تهتم هذه المدونة وتعنى بأنساب وتاريخ وأعراف وتقاليد وأخبار وأعلام وشؤون قبائل المساعيد

الاثنين، ديسمبر 15، 2014

ومضة عن دور أبناء سيناء في الحرب ضدّ إسرائيل ، قبيلة الأحيوات نموذجاً

اللواء عادل فودة
 
ثمةّ تفاصيل كثيرة جدّاً عن دور أهالي شبه جزيرة سيناء في خدمة وطنهم مصر خلال الحروب بين مصر والعدوّ الإسرائيلي ، ورغم دورهم الكبير في إنقاذ الجيش المصري خلال حرب عام 1967 م وخلال انتصار حرب رمضان 1973 م في كافّة المجالات إلاّ أنّ ما كتب ووُثّق عن هذا الدور قليلٌ جدّاً ، في المقابلة التي أجرتها الأستاذة مها سالم مع اللواء عادل فودة إضاءة يشيرة عن شيء من دور أبناء سيناء في الحرب ضدّ إسرائيل .

 

( بوابة الأهرام )  تفتح خزائن أسرار حرب أكتوبر مع المجموعة (  قمر ) 
وتكشف سرّ ( الرجولة السيناوية )
مها سالم
 
6-10-2011 | 18:13

فتحت ذكرى انتصارات حرب أكتوبر المجيدة ، حلقة من الأسرار حول بعض المجموعات القتالية التي شاركت فى هذا الانتصار العظيم ، ومن هنا تواصل ( بوابة الأهرام ) فتح خزائن أسرار هذه الحرب بلقائها مع اللواء عادل فودة قائد المجموعة ( قمر)  خلف خطوط العدو ، أحد الأبطال الذين شاركوا فى ملحمة النصر بمهمة فى غاية الصعوبة .
استرجع اللواء فودة شريط ذكرياته ليحكي قصة 166 يوماً قضاها مع اثنين من الجنود فى عمق سيناء بدون تغطية إلا من إخلاص وتضحية أبناء سيناء الذين يطلق عليهم رادارات بشرية ، حيث قاموا بدور كبير قبل وأثناء وبعد الحرب لمساعدة الجنود المصريين خاصة فى مهام الاستطلاع والمخابرات الحربية . واللواء عادل فودة حاصل على وسام النجمة العسكرية من الرئيس السادات .
عن المهمة المكلفة للمجموعة ( قمر ) الى كانت المجموعة الوحيدة التي استقبلها المشير أحمد إسماعيل القائد العام للقوات المسلحة لتكريمها فور عودتها من سيناء حيث كانت آخر مجموعة وصلت من إجمالي 27 للمخابرات خلف خطوط العدو .
يواصل اللواء فودة ذكرياته قائلا : " كنت شاباً صغيراً برتبة ملازم أول حديث التخرج وتم تكليفنا بمهمة جمع معلومات خلف خطوط العدو لمدة 7 أيام لكن تغير مسرح العمليات فرض على المجموعة أن تستمر لمدة ستة أشهر لتؤدي مهامها بنجاح منقطع النظير طبقاً لسجلات القيادة .
أضاف : " كانت المهمة هي رصد جميع تحركات العدو من الحدود السياسية مع فلسطين على خط الجبهة ورصد نشاط مركز قيادة الجبهة الاسرائيلية فى منطقة ( أم مرجم ) وكذلك رصد تحرك الطائرات من وإلى مطار المليز علاوة على أي مهام إضافية يتم تكليفنا بها عبر أجهزة اللاسلكي ".
عن كيفية إرسال المعلومات إلى القيادة المصرية دون أن يتم كشف المجموعة لهذه المدة الطويلة يقول اللواء عادل فودة : " كان قرار تنويع مصادر السلاح من أهم قرارات التجهيز للمعركة ، فلم نعتمد على السلاح الروسي فقط وكان اللاسلكي معنا من إنتاج غربي وذي كفاءة عالية وأقول بصراحة كفاءة المقاتل المصري ظهرت فى تفوقه على المقاتل الإسرائيلي بعتاده الأمريكي والغربي القوى والحديث .
استكمل اللواء فودة ذكرياته قائلا : " رغم أن التعيين ( المياه والطعام ) قد نفدا خلال أيام قليلة إلا أننا استطعنا أن نصمد لمدة ستة أشهر عشنا على موارد محلية ومساعدات البدو من أهالي سيناء ، وأقولها شهادة للتاريخ ، دور البدو الوطني كان من أسباب النصر ، وكان سبب عودتنا سالمين ، أن دلّنا أحد أهالي البدو من قبيلة الأيحوات ( الأحيوات ) فى وسط سيناء وهو كان الدليل الذى استطاع أن يعود بنا عبر أودية وجبال سيناء وخلال العودة شعر العدو بنا وكانوا يبحثون عنا وعبرنا على مجموعة منهم كانت نائمة داخل مدرعة m113 فى الساعة الثالثة فجراً وحصلنا منهم على بعض الوثائق والخرائط الهامة " . وعن أهم المهام التي نجحت المجموعة ( قمر ) فى تحقيقها يقول اللواء عادل فودة : " نجحت مجموعتنا تدمير مركز قيادة الجبهة للعدو فى أم مرجم وتعطيله عن العمل 4 أيام وتم تدمير بعض ممرات مطار المليز كما رصدنا تحرك لواء مدرع المليز من بداياته وكانت إحدى قياداته عساف ياجوري الذى نجحت قوات المشاة فى أسره بعد ذلك كما نجحنا فى الوصول إلى مجموعة فقدت الاتصال منذ بداية عملها لمدة 4 أشهر واعترضتنا صعوبات شديدة و " عدت معانا بسلام " .
أضاف : " قمنا بعمل مجموعة من السكان المحليين لإمداد مجموعتنا بالعديد من المعلومات خارج نطاق عملها وإبلاغها للقيادة العامة مما جعل جزءاً كبيراً من سيناء كالكتاب المفتوح لدي صانع القرار العسكري " . استطرد قائلا : " كنا أول من أبلغ القيادة المصرية بالجسر الجوي الأمريكي لمساعدة الإسرائيليين فى مطاري الإنجليز ( المليز ) والعريش ، وللأسف كنا أول من رصد تكسير الجبال لردم القناة وعمل كباري للعبور العكسي نحو الثغرة " .
تذكر اللواء عادل فودة عندما حدث عطل فى جهاز اللاسلكي واضطر إلى التنكر فى زي بدوى ووصل إلى مدينة العريش وسط قوات العدو وأصلحه وعاد .
ابتسم اللواء عادل وهو يتذكر العلم المصري الحريري الصغير الذى كان قد حصل عليه فى بطولة ألعاب القوى قبل الحرب ، وأنه أول من رفع هذا العلم فى منطقة رأس محمد ، وفى كل مغارة كان يزورها فى عمق سيناء ليشعر الفريق أنه تم تحرير الأرض وفى آخر مهمة قبل العودة ترك العلم المصري على عمق 150 كيلو متر داخل سيناء رغم أن قواتنا كانت على مسافة 15 كيلو فقط .
 
 
 
وهذه إضافات أخرى نُشرت في الوفد والبوابة الإخبارية لقناة التحرير دونما أدنى إشارة إلى دور أهالي سيناء ؟!!! :
 

اللواء عادل فودة : قضينا 6 شهور خلف خطوط العدو
 
أجري الحوار ــ  أمير سالم
 الجمعة  /7 اكتوبر / 2011 

ثمة أوجه اتفاق بين حرب أكتوبر والثورة ، فكلاهما معجزة صنعها الشباب ، وانتصار مذهل جعل العالم يقف علي أطراف أصابعه مشدوهاً مما يصنعه المصريون ، المعجزة في نصر أكتوبر وثورة يناير ، أن كليهما نقل مصر  ( أم الدنيا ) من اليأس إلي الرجاء .
سطرت القوات المسلحة في أكتوبر ( معجزة بأي مقياس عسكري ) وفق وصف تاريخي للراحل العظيم الرئيس السادات في خطاب النصر أمام البرلمان .
كان للمخابرات العسكرية في حرب أكتوبر دور فاصل في حسم المعركة وقدم صقورها وأبطالها الشجعان تضحيات سطرت في صفحات إعجاز أكتوبر ، ولاتزال فصول ما قدمه أبطال هذا الجهاز خلال الحرب أقرب إلى الأساطير والملاحم التاريخية .
اللواء عادل فودة الخبير العسكري الحاصل علي وسام النجمة العسكرية من الرئيس الراحل أنور السادات عام 1974 كان أحد الأبطال ، وهو صاحب بطولات وقائد مجموعة ( مخابراتية ) نجحت خلال ستة شهور من العمل خلف خطوط العدو ورصيد كافة تحركاته وقدمت قواته صيداً سهلاً لجنودنا البواسل .
يروي فودة بطولات مجموعته كاشفاً عن حقائق مذهلة ، سألته .. :
ــ إلى أي مدي كانت تمثل المهام الخاصة خلف خطوط أهمية قصوى لوضع أو تغير تكتيكات علي الأرض خلال الحرب ؟؟
ــ كانت تحركات إسرائيل في العمق مرصودة تماماً وتحت السيطرة وفى إحدى العمليات حصلنا علي عدة خرائط تكشف عن قلب إسرائيل من الداخل وما زلت أحتفظ بواحدة منها .
وتلقيت تكليفات واضحة بصفتي قائداً للمجموعة المكلفة برصد تحركات العدو والمطارات القريبة ، خاصة مطار ( المليزر ) ( المليز ) ومقار القيادة للعدو في وسط سيناء تهدف عمليات الرصد إلي تقدير قوة العدو ورصد تحركاته ووضع خطط لمواجهته وإجهاض تكتيكاته وإفسادها . وكان لهذه المعلومات دور في تغيير الموقف علي أرض المعركة لصالح قواتنا المسلحة .
ــ ماذا إذن عن عملية الصيد الثمين وكيف كان لها دور في قهر العدو ؟؟
ــ كنت برتبة ملازم أول وقائداً للمجموعة وتمكنت من رصد وإبلاغ القيادة بدخول الجسر الجوي الأمريكي الحرب فور هبوطه في مطارات العمق بسيناء مثل مطاري المليز والعريش ، وتمكنت رصد لحظة هبوط الطائرات الأمريكية ، وبداية تطقيمها بالمقاتلين الإسرائيليين ، وكذلك الدبابات التي انطلقت لدعم إسرائيل في الحرب فور وصولها إلي أرض المعركة ، بقرار من الرئيس الأمريكي نيكسون الذي استجاب لطلب جولدا مائير رئيس وزراء إسرائيل وقتها بعد ايام من الحرب بعد أن استصرخته لإنقاذ إسرائيل من الانهيار .
ــ ألم تكن هناك عمليات أكثر أهمية لاختراق دفاعات العدو ، ورصد تحركاته ؟؟
ــ تمكنا من رصد تجهيزات هندسية وتشوين صخور وتحركات للعدو باتجاه غرب القناة ، وأبلغنا القيادة العامة ، والمثير أن هذه التحضيرات استخدمها العدو في ردم القناة والعبور إلى غرب القناة وعمل ثغرة الدفرسوار ..
ــ هل حدثت مفارقات خلال مدة بقائكم خلف خطوط العد و؟
ــ عثرنا علي مجموعة مصرية أخرى كانت تعمل خلف دفاعات العدو ولكنها فقدت الاتصال منذ وصولها ، ولم نعلم عنها شيئاً ووصلنا إلى هذه المجموعة التي عادت إلى العمل لمدة شهر ونصف الشهر قبل أن تتخذ القيادة قراراً بسحبها .
ــ تلقيتم تكليفات خلال 6 اشهر كاملة من العمل خلف خطوط العدو  فهل أخفقت مجموعتكم في تنفيذ مهام بعينها  ؟
ــ لم يحدث وحققنا التكليفات بنسبة 100% بجانب عدة مهام فرعية وقدمنا شهيداً واحداً هو النقيب عبد الهادي السقا وما زلت أذكر تفاصيل عملية استشهاده حيث كنا في مهمة خلف خطوط العدو في طائرة هيلوكوبتر ورصدنا العدو وقام بإطلاق صاروخ اصاب الطائرة ، ونجونا جميعاً عدا السقا الذي استشهد قبل أن يقفز من الطائرة .
ــ هل يعتبر هذا الحادث أخطر ما واجهته وفريقك المخابراتي خلال الشهور الستة ؟
ــ لا.. هو الخسارة الوحيدة لنا التي تكبدناها بفقدان طائرة وشهيد ، لكن الخطر لم يفارقنا وكان يلازمنا في كل خطوة وأذكر أنني كدت أفقد حياتي مرتين ، ففي أثناء رحلة البحث عن زميل فقد الاتصال بنا ، وبعد ساعات من البحث برفقة زميلي محمود عبدالكريم في قلب الصحراء ، حاولت التقاط أنفاسي والجلوس تحت شجرة صغيرة وإذا بمرافقي يدفعني بشدة ويخرج ( شبرية ) وهي خنجر صغير وقام بغرسها في وسط الرمال ، وإذا بأفعى ( الطريشة ) القاتلة ، وهي أخطر أنواع الحيات ولولا حنكة دليلي لكنت فقدت حياتي .
ــ هل حدثت مواقف خطرة أخري تعرضتم إليها في خلال المهمة ؟
ــ بالفعل تحركت وزميلي محمود عبدالله في نوفمبر 1973 وسط أجواء ممطرة وطقس غير مستقر ، وكان المطلوب الاتصال بالقيادة لإخطارها بمعلومات وتلقي تكليفات محددة ، فجأة انزلقت قدماي بسبب الأمطار ، وسقطت ومعي جهاز الاتصال من ارتفاع لا يقل عن 30 متراً ، وتوقعت الموت وسط ذهول زميلي ، ولكن القدر أنقذني بالسقوط في رمال ناعمة امتصت الصدمة ولم أصب بأذى .
ــ إذن كانت عناية السماء ترعاكم بطريقة إعجازية ؟
ــ حدثت نفحات ربانية ، أعمقها دلالة هي نفاد المياه ، وهاجمنا العطش لمدة 4 أيام لدرجة أخرجنا عن صوابنا وقررنا مهاجمة أحد دوريات العدو في عملية استشهادية بقرار مني بحثاً عن المياه لأننا كدنا نموت ، وبالفعل بدأنا الاستعداد للهجوم ، ودعونا الله أن يفك كربنا ، لمدة 5 ساعات وقبل صلاة الفجر انهمرت الأمطار بغزارة وحصلنا علي حاجتنا من المياه وأحسست أن الله معنا ، وتراجعنا عن تنفيذ العملية الاستشهادية .
ــ هل حدث أن رفضت القيادة تنفيذ عملية بعينها للحفاظ علي حياتكم ؟
ــ في منتصف يناير 1974 أخطرت القيادة وبعد طول مراقبة لنشاط العدو في العمق ، برغبتنا في نصب كمين لأتوبيس يحمل طاقم طيارين إسرائيليين يعمل بقاعدة ( المليز ) أثناء عودتهم إلي المطار من إجازة ولكن اللواء فؤاد نصار مدير المخابرات الحربية رفض بشدة تنفيذ العملية وأخبرنا بأن حياتنا أغلى وأهم من هذه اللحظة من الطيارين لأننا العين الوحيدة لمصر علي المطار ومنطقة وسط سيناء .
ــ هل تتذكر أصعب المواقف التي تعرضتم لها خلال أيام الحرب وما بعدها ؟
ــ  صعبة ومميتة وكان الموت قريباً مني بشدة ، ويكفي أن إحدى المهام التي كان مقرراً تنفيذها في 7 أيام امتدت إلي 21 يوماً وبالطبع نفد ما لدينا من مخزون الماء والطعام ، وأكلنا أوراق الشجر والثعابين والفئران حتي وصلت إلينا الامدادات .
ــ ماذا إذن عن أخطر مواقف المواجهة مع العدو ؟؟
ــ بعد انتهاء مهمة امتدت ستة شهور خلف خطوط العدو ، أمضينا 7 أيام في رحلة العودة ، وبينما ونحن سائرون استشعرت بكمين نصبه لنا العدو في وادي ينتهي بجبل الراحة ، وحينما اقتربنا لاحظنا وجود دبابة وعربة 113 m إسرائيلية متخفية خلف شجرة وجهاز رؤية ليلي ، وكان الوقت فجراً ، وحينما اقتربنا اكتشفنا أن أفراد قوة العدو نائمون فقمنا بأخذ عدة خرائط منهم ، وكان في مقدورنا تصفية الكمين تماماً ، ولكن رغبتنا في العودة سالمين دون أضرار طغت وتم تصفية الكمين وعدنا بالفعل في يوم 21 مارس 1974 .
ــ هل كنتم تشعرون بتقدير القيادة لمجهوداتكم ؟
ــ يكفي الاستقبال العسكري الرائع ، وترحاب اللواء فتحي عبده قائد مكتب مخابرات السويس بنا ، كما أبلغنا مدير المخابرات الحربية اللواء فؤاد نصار بأن المشير أحمد إسماعيل حدد لنا لقاء في وحدتنا بالهايكستب ، وأبلغنا المشير خلاله بأن الرئيس الراحل أنور السادات يطلب لقاءنا لتهنئتنا علي ما قدمناه من بطولات ، وبالفعل التقينا به في مكان لا يمكن الكشف عنه حالياً ولا ما دار فيه !!
ــ إذن ما هو الجبل ( الحبل ) السرّي الذي يربط بين انتصار أكتوبر وثورة 25 يناير ؟
ــ الشباب الذين كانوا صناع المعجزات فهم قيادات حرب أكتوبر وهم الثائرون في الجامعات الذين طالبوا السادات بالحسم ، وهم مفجرو ثورة يناير ، وأصحاب شعار ( الشعب يريد إسقاط النظام ) ، هؤلاء الثوار هم أبناء وأحفاد أبطال حرب أكتوبر ، وهم صمام أمن مصر ، وبوجودهم لن تعود البلاد إلي الوراء ، ولكن لابد من النهوض بالوطن ، ودفع عجلة الإنتاج للأمام حتي تنجح الثورة .
 

 
بطلها اللواء عادل فودة ومجموعته
 صفحة من سجل ( المخابرات الحربية ) .. الجندي المجهول في النصر

‏بوابة_التحرير
 
فودة : قضينا 166 يوما خلف خطوط العدو ..
والقوات الإسرائيلية طاردتنا في جبال سيناء
المهمة بدأت في اليوم الأول للحرب وعودتنا لأرض الوطن استغرقت 7 أيام
رصدنا استدعاء إسرائيل للاحتياط ودخول الجسر الجوي الأمريكي
والسادات شكرنا على بطولاتنا
 
حرر جيش مصر أرض سيناء في 6 أكتوبر 1973، وكان للمخابرات الحربية دور كبير وفعال في تحقيق النصر ، وكان أحد أبطالها اللواء عادل فودة ، الضابط بجهاز المخابرات الحربية والاستطلاع ، الحاصل علي وسام ( النجمة العسكرية ) من الرئيس الراحل أنور السادات ، عام 1974 .
اللواء عادل فودة ، واحد ممن زُرعوا خلف خطوط العدو لرصد تحركاته وإبلاغ القيادة العامة للقوات المسلحة بهذه التحركات .
قال فودة لـ ( البوابة الإخبارية لقناة التحرير ) : إن ضابط المخابرات والاستطلاع يجب أن يكون متمتعا بمستوى كبير من الذكاء ، ولديه معلومات عامة ، وكذلك لياقة بدنية عالية ، لأنه صاحب القرار أثناء مهمته .
وحول بداياته يقول : تخرجت من الكلية الحربية دون امتحان ، لحاجة القوات المسلحة إلى ضباط من جانب ، وتخوفا من ضرب إسرائيل الكلية بالطائرات من جانب آخر ، وبعد 3 أشهر من التخرج تم استدعائي والتحقت بكتيبة الاستطلاع بداية 1970 ، بقيادة الملازم أول عادل محجوب .
ويضيف : نكسة 1967 جعلت الشعب المصري يشعر بالإحباط وانهارت معنوياته، فكانت حرب الاستنزاف هي التدريب الجيد لحرب النصر على العدو الصهيوني ، ورفع الروح المعنوية ، خاصة بعد قيام القوات البحرية بإغراق المدمرة إيلات أكبر أسطول بحري لإسرائيل .
الاستعداد للنصر
ويروي استعدادات القوات لحرب الكرامة قائلا : في 30 سبتمبر 1973 كنت في إجازة ، وتم استدعائي إلى الكتيبة ، وكانت بأكملها موجودة ، وفور العودة تسلمت مجموعتي المكونة من مجندين ، واحد للإشارة ، والثاني للاستطلاع ، لبدء التدريب الشاق على السير في الجبال ، وتحديد الاتجاهات والتدريب على الاتصالات اللاسلكية عن بعد تحت أي ظروف .
ويضيف : في ليلة 6 أكتوبر 1973 استدعاني قائد الكتيبة لإبلاغي بمهمتي ، وكان محددا لها من أسبوع إلى 10 أيام ، إلا أنها استمرت 166 يومًا ، لحاجة القيادة العامة للقوات المسلحة للمعلومات عن العدو الصهيوني ، وكانت المهمة بمنطقة بالقرب من حدود العدو ومطار ( المليزر ) أحد أهم مطارات سيناء ، لاستطلاع الطريق الأوسط من ناحية الغرب ، ومتابعة حركة طائرات العدو . بدأت المهمة في الثانية صباحًا ، وكنت أنا ومجموعتي داخل خيمة صغيرة بالصحراء ، وأوضحت للقيادة دوري ، كما قمت بإجراء التجارب للأجهزة واتصالاتها مع القيادات ، واستلمت ترددات بث الرسائل ، كل ذلك ولم أكن أعرف أن هناك استعدادا للمعركة .
النجاة من الموت في السماء
يواصل فودة استرجاع الذكريات حول أيام أكتوبر الخالدة ، ويقول : في الحادية عشرة صباح 6 أكتوبر 1973 ، وأثناء التدريب ــ وكنا صائمين ــ فوجئت باستدعائي مرة أخرى من قائد الكتيبة ، الذي طلب مني التحرك لمنطقة المهمة المكلف بها بواسطة طائرة هليكوبتر من مطار ألماظة ، الذي وصلت إليه في الواحدة والنصف بعد الظهر .
بمجرد دخولي المطار شعرت أن هناك حربًا وليس مجرد مشروع للتدريب، فالطيارون مستعدون تمامًا ، وفي المطار شاهدت الشهيد إبراهيم الرفاعي، بطل الصاعقة ومجموعته ، وفي الساعة الثانية وعشر دقائق عادت طائرات مقاتلة إلى مطار ألماظة ، وعرفت من طياريها أنهم قاموا بالضربة الجوية بنجاح ، ووقتها جاءتني تعليمات بمهمتي الفعلية وهي الذهاب إلى جنوب جبل المغارة على المحور الأوسط بجوار جبل ( لبنى ) .
ويقول : استقليت الطائرة الساعة الثالثة عصرًا لأعبر القناة وشاهدت جنودنا وهم يقهرون خط بارليف ويعبرون حصون العدو في صورة رائعة ، ولكن اضطرت الطائرة للهبوط في أحد المطارات القريبة بسبب وجود غارة جوية ، ودخلت المخبأ حتى تنتهي الغارة ، وأثناء وجودي به شاهدت اشتباكًا جويًا لطيار مصري مع طائرات العدو ، وبشكل بطولي قاتل الطيار المصري حتى أسقط طائرتين ( فانتوم ) للعدو .
ويتابع : بعد انتهاء الغارة استقليت الطائرة مرة أخرى ، وبعد عبور القناة بمسافة 10 كيلو مترات ، فوجئت بمطاردة طيارتين إسرائيليتين للطائرة التي استقلها ، وكان معنا طائرة أخرى تحمل مجموعة استطلاع ، وبدأت الطائرتان الإسرائيليتان في مهاجمتنا بالصواريخ لتتحطم طائرة مجموعة الاستطلاع ، وبمهارة قائد الطائرة التي استقلها ومعي مجموعتي هرب بطائرته من طائرات العدو ، من خلال عدة مناورات ، ليصل بنا إلى منطقة صحن المغارة .
وكانت هذه آخر علاقة لنا كمجموعة بالطائرة ، فقد هبطنا، لنبدأ التحرك على الأقدام للوصول إلى أقرب منطقة جبلية ، ونحمل فوق أكتافنا أحمالًا ثقيلة ، حتى وصلنا إلى غايتنا في تمام الساعة الثالثة من صباح يوم 7 أكتوبر .
المهمة المقدسة
يكمل اللواء عادل فودة حديثه عن مهمته المقدسة ويقول : بمجرد وصولي ومجموعتي المكان المحدد للمهمة ، كان العدو رصد أن هناك طائرة هليكوبتر نزلت في المنطقة ، وهو ما يعني أنه سيتعامل معنا بكل قسوة للقضاء علينا ، فأتخذت قرارًا بإخلاء المكان الذي هبطنا فيه وبأقصى سرعة ، وتحركتُ ومعي المجندين السويفي ومحمود سالم ، في جبال سيناء ، نناور العدو في محاولة للهروب منه ، وبالفعل تمكنا من ذلك، واستطاع الفكر العسكري المصري أن يتغلب على الفكر الإسرائيلي حيث استطعت تغيير الترددات اللاسلكية طوال فترة الحرب .
ويقول : كنت مكلفا برصد تحركات العدو والمطارات القريبة ، خاصة مطار المليزر ( المليز ) ، ومقار قيادة العدو في وسط سيناء ، مما يُمّكن القيادة من تقدير قوة العدو ، ورصد تحركاته ، ووضع خطط لمواجهته ، وإجهاض تكتيكاته وإفسادها ، وأجريت أول اتصال بالكتيبة في الساعة الخامسة صباح الأحد 7 أكتوبر 1973 ، وكانت أول مجموعة تعطي تمام بالوصول إلى أرض العدو بعد الضربة الجوية ، وكان أول ما رصدناه أن إسرائيل تستدعي قوات الاحتياط ، وبعد هذه الرسالة استمرت رسائلنا طوال 166 يومًا خلف خطوط العدو .
الطيران الأمريكي
خلال عمليات الرصد يقول فودة : تمكنا من رصد وإبلاغ القيادة بدخول الجسر الجوي الأمريكي الحرب ، فور هبوطه في مطارات العمق بسيناء ، مثل مطاري ، المليز ، والعريش ، وتمكنتُ من رصد لحظة هبوط الطائرات الأمريكية ، وبداية تطقيمها بالمقاتلين الإسرائيليين ، وأيضًا رصدنا الدبابات التي انطلقت لدعم إسرائيل في الحرب ، فور وصولها إلى أرض المعركة ، كما رصدنا تجهيزات هندسية ، تكسير وتشوين صخور ، ورصدنا تحركات للعدو باتجاه غرب القناة ، وأبلغنا القيادة العامة ، أن هذه الصخور سيستخدمها العدو في ردم القناة للعبور إلي غرب القناة .
شاهدت الموت أكثر من مرة ، الأولى أثناء رحلة البحث عن المجند السويفي ، الذي فقد الاتصال بنا ، وبعد ساعات من البحث برفقة زميله محمود سالم في قلب الصحراء ، حاولت التقاط أنفاسي ، وجلست تحت شجرة صغيرة وإذ بمرافقي يدفعني بشدة ويخرج خنجره ويغرسه في وسط الرمال ، ليقتل أفعى ( الطريشة ) القاتلة ، وهي أخطر أنواع الحيات ، ولولا حنكة المجند محمود سالم لفقدت حياتي ، والمرة الثانية عندما نفذت المياه ، وظللنا دون مياه لعدة أيام ، فقررت مهاجمة أحد دوريات العدو في عملية استشهادية بحثًا عن المياه ، وبالفعل بدأنا الاستعداد للهجوم ، وقبل صلاة الفجر انهمرت الأمطار بغزارة وحصلنا على المياه ، وأحسسنا أن الله سبحانه وتعالى معنا ، فتم التراجع عن تنفيذ العملية الاستشهادية .
ويقول : في يناير 1974 أخطرنا القيادة وبعد طول مراقبة لنشاط العدو في العمق ، برغبتنا في نصب كمين لأتوبيس يحمل طاقم طيارين إسرائيليين ، يعمل بقاعدة مطار المليز أثناء عودتهم إلى المطار من إجازة ، ولكن اللواء فؤاد نصار ، مدير المخابرات الحربية ، وقتها رفض بشدة تنفيذ العملية وأخبرنا بأن حياتنا أغلى وأهم في هذه اللحظة من الطيارين ، نظرا لكوننا العين الوحيدة لمصر على المطار ومنطقة وسط سيناء .
ويكمل : القيادة العامة أخطرتنا بالبحث عن مجموعة استخباراتية فقدت الاتصال بالقيادة منذ عدة شهور ، وبالبحث تم العثور على المجموعة وكانت تعمل خلف دفاعات العدو ، ولكنها فقدت الاتصال منذ وصولها ، وظلت المجموعة المفقودة معنا لمدة شهر ونصف حتى أتخذت القيادة قرارًا بسحبهما .
العودة للوطن
يقول فودة: إن رحلة العودة للوطن استمرت7 أيام ، حيث كان العدو نصب كمينا لاصطياد المجموعة أثناء عودتها ، وبالفعل كانت هناك مجموعة إسرائيلية تنصب كمينا ، ولكن الله وقف إلى جوارنا مرة أخرى ، واستطعنا المرور بجوار المجموعة الإسرائيل في لحظة كانوا فيها جميعا نيام ، بل واستطعتنا أيضا الحصول على خريطة من سيارة الكمين ، وكان بإمكاننا القضاء على الجنود الاسرائيليين ، إلا أن رغبتنا في العودة حالت دون ذلك .
ويواصل : فوجئنا عند عودتنا بالاستقبال العسكري المهيب ، واستقبلنا المشير أحمد إسماعيل ، وزير الدفاع ، في مكتبه وأبلغنا أن الرئيس أنور السادات يطلب لقاءنا لتهنئتنا على ما قدمناه من بطولات ، وبالفعل التقينا بالرئيس السادات ، وشكر المجموعة على ما فعلته من إنجاز ، يحسب للمخابرات الحربية في حرب أكتوبر .
 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق