تهتم هذه المدونة وتعنى بأنساب وتاريخ وأعراف وتقاليد وأخبار وأعلام وشؤون قبائل المساعيد

الاثنين، ديسمبر 01، 2014

عوّاد باشا المساعيد وحديث عن خدمته العسكرية


 فيما يلي الجزء الثاني من حوار الأستاذ الإعلامية ملك يوسف التلّ مع عطوفة العين عوّاد باشا المساعيد ، وقد سبق نشر الجزء الأوّل من هذه المقابلة في هذه المدوّنة على الرابط التالي :
 
في تفسيراته التاريخية حول العمران البدوي، كان المؤرخ الأشهر والعالم الاجتماعي الإسلامي ابن خلدون (القرن السابع الهجري ) يبني نظريته على أساس أسبقية «البادية « على « الحاضرة « لسبب بسيط وهو ان البدو يقتصرون في حياتهم على الضروري نتيجة معيسشهم الصعبة فيحتفظون بشجاعتهم والبأس في مقابل ما تفعله المدنية بحياة الحضرمن تلف.

ابن خلدون في تلك المقامات يعطي ميزة سياسية للبدو من زاوية قوة العصبية التي تتحقق بالتحام نسب القبيلة، وهي العصبية التي تمنحهم القدرة على تجديد الدول كلما وهنت من أمراض الترهل الحضري.
مؤكَد ان هذه النظريات الرائدة في علوم الاجتماع السياسي لم تعد تصح كلها بعد ان تسربت البادية للمدينة، أو العكس، وتقلصت خصوصيات المجتمعات المحلية خارج العاصمة المركزية للسلطات.
تذكرتُ نظريات ابن خلدون في العصبية والعمران البدوي والعروبة، وأنا أستمع للباشا عواد سليم المساعيد وهو يتحدث عن اتفاقية سايكس بيكو قبل مائة سنة وكيف انها جزأت القبائل ومنها قبيلة المساعيد – التي ينتمي هو لها – فأصبحت موزعة بين الأردن وسوريا وغزة وسيناء والحجاز وعديد البلدان العربية الأخرى. كذلك وهو يتحدث عن التربية العسكرية التي تحرم تدخل العسكري في السياسة، وكيف انه شخصيًا لم يدخل أيّ من تشكيلات المتقاعدين العسكريين. لكنه في المقابل يؤمن بالمنطق الديمقراطي لوظيفة الأحزاب في التجدد السياسي و كاد ان يؤسس حزبًا لولا انه اكتشف ان الحزبية عندنا ما زالت تحتاج للكثير حتى تنضج وتتولى وظيفتها المفترضة في العملية الديمقراطية.
 وهو يتحدث عن التنمية لا يخفي أبو سلطان مرارته من كون البادية «يتيمة تنمويًا» وشبه منسية. نسبة البطالة الشبابية فيها عالية وقد تضاعفت بعد اللجوء السوري.
 أربعون سنة أمضاها الباشا في العسكرية كانت ذروتها قيادته للحرس الملكي الخاص للملك الحسين طيب الله ثراه.


بماذا تنصحون الحكومة في تطبيقها للتعديلات الدستورية الأخيرة الخاصة بالجيش وكيفية الاستفادة التنموية من إمكانيات وتجهيزات الجيش التي ستصبح تابعة للوزارة؟
بداية أقول ان تشكيل تفعيل وزارة الدفاع ليست جديدة في القانون ولا في الدستور، فهذه الوزارة موجودة ويتولى حقيبتها رئيس الوزراء من سنوات . ما طلبه جلالة الملك هو عملية تفعيل وزارة الدفاع لتقوم بدورها على الأرض، وهذا ما يخفف عن كاهل القوات المسلحة في أي أمر غير عسكري لتصبح القوات المسلحة متفرغة لواجباتها العسكرية ومهماتها الرئيسية بالدفاع عن البلد وأمنه وسيادته وعن حدوده. بتشكيلاتها العسكرية يوجد عمل احترافي مهني متخصص، وما تبقى من الوحدات الإدارية أو المؤسسات التي ترتبط الآن بالقيادة العامة سيتم ربطها بوزارة الدفاع. هناك الكثير، على سبيل المثال لا الحصر المؤسسة الاستهلاكية العسكرية بأسواقها المتعددة، الخدمات الطبية بخدمتها للمدنيين في الخارج، مدارس التربية والثقافة العسكرية، الشركات التي تعمل مع القيادة، شركات التصنيع... هناك كثير من الأمور التي نجد أن القيادة العامة مسؤولة عنها مباشرة وتأخذ جهدا كبيرا من المسؤولين سواء رئيس هيئة الأركان المشتركة أو مساعديه والمدراء، مع أنه إذا تبعت هذه لوزارة الدفاع بالتأكيد سيتفرغون أكثر للقوات المسلحة.
أما التعديلات الدستورية بتعيين قائد الجيش بالدرجة الأولى ومدير المخابرات العامة الأمر منوط بجلالة القائد الأعلى، فكلنا في الأردن يتفق أن جلالته صمام الأمان بالدرجة الأولى، والقوات المسلحة ثقة الأردنيين فيها مطلقة، وما دمنا مقبلين آجلاً أم عاجلاً للوصول إلى حكومات برلمانية، فلا نريد لهذه المؤسسة بالذات التي نعتمد عليها اعتمادًا كليًا في أمننا بأن تكون في مجال للتجاذبات السياسية في تعيين المناصب، حصر المسؤولية بجلالة القائد الأعلى يحفظ عملية التوازن لتبقى القوات المسلحة بعيدة كل البعد عن التجاذبات السياسية لأنها للبلد ككل.
باشا: أنتم عضو في جمعية المتقاعدين العسكريين؟ هل لكم موقف خاص من تسييس جمعية المتقاعدين بعد أن تربيتم كعسكريين على عدم التدخل بالسياسة؟
لا، لست عضوًا فيها لكننا نسمع بجمعية الضباط المتقاعدين، وبهيئة وطنية للضباط المتقاعدين، والهيئة العليا للضباط المتقاعدين، فأرجو أن أوضح بأن هذا الأمر غير قانوني، لأن أي تنظيم إن لم يكن بموجب قانون أو بموجب تعليمات فهو غير قانوني إطلاقًا. لدينا مؤسسة للمتقاعدين العسكريين والمحاربين القدامى، وهي مؤسسة قائمة ولها مسؤوليتها، وتعمل بموجب قانون، والالتزام بالنسبة للمتقاعدين العسكريين، والاشتراك بهذه المؤسسة والانضواء تحت لوائها هو اختيار وليس إلزاما، لأن هناك آلاف من المنتظمين تحت لواء هذه المؤسسة. أما ما هو حاصل من بعض الزملاء، كل 10-15 شخصًا يجتمعون في منطقة ويطلقون على أنفسهم مصطلحات فهي بعيدة كل البعد عن القانون ولا يمثلون المتقاعدين بأي حال من الأحوال، وانما يمثلون أنفسهم. أما الجمعيات الخيرية للمتقاعدين العسكريين والتي تم تشكيلها بمختلف ألوية المملكة، فهذه جمعيات مرخصة من وزارة التنمية الاجتماعية ولها أهداف وبرامج معينة تعمل بموجبها.
الشائع لدينا ابتعاد القوات المسلحة عن السياسية.. عرف أم قانون؟
نحن تربينا في القوات المسلحة وكلي فخر واعتزاز بأنني أحد أبناء هذه المؤسسة، بأن نكون بعيدين كل البعد عن السياسة لأن مهمتنا الرئيسية مؤمنين بها وتكمن بالدفاع عن الأردن وسيادته ونظامه وعن الشعب الأردني وأن نوفر الأمن والطمأنينة للأردن كجيش وكأجهزة أمنية.
 السياسة تركناها للسياسيين وعلى هذا الأساس عندما حدثت التعديلات الدستورية وأناطوا تعيين رئيس هيئة الأركان المشتركة أو قائد الجيش حسب المسمى، الرجل رقم واحد، بشخص جلالة القائد الأعلى فذلك حتى نكون في المستقبل عن بهذه الوظيفة بالذات ووظيفة مدير المخابرات العامة بعيدين كل البعد عن أي شيء له علاقة بأحزاب أو كتل لتظل القوات المسلحة مستقلة.
شاركتم في معركة الكرامة وما سمي بحرب الإستنزاف التي أعقبت الـ 67؟ ماذا تتذكرون من تلك المرحلة؟
 لم أشارك في معركة الكرامة ولا في حرب حزيران الـ 67 لأنني دخلت القوات المسلحة يوم 5/1/1969 وكنت تحت التدريب عام 1968، لكنني شاركت في حرب الإستنزاف في العام 1969 في المنطقة الشمالية، في منطقة أم قيس، كضابط رصد مدفعية خلال تلك الفترة.
 ما هي شروط وضوابط الحرس الملكي الخاص من واقع تجربتكم في قيادة كتيبته أيام المغفور له بإذن الله الملك الحسين؟
خدمتي في الحرس الملكي الخاص كانت لسنوات طويلة، وتدرجت بمناصبها من قائد فصيل وقائد سرية حتى وصلت والحمد لله وهذا شرف كبير لي ووسام على صدري أنني أخترت لأكون قائداً لكتيبة الحرس الملكي الخاص في العام 1985.
والحرس الخاص عبارة عن وحدة من وحدات القوات المسلحة، لا تمييز بين أفرادها وأفراد القوات المسلحة، إلا أن من يخدم بهذه الوحدة يشعر كما قلت انه علق وسام شرف لأنه يتعامل مع جلالة الملك والعائلة المالكة مباشرة.. وهناك تأهيل وتدريب ودورات لكل وحدة من وحدات الجيش وحسب تخصصها، ولكتيبة الحرس الملكي الخاص تأهيل معين حتى يصبح الإنسان مختصا في عمله وكيف يمكن أن يعمل ضابط حرس خاص أو رجل حرس خاص.
حصل تطور على هذه الكتيبة في عام 1989، من «كتيبة» الحرس الملكي الخاص إلى الحرس الملكي الخاص دون اسم كتيبة، وبشرف واعتزاز أصبحت من قائد كتيبة لقائد الحرس الملكي الخاص حتى ذهبت إلى بريطانيا في عام 1993 وشاركت في كلية الدفاع البريطانية.
ومهمات استخبارات الحرس الملكي التي ترأستموها؟
هي ليست مهمات بالدرجة الأولى، بل الوظائف التي يقوم بها ضابط الحرس الملكي الخاص في حماية الشخصيات وهذا يجب أن يتم تأهيله بدورات معينة. وهناك مختصون لتأمين المكان والسيارات بالنسبة للتفتيش وما هي الإجراءات التي ممكن أن يتعامل معها الشخص، تفتيش المواقع والمواكب، تأمين المواكب، تأمين ضيوف الأردن على مستوى رؤساء الدول، متابعة الموظفين والتدقيق عليهم والتنسيق مع الأجهزة الأمنيةالخ..
هناك العديد من الواجبات والمهمات الموزعة على رجال الحرس الملكي الخاص حسب التخصص.

استراحة
 
بالتأكيد تحتفظ ذاكرتكم بسجل حافل من تاريخ الخدمة قريبًا من جلالة المغفور له بإذن الله الحسين بن طلال:
كان جلالة الحسين طيب الله ثراه كثيرًا ما يفاجئنا بزيارات دون سابق موعد.. ولشدة تعلقه بالعسكرية، كثيرًا ما كنت أسمع من جلالته يرحمه الله ومن الملك عبد الله أطال الله في عمره بأن أسعد اللحظات هي التي يقضيانها في زياراتهما للوحدات العسكرية. كان الحسين اذا شعر بضغط نفسي أو بعبء المسؤوليات، أو متعبًا أو مهمومًا فإنه يطلب أن نرتب لجلالته برنامجًا لزيارة عسكره، ويمضي سحابة ذلك اليوم معهم ليعود بنفسية مرتاحة جدًا.. سيدنا يعرف انتماء هؤلاء وصدقهم وولاءهم، وأن معنوياتهم دائمًا عالية.
وما تزال في الذاكرة قصص ولا أروع منها لدى زيارة جلالته لإحدى الكتائب عندما قام أحد أفراد الكتيبة لتسليم الملك رسالة، متجاوزاً التسلسل المرجعي المتعارف عليه عسكريًا، وهو الأمر المرفوض وظيفيًا. أخذ جلالته الرسالة ووضعها في جيبه، وبعد ان انتهت الزيارة كلّفني جلالته ان اتحدث مع قائد الفرقة حتى لا « يبلش» بالعسكري صاحب الرسالة. فالحسين القائد العسكري يعرف أن اجراء سيتخذ بحق هذا الجندي لخروجه عن التعليمات، ولذلك سبق الفعل بالعفو.
من مواقفه الإنسانية مع أبناءشعبه وهي كثيرة، بل وكثيرة جدًا أذكر في أحد المرات اننا كنا نسير في موكب مع جلالته وفي الجهة المقابلة للموكب اصطدمت سيارتان فتوقع الملك ان نكون سبب هذا الحادث لانه ربما كانوا ينظرون لنا، مع اني قلت لجلالته ان لا علاقة لنا بالحادث فنحن نسير بالاتجاه الآخر لكنه طلب مني ان نسعفهم ونصلح سياراتهم وان لا ندع الشرطة تخالفهم.
 موقف آخر شبيه أيضًا حصل في جبل الحسين وكان الوقت متأخرًا. رأينا سيارة متعرضة لحادث وفيها عائلة، فطلب منا جلالته ان نذهب لمساعدتهم وان نصلح سيارة هذه العائلة لأنها ربما تكون مصدر رزقهم الوحيد، وبعد ان سأ لنا اكتشفنا انه يعمل على هذه السيارة وهي مصدر رزقه الوحيد كما اعتقد الملك.
الواجبات الاجتماعية تأخذ الجزء الأكبر من وقتكم بعد التقاعد. هل تعتقدون أن لدينا في الأردن إسراف في الإنفاق على هذه المناسبات مع استعراض في الجاهات؟
نعم.. لدينا مبالغة كبيرة في كثير من المناسبات سواء أعراس أو جاهات أو خطبات، وعن نفسي أقول انني ضد هذا « التبهرج»، أتمنى لو كانت بشكل معقول، فهي للغني المقتدر جيدة، وحتى غير المقتدر أصبح يقلد المقتدر وبالتلي تزيد أعباءه وديونه،.لا بد ان يكون هناك اتفاق على مستوى المنطقة أو على مستوى البلد ككل وعلى مستوى كل عشيرة ومدينة بشكل ميثاق يحدد كيف يمكن أن نسير بحفلاتنا بشكل معقول مع المحافظة على كراماتنا بالدرجة الأولى.
أنا زوجت أبنائي وكان عدد الجاهات محدودا جدًا من طرفي، لكني لا أستطيع أن أحدد الطرف الآخر، ففي جاهات أبنائي وبنتي أجزم تمامًا لم يزد عدد المدعوين عن ثلاثين شخصًا من العائلة و الأصدقاء، لكن كنت أتفاجأ بأن الأعداد بالمئات من الطرف الآخر.
 
جريدة الرأي :
 http://www.alrai.com/article/684052.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق