نصّ الزبيدي عن المساعيد في بحر الأنساب ( المشجّر الكشّاف )

بسم الله الرحمن الرحيم

استفسرني أخٌ كريم عمّا ورد في إحدى الأوراق الملحقة بكتاب بحر الأنساب للنجفي والتي ذكر فيها أسماء بعض القبائل في الورقة التي أضاف فيها بعض السلاسل إلى نسب ربيعة بن نزار .
فاقول وبالله تعالى التوفيق :
1ــ سبق أن علّقت على ما ورد في كتاب بحر الأنساب في كتابي قبيلة المساعيد الصادر عام 2007 م
2ــ عاش الزبيدي بين عامي 1145 ــ 1205 هــ 1732 ــ 1791 م
3ــ أنّ بحر الأنساب المسمّى بالمشجّر الكشّاف لأصول السادة الأشراف للعلامة السيّد محمد بن أحمد بن عميد الدين الحسيني النجفي النسّابة طبع بمصر سنة 1356 هــ وعليه تحقيقات السيّد محمد مرتضى الزبيدي نقل من دار الكتب المصرية من نسخة وحيدة مخطوطة بيد الزبيدي ، وذكر الشريف أنس الكتبي الحسيني محقق الكتاب أنّه عثر على نسخة أخرى في مكتبة الملك عبد العزيز في المدينة المنوّرة وفيها ملحقات واستخراجات للزبيدي .

4ــ أنّ الزبيدي كتب بعض الأوراق وشجّر فيها أنساباً ألحقها بأصولها بخطوطٍ متصلة وفقاً لمنهج أهل الأنساب وقد كتب في فراغات هذه الأوراق معلومات لا تمتّ لخطوط المشجّر بصلة ومن ذلك :
1ــ داود بن أحمد الهواري أمير عربان هوارة وكان في أثناء سنة 977 وفي الورقة ذاتها خطوط مشجّرة لأنساب مختلفة تخصّ الأشراف وبعض ذرية آل أبي بكر الصدّيق ( بحر الأنساب ، ص 307 )
فهل من جامع بين هذه الأنساب ؟ فالأشراف لهم نسبهم الخاص وللبكريّين نسبهم الخاص ويلتقون في قريش ولهوّارة نسبها الخاص كذلك
2ــ ذكر في الورقة التي شجّر فيها بعض الأنساب التي تلحق بشيبة بن عثمان بن عبد العزيز بن عثمان بن عبد الدار بن قصي بعض أسماء الأشراف من آل البيت مثل الشريف سبع بن هجان بن محمد بن مسعود الحسني أمير الينبوع ( ت 887 هــ ) وغيره من أمراء ينبع ( بحر الأنساب ، ص 315 )
ولم يقل أحد أو يفهم من إيراد اسم الشريف سبع وغيره من الأشراف أنهم داخلون في مشجّر الشيبيّين نسبة إلى شيبة بن عثمان
3ــ ذكر في الورقة التي شجّر فيها بعض الأنساب التي تلحق بالزبير بن العوّام بن خويلد بن أسد بن عبد العزّى بن قصيّ بعض أسماء للأشراف وغيرهم ومنهم الشريف صلاح الدين محمد بن أبي بكر بن علي بن حسين بن مطهر بن عيسى بن جلال الدين بن ابي الحسن الحسني السيوطي ( ت 856 هــ ) ( بحر الأنساب ، ص 312 )
ولم يقل أحدٌ أن الشريف صلاح الدين الحسني وغيره ممّن ورد ذكرهم في الورقة داخلون في مشجّر الزبير بن العوّام .
4ــ وفيما يتعلّق بما ورد عن قبائل المساعيد والسردية وغيرهم الواردة في الورقة التي شجّر فيها بعض الأنساب التي تلحق بربيعة بن نزار فمن الظلم للزبيدي أن يقال أنّه أدخل أو نسب هذه القبائل إلى ربيعة بن نزار وذلك لما يلي :
1ــ أنّ اسماء هذه القبائل غير متّصلة بخطوط ترتبط بنسب ربيعة ولهذا دلالته كما ورد في الكتاب نفسه ( بحر الأنساب ، ص 291 ) وممّا جاء فيه من اصطلاحات النسّابة : " .... وأقوى منه أن يقطع الخطّة ويوصلها ويوصلها بالنقطة هكذا ...... U وكلّما زادت النقط كان أدلّ على قوّة الطعن وأقوى منه أن يقطعها بغير نقط " ( بحر الأنساب ، ص 291 ) ، والزبيدي لم يصل هذه القبائل باية خطوط مع ما شجّره لإلحاقه بنسب ربيعة .
كيف وقد أورد الزبيدي في ذات الورقة أنساباً لا علاقة لها بربيعة البتّة كبعض الأعلام من نسل المهلّب بن أبي صفرة الأزدي وبعض الأعلام الشيرازيين ؟ ( بحر الأنساب ، ص 314 ) ، وكيف وقد نسب الزبيدي بعض هذه القبائل إلى أنساب اخرى ؟
2ــ انّ القبائل التي أورد الزبيدي أسمائها في الورقة متفرّقة النسب وفيما يلي بيان ذلك :
1ــ الورقة المشار إليها كتبت عام 1187 هــ
2ــ كتاب تاج العروس للزبيدي أتّم تأليفه في الثاني من شهر رجب سنة 1188 هــ ( تاج العروس ، ج 10 ، ص 363 )
3ــ لنتناول بعض القبائل التي ذكرها الزبيدي :

1ــ قبيلة المساعيد

ذكرهم الزبيدي فقال : " المساعيد بطن من العرب " ( تاج العروس ، ج 2 ، ص 379 )
فلم ينسبهم لا إلى ربيعة ولا إلى غيرهم

2ــ السّرديّة

السَّردية من قبائل المفارجة من بني لام ذكرهم الزَّبيدي فقال : " السردية قبيلة من العرب " ( تاج العروس ، ج 2 ، ص 375 )
ولم يزد على ذلك وقد ترجم البوريني ( ت 1024 هــ ) لأحد شيوخهم فقال : " رشيد بن سلامة بن نعيم شيخ العرب المعروفين بالسَّردييّن ومضاربهم من البلقاء إلى العلا " وفي نسخةٍ أخرى قال البوريني : " رشيد بن سلامة بن نعيم كبير الطائفة السّرديّة من المفارجة " ( من تاريخ القبائل في فلسطين والأردن ، ص 377 ) والمفارجة فرعٌ من بني لام ، قال الجزيري : " سلامة بن فوّاز عرف بجغيمان شيخ عربان بني لام المفارجة " ( الدرر الفرائد ، ج 1 ، ص 311 ) وقال : " عربان بني لام المفارجة وهم طوائف عديدة " وفصّل القول فيهم ( الدرر الفرائد ، ج 2 ، ص 1375 )


3ــ بنو جرم

ذكر الزَّبيدي فرعين من بني جَرْمٍ وهما : بنو العويس والمرازيق ، وقال : " جرم بطن في طيء وهو ثعلبة بن عمرو بن الغوث بن جلهمة وهو طيء مساكنهم صعيد مصر قاله صاحب العبر ومنهم بقية في نواحي غزّة ومن ولده حيان بن ثعلبة " ( تاج العروس ، ج 8 ، ص 226 ) وبنو العويس هم سلالة أبي العويس من أمراء بني جَرْمٍ في فلسطين وقد تولّى أبو العويس بن أبي بكر الإمارة عام 894 هــ وكان أبو بكر قد قتل في واقعةٍ وقعت بين عربان جبل نابلس في فلسطين عام 891 هــ ومن أعقابه العويسات ( بلادنا فلسطين ، ج 1 ، قسم 2 ، ص 391 و 392 وللّمزيد عن بني جَرْم في فلسطين أنظر البدو ، ج 2 ، ص 96 ــ 102 ) وبنو جَرْم في فلسطين فرع من طيء ( نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب ، ص 209 ــ 210 ، قلائد الجمان في التَّعريف بقبائل عرب الزمان ، ص 83 )


4ــ بنو صخر

قال الزبيدي : " بنو صخر قبيلة من جذام " ( تاج العروس ، ج 3 ، ص 328 )


5ــ السواركة

قال الزبيدي : " السواركة قبيلة من العرب في جبل الخليل " ( تاج العروس ، ج 7 ، ص 141 )


6ــ المشالخة

قال الزبيدي : " المشالخة بطن من جذام " ( تاج العروس ، ج 2 ، ص 264 )

يتّضح مما سبق بيانه أنّ الزبيدي في ذكره هذه القبائل وبعض الأعلام من الأعلام والأمراء في بعض الأوراق المشجّرة التي كتبها لإلحاقها بأصولها لا يعني أنّ ما كتبه جزءٌ من هذه المشجّرات بل هو منفصلٌ عنها تماماً وأنّها من الحواشي التي اعتاد العلماء تدوينها على حواشي كتبهم كملاحظات للاستزادة عليها أو البحث فيها ويبدو أنّ هذا لم يتحقق حيث أنّه لم يضف شيئاً عن بعضها في ذكره لها في كتابه تاج العروس وإن نصّ على أنساب بعضها .
هذا ما أحببت بيانه للأخ السائل الكريم وغيره من الأخوة الكرام

صورة الورقة التي ورد فيها ذكر قبيلة المساعيد والقبائل الأخرى