تهتم هذه المدونة وتعنى بأنساب وتاريخ وأعراف وتقاليد وأخبار وأعلام وشؤون قبائل المساعيد

الأربعاء، سبتمبر 02، 2009

مقتل الأمير عبد القادر المسعودي عام 1125 هــ في البلقاء


في عام 1125 هــ شن الوالي التركي في دمشق نصوح باشا بن عثمان أغلي حملة شعواء على بلاد الأردن وفلسطين نكل فيها بالأهالي وفعل بهم ما لم يفعله إلا أعداء الأمة إبان الحروب الصليبية والمغولية ، قال الشيخ شمس الدين محمد بن محمد بن شرف الدين الخليلي ( ت 1147 هــ 1734 م ) في ذكر أعمال إبن عثمان أغلي : " ... فإنه نهب الأموال والبلاد وأخذ النساء والأولاد وكانت الحرائر بنات الأمراء تباع في الأسواق وبنات الأشراف كذلك فإنه ركب على الكرك وخرب قلعتها وقتل أهلها جميعا لم يبق منهم إلا القليل وأخذ السبايا مثل سبايا النصارى " وقال : " أخذ نساء جبل نابلس وكن يزدن على خمسمائة امرأة "
وقال : " ونهب المساعيد مالا وولدا ونساءا ولم يسلم إلا الرجل القوي هرب بنفسه وصاروا عبرة للمعتبر في البلاد وقتل أميرهم عبد القادر وكان إذا نزل ببلاد ثم سافر تنتشر جماعته مقدار ثلاث ساعات فجميع من يلقونه يأخذونه من مال ورجال ونساء وبنات وأولاد ، إن كان طائعا وإن عاصيا ، إن ظالما أو مظلوما ، إن عابدا أو زاهدا ، لا يعفون عمن دب ودرج ، هذه سيرته في البلاد والعباد ونهب البلقاء جميعا أموالها وأولادها ونسائها وجمع جميع أولاد البلاد الشامية من حلب إلى الحجاز وكان يعمل في الحجاز شيئا لا يرضي الله ولا رسوله ، ثم لم يزل في الطغيان والفساد والنهب والقتل في العباد "
وقال : " وكان في الحج الشريف سنة خمس وعشرين وماية وألف فتنبه له ملك الزمان أعزه الديان ونصره الرحمن هو جناب السلطان احمد بن محمد خان من آل عثمان فكتب الأوامر بقتله وإراحة المسلمين من شره وعين عليه عدة وزراء وباشاوات " قال : " فمكثوا ينتظرونه لما يقدم من الحج " قال : " .... فأدركته العساكر في غابة السيد علي بن عليل وقتلوه بها شر قتلة " قال : " كانت الدنيا في غاية الفساد منه ومن جماعته واتباعه وعساكره حتى أنه لما ركب على المساعيد ونهبهم وقتلهم واخذ نساءهم نزل أريحا ثلاثة أيام حصل له النهب ولجماعته وأينما مر من سائر الجهات واللصوص تابعين له ينهبون من جماعته حتى أنه لما توجه للرملة من القدس قتل من جماعته نحو ثلاثين رجلا ولم يسال عنهم لفساد حاله وحال اتباعه وجماعته " ( تاريخ القدس والخليل ، تأليف الشيخ شمس الدين محمد بن محمد بن شرف الدين الخليلي ، تحقيق الدكتور محمد عدنان البخيت و الدكتور نوفان رجا السوارية ، مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي ، لندن ، 1425 هــ 2004 م ، ص 199 و200 و 201 و202 و 203 )
قلت : لقد ارتكب هذا الوالي الظالم مذابح يندى لها الجبين تجاه بلاد الأردن وفلسطين وفعل ما لم يفعله إلا التتار والغريب أن الشيخ الخليلي الذي بين شيئا من هذه المظالم حينما ذكر ما يتعلق بقبيلة المساعيد قال : " ... ونهب المساعيد مالا وولدا ونساءا ولم يسلم إلا الرجل القوي هرب بنفسه وصاروا عبرة للمعتبر في البلاد وقتل أميرهم عبد القادر " وهذا يفيدنا بأمرين هما :
1ــ تحامل المؤرخين على القبائل العربية فهو هنا يظهر شيئا من الشماتة حينما يقول ( صاروا عبرة للمعتبر ) رغم أن القبائل لا تقتل طفلا ولا امرأة ولا تفعل ما فعله هذا الوالي الطاغية فالمؤرخ يرى في أعمال هذا الوالي تجاه القرى والمدن والأرياف ظلما وفسادا وحينما تعلق الأمر بقبيلة عربية أبدى شيئا من الرضى لأن هذه القبيلة أصبحت عبرة للمعتبر ، وهذا حال بعض مؤرخي الدولة ممن يتحاملون على قبائل العرب ففي عام 839 هــ أرسل الشريف أبو زهير بركات بن حسن بعثا إلى بعض بطون حرب حول عسفان وكان هذا البعث أخاه الشريف علي بن حسن بن عجلان وسار معهم الأمير أرنبغا وصحته عشرون مملوكا فلما نزلوا عسفان وجدوا خمسة رجال وامرأة حامل فقتلوا الرجال وقتلوا المرأة وما في بطنها واستاقوا الإبل التي وجدوها وعادوا وفي طريق عودتهم كمن لهم أهل المنطقة من بني حرب فقتلوا منهم أربعين رجلا من أهل مكة ومن المماليك ثمانية رجال وجرح الكثيرون ، قال عبد الملك العصامي وهو المؤرخ الذي أورد الخبر تعليقا على ما أصاب بعث الشريف : " إنا لله وإنا إليه راجعون " قال الشيخ عاتق بن غيث البلادي معلقا على هذا : " عندما قتل جماعة أرنبغا المرأة الحامل ومن في بطنها أيضا لم يقل أحد إنا لله وإنا إليه راجعون ! " ( نسب حرب ، ص 112 وحاشيتها )
2ــ انه كان لقبيلة المساعيد وطأة وشوكة تتبين لنا من نص المؤرخ ( صاروا عبرة للمعتبر ) فهذا لا يقال إلا تجاه قبيلة لها شوكة ووطأة لم تطب للمؤرخ قلت : يبدوا أن المساعيد بعد إن استقفاقوا من هذه الهجمة أخذوا يتتبعون جيش نصوح يقتلون منهم يدل على هذا قول المؤرخ ( لما ركب على المساعيد ونهبهم وقتلهم واخذ نساءهم نزل أريحا ثلاثة أيام حصل له النهب ولجماعته وأينما مر من سائر الجهات واللصوص تابعين له ينهبون من جماعته حتى أنه لما توجه للرملة من القدس قتل من جماعته نحو ثلاثين رجلا ولم يسال عنهم لفساد حاله وحال اتباعه وجماعته ) وقول المؤرخ أن الذين كانوا يهاجمونه هم لصوص قول مردود فهل كان يجرؤ اللصوص على مهاجمة قائد عسكري ؟ بل هاجمه أولياء النساء الذين سباهن وحصل له هذا الهجوم بعد نهبه للمساعيد كما نص عليه هو نفسه .وقد أورد هذا الخبر محمد بن جمعة المقار في كتابه الباشات والقضاة في دمشق ص 54 في ذكر حوادث سنة 1125 هــ 1713 / 1714 م : " وفيها ركب نصوح باشا على عرب المسعودي فقتل ونهب وأخذ أموالهم وأولادهم ونساءهم .... " ( تاريخ القدس والخليل ، ص 279 ــ 280 ) كما أورده إبن كنان فقد ذكر أن نصوح باشا قاتل أهالي البلقاء من عرب المسعودي المستقرين ( قافلة الحج الشامي ، مأمون أصلان بني يونس ، ص 49 )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق