تهتم هذه المدونة وتعنى بأنساب وتاريخ وأعراف وتقاليد وأخبار وأعلام وشؤون قبائل المساعيد

الأحد، فبراير 14، 2010

عبد الفتاح ملحس.. أول من بنى بيتا على جبل عمـَّـان ، وأول من أدخل سيارة دودج إلى عمـَّان بقلم الأستاذ زياد أبو غنيمة


أوراق منسية : عبد الفتاح ملحس..

أول من بنى بيتا على جبل عمـَّـان

وأول من أدخل سيارة دودج إلى عمـَّان

بقلم الأستاذ زياد أبو غنيمة



تحتفظ السنديانة العمـَّانية الأستاذة الدكتورة ثريَّـا ملحس بدفتر لوالدها السيد عبد الفتاح ملحس المسعودي المولود في نابلس في عام 1895 م يعود إلى عشرينيات القرن العشرين المنصرم خط فيه بيده ذكرياته عن بدايات عمـَّـان ، يتحدَّث ملحس في دفتر ذكرياته عن البنك الوحيد في عمـَّان ( البنك العثماني ـ 1928 م ) وكيف كان يكفل العديد من رجالات عمَّـان من أمثال الحاج صبري الطباع والحاج حسن خرفان ونظمي عبد الهادي وتوفيق قطان وياسين البطيخي وعودة القسوس وهايك بلتيكان وغيرهم ، ويذكر أنه إشترى في سنة 1924 م أول سيارة دودج عرفتها عمّان ، ولم يكن في عمّان غيرها ، وكان ثمنها 350 ليرة ذهب ، وكانت ليرة الذهب تساوي خمسة ميديّات إلا ربعاً ، ويذكر أنه باع سيارات بالتقسيط لصبري الطباع وبشير الخليلي وإسماعيل بلبيسي ومحي الدين غنام وعبد الهادي النوري والحاج عبد وحمدان العطعوط وأبونعيم الشامي وحسين أبوالراغب ومصطفى خرفان وحمدي أنيس أبوالراغب وغيرهم ، وكان لديه سنة م1929 أحد عشر سيارة تراك.ويذكر عبد الفتاح ملحس أنه اشترى ثلاثة دونمات من أراضي جبل عمـَّـان في عام 1920 وعندما ضرب الزلزال عمَّـان وبعض المناطق في شرقي الأردن في عام 1927 م ( عام الهزًّة ) بدأ ببناء أول بيت في مطلع جبل عمان عندما كان جبل عمَّـان مأوى للضباع والذئاب وابن آوى ( الواوي ) ، وقام بنفسه في وضع المخطط الهندسي للبيت ، وشقَّ طريقا على حسابه كانت البغال تسلكه وهي تنقل الحجارة والمياه والإسمنت ( الشمينتو) للبناء ، وأحضر البلاط والأدوات الصحية من يافا وحيفا ، ويذكر أن كلفة بناء المنزل تراوحت بين 900 - 1000 ليرة ذهب ، ولأن المياه لم تكن تصل إلى المنزل فقد بنى خزَّانا للمياه ( حاووز ) في الحديقة الكبيرة التي كانت تحيط بالبيت وسوّرها بالأشجار الباسقة من الصفصاف وأشجار الصنوبر والكينياء والزنزلخت والتوت والخوخ الأسود ودوالي العنب ، واستورد من فلسطين شجر الدرَّاق المدوَّر الذي لم يكن معروفا في شرقي الأردن ، ويذكر ملحس أن زوجته الشركسية"حجخان لمبز"تولت زراعة ورعاية الأزهار والورود وخاصة القرطاسيا ، وعندما وصلت الكهرباء إلى مطلع جبل عمَّـان ( لم يحدًّد تاريخ وصولها ) سارع بمدًّ شرائط الكهرباء ( اللمبات ) على الحيطان بدلا من اللوكسات والقناديل ، وكان بناء الدارة الملحسية على النمط الشامي حيث كان يتوسَّـط الصالون المكشوف بلا بناء المطل على جبل اللويبدة بركة من الماء جلب أصدافها من بحر العقبة ، وانتقل في عام م1928 من مسكنه في وادي عمّان إلى مسكنه الجديد مع أولاده سعيد وفاطمة وثريا ( الأستاذة الدكتورة لاحقا ) ومكرَّم وزهير ( الدكتور الإختصاصي في أمراض القلب لاحقا ) ورزق لاحقا بأنور ووليد وخلدون ونائل ( المهندس لاحقا ) وزيد ، ويذكر ملحس أنه ذات مأدبة غذاء أقامها على شرف الأمير المؤسًّـس عبد الله بن الحسين بن علي أعجب الأمير بالدارة فعرض عليه شراءها منه بخمسة آلاف ليرة ذهب ولكنه اعتذر بلطف لسموًّه قائلا إنه بنى الدارة ليسكنها مع أولاده.ويذكر السيد عبد الفتاح ملحس أن أول بابور للطيحن ( مطحنة ) ابتدأ يعمل في 13 نيسان سنة م1927 ، وكان شراكة بينه وبين أخيه كامل ، ثمَّ دخل شركاء آخرون في ما بعد ، ( يذكر الدكتور رؤوف أبوجابرفي كتابه"تاريخ شرقي الأردن واقتصاده"أن والده الشيخ سعد أبوجابر كان يطحن إنتاج أراضيه الوفير من القمح في هذه المطحنة ) ، ويذكر ملحس أنه كان يوزّع قطرة يصنعها هوبنفسه لعلاج التهاب العين كانت تعرف باسم قطرة أبوالسعيد وكان يوزًّعها مجانا وكان أهل عمـَّان وجوارها يتهافتون عليها وخاصة في أشهر الربيع حيث كانت ينتشر مرض الرمد الربيعي وكانت نسبة الشفاء من الرمد عالية جدا ، ولمّا بدأت القطرة تتوفر في الصيدليّة في أوائل الأربعين توقف ملحس عن تركيب قطرته.ويذكر عبد الفتاح ملحس أنه بدأ حياته في العمل في تقطيع الحجارة والمتاجرة بها وكان في الثامنة عشرة من العمر ، ولكن عندما ورثت زوجته وهي من عائلة آل لمبز الشركسية ( أخوالها عائلة آل شردم الشركسية ) من أبيها بعد وفاته حوالي سنة م1920 650 مجيدياً ومخمَّـسات وقلب ذهب أعطتها له ليترك تجارة الحجارة ونحتها ، ففتح محلا تجاريا ( دُكـَّـان ) على ضفة السيل ( سيل عمـَّان ) في الوادي ، وكبرت تجارته وتفرّعت ، وكان الناس يتهامسون أقاويل تقول إن ملحس عثر على كنز من الذهب وحقيقة الأمر أنه عثر أثناء حفر أساسات بيته في جبل عمـَّـان على صندوق وجد فيه عددا من أرسان ( جمع رسن ) خاصة بالجًـمال فأشاع الناس أنه عثر على ذهب ، ويذكر ملحس أنه حقق نجاحا زاد من ثروته عندما نجح في عام 1929 م مع شريكه سيراب الأرمني في بيع مئة سيارة شحن ( تراك ) للجيس البريطاني في فلسطين وقبض ثمنها مع شريكه ، وكان يضع أمواله وأموال بعض الأصدقاء في قاصة حديثدية أحضرها من فلسطين ولم يكن في عمـَّان غيرها ( ما زال نجله الوزير السابق الدكتور زهير ملحس يحنفظ بها ) ، وكان يطلب من أصدقائه وضع أموالهم في صرَّة أومغلف ويطلب منهم أن يضعوها داخل القاصة بأيديهم وتبقى على حالها إلى أن يخرجوها من القاصة بأيديهم كما وضعوها. وتنقل الأستاذة الدكتورة ثريا ملحس عن والدها أنه أخبرها أنه اشترى في الربع الأول من القرن الماضي (عبدة ) من مكتب المفوّض البريطاني لمساعدة والدتها في أشغال البيت ، وكان الإنجليز يبيعون ( العبيد ) ويتاجرون بهم ، وبعد فترة هربت العبدة لتتزوَّج بعبد أحبته فاعتقها ملحس.

ويذكر ملحس أنه أصبح شريكاً مع أسعد حلبي في وكالة شركة دودج حتى نهاية الانتداب ، كما امتلك عدَّة وكالات تجارية مثل إطارات الغوديير وراديو( البابي ) الذي كان يعمل على البطاريات ( تجدر الإشارة إلى أن المهندس نائل عبد الفتاح ملحس ما يزال يحتفظ بجهاز راديوضخم بحجم يزيد عن المتر والنصف ) ، ويذكر ملحس أنه أحضر أول ثلاجة في أواخر العشيرنيات من القرن الماضي إلى عمّان وكانت تعمل على البطاريات.ويذكر عبد الفتاح ملحس في مذكراته المخطوطة أنه كان عضواً في بلدية عمّان في الثلاثينيات من القرن الماضي ، وأصبح رئيسا لها بالنيابة ، وقدّم استقالته في 18 ـ 5 ـ م1937 عندما اكتشف إنشغال بعض الأعضاء بمصالحهم الخاصة عن مصالح الناس ، وكان من كبار المساهمين والمؤسًّـسين لبنك الأمة العربية الذي كان تأسَّـس في القدس في عام م1947 ، وحين تعرّص البنك إلى الاختلاس والإفلاس على أيدي رئيس مجلس الإدارة احمد حلمي باشا وزمرته والناطق باسمهم محمد يونس الحسيني ، ودخل في مساجلات قضائية ضدَّ كبار المتنفذين في البنك بتهمة الإهمال والإختلاس مما أدى إلى إفلاس البنك ، وقد نشرت جريدة النهضة التي كانت تصدر في عمّان سنة م1949 تفاصيل الدعاوى القضائية التي رفعها ملحس ودفع مصاريفها من جيبه الخاص.

نقلا عن جريدة الدستور الأردنية ( جولة في ذاكرة الوطن ) للأستاذ زياد أبو غنيمة

العدد رقم 15288

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق