبدأ من الجهات الرسمية وفي مجلس الأمة وفي مؤسسات الدولة المختلفة إن كان في المناطق أو في المركز، ومن يستخف بذكاء المواطن وقدرته على الفهم وقدرته على القراءة ما بين السطور يكون جاهلا، مواطننا ذكي ومتابع، فان لم تستطع الجهات المختلفة، تنفيذية وتشريعية ومؤسسات الدولة المختلفة التواصل معه وشده باتجاهها فسيأخذ الدور غيره، وسيأخذ الدور من لا نرغب في أن يكون أو يقود هذا المجتمع لأنه قد تكون قيادته لهذا المجتمع بطريقة وتوجيه خاطئين لا تعود عليه بالخير.
 كيف؟
أحياناً قد يصل الأغلبية من الناس لمرحلة يشعرون فيها عدم الاهتمام برأيهم، أو سماع صوتهم، فينكفئوا على أنفسهم، الأردني بالأصل ليس صاحب نكتة ومعروف بجديته.. في السنوات الأخيرة أو على الأقل في العامين الأخيرين برزت ظاهرة جديدة أن مواطننا اصبح يصيغ النكتة والفكاهة معبرا عن واقعه بشكل فكاهي أو سرد نكتة، إما تناول مسؤولين أو حالته أو تناول قضايا معيشية مختلفة، إن كان على ألسنة الناس أو أجهزة الإعلام أو الوسائل الالكترونية وغيرها، هذه ظاهرة موجودة في العديد من شعوب الدنيا وعلى مراحل التاريخ، فعندما يصل المواطن الى مرحلة عدم الثقة في من يتولى المسؤولية ويأسه من عملية القدرة على معالجة مشاكله أصبح يلجأ إلى أسلوب التنكيت، قد يسموها الفكاهة السوداء، وهذه حصلت بشكل كبير جداً في البلدان العربية منها مصر أيام الراحل عبدالناصر حيث كان يسأل أشخاص متخصصين باستمرار عن آخر نكتة في الشارع المصري، ليس حباً لسماعها، بل لأنه من هذه الفكاهة يستطيع أن يفهم بماذا يفكر أبناء الشعب المصري وما هو همهم كان ذلك عندما أصبح المواطن المصري يحكم بدكتاتورية شرسة وعدم قدرته على المشاركة والتعبير عن ذاته، نحن في الأردن ولله الحمد ننعم في جو حريات وديمقراطية لكن القصور في مسؤولينا بعدم سماعهم والأمر من ذلك حتى رئيس الوزراء سئل عما يصدر من نكات في الشارع الأردني قال: (الحمد لله أنا رفعت نسبة الفكاهة في الشارع الأردني)، للأسف أنه لم يدرك ما معنى الفكاهة السوداء عندما يلجأ اليها الناس، وأنه عندما تصبح شخصية رئيس الوزراء شخصية كاريكاتورية فهذا الأمر لم نعرفه سابقاً، مما يدل أن هناك شيئاً ما خاطئ يسود نفسيات الناس وتركيبتهم وطريقة تعاملهم، لذلك لجأوا للفكاهة السوداء.
 
ارتكبنا أخطاء
 في الدورة المنتهية بأن أصبحت الحكومة اليد العليا على البرلمان
 
 
استراحة
ولد أبو هايل عام 1947 في مدينة المفرق بأم الجمال. مراحل دراسته الأولى جاءت نتيجة الظروف الاجتماعية كأبناء بادية والتي تكمن عادة بالترحال والتنقل. ولاهتمام والده في تعليم أبنائه وأبناء العشيرة جاء لهم بمعلم كان يتنقل معهم في حلهم وترحالهم، وهي مدرسة لم تكن مرتبطة في دوام أو وقت محدد في الأسبوع. أستاذهم رفيقهم أينما استقروا للالتئام في الصفوف الدراسية.
لم يتوقف تعليم الوالد لأبنائه على الجانب الأكاديمي فحسب بل تعدى ذلك تعليمهم عادات ما زالت مسكونة في وجدان الرجل منذ كان في السابعة من عمره عندما كان يشارك في مجالس الرجال مستقبلا مرحبا بضيوف والده يصب لهم القهوة وهو يستمع لما كان يجري في مجالسهم.. ورغم تربية الوالد الصارمة لأبنائه إلا انه كان أكثر اهتمامًا وحنوًا بنظرة ثاقبة لمستقبل أفضل بعقلية واعية ومتفتحة خاصة فيما يتعلق بمستقبل الصبايا، فشقيقته نادية كانت من أوائل من تعلم في البادية الشمالية وحصولها على درجة الدكتوراة من الولايات المتحدة الأمريكية وهي حالة غير اعتيادية في ذاك الوقت بين العشائر البدوية التي تعتقد وربما تؤمن ان الاهتمام والدلال الزائد حتى للأبناء الذكور مفسدة، لكن هايل السرور تجاوز الحدود التقليدية مع أبنائه ذكورا واناثا بعقلية أشمل وأعمق من القيل والقال.
 المرحلة الاعدادية لأبي هايل تابعها في مدرسة فوزي الملقي في مدينة المفرق عام 1961ومنها إلى كلية الحسين في عمان إلى جامعة الرياض في المملكة العربية السعودية وتخرج منها عام 1970 مهندسا مدنيا ثم عاد للوطن وعمل في أمانة عمان في العام 1974، ثم عاد للسعودية وعمل في العديد من شركات المقاولات والشركات الاستشارية، وفي العام 1981 عين عضوا في المجلس الوطني الاستشاري في دورته الأخيرة، وفي الأثناء مارس نشاطه في القطاع الخاص وتحديدا في المشاريع الزراعية، كحفر الآبار الإرتوازية في البادية الشمالية.. ومن أغرب القصص التي يتذكرها في ذلك الوقت قال: «عندما تقدمت في طلب رخصة لسلطة المياه أقنعني المسؤولين في العدول عن ذلك لقناعاتهم بعدم وجود مياه في منطقة البادية الشمالية، لكنني أصررت على طلبي وقمت بحفر أول بئر ظهرت فيه المياه بشكل جيد أنعشت تنمية البادية الشمالية الزراعية الكثيفة جداً، كما وقادت الفائدة إلى أن معظم مناطق الشمال والآبار الارتوازية التي حفرت في البادية الشمالية في حينه تتحدث الآن عن تجربة لا أقول جاءت تحديا بل اصرارا لأمل تحقق ولله الحمد».
في العام 1984 ولغاية 1989 يقول السرور: كان الحديث في المملكة عن إجراء انتخابات برلمانية بإعادة البرلمان القديم في انتخابات تكميلية وفرعية، ترشحت لانتخابات 1989 وفزت في مقعد من مقعدين للبادية الشمالية ثم بقيت مستمراً في العمل البرلماني لغاية الآن، باستثناء الفترة في العام 2010.
 
جريدة الراي : الاثنين 5 / 5 / 2014 م :
http://www.alrai.com/article/646059.html
 
 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق