تهتم هذه المدونة وتعنى بأنساب وتاريخ وأعراف وتقاليد وأخبار وأعلام وشؤون قبائل المساعيد

الخميس، أكتوبر 15، 2009

الدهينات وبلاد المساعيد في البدع في شمالي الحجاز

كانت ديار المساعيد وأراضيهم في منطقة البدع في شمالي الحجاز مطمعا لقبائل الحويطات المجاورة لهم وقد كان آخر نزاع حدث حول هذه الديار قد بدأ في بداية عهد الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله تعالى حوالي سنة 1385هــ وقد جاءت بعض الإشارات إلى هذا النزاع في حديث الدكتورة موضي بنت منصور بن عبد العزيز عن هجرة البدع حيث قالت : " حين أصيبت منطقة وادي السرحان جهة القريات ومنطقة تبوك والساحل بجفاف استمر سنوات متتابعة بدأت الدولة إنجاز ما سمى باسم مشروع إنعاش البادية " ( الهجر ونتائجها في عصر الملك عبد العزيز ، ص 168 )
وقد أدى مشروع الدولة هذا إلى نزاع استمر لسنين عديدة بين قبيلة المساعيد وقبيلة العميرات ، قالت الدكتورة موضي بنت منصور بن عبد العزيز في ذكر مشروع إنعاش البادية : " أدى ذلك إلى تسابق البادية إلى حيازة الأرض الزراعية وحفر الآبار للزراعة والاستفادة من مشروع الدولة ومحاولة الالتجاء إلى هجرة البدع والمشاركة في الحياة المستقرة فيها ونتج عن ذلك نزاع بين عشيرتي المساعيد والعميرات " ( الهجر ونتائجها في عصر الملك عبد العزيز ، ص 168 ) وقد دار النزاع على منطقة الديسة في البدع ، قالت الدكتورة موضي بنت منصور بن عبد العزيز : " شكلت لجنة تكونت من فضيلة رئيس محكمة تبوك ومندوب عن وزارة الداخلية والمحقق الشرعي عن ديوان المظالم ومندوب عن الشؤون الزراعية بمنطقة تبوك وقررت هذه اللجنة منح المساعيد الأرض وتوزيعها على الراغبين في الزراعة منهم أي أن اللجنة رجحت المساعيد كملاك لتلك الأرض وأن يختار للعميرات محل ملائم بجانب وادي عفال غربا " ( الهجر ونتائجها في عصر الملك عبد العزيز ، ص 168 ) وقد رفعت إمارة تبوك تقريرا بذلك إلى وزارة الداخلية في شهر صفر عام 1370هــ 1970م ( الهجر ونتائجها في عصر الملك عبد العزيز ، ص 168 )
وبهذا فان قبيلة المساعيد كسبت القضية مثار النزاع وتم لهم وضع أيديهم على منطقة الديسة في البدع أما العميرات فقد أختيرت لهم منطقة من ديارهم في وادي عفال ليتم توزيعها عليهم وكانت بداية الخلاف قد بدأت قبل ذلك بسنين طويلة جدا ذلك أنه عندما بدأت الدولة السعودية المباشرة في مشروع إنعاش البادية كانت البدع من بين المناطق التي تم اختيارها لهذا المشروع فأدعى العميرات أنهم شركاء للمساعيد في منطقة الديسة في البدع وهو الأمر الذي نفاه المساعيد ورفضوه بشدة وقد آزر العميرات في دعواهم هذه قبيلتهم الحويطات فقدم المساعيد عدة شكاوى إلى إمارة تبوك التي قامت بإرسال لجنة تلو أخرى لدراسة النزاع غير أن هذه اللجان التي كان يتم إرسالها لم تحقق شيئا للبت في هذا النزاع وكان هذا يصب لصالح قبيلة العميرات وكانت بداية النزاع حوالي عام 1384هــ فلما أيقن المساعيد أن اللجان التي جاءت يتلوا بعضها بعضا لم تنصفهم قرر الشيخ سالم الدهينة المسعودي رحمه الله تعالى اللجوء إلى ابن عمه الشيخ مقعد بن سعود الدهينة شيخ مساعيد عتيبة ليسير معه إلى الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود كي يقدم إليه شكوى قبيلة المساعيد بعد أن لم يجدوا الأنصاف من اللجان السابقة وقد سار الشيخ سالم الدهينة المسعودي إلى الشيخ مقعد الدهينة لعرض الأمر عليه والسعي لمقابلة الملك فيصل وكان رفيق الشيخ سالم في رحلته هذه الشيخ حسين بن عيد بن مسلم المسعودي رحمه الله تعالى الذي حدثني بتفاصيل هذا الخبر فقال : في عام 1384هــ كنت من رجال خفر السواحل في جدة ولما حدث النزاع بين المساعيد والعميرات تقدم المساعيد بعدة شكاوى إلى إمارة تبوك التي أرسلت عدة لجان لجنة تلو أخرى دونما أن تحقق شيئا في البت في النزاع القائم بين المساعيد والعميرات وعندها قرر الشيخ سالم الدهينة المسعودي أن يتوجه إلى الشيخ مقعد الدهينة المسعودي وكان حينذاك في الطائف لكي يذهب معه إلى الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله تعالى كي يقدم إليه شكوى بخصوص هذا النزاع فكان أن سافر الشيخ سالم الدهينة المسعودي من البدع إلى جدة حيث جاء إلي وطلب مني مرافقته في سفره إلى الطائف وبالفعل سافرنا إلى الطائف وذهبنا إلى الشيخ مقعد الدهينة الذي استقبلنا وصنع لنا عشاءا وبتنا عنده في بيته وقد أخبره الشيخ سالم الدهينة بالخبر وأنه يريد منه أن يقابلا الملك فيصل لتقديم شكوى إليه بشأن هذا النزاع وكان الملك فيصل آنذاك يقيم في قصره شبرا في الطائف فقال الشيخ مقعد الدهينة غدا نسير إلى الملك فيصل وقد تحادث الشيخان أثناء سهرهما وقد سمعت الشيخ مقعد الدهينة يقول للشيخ سالم الدهينة إن الدهينات خرجوا من عندنا وساروا إلى المساعيد في البدع .
وفي اليوم التالي سرنا إلى قصر الملك فيصل وقد دخلنا عليه حوالي الساعة الحادية عشرة صباحا فسلمنا على الملك فيصل وكان الشيخ مقعد الدهينة هو أول من صافح الملك وقال له يعرفه بالشيخ سالم الدهينة : هذا الشيخ سالم الدهينة من ربعنا في البدع فقال الملك فيصل : معروف معروف ثم إن الشيخ سالم الدهينة صافح الملك فيصل وأعطاه شكوى مكتوبة بخصوص النزاع على أرض الديسة في البدع وقال للملك : إن العميرات يريدون أخذ أرض المساعيد ويردون مشاركتنا فيها وقد جاءت إلينا لجان لفض النزاع دون جدوى ثم قال يخاطب الملك : أنا داخل على الله ثم عليك وعلى والديك انك ترسل لنا لجنة نزيهة لحل قضيتنا فقال الملك فيصل : لك هذا يا شيخ سالم ثم صافحته وشربنا القهوة عنده ثم خرجنا وبعد ذلك فارقنا الشيخ مقعد الدهينة رحمه الله تعالى وعدت أنا والشيخ سالم الدهينة إلى البدع وبعد عدة أشهر جاءت لجنة إلى البدع ومن أعضاء هذه اللجنة التالية أسماؤهم :
1ــ الشيخ صالح التويجري رئيس محكمة تبوك وهو رئيس اللجنة
2ــ علي الثروة مدير الزراعة في تبوك
3ــ الشيخ سليمان الفالح من وزارة الداخلية في الرياض
وقد قامت اللجنة بمسح أرض الديسة وأجرت التحقيقات اللازمة وأخذت أقوال الناس وقد رفعت تقريرها بذلك إلى الجهات المعنية وكان حكم اللجنة أن أرض الديسة هي للمساعيد ولا شريك لهم فيها وعند تنفيذ الحكم تم تسليم الأرض إلى المساعيد بعد نزاع استمر سنين طويلة وقد قام المساعيد بتقسيم الأرض فيما بينهم . انتهى حديث الأخ الكريم الشيخ أبو محمد حسين بن عيد بن مسلم المسعودي من أهل البدع رحمه الله تعالى
قلت : بدأ هذا النزاع عام 1384هــ واستمر حتى عام 1390هــ أي أنه استمر لمدة 7 سنين ويرجع الفضل في إنهاء هذا النزاع إلى اللجنة النزيهة التي طالب بها الشيح سالم الدهينة فأمر الملك فيصل رحمه الله تعالى بتنفيذ هذا الطلب . ولقد كان للشيخ مقعد الدهينة المسعودي دوره الفاعل في مناصرة المساعيد في شكواهم من محاولة العميرات أخذ أجزاء من أرض المساعيد بمناصرة قومهم الحويطات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق