الأستاذ سلمان المسعودي
ذكر الأستاذ عبد المُعين بن مبيريك المسعودي عام 1420 هــ قصّة رجلٍ كهلٍ قد نزلت حواجبه الكثّة البيضاء على عينه فلم يعد يُبصر جيّداً ، وكان قد قارب المئة عام من العمر ، وكان جاراً لهم في بلدة الجعرانة ، فقد سأل الشيخ الكهل واسمه صنيدح الأستاذ عبد المُعين قائلاً له من أيِّ القبائل أنت ؟ فقال : أنا من المساعيد من هذيل ، فقال له : هل بقي من القمعة أحد ؟! فقال له الاستاذ عبد المعين : بقي منهم الكثير وفيهم الخير إن شاء الله ، فقال صنيدح : أقترب مني أخبرك بخبري أنا وبعض ربعي : فوالله إنّي لأصغر القوم سِنّا حين غزينا ديار بني مسعود ، ولم أبلغ حينها الخامسة عشر من عمري .
وكان قد أهلكنا الجوع والفاقة ، فغزينا ديار بني مسعود من جهة الحرّة في ( راس حزمران ) المُشرف على وادي حورة فوجدنا البنات والأطفال عند الغنم والإبل في حرّة بني مسعود فأخذناهم بالترهيب والضرب حتى لا يصرخن وينكشف أمر الغارة ، واستقنا الإبل والغنم نحو ديارنا وقطعنا وادي مرّ مع موضع الرايغة حتى طرف حماة وحدث أن لحقتنا الفزوع ، وإذا به رجلٌ واحدٌ فاشتبكنا معه ، وقد استهنّا في البداية بفزعة رجلٍ واحدٍ لكن استمرّت الاشتباكات بالأسلحة والمطاردة حتى خيم اللَّيل على الديرة وتقطع الحلال بيننا وبين الفزّاع ، ورجع مُعظمه إلى دياره ، وكانت آخر طلقة من بندقية ذلك الفزّاع تجاه شيخنا ، وهو رجلٌ يُقال له دريميح ، وبلغ من سخريته بالفزّاع أن قال له : والله إنَّ رصاصك هذا أبرد من كفِّ أمّك ! فردَّ عليه الفزاع : والله إنّها في لحمك إن شاء الله ، ثمَّ حلَّ الظلام وانتهت المعركة ، وكان القوم قد فازوا برأسٍ أو رأسين من الغنم ، ولم يغنموا كلّ ما كانوا يرجونه ، ثمَّ قفلوا راجعين نحو ديارهم ، وفي الطريق أكلوا واحدةً من الغنم وتسامروا ، وفي الصباح لم يستطع دريميح شيخ القوم النهوض ، وحمله قومه مُصاباً إصابةً بليغةً إثر طلقةٍ إصابته بين ظهره ورقبته ، ولم يشعر بها أثناء حرارة المُواجهة ، وظلت الرصاصة عالقةً في جسده طيلة حياته إلى أن توفّاه الله .
وإنّي لأذكر القصّة وشجاعة ذلك الفزّاع ، ثمَّ عرفنا لاحقاً أنَّ ذلك الفارس الذي أهلكنا بالمُطاردة والرصاص وأصاب شيخنا وردَّ معظم ما اخذناه هو جبير القمع .
قلت : الكاتب حفيد الشيخ جبير القمع فهو سلمان بن علي بن سلمان بن جبير بن جبر بن طويلع الغيّاضي المسعودي الهُذَلِيّ .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق