انتقل إلى الرفيق الأعلى صباح الأمس الجمعة 26 / 8 / 2016 م العالم الجليل شيخ قرّاء فلسطين الشيخ محمد سعيد بن محمد علي ملحس بعد شيخوخة صالحة قضاها في خدمة كتاب الله تعالى كذلك نحسبه والله حسيبه رحمه الله تعالى وغفر له وأدخله فسيح جنانه .
فيما يلي بعض ما كتب عن هذا العالم الفاضل :
نابلس - خاص بالمركز الفلسطيني للإعلام
قصة حياة لخير ينفع وعلم ينتشر
محمد سعيد ملحس.. عاش للقرآن فأثمر غرسه الطيب
نابلس -أمامة 26-8-2016 4:04 PM
قبل نكبة 1948 كانت أسرته تنتقل ما بين مدينة حيفا الساحلية ومدينة نابلس بحكم عملها في التجارة، وفي حيفا (تحديدا في مدرسة السباعي) درس المرحلة الابتدائية وبدأت تظهر عليه علامات النبوغ والذكاء، وما زال يحتفظ بمصحف حصل عليه كهدية لتفوقه من تلك المدرسة.
( قُرّاء من أرض الإسراء"3" ) فضيلة الشيخ / محمد سعيد ملحس " رحمه الله " أستاذ التلاوة وأحكام التجويد
مع الشيخ الدكتور/ يوسف جمعة سلامة خطيب المسجد الأقصى المبارك وزير الأوقاف والشئون الدينية الأسبق ، وآخر مؤلفاته :
(قُرّاء من أرض الإسراء"3") فضيلة الشيخ / محمد سعيد ملحس " رحمه الله " أستاذ التلاوة وأحكام التجويد .
عرض الأستاذ/ عبد اللطيف أبو هاشم
باحث في تاريخ فلسطين
انتقل فضيلة الشيخ/ محمد سعيد ملحس أستاذ التلاوة وأحكام التجويد إلى رحمة الله صباح أمس الجمعة عن عمر يناهز التسعين عامًا.
لقد اعتدنا على الانجازات الخيّرة والأعمال القيّمة والمتعددة لسماحة الشيخ الدكتور/ يوسف جمعة سلامة خطيب المسجد الأقصى المبارك النائب الأول لرئيس الهيئة الإسلامية العليا بالقدس، حيث تألق الشيخ سلامة في مؤلفه الأخير: (قُرّاء من أرض الإسراء"3" فضيلة الشيخ / محمد سعيد ملحس "رحمه الله" ) فهو عمل جديد قلَّ نظيره في هذا المجال والأول على مستوى الوطن، وقد سبق للشيخ سلامة أن كتب عن عالمين جليلين من القرّاء الأفذاذ هما فضيلة الشيخ/ حمدي سعيد مدوخ شيخ المقارئ الفلسطينية- رحمه الله-، وفضيلة الشيخ/ محمد رشاد الشريف مقرئ المسجد الأقصى المبارك والمسجد الإبراهيمي بالخليل- حفظه الله-.
لذلك ارتأيت أن أقدم هذه الدراسة للقارئ الكريم وقد جاءت في (65) صفحة من القطع المتوسط وكان الغلاف وكأنه لوحة فنيه يظهر فيها الشيخ/ محمد سعيد ملحس "رحمه الله" أستاذ التلاوة وأحكام التجويد – رحمه الله- والمسجد الأقصى المبارك، وتضمن الكتاب المقدمة ثم الاسم والنسب والمولد والنشأة، ثم مؤلفاته وآثاره العلمية، ثم مهامه ووظائفه، وتأسيسه لإذاعة القرآن الكريم، ثم تكريم وزارة الأوقاف للشيخ، وجهود الوزارة في خدمة كتاب الله الكريم وأهله، وانتهى الكتاب بالخاتمة .
مُقَدّمة الكتاب
لأهمية المقدمة فقد أحببنا أن نقدم فقرات منها:
إن الدين الإسلامي يُشجع على العلم، ويُكَرِّم العلماء، ويرفع درجاتهم ، كما في قوله تعالى: }يَرۡفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ دَرَجَٰتٖۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٞ{، وجاءت الأحاديث النبوية الشريفة تؤكد ذلك، منها قوله – صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالأَرَضِينَ حَتَّى النَّمْلَةَ فِى جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ".
وبَيَّن الإسلام مكانة العلماء وفضلهم، فوجودهم في الأمة حفظ لدينها وَصَوْنٌ لعزتها وكرامتها، فهم ورثة الأنبياء في أممهم، وأمناؤهم على دينهم، كما جاء في الحديث الشريف: "...إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَ بِهِ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ".
وعند دراستنا لِسِيَرِ علمائنا الفضلاء نجد أنهم قد بلغوا من العلم مبلغاً عظيماً، حيث كان هدفهم خدمة دينهم، وإرضاء ربهم، ونشر سنة نبيهم- صلى الله عليه وسلم-، فكان التوفيق والنجاح حليفهم.
كما أن كثيراً من هؤلاء العلماء والقرّاء الأفذاذ لم يصلوا إلى ما وصلوا إليه من علم إلا بالجدّ والاجتهاد والكدّ والتعب، فطالب العلم المُجِدّ لا يُخَيِّبُ الله مسعاه، ومن كانت بدايته مُحْرقة كانت نهايته مُشرقة.
ومن الواجب علينا أن نقدم لأجيالنا المتعلمة سِيَرَ هؤلاء العلماء؛ ليطّلعوا على تراث أمتهم وإرثها العلمي والحضاري من جانب، وليقفوا على الجهود الهائلة التي بذلها علماء الأمة في تحصيله ونقله من جانب آخر، فيكون لهم من ذلك كله حافز على تقدير هؤلاء العلماء حق التقدير، ووجوب الاقتداء بهم والسير على خطاهم.
ومن الجدير بالذكر أن بلادنا فلسطين قد أنجبت عدداً من العلماء الأفذاذ الذين تركوا للأمة إرثاً علمياً عظيماً، منهم: الإمام الشافعي، والحافظ ابن حجر العسقلاني، والشيخ محمد السفاريني، والإمام الطبراني، والعلامة موفق الدين بن قدامة، والحافظ عبد الغني الجماعيلي المقدسي، والشيخ العلامة/ عبد الغني النابلسي، والشيخ العلامة/ برهان الدين الجعبري، والقاضي الفاضل/عبد الرحيم البيساني من مدينة بيسان، وكان مستشاراً للقائد صلاح الدين الأيوبي- رحمهم الله جميعاً-....الخ.
وهذا هو الكتاب الثالث من سلسلة قُرَّاء من أرض الإسراء، عن فضيلة الشيخ/ محمد سعيد محمد علي ملحس – رحمه الله -أستاذ أحكام التلاوة والتجويد، فقد سبقه الكتاب الأول عن فضيلة الشيخ/ حمدي سعيد مدوخ – رحمه الله- شيخ المقارئ الفلسطينية، والثاني عن فضيلة الشيخ/ محمد رشاد الشريف – حفظه الله- مقرئ المسجد الأقصى المبارك والمسجد الإبراهيمي، هذه السلسلة التي نحرص على إصدارها؛ كي نقدم لأبناء أمتنا العربية والإسلامية بصفة عامة وأبناء شعبنا الفلسطيني بصفة خاصة، سِيَر هؤلاء العلماء والقرَّاء والمعلّمين الذين نشأوا في هذه الأرض المباركة، تعلموا وعَلَّموا فيها، فكانوا بحقٍّ نِعم العلماء والقرَّاء والأساتذة الأوفياء، ومازالوا مثلاً يُحتذى، وقبساً مُشِعًّا منيراً لمن اقتدى، حيث سخَّروا كل جهدهم وطاقاتهم خدمة لكتاب الله سبحانه وتعالى؛ فأسهموا في نشر العلم والنور في بلادنا المباركة فلسطين.
وَيُعَدّ الشيخ/ محمد سعيد محمد علي ملحس- رحمه الله-، من الأساتذة المتميزين الذين نذروا حياتهم لخدمة كتاب الله عز وجلّ وتعليمه وتلاوته؛ لينالوا رضا الله في الدنيا والآخرة، ومن المعلوم أن الأمة الإسلامية قد أجمعت منذ نزول القرآن الكريم حتى وقتنا هذا على وجوب قراءته قراءة مُجَوّدة سليمة، وذلك بإعطاء حروفه حقها ومستحقها من مَدٍّ وقصرٍ وإدغامٍ ونحو ذلك.
لذا فإننا نرى أنه من الواجب علينا وفاءً لهذا الشيخ الجليل والأستاذ القدير أن نقدم لأبنائنا في فلسطين نموذجاً يُحْتَذى به في خدمة كتاب الله والحرص على تلاوته بصوت نديٍّ، ولنا فيرسول الله– صلى الله عليه وسلم- الأسوة الحسنة في تكريم حاملي القرآن وحفظته وَمُقرئيه، انطلاقاً من قوله -عليه الصلاة والسلام-: "إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ"، ومن ذلك أنه– صلى الله عليه وسلم – كان يُقَدِّم القُرَّاء الحُفَّاظ للإمامة بالمصلين، كما كان يُقَدِّم القراء الحفاظ من الشهداء تجاه القبلة، وكان- صلى الله عليه وسلم- إذا أرسل سرية يسأل مثلا، مَنْ يحفظ سورة البقرة؟ فيقول رجل أنا، فيجعله – صلى الله عليه وسلم – أميرًا على السرية، كما كان- صلى الله عليه وسلم- يُزَوِّج المسلم بما يحفظ من كتاب الله الكريم.
هذه نظرة الإسلام إلى العلماء والقُرَّاء والمعلّمين الذين يُرشدون الناس إلى الخير والهدى، ويبينون لهم أحكام دينهم الإسلامي الحنيف كما جاء في الحديث: "مَثَلُ الْعُلَمَاءِ فِي الأَرْضِ كَمَثَلِ النُّجُومِ فِي السَّمَاءِ"، وإذا كانت هذه منزلة العلماء والقُرَّاء والمعلّمين في شريعتنا الإسلامية الغرَّاء، أفلا يجدر بنا أن نقدرهم ونجلّهم وأن نسير على دربهم؟
ومن المعلوم أن الأمم تحرص على تكريم علمائها من الذين قضوا نحبهم، وجميل أن نكتب عن شيخنا – حفظه الله- وعن حياته وهو مازال حيًّا يُعلّم أحكام التلاوة والتجويد؛ ليكون نبراسًا وقَبَسًا يُنير الطريق لطلاب العلم الشرعي في بلادنا المباركة.
ونحمد الله سبحانه وتعالى أن جعلنا من خدمة كتابه الكريم، ومن ذلك إلقاء الضوء على سِيَرِ أمثال هؤلاء العلماء والقرَّاء والمعلّمين الذين نذروا حياتهم وسخروا طاقاتهم لخدمة القرآن الكريم، تعلُّماً، وتعليماً، وتلاوة وتجويداً.
نسأل الله الكريم أن يُديم عليه الصحة والعافية، وأن يُكْرمه بحسن الخاتمة وصالح العمل، كما نسأله -سبحانه وتعالى- أن يُهيئ لهذه الأمة من أمثاله مَنْ يعمل على تعليم القرآن الكريم وإيصاله إلى قلوب الناس وعقولهم في مشارق الأرض ومغاربها.
الاسم والنسب والمولد والنشأة
هو الشيخ المقرئ "محمد سعيد" بن "محمد علي" ملحس ولد في10/1/1925م في مدينة نابلس، ونشأ يتيم الأب برعاية أمه وإخوته الكبار الذين
كانوا على درجة كبيرة من الورع والتَّديُّن والحياء، فنشأ في بيت يُقَدِّر العلم ويلتزم بأحكام الدين الإسلامي، ودرس المرحلة الابتدائية في مدرسة (السباعي) بحيفا،
حيث كان مركز عمل إخوته الكبار، وما يزال شيخنا يحتفظ حتى الآن بمصحف قدَّمه له مدير المدرسة تكريماً لتفوقه في الصف الثاني الابتدائي.
كانوا على درجة كبيرة من الورع والتَّديُّن والحياء، فنشأ في بيت يُقَدِّر العلم ويلتزم بأحكام الدين الإسلامي، ودرس المرحلة الابتدائية في مدرسة (السباعي) بحيفا،
حيث كان مركز عمل إخوته الكبار، وما يزال شيخنا يحتفظ حتى الآن بمصحف قدَّمه له مدير المدرسة تكريماً لتفوقه في الصف الثاني الابتدائي.
اضطرت عائلته إلى العودة لنابلس ضمن ظروف قاسية أجبرت الفتى على عدم الانتظام في المدارس الحكومية بنابلس بعد حرب عام 1948م، وتوالت الظروف القاسية بنهب اليهود لممتلكاتهم التي تركوها في حيفا وانقطاع عملهم هناك، واستشهاد أخيه الأوسط (رضا) في المعارك التي دارت مع العصابات الصهيونية في جبال نابلس، واضطرار أخته الصغرى إلى النزوح مع زوجها السوري إلى أبعد نقطة حدودية في سوريا مع العراق، ثم وفاة أخيه الأكبر والمعيل لهم في حادث عمل قاسٍ، وعاش الشيخ في طفولته صوراً نادرة من الصبر والاحتساب، فنشأ على قدرٍ من الدين والحياء والتعفف والوقار، فكان تلميذاً نجيباً في مدرسة الصبر والعصامية والهدوء.
الحياة الاجتماعية:
كان الشيخ – حفظه الله- يحرص على التحلي بالأخلاق الحميدة التي يفتقدها بعض الشباب في مثل عمره آنذاك، مما لفت انتباه الشيخ/ عبد الله المعاني أحد كبار مشايخ نابلس في ذلك الوقت، فاصطفاه (عديلاً) له وقرّبه إليه بأن خطبه إلى أخت زوجته، فارتضته العروس لها زوجاً، وارتضاه أهلها لها، لما كان يتحلى به من دين وخلق، وحسن سيرة وسريرة، إلى جانب وجه وضّاء صبوح.
وقد أنجب الشيخ ثلاثة من الأولاد، وابنتين اثنتين، وأحد أولاده (محمد نور) استلم لجان التحفيظ في نابلس، فكأنه وَرِث هذا العلم عن أبيه.
اهتمامه بالقرآن الكريم وأحكام تلاوته:
انضم الشيخ إلى حلقةِ علمٍ لتدريس تجويد القرآن الكريم، حيث كان هو أصغر التلاميذ فيها، فقد كان في تلك الفترة تلميذاً نجيباً لا يأخذ كلَّ معلومة بالتسليم دون استفسار، كما كان حريصاً على كتابة كراسة جمع فيها كل شاردة وواردة تتعلق بهذا العلم الذي أحبه ووافق هواه، وانسجم مع تعلقه بالقرآن الكريم والمسجد، ومما يدل على ذلك أنه رأى ذات يوم رأياً بِحُكْمٍ في التجويد لكلمة من القرآن الكريم لا ينسجم ما يقوله شيخه فيها مع قاعدة تعلمها منه، وأصرّ الشيخ أن حُكْمَ هذه الكلمة مختلف عن القاعدة التي يُشير إليها الشاب الصغير، فلم يمنعه حياؤه أن يُصِرَّ على فهمه للحكم، بينما الشيخ لم يمنعه علمه من الإصرار على رأيه.
مؤلفاته وآثاره العلمية
كتاب(أحكام تجويد القرآن على رواية حفص بن سليمان):
كتاب(أحكام تجويد القرآن على رواية حفص بن سليمان):
بعد أن أتقن الشيخ أحكام التلاوة والتجويد ، وأصبح من الطلاب المميزين في هذا العلم والحمد لله ، لذلك فقد رأى فيه الكثير من أقرانه القدرة على أن يعقد جلسة لتعليم أحكام التلاوة والتجويد، وانطلق المعلم في التعليم مع انطلاق فكرة طباعة ما جمعه عن هذا العلم ، فنمقه في كراس مرتب وخط واضح وجميل، وأرسله إلى فضيلة الشيخ/ محمود الحصري في مصر ليعطيه رأيه فيما سمّاه (رسالة في أحكام تجويد القرآن على رواية حفص بن سليمان)، وما أسرع أن جاء الرد بتقريظٍ جميل أَذِن فيه بطباعته، وقد شجَّعه ذلك على طباعته، وما أسرع أن تهافت على كُتيّبه الدارسون والمتعطشون؛ لما فيه من شرحٍ مُبَسَّط وواضح وجدوه في الكتاب.
وقد صدرت الطبعة الأولى للكتاب في مصر عام 1953م، بينما كانت الطبعة الثانية في مطابع قطر الوطنية عام 1958م، والثالثة في السودان عام 1969م، حيث كان مقرراً على طلبة كلية الشريعة في جامعة أم درمان.
وتوالت بعد ذلك طبعات هذا الكتاب القيّم التي وصلت إلى(18) طبعة، واكبتها عمليات تنقيح وتبسيط لكل ما يصعب شرحه.
وقد لاقى هذا الكتاب استحساناً من العلماء الأفذاذ المتخصصين في هذا المجال وحصل على الثناء والتقريظ المناسبين له، لما كان فيه من حُسن جمعٍ وتصنيف وتنظيم وترتيب وعرض، من شأنه تيسير الإلمام بأحكام التلاوة والتجويد لمن يقتني هذا الكتاب ويدرسه، ومن هؤلاء العلماء الذين قرَّظوا الكتاب: فضيلة الشيخ / علي محمد الضباع شيخ المقارئ المصرية سنة 1373هـ وفق 1953م، وفضيلة الشيخ/ محمود خليل الحصري شيخ عموم المقارئ بجمهورية مصر العربية سنة 1383هـ وفق 1963م، وفضيلة الشيخ / محمد كريم راجح شيخ القرَّاء في الجمهورية العربية السورية سنة 1413هـ وفق 1992م.
الآثار العلمية والفكرية لكتابه:
اشتد إقبال الناس كباراً وصغاراً على تعلم القرآن الكريم وأحكام التجويد، وكانت قبلتهم لذلك العلم بعد نكسة 1967 هو المسجد الحنبلي الذي سعى له (عديله الشيخ عبد الله المعاني) ليتوظف فيه إماماً، وما لبث أن كان الكتيب بين أيدي الناس في بقاع واسعة من الأرض، بعد أن تم اعتماده مرجعاً دراسياً في عدد من الجامعات والمدارس العربية والمحلية، مثل: جامعة أم درمان في السودان وفي قطر، والكويت، ثم لاحقاً في جامعة النجاح الوطنية بنابلس، وفي مدارس ومعاهد فلسطين.
رفضه للمغريات المادية:
أوصل المهتمون من تلامذته كتابه في أحكام التلاوة والتجويد الشهير إلى المسؤولين في دول الخليج العربي، والذين أقروا تدريس الكتاب في المدارس هناك، وأُرسِل إليه عرض بالسفر إلى تلك الدول، غير أنه امتنع عن السفر لأمور عدة، منها: شيخوخة أمه، وحبه لتلامذته .
رسالة في الوعظ والإرشاد:
رسالة في الوعظ والإرشاد:
كتب الشيخ رسالة في الوعظ والإرشاد حيث كانت الطبعة الأولى سنة 1969م، جمع فيها موضوعات قيمة تهدف إلى الحث على عبادة الله سبحانه وتعالى والامتثال لأوامره واجتناب ما نهى عنه سبحانه وتعالى، كما تهدف إلى نشر الآداب والأخلاق الإسلامية الحميدة، وقد لاقت هذه الرسالة ثناءً وتقديراً وتقريظاً من بعض العلماء، منهم سماحة قاضي القضاة ورئيس الهيئة الإسلامية العليا بالقدس وقتئذ سماحة الشيخ/ حلمي المحتسب - رحمه الله -، وفضيلة الشيخ/ عكرمة سعيد صبري مدير الوعظ والإرشاد في الضفة الغربية وقتئذ، ونظراً لأهمية هذه الرسالة ومحتوياتها فقد حرصت وزارة التربية والتعليم على توزيعها في المدارس التابعة لها.
المهام والوظائف:
بدأ في تدريس علم التجويد في عدد من مساجد نابلس منذ عام 1950م.
عمل إماماً للمسجد الحنبلي في مدينة نابلس سنة 1968م.
دَرَّس التجويد في كلية الشريعة الإسلامية في مدينة "باقة الغربية" على مدار عشرين عاماً، وبقي كذلك حتى منعته سلطات الاحتلال الإسرائيلي من دخول هذه المدينة.
دَرَّس التجويد في كلية الشريعة في مدينة قلقيلية.
دَرَّس في المدرسة الثانوية الإسلامية بنابلس.
عقد العديد من الدورات التي اعتمدتها دائرة الأوقاف الإسلامية.
تم تعيينه – حفظه الله – مديراً لدائرة القرآن الكريم بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية في المحافظات الشمالية بنابلس سنة 1999م، بقرار من الرئيس الراحل/ ياسر عرفات – رحمه الله -، بناء على تنسيب منا لسيادته، وقد استمر في عمله مدرساً ومعلماً لأحكام التلاوة والتجويد وموجهاً لمدرسي القرآن الكريم رغم كبر سنه، حتى بعد بلوغه السن القانوني للتقاعد، حيث كان يتم التمديد له بناءً على تنسيب منا لسيادة الرئيس/ ياسر عرفات – رحمه الله-.
كان الشيخ عضواً في جميع لجان الامتحان الشفوي التي تعقدها وزارة الأوقاف والشؤون الدينية.
بدأ في تدريس علم التجويد في عدد من مساجد نابلس منذ عام 1950م.
عمل إماماً للمسجد الحنبلي في مدينة نابلس سنة 1968م.
دَرَّس التجويد في كلية الشريعة الإسلامية في مدينة "باقة الغربية" على مدار عشرين عاماً، وبقي كذلك حتى منعته سلطات الاحتلال الإسرائيلي من دخول هذه المدينة.
دَرَّس التجويد في كلية الشريعة في مدينة قلقيلية.
دَرَّس في المدرسة الثانوية الإسلامية بنابلس.
عقد العديد من الدورات التي اعتمدتها دائرة الأوقاف الإسلامية.
تم تعيينه – حفظه الله – مديراً لدائرة القرآن الكريم بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية في المحافظات الشمالية بنابلس سنة 1999م، بقرار من الرئيس الراحل/ ياسر عرفات – رحمه الله -، بناء على تنسيب منا لسيادته، وقد استمر في عمله مدرساً ومعلماً لأحكام التلاوة والتجويد وموجهاً لمدرسي القرآن الكريم رغم كبر سنه، حتى بعد بلوغه السن القانوني للتقاعد، حيث كان يتم التمديد له بناءً على تنسيب منا لسيادة الرئيس/ ياسر عرفات – رحمه الله-.
كان الشيخ عضواً في جميع لجان الامتحان الشفوي التي تعقدها وزارة الأوقاف والشؤون الدينية.
تلاميذه:
تمتع شيخنا – حفظه الله - بعلم مميز في تلاوة القرآن الكريم وتجويده حيث كان مُعلِّماً مميزاً؛ لذلك فقد حرص العديد من طلبة العلم على حضور حلقاته ودروسه؛ لينهلوا من علمه الغزير، ويستمعوا إلى تلاوته العطرة، ويتتلمذوا على يديه، حيث دَرَّس التلاوة وأحكام التجويد في العديد من المساجد، وقد قُرِّرَ تدريس كتابه (أحكام تجويد القرآن على رواية حفص بن سليمان) في كثير من المؤسسات التعليمية، مثل: جامعة أم درمان في السودان، وفي قطر، والكويت، والمملكة الأردنية الهاشمية، وجامعة النجاح الوطنية في نابلس، وفي العديد من مدارس ومعاهد فلسطين، فكان الكثير من طلبة هذه المؤسسات والجامعات والمعاهد والمدارس تلاميذ كتابه، كما تخرّج الكثير من الحفظة والمتقنين للتلاوة في دور القرآن الكريم حيث كان لهم شرف التَّتلمذ على يديه.
النشاط الدعوي:
نظراً لما يتمتع به الشيخ من علمٍ في مجال التلاوة والتجويد وتدريس أحكامها، فلم يقتصر علمه وتعليمه لهذا العلم في مساجد نابلس وحدها بوصفه إماماً ومعلماً، بل عقد مجالس علم في مناطق داخل فلسطين المحتلة عام 1948، وعمل مدرسًا في الكليات الشرعية والمؤسسات التعليمية في المحافظات الشمالية من بلادنا المباركة.
تأسيسه لإذاعة القرآن الكريم :
توَّج الشيخ جهوده المباركة في خدمة القرآن الكريم بإنشاء إذاعة للقرآن الكريم، ويسَّر الله الأمر فافتتحت الإذاعة عام (1418ه-1998م)، فبعد قدوم السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1994م، واعتماده رسمياً مديراً لدائرة القرآن الكريم في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بالمحافظات الشمالية، وصار بالإمكان تأسيس إذاعات بث محلية، أنشأ الشيخ بمجهود ذاتي وبرفقة الشيخ/ عبد الرحمن بانا إذاعة القرآن الكريم في مدينة نابلس سنة 1998م.
وشهدت الإذاعة تطوراً ملحوظاً في المساحة الجغرافية لالتقاط البث والبرامج التي تُقدم للمستمعين.
وقد قامت فكرة الشيخ ملحس "رحمه الله" على ألا تكون الإذاعة مشروعاً استثمارياً، بل أن يكون دخلها كافيا لتمويلها ونجحت الفكرة والحمد لله، حيث تغطي الإذاعة حاليا كل فلسطين ومعظم الأراضي الأردنية، وأجزاء من سورية ولبنان وسيناء، بل هناك من سمع بثها على شواطئ تركيا، كما أن لها موقعاً على الإنترنت يقدم خدمة البث المباشر لمن شاء في أية بقعة من العالم، إضافة إلى صفحتها على الفيسبوك.
وإضافة إلى التلاوات القرآنية لمختلف القرّاء يومياً ودروس التفسير، فإن الإذاعة تقدم برامج متعددة، منها ما هو مباشر للإجابة على أسئلة واستفسارات المستمعين، إضافة إلى برامج تربوية واجتماعية.
تكريم وزارة الأوقاف والشئون الدينية
للشيخ/ محمد سعيد ملحس - رحمه الله-
- قامت وزارة الأوقاف والشئون الدينية بتكريم فضيلة الشيخ/ محمد سعيد ملحس- رحمه الله- في الحفل الذي أقيم لتكريم حفظة القرآن الكريم في مدينة نابلس، حيث كان الشيخ – رحمه الله- واحداً من كوكبة العلماء الذين تم تكريمهم سنة 2000م.
كما قامت الوزارة بتكريمه مرة ثانية اعترافاً بفضله وجهوده – حفظه الله – في تأهيل حفظة كتاب الله المشاركين في المسابقات المحلية والدولية، وذلك في الحفل الذي أقامته الوزارة في مقر دائرة العمل النسائي بمدينة نابلس سنة 2005م، لتكريم الفائزات في حفظ القرآن الكريم، وخريجات دورات أحكام التلاوة والتجويد، وقد تشرفتُ بمنحه رتبة فخرية هي (مدير عام قرَّاء شمال فلسطين).
كما قامت الوزارة بتكريمه مرة ثانية اعترافاً بفضله وجهوده – حفظه الله – في تأهيل حفظة كتاب الله المشاركين في المسابقات المحلية والدولية، وذلك في الحفل الذي أقامته الوزارة في مقر دائرة العمل النسائي بمدينة نابلس سنة 2005م، لتكريم الفائزات في حفظ القرآن الكريم، وخريجات دورات أحكام التلاوة والتجويد، وقد تشرفتُ بمنحه رتبة فخرية هي (مدير عام قرَّاء شمال فلسطين).
- نظراً لمكانة الشيخ/ محمد سعيد ملحس – رحمه الله- العلمية والدينية، فقد حرصت وزارة الأوقاف على تكريمه مرة ثالثة في الحفل الذي أقامته الوزارة في مقر وزارة الأوقاف في العيزرية بالقدس بمشاركة الأستاذ/ أحمد قريع رئيس الوزراء وقتئذ، وذلك يوم الأربعاء 25/ ربيع أول/1426هـ وفق 4/5/2005م؛ لتكريم العلماء وحفظة القرآن الكريم والفائزين في مسابقة الأقصى المحلية في حفظ القرآن الكريم وتفسيره في القدس والمحافظات الشمالية، وقد شهده جمع غفير من العلماء والدعاة والقضاة والمسئولين وأساتذة الجامعات.
- تكريماً للشيخ وتقديراً لمكانته العلمية ونشاطه وعطائه وإخلاصه، فقد حرصتُ في كل عام رغم تقدم سنّه على مخاطبة الجهات المختصة للتجديد لفضيلته؛ كي يبقى على رأس عمله، لنستفيد من علمه وخبرته في تعليم أبناء شعبنا الفلسطيني أحكام القراءات والتلاوة والتجويد.
خاتمة
الحمد لله الذي وفقنا لهذا العمل، الذي نهدف من خلاله إلى تسليط الضوء على سيرة عَلَمٍ من أعلام القراءات والتجويد في وطننا الغالي فلسطين، إنه الأستاذ الشيخ/ محمد سعيد محمد علي محلس – حفظه الله-، ليكون نبراساً يَهتدي به أبناؤنا الأعزاء وطلبة العلم الفضلاء.
إنّ مِثْل هؤلاء العلماء لهم علينا حق التقدير والاقتداء.
v أليسوا هم حملة كتاب الله الكريم كما جاء في قوله سبحانه وتعالى:}إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا ٱلذِّكۡرَ وَإِنَّا لَهُۥلَحَٰفِظُونَ{(الحجر:9)، وقوله سبحانه وتعالى أيضاً: }إِنَّ ٱلَّذِينَ يَتۡلُونَ كِتَٰبَ ٱللَّهِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ سِرّٗا وَعَلَانِيَةٗ يَرۡجُونَ تِجَٰرَةٗ لَّن تَبُورَ { (فاطر:29).
v أليسوا هم أهل الله وخاصته.
i.أليسوا هم مشاعل النور والهداية.
ii.أليسوا هم حملة العلم وورثة الأنبياء.
i.أليسوا هم مشاعل النور والهداية.
ii.أليسوا هم حملة العلم وورثة الأنبياء.
لذلك فقد قمتُ بما استطعتُ نحو شيخ جليل من طرازٍ فريد من هؤلاء العلماء، أنجبته هذه الأرض المباركة والبلاد المقدسة فلسطين الحبيبة، ولا أدّعي أنّي أتيت بجديد، فهذا ما لم يخطر لي ببال، ولكنّي أَحْسَبُ أني نَبَّهْتُ بهذا العمل -الذي لم أُسْبَق إليه فيما أعلم- الباحثين من أبناء وطننا الغالي فلسطين إلى أهمية البحث والتنقيب عن سِيَرِ علمائنا الأجلاء الذين أنجبتهم بلادنا المبارك فلسطين – أرض العلم والعلماء-، والعمل على نشر سيرهم وأعمالهم ليكونوا قدوة صالحة للأجيال القادمة، وحتى يسير الخلف على منهج السلف في الجد والاجتهاد، فالله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
صحيفة المشرق :
http://mashreqnews.com/index.php?ajax=preview&id=69780
وجاء في تقرير للمركز الفلسطيني للإعلام ما نصّه :
نابلس - خاص بالمركز الفلسطيني للإعلام
بعد عقود طويلة قضاها في خدمة القرآن الكريم، والعلم، فاضت روحه إلى بارئها، عن شيخوخة صالحة قضاها في عمل الخير، وتعلم وعلّم فيها فنون تجويد وترتيل القرآن الكريم، إنه الشيخ العالم الجليل "محمد سعيد ملحس" شيخ التجويد في فلسطين.
شيخ التجويد ومؤسس إذاعة القرآن
وأعلنت إذاعة القرآن الكريم وفاة الشيخ الجليل محمد سعيد ملحس (90 عاما)، ظهر اليوم الجمعة، وقالت إنه مؤسس الإذاعة التي تبث من نابلس منذ العام 1998، وعدّت وفاته خسارة لكل من تتلمذ على يديه وعلى كتبه.
وأعلنت إذاعة القرآن الكريم وفاة الشيخ الجليل محمد سعيد ملحس (90 عاما)، ظهر اليوم الجمعة، وقالت إنه مؤسس الإذاعة التي تبث من نابلس منذ العام 1998، وعدّت وفاته خسارة لكل من تتلمذ على يديه وعلى كتبه.
وقال نجله نور الدين ملحس، إنه فخور بالتراث الذي خلفه والده للأجيال القادمة، كما أنه فخور عندما يلتقي بشاب ويبلغه أنه تتلمذ هو ووالده أيضا على يد والده الشيخ.
ويضيف أنه تعلم حب القرآن وعلوم التجويد والترتيل من والده منذ صغره، وكان يلمس مدى تمسك والده بنشر هذا العلم، رغم كبر سنه وهرمه.
أما جعفر الخياط مدير العلاقات العامة في إذاعة القرآن فيقول لمراسلنا، إن لشيخ التجويد في فلسطين فضلًا لا يتوقف عند حد إنشاء إذاعة القرآن التي تحظى بمتابعة في كل أنحاء فلسطين ودول الجوار، كما أنها تتابع عبر الانترنت من كافة أنحاء العالم.
العطاء الكبير
ونعى الشيخ أحمد شوباش مفتي محافظة نابلس، المرحومَ، ووصفه بأنه العالم الجليل بقراءة حفص ويستحق لقب شيخ فلسطين بعلم التجويد؛ كون عشرات آلاف المواطنين تتلمذوا على دروسه مباشرة، أو عبر من تتلمذ على يديه، وأصبح مدرسا للتجويد، وإن فضله سيبقى طالما تناقل المدرسون علمه وكتبه.
ونعى الشيخ أحمد شوباش مفتي محافظة نابلس، المرحومَ، ووصفه بأنه العالم الجليل بقراءة حفص ويستحق لقب شيخ فلسطين بعلم التجويد؛ كون عشرات آلاف المواطنين تتلمذوا على دروسه مباشرة، أو عبر من تتلمذ على يديه، وأصبح مدرسا للتجويد، وإن فضله سيبقى طالما تناقل المدرسون علمه وكتبه.
أما الشيخ أحمد شرف، المحاضر بكلية الشريعة في جامعة النجاح فيفتخر بأنه تتلمذ على يد الشيخ ملحس، مقدما كل معاني الشكر والتقدير لجهوده التي لم تتوقف إلا في الأسابيع الأخيرة خلال مرضه الشديد وعدم مقدرته على التحدث، مفنيًا كل حياته في خدمة علوم القرآن الكريم.
وقال إن خطباء المساجد بمدينة نابلس وضواحيها سيرْثون الشيخ خلال خطب الجمعة اليوم.
حياة الراحل
وقال الباحث سري سمور إن أسرة ملحس كانت قبل نكبة 1948 تتنقل ما بين مدينة حيفا الساحلية ومدينة نابلس بحكم عملها في التجارة، وفي حيفا (تحديدا في مدرسة السباعي) درس المرحلة الابتدائية، وبدأت تظهر عليه علامات النبوغ والذكاء، وما يزال يحتفظ بمصحف حصل عليه كهدية لتفوقه من تلك المدرسة.
وقال الباحث سري سمور إن أسرة ملحس كانت قبل نكبة 1948 تتنقل ما بين مدينة حيفا الساحلية ومدينة نابلس بحكم عملها في التجارة، وفي حيفا (تحديدا في مدرسة السباعي) درس المرحلة الابتدائية، وبدأت تظهر عليه علامات النبوغ والذكاء، وما يزال يحتفظ بمصحف حصل عليه كهدية لتفوقه من تلك المدرسة.
وأضاف أنه خلال فترة النكبة تعرضت أسرة الشيخ محمد سعيد ملحس (أبو أسامة) للمصاب الجلل؛ فقد استشهد أحد إخوته، وخسرت الأسرة كثيرا من أموالها وممتلكاتها، وعادت للاستقرار في مدينة نابلس، فلم يكمل تعليمه المدرسي، ومع ذلك ظل جميل الخط، متين اللغة حتى وفاته.
وفي نابلس عمل الشيخ ملحس بأجر ضئيل في بقالة، وعرف عنه الأمانة والتدين والحياء، وتعلم العصامية، والاعتماد على الذات منذ نعومة أظفاره، وكانت البقالة ملاصقة للمسجد الصلاحي الكبير، فكان الشيخ لا يفوّت فرضا في المسجد، والتزم بحضور دروس التجويد في ذلك المسجد، كما روى سمور.
ولما عرف عنه من التزام وحياء وانضباط وجدية نادرة في شبابٍ في مثل سنه آنذاك، فقد قرَّبه أحد شيوخ نابلس الكبار (المعاني) إليه وخطب له شقيقة زوجته، وقد رضيت الفتاة وأهلها باقتراح الشيخ لما رأوا أن العريس العتيد يجمع ما بين حسن الخلق وجمال الخلقة.
وعدّ سمور أن التحول الكبير في علاقة الشيخ محمد بعلم التجويد كان إثر حدث غير متوقع؛ فالشيخ الراحل في حلقة الدرس في المسجد الصلاحي كان يدوّن كل صغيرة وكبيرة ويسأل كثيرا، وهو ما لم يعهد في ذلك الزمان وتلك الدروس، خاصة أنه التلميذ الأصغر، فبدأ شيخه يتضايق منه؛ لأنه يراه لا يلتزم بأصول الأخذ المألوفة.
ونقل سمور حادثة وقعت بين الشيخ ملحس وشيخه؛ حيث عارض الشيخ ملحس شيخه ومعلمه في المسجد في مسألة حكم تجويد آية بناء على قاعدة درّسها الشيخ للتلاميذ ومنهم محمد ملحس، فبين ملحس لشيخه أن الحكم لا ينطبق مع القاعدة، وهنا رفض شيخه التصحيح من التلميذ باستهزاء مع غضب شديد، ودون تثبت، فكان أن خرج الشيخ ملحس من مسجده ومن حيه، وذهب للصلاة في مسجد آخر ومشاعر الحزن الشديد تكتنفه جرّاء ذلك الموقف.
إمام مسجد
درّس الشيخ علم التجويد في المسجد الحنبلي بمدينة نابلس حيث عمل إماما، وكذلك ليلا في المعهد الديني الإسلامي في ذات المدينة بضع سنين، ثم توجه إلى باقة الغربية إحدى المدن العربية الفلسطينية داخل ما يعرف بـ(الخط الأخضر)؛ حيث خصص يوما في الأسبوع لتدريس أحكام التجويد في مكان أصبح لاحقا كلية علوم شرعية إسلامية قائمة بذاتها.
درّس الشيخ هناك ثلاثة أجيال على مدى عقدين (الجد-الابن-الحفيد)؛ لكن سياسة الإغلاقات والفصل بين المناطق التي انتهجتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي أجبرته على التوقف عن التدريس هناك.
استمر الشيخ في سعيه لخدمة دين الله والكتاب العزيز وفق تطور الزمن والعصر، فبعد قدوم السلطة الفلسطينية، واعتماده رسميا مديرا عاما لقراء شمال فلسطين من وكيل وزارة الأوقاف السابق، الشيخ يوسف جمعة سلامة، وصار بالإمكان تأسيس إذاعات بث محلية، أنشأ الشيخ بمجهود ذاتي، وبرفقة الشيخ محمد بانا، إذاعة القرآن الكريم في مدينة نابلس سنة 1998م.
المركز الفلسطيني للإعلام :
http://soo.gd/cXng
وجاء في موقع أمامة ما نصّه :
قصة حياة لخير ينفع وعلم ينتشر
محمد سعيد ملحس.. عاش للقرآن فأثمر غرسه الطيب
نابلس -أمامة 26-8-2016 4:04 PM
قبل نكبة 1948 كانت أسرته تنتقل ما بين مدينة حيفا الساحلية ومدينة نابلس بحكم عملها في التجارة، وفي حيفا (تحديدا في مدرسة السباعي) درس المرحلة الابتدائية وبدأت تظهر عليه علامات النبوغ والذكاء، وما زال يحتفظ بمصحف حصل عليه كهدية لتفوقه من تلك المدرسة.
لكن النكبة وما ألحقته من دمار وتشريد لعموم الشعب الفلسطيني أصابت أسرة الشيخ محمد سعيد ملحس (أبو أسامة) فاستشهد أحد إخوته وخسرت الأسرة كثيرا من أموالها وممتلكاتها وعادت للاستقرار في مدينة نابلس، فلم يكمل تعليمه المدرسي، ومع ذلك ظل جميل الخط، متين اللغة حتى اليوم.
في نابلس عمل الشيخ ملحس بأجر ضئيل في بقالة، وعرف عنه الأمانة والتدين والحياء، وتعلم العصامية والاعتماد على الذات منذ نعومة أظفاره، وكانت البقالة ملاصقة للمسجد الصلاحي الكبير، فكان الشيخ لا يفوت فرضا في المسجد، والتزم بحضور دروس التجويد في ذلك المسجد.
ولما عرف عنه من التزام وحياء وانضباط وجدية نادرة في شباب في مثل سنه آنذاك، فقد قرَّبه أحد شيوخ نابلس الكبار (المعاني) إليه وخطب له شقيقة زوجته، وقد رضيت الفتاة وأهلها باقتراح الشيخ لما رأوا أن العريس العتيد يجمع ما بين حسن الخلق وجمال الخلقة.
شيخ نفسه
بيد أن التحول الكبير في علاقة الشيخ محمد بعلم التجويد كان إثر حدث غير متوقع؛ فالشيخ في حلقة الدرس في المسجد الصلاحي كان يدوّن كل صغيرة وكبيرة ويسأل كثيرا، وهو ما لم يعهد في ذلك الزمان وتلك الدروس، خاصة أنه التلميذ الأصغر، فبدأ شيخه يتضايق منه؛ لأنه يراه لا يلتزم بأصول الأخذ المألوفة.
وحدث أن عارض الشيخ ملحس شيخه ومعلمه في المسجد في مسألة حكم تجويد آية بناء على قاعدة درّسها الشيخ للتلاميذ ومنهم محمد ملحس، فبين ملحس لشيخه أن الحكم لا ينطبق مع القاعدة، وهنا رفض شيخه التصحيح من التلميذ باستهزاء مع غضب شديد، ودون تثبت، فكان أن خرج الشيخ ملحس من مسجده ومن حيه وذهب للصلاة في مسجد آخر ومشاعر الحزن الشديد تكتنفه جرّاء ذلك الموقف.
كان من عادة الشيخ المعروفة أنه لا يترك أي قصاصة ورق مكتوبة بالعربية مرمية على الأرض إلا ورفعها حرصا وورعا منه مخافة أن تحوي لفظ الجلالة أو شيئا من القرآن؛ وفي ذلك اليوم، ورغم حزنه، إلا أنه لم يتخل عن عادته، فرأى قصاصة من كتاب وإذ بها نص يثبت أن رأيه هو الصواب في الخلاف بينه وبين شيخه.
كتب "ملحس" رسالة إلى شيخ المقارئ المصرية في ذلك الوقت (محمود الحصري) عن تلك المسألة ومسائل أخرى، فرد الحصري بتأييد موقفه وشجعه على الاستمرار في تعلم التجويد، فانكب التلميذ الذكي على هذا العلم وصار شيخ نفسه وتمكَّن من هذا العلم أيّما تمكن، فألزمه المعنيون أن يجلس معلما للتجويد في ذات المسجد الذي خرج منه حزينا شبه مطرود.
18 طبعة
رواية حفص بن سليمان هي ما اختص وتبحر وأبدع فيه الشيخ محمد سعيد ملحس وقد دوّن ملاحظاته في علم التجويد وفق هذه القراءة، فخطر له أن يطبع ما جمع في كتاب، فأرسل مخطوطه إلى الشيخ الحصري، فما كان من الأخير إلا أن قرظه تقريظا جميلا وأذن بطباعته للمرة الأولى سنة 1950م وتدريسه لما حواه من شرح مبسط لكل من أراد تعلم التجويد.
وجاءت الطبعة الثانية في دولة قطر سنة 1958م بعدما شاع ذكر الكتاب في الآفاق فطبع وشرع بتدريسه في مدارس دولة قطر، بل وجاء للشيخ محمد عرض مغر للعمل في قطر لتعليم التجويد، من خلال القيادي المعروف حاليا (رفيق النتشة-أبو شاكر) والذي كان وقتها مديرا لمكتب وزير المعارف القطري (الشيخ قاسم بن حمد)؛ لكنه اعتذر عن العرض لأسباب مختلفة، أهمها برّه بوالدته التي لم يبق بقربها من أولادها إلا هو.توالت طبعات الكتاب الذي صار معتمدا لدى المؤسسات الرسمية وغير الرسمية ولدى الأفراد الراغبين بتعلم التجويد، وإضافة إلى ما طبع في مصر وقطر فقد طبع في السودان سنة 1969م حيث درسه طلبة كلية الشريعة في جامعة أم درمان، وحتى الآن طبع منه 18 طبعة، لا تخلو كل طبعة جديدة من زيادة وتنقيح لمقتضى التعليم الميسر للتجويد.
حمل الكتاب عنوان "أحكام تجويد القرآن على رواية حفص بن سليمان"، ومع أنه اعتمد في كثير من الجامعات والمعاهد والمدارس ودور تحفيظ وتعليم القرآن الكريم رسميًا في فلسطين وخارجها، إلا أن الشيخ رفض المقابل المادي واكتفى بأن تتحمل كل دولة أو جامعة نفقات طباعته، وقد وافقت الأوقاف على منح شهادات لمن يجتاز اختبارات التجويد بناء على فكرة الشيخ ملحس الذي اعتمد رئيسا للجنة التجويد في أوقاف نابلس.
علم ينتشر
درّس الشيخ علم التجويد في المسجد الحنبلي بمدينة نابلس حيث عمل إماما، وكذلك ليلا في المعهد الديني الإسلامي في ذات المدينة بضع سنين، ثم توجه إلى باقة الغربية إحدى المدن العربية الفلسطينية داخل ما يعرف بـ(الخط الأخضر)؛ حيث خصص يوما في الأسبوع لتدريس أحكام التجويد في مكان أصبح لاحقا كلية علوم شرعية إسلامية قائمة بذاتها.
درّس الشيخ هناك ثلاثة أجيال على مدى عقدين (الجد-الابن-الحفيد)؛ لكن سياسة الإغلاقات والفصل بين المناطق التي انتهجتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي أجبرته على التوقف عن التدريس هناك.
وقد درّس ملحس- أيضا- في كلية الشريعة بمدينة قلقيلية، وتتلمذ على يديه من صاروا معلمين لأحكام التجويد في المساجد أو دور التحفيظ أو المدارس والمعاهد الرسمية أو الأهلية.
إذاعة القرآن
استمر الشيخ في سعيه لخدمة دين الله والكتاب العزيز وفق تطور الزمن والعصر، فبعد قدوم السلطة الفلسطينية، واعتماده رسميا مديرا عاما لقراء شمال فلسطين من وكيل وزارة الأوقاف الفلسطينية السابق، الشيخ يوسف جمعة سلامة، وصار بالإمكان تأسيس إذاعات بث محلية، أنشأ الشيخ بمجهود ذاتي، وبرفقة الشيخ محمد بانا، إذاعة القرآن الكريم في مدينة نابلس سنة 1998م.
وشهدت الإذاعة تطورا ملحوظا في المساحة الجغرافية لالتقاط البث والبرامج التي تقدم للمستمعين.
فكرة الشيخ ملحس قامت على ألا تكون الإذاعة مشروعا استثماريا، بل أن يكون دخلها كافيا لتمويلها، ونجحت الفكرة، حيث تغطي الإذاعة حاليا كل فلسطين ومعظم الأردن، وأجزاء من سورية ولبنان وسيناء، بل هناك من سمع بثها على شواطئ تركيا، كما أن لها موقعا على الإنترنت يقدم خدمة البث المباشر لمن شاء في أي بقعة من العالم، إضافة إلى صفحتها على فيسبوك.
وإضافة إلى التلاوات القرآنية لمختلف القرّاء يوميا ودروس التفسير، تقدم الإذاعة برامج أخرى، منها ما هو مباشر للإجابة على أسئلة المستمعين الذي يتصلون بمتخصص في الفتوى، إضافة إلى برامج تربوية واجتماعية.
وعن الإذاعة ورسالتها تحدث الأستاذ أسامة ملحس، نجل الشيخ محمد الأكبر ورئيس قسم البرامج قائلا: "احتفلنا قبل مدة بالذكرى الـ19 لتأسيس وإنشاء الإذاعة، وهي تضم 13 عاملا وموظفا وفنيا، ونسأل الله- تعالى- أن يكون كل جهد في الإذاعة خالصا لله وأن تستمر على ما أنشئت عليه".
وأضاف: "رسالة الإذاعة دعوية لخدمة دين الله والمسلمين بما لا يكون حزبيا أو فصائليا".وعن سبب نجاح الإذاعة الملحوظ والمتواصل يقول أسامة، "إنه توفيق من الله تعالى، ثم لأن الإذاعة تتجنب وتبتعد عن الخلافات، وذلك حتى في مسائل الإفتاء في القضايا الفقهية المختلف عليها".
حياة القرآن
أنجب الشيخ ثلاثة من الأولاد، وابنتين اثنتين، وأحد أولاده (محمد نور) استلم لجان التحفيظ في نابلس.
ورغم تقدم العمر بالشيخ أبو أسامة، إلا أنه ما زال يؤدي الصلاة واقفا دون جلوس، وما زال يتلو القرآن الكريم ملتزما بأحكام التجويد، مع أن الضعف والوهن أصاب فيما أصاب حنجرته ونبرات صوته، مثلما أصاب سائر جسده.
كل من تعلم التجويد من الشيخ مباشرة، أو من خلال كتابه أو ممن تتلمذ على يديه أو من يتابع إذاعة القرآن الكريم، يدعو الله أن يحفظه وأن يثبته ويحسن خاتمته.
موقع أمامة :
http://www.omamh.com/site/pages/details.aspx?itemid=63672
http://www.omamh.com/site/pages/details.aspx?itemid=63672
بارك الله فيكم أن جمعتم هذه المواد المتعلقة بالفقيد .. فكان اهتمامكم عزاءً لنا وتسرية عن نفوسنا .. فأبدل همّنا وما نشعر به من الفقد فرحةً وراحة ... جزاكم الله خيرا ..
ردحذفوكم أشعر بالفخر لانتمائي الى المساعيد وانتسابي اليهم.
الأخ العزيز الأستاذ أسامة محمد سعيد ملحس المسعودي
ردحذفرحم الله الفقيد وغفر له وأدخله فسيح جنانه ، ولكم من بعده خالص العزاء والمواساة