تهتم هذه المدونة وتعنى بأنساب وتاريخ وأعراف وتقاليد وأخبار وأعلام وشؤون قبائل المساعيد

السبت، فبراير 14، 2015

الختان عند قبيلة هذيل سابقاً


كانت عمليّة الختان عن قبيلة هذيل صعبة جدّاً تُختبر فيها شجاعة الصبيان ، وهي عملية خطيرة جدّاً لم تنفرد بها قبيلة هذيل وحدها ، وكان الصبيان يبدون شجاعة كبرى أما قومهم من الرجال والنساء ، وممن أشار إلى طريقة الختان عند قبيلة هذيل الرحّالة الأديب العلاّمة خير الدين الزركلي وفيما يلي نصّ ما قاله في رحلته إلى الحجاز عام 1929 م :

( ما رأيت وما سمعت ، ص 159 ــ 160 )
 
وقد تحدّث الأستاذ محمد أحمد الحسّاني عن هذه العادة فقال في مقالة له بعنوان : ( سلخ ودبابيس ) : وأنا فتى صغير.. حضرت زفاف شاب قريب لي ، وكانت سِني تسمح لي بحضور ( النصة ) ، وهي أن يتم إجلاس العروس على كرسي وإجلاس العريس على كرسي آخر ليقابلها مباشرة ويكشف بهدوء عن وجهها المبرقع ، الذي يراه لأول مرة ، لأنه اختيرت له عن طريق أسرته كما هي العادة ، ثم يضع يده اليمنى على رأسها ويقرأ سورة الفاتحة ، ويحاول أن يجعل قدميه فوق قدميها ، حتى تكون له الكلمة العليا في منزل الزوجية ، وإلا فإنه سوف يصبح ( طرطورا ) إن استطاعت عروسه سحب قدميها ووضعها عنوة فوق قدميه ، وقد لاحظت أن قريبي العريس تعرق والخوف بادٍ على وجهه ، ثم فهمت بعد ذلك سبب تعرقه وخوفه ؛ لأن فتيات ونساء من جانب العروس كن يقمن بوخزه بالإبر الحادة المؤلمة في ظهره وجنبه ، وفيما تكون قريباته مصطفات حوله كخط دفاع عنه ، ولكنه مع ذلك لم يسلم من عدة وخزات مباغتة ، ويومها عاهدت نفسي ألا أتزوج حتى يلغي المجتمع تلك العادة النكراء! ، ولما سمع ما قلته أحد جماعتي من هذيل تبسم ضاحكا من قولي ، وسألني : وكيف لو أنك لم تزل تقيم في بادية هذيل حول مكة المكرمة ، وأصبحت شابا ونويت أن ( تعرس ) ؟، فلما استوضحت منه ما قاله أفهمني أن العريس في بعض البوادي إذا كان يوم عرسه جيء به وأوقف في ساحة مكشوفة وأخذ ( جزار ) يسلخ أجزاء من جلده بموس حادة وبلا تخدير وهو يرتجز عشرات الأبيات من قصيدة نبطية يفاخر فيها بقبيلته وبشجاعته وجلده وقوته، في الوقت الذي تتابع فيه العروس وأترابها تلك المجزرة وذلك السلخ ، فإن بكى العريس من شدة الألم أو أغشي عليه ، أعلنت العروس أنها لن تقبل به بعلا ، لأنه ناعم وطرطور !!
ولما أكمل الهذلي الشرح عن المجزرة الدموية حمدت الله أنني في مكة المكرمة ، وقلت بيني وبين نفسي : الإبر والوخز أرحم من السلخ ، ويقال إن عددا من الشبان والعرسان في البادية تم سلخهم في تلك الأيام وتم تنويمهم على حصير فوق الأرض ودهن محل السلخ بزيت السمسم حتى تجف جراحهم قبل يوم الدخلة ، فجاءت عنز صغيرة فوطئت بطونهم وخرقتها بحافرها ، فلقي ثلاثة منهم مصرعه في الحال ، فرفع شيخ القبيلة إلى ولاة الأمر ما حصل ، فصدرت التعليمات بمنع عادة السلخ للعرسان ، وأن من يخالف التعليمات تطبق بحقه أقسى الجزاءات، فتوقفت البادية عن تلك العادة الخسيسة ، فيما توقف أهل المدن في الحجاز عن عادة وخز العريس بالدبابيس واكتفوا بأكل الفول والتميس !.
 
جريدة عكاظ :
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق