ومن أجلّ وأكبر أعلام قبيلة هُذَيْل في بلاد تونس أعلام آل الشابّي ، وهم
فرعٌ قديمٌ من قبيلة هُذَيْل في تونس ، وُلدّ جدّهم ونشأ في بلدة الشَّابة فُعرفوا
بالشَّابّيّة حينما انتقل جدّهم منها نسبةً إلى بلدتهم الأصليّة ، وتبعد الشابّة
حوالي 245 كم عن تونس جنوباً على ساحل البحر الأبيض المتوسّط ، وتبعد نحو 90 كم
جنوب سوسة ، وتبعد نحو 118 كم عن القيروان جنوباً بميلٍ إلى الشرق ، قال الجيلاني
بن إبراهيم العوامر : " سُمّي الشابّي نسبة إلى الشابّة ، وهي مكان قرب المهدية
في تونس " ( [1] ) .
2ــ وقال الغزّي ( ت 1061 هــ ) : " سيدي أبي العباس أحمد بن مخلوف
الشابي ــ بالمُعجمة والموحّدة ــ الهدلي القيرواني والد سيدي عرفة ... وكان سيدي
أحمد بن مخلوف من أكابر الأولياء " ( [3] ) .
قلت : الهدلي بالدال تصحيف الهُذَلِيّ بالذال المعجمة .
3ــ وقال ابن العماد ( 1089 هــ ) : " ... سيدي أبي العباس أحمد بن
مخلوف الشابي ــ بالمُعجمة والموحّدة ــ الهدلي القيرواني والد سيدي عرفة " ( [4] ) .
قلت : الهدلي بالدال تصحيف الهُذَلِيّ بالذال المعجمة .
4ــ وقال العدواني من رجال القرن الحادي عشر للهجرة : " هو
المسعود بن محمد بن الشابّي بن عبد اللطيف بن أبي المكرم ( بكر ) بن أحمد بن مخلوف
بن علي بن محمد بن مساعد بن سليمان بن مروان بن عبد الغني بن حسن بن أحيد بن حميد بن ليث بن عبد الله بن عبد
الرحمن بن عبد العزيز بن سهم بن هنين بن تانير بن داود بن هذيل بن عبد الرحمن بن
عبد الله بن مسعود صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ابن الحارث بن شملخ بن
مخزوم بن صـلة بن كاهل بن الحارث بن ايم بن سعد بن هذيل بن مُدْرِكَة ، وفيه يجتمع
نسبه و نسب النبي صلّى الله عليه وسلّم ( [5] ) .
قلت : في هذا النسب تصحيفاتٌ وسقط ٌ ، وفيما يلي بيان ذلك :
1ــ شملخ تصحيف شَمْخ .
2ــ صلة تصحيف صَاهِلَة .
3ــ ايم تصحيف تميم .
4ــ سقط من سياق النسب اسم فار بين شَمْخ ومخزوم ، فشَمْخ هو شَمْخ بن
فار بن مخزوم .
5ــ القول بأنَّ عبد الله بن مسعود هو عبد الله بن مسعود بن الحارث بن شَمْخ
، هو رواية في نسبه ولكنّ المعتمد هو أنّه عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن شَمْخ
بن فار بن مخزوم بن صَاهِلَة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل .
6ــ ليس من أبناء عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود من اسمه هُذَيْل مما
يعني سقوط أسماء بين هذيل وعبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود .
7ــ الأسماء من أحمد بن مخلوف إلى عبد الله بن مسعود بلغت 22 اسماً ،
وقد وُلد أحمد عام 803 هــ وهذا يعني أنَّ هناك سقطٌ في الأسماء فمجموع هذه
الأسماء لا يغطّي فترة 800 عام ، لا سيّما وأنه يرد في أسماء أجداد الشيخ أحمد
سيدي نعمون المدفون في الشابّة .
وكان الشابّيّون يُعرفون لدى القبائل العربية بأنّهم أولاد علام النبيّ
صلّى الله عليه وسلّم ، قال العدواني في ذكر أحدّ الشابّيّين : " ... هذا ولد
علام النبيّ صلّى الله عليه وسلّم " ( [7] ) ، وقال : " الشابّي ... ولد صاحب علام النبيّ
صلّى الله عليه وسلّم " ( [8] ) ، وكان أتباعهم من القبائل الأخرى يفخرون بنسب
سادتهم الشابّية ، قال العدواني في ذكر الحرب بين الشابي وصاحب تونس حينما برز أحد
أتباع الشابّي وهو الغرام بن منذر الحنّاشي من بني حنّاش ( الحنانشة ) لمقاتلة
فارس من أتباع صاحب تونس : " ... قال له الغرام : ... نحن من أولاد عبد الله
بن مسعود ، علام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم " ( [9] ) .
5ــ وقال الجيلاني بن إبراهيم العوامر :
" فيما يخصّ سيدي المسعود الشابّيّ فقد عثرت على وثيقة قديمة في ذلك لدى أحد
أنجاله وهو السَّيّْد أحمد الأمين بن محمد الشابي ، وقد أضاف السَّيّْد أحمد
الأمين الشابّيّ للوثيقة سلسلة الآباء الذين بهم يتّصل بجدّه سيدي المسعود فصار
مسلسل النسب ابتداءً من السَّيّْد أحمد الأمين الشابّيّ المذكور كما يلي : أحمد بن
محمد بن إبراهيم بن أحمد بن عمّار بن رمضان بن بورقعة بن بنجدو بن أحمد بن علي بن
المسعود بن محمد بن عبد اللطيف بن أبي الكرم بن محمد بن أحمد بن مخلوف بن علي بن
مساعد بن سليمان بن مروان بن عبد الغني بن حسن بن أحيد بن حميص بن الليث بن عبد
الله بن عبد الرحمن بن عبد العزيز بن سهم بن هنين بن تانير بن داود بن هذيل بن عبد
الرحمن بن عبد الله بن مسعود ( صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ) بن الحارث بن
سيحب بن مخزوم بن ضاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مُدْرِكَة
وفي مُدْرِكَة يجتمع نسبه بنسب النبي صلى الله عليه وسلم " ( [10] ) .
قلت : هناك ثمّة فروق بين السياقين وهي كما
يلي :
1ــ جاء اسم أبي المكرم في السياق الأوّل برسم
أبو الكرم في السياق الثاني .
2ــ سقط من السياق الأوّل اسم محمد بين أبي الكرم ( المكرم ) وأحمد .
3ــ سقط من السياق الثاني اسم محمد بين علي ومساعد .
4ــ جاء اسم حميد في السياق الأوّل برسم حميص في السياق الثاني .
5ــ جاء اسم شملخ في السياق الأوّل برسم سيحب في السياق الثاني وكلاهما
تصحيف شَمْخ .
6ــ جاء اسم صلة في السياق الأوّل برسم ضاهلة في السياق الثاني وكلاهما
تصحيف صَاهِلَة .
7ــ جاء اسم ايم في السياق الأوّل برسم تميم في السياق الثاني وهو
الصحيح فهو تميم بن سعد .
6ــ وقال محمد السنوسي ( ت 1318 هــ ) في كتابه الذي ألّفه عام 1297
هــ : " الشابيون : جدّة والدي للأم هي الست كبورة بنت الشريف الشيخ أحمد ابن
الشيخ قاسم شاهد البحيرة ابن المدرس الشيخ السنوسي شُهر الشابي ، وإنما شُهر
باللقب المذكور لأنّه تربّى في حجر جدّه للأم الشيخ صالح بن أحمد الشابي الشهير
الفضل من ذرية سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه صاحب تربة الحجامين . وهو جدّ
الوليّ الصالح الشيخ سيدي محمد الشابي الذي توفي سنة 1292 اثنتين وتسعين ومائتين
وألف ، وهو محمد بن صالح بن محمد بن حسن بن أحمد بن صالح بن أحمد الشابيّ ، كل ذلك
استفدته من رسوم تتضمن تحلية والد الجدّة المذكورة بالشريف " ( [11] )
وكانت أبرز وأكبر أعمال آل الشابّي تأسيس الطريقة الشابّيّة على يد
الشيخ أحمد بن مخلوف الشابّيّ ، وتأسيس الدولة الشابّيّة على يد ابنه سيدي عرفة بن
أحمد بن مخلوف الشابّيّ الهُذَلِيّ . وفيما يلي نبذة عن أبرز رجالات آل الشابّيّ :
1ــ الشيخ أحمد بن مخلوف الشابّي الهُذَلِيّ .
لقّبه صوفيّة المشرق بزُهْرَة أهل الغرب المنعّمة ، وقد روّض القبائل
المتنافرة بتربيته وإرشاده ومجالسه العلميّة والصوفية في القيروان ، وحينما انتقل
إلى القيروان حوالي عام 870 هــ تولّى إمامة جامع الداروني ، وفي عام 875 هــ
تزوّج من فتاة من أهل القيروان فأنجبت له ثمانية بنين ( [12] ) ، ومن أولاده :
1ــ محمد الكبير أبو عبد الله بن أحمد بن مخلوف الشابّي الهُذَلِيّ .
وُلد حوالي عام 876 هــ ، وتولّى رئاسة الطريقة الشابّية بعد وفاة أبيه
لمدّة نحو عامين ونصف حتى وفاته عام 900 هــ ، وأنجب ولداً اسمه أحمد ، وأنجب أحمد
أبا الخير (
[13] ) .
2ــ سيدي عرفة بن أحمد بن مخلوف الشابّي الهُذَلِيّ .
وُلد حوالي عام 878 هــ ( [14] ) ، وحفظ القرآن الكريم ودرس
الحديث واعتبرهما شرطاً أساسيّاً لحصول القدوة فقال : " من لم يحفظ القرآن
ولم يهتد بالحديث النبوي لا يُقتدى به في هذا الأمر ( الطريقة الشابّيّة ) لأن
علمنا مقيّد بالكتاب والسنّة " ، وتعمّق في دراسة الفقه ( [15] ) ، وفي عام 900 هــ تولّى رئاسة الطريقة
الشابّية حتى وفاته عام 949 هــ ( [16] ) .
سجنه السلطان محمد الحفصي المتوفّى عام 932
هــ بضعة في تونس أشهر ظلّ خلالها موثّقا بالأغلال وبعد مرضه أطلق سراحه ( [17] ) .
وفي عام 942 هــ قدم شارل الخامس بجيشه المؤلف
من 30 ألف جندي و 400 مركب بحري إلى تونس انتصاراً للحسن الحفصي فكانت وقعة خطرة
الأربعاء التي قُتل فيها 60 ألفاً ، وأسر فيها 60 ألفاً آخرون من أهل تونس ، فسار
سيدي عرفة بخمسمائة جمل ونقل عليها عدداً كبيراً من اللاجئين الهاربين وانقاذهم إلى
القيروان (
[18] ) .
وكان سيدي عرفة يجنّد القبائل لدعوته طيلة 42 عاماً امتدّت من عام 900
ــ 942 هــ 1494 ــ 1535 م ، وهو العام الذي شهد نجدته لأهل تونس الذين فتكت بهم
جيوش شارل الخامس ( [19] ) .
وقد اهتم بالقبائل العربيّة والبربريّة فكان
يعلّمهم التوحيد ومن هذه القبائل : طرود والهمامة ودُرَيْد والنمامشة وأولاد سعيد
وأولاد بالليل واولاد مهلهل والحراكتة والنبايل والحنانشة والقبائل الموالية لها :
خمير وورغة وشارن وأولاد بوغانم والفراشيش ( [20] ) ، والذواودة ومرداس وبني بربار ( [21] ) ، وكان يعمل توعية هذه القبائل وتلقينها مبادئه الروحية والوطنية
( [22] ) .
وبعد عودته إلى القيروان بعد إنقاذ من أمكن
إنقاذه من أهل تونس شكّل جيشاً وبادر بإعلان الجهاد والاستقلال بالقيروان ( [23] ) ، وقد جنّد لهذا الجيش عدداً كبيراً من شباب القبائل الموالية له
وهي :
1ــ
الحنانشة والقبائل الخاضعة لها : خمير ونهد وورغة وشارن وأولاد بوغانم والفراشيش .
2ــ دُرَيْد
.
3ــ
النمامشة .
4ــ
الحراكتة .
5ــ
الذواودة .
6ــ بنو
بربار .
7ــ
الهمامة .
8ــ
النبايل .
9ــ طرود .
10ــ أولاد
مهلهل .
ولم يلبث الصدام أن وقع بينه وبين الحسن الحفصي في نفس العام ، وهي
واقعة باطن الفرن التي انتصر فيها سيدي عرفة واندحر الحسن الحفصي ( [25] ) ، وقد قاد سيدي عرفة جيشه في معركة باطن الفرن على تقدّمه في السن
فقد كان عمره حينذاك 64 عاماً ( [26] ) ، وقد هاجم الحسن الحفصيّ القيروان ثلاث مرّات غير أنّه فشل فيها جميعا ( [27] ) ، ولم يلبث أن استعان بالفيلق الإسباني المرابط في
المنستير للقتال ضدّ الشيخ سيدي عرفة ، وتألّف جيشه من نحو 60 ألفاً إلى مائة ألفٍ
من بينهم سبعة أو ثمانية آلاف فارس ، وكان عدد الفيلق الإسباني لا يتجاوز 2000 ،
وكان عدد جيش سيدي عرفة 22 ألف فارس و 15 ألف من المشاة و 600 من حاملي الأسلحة
الناريّة ، واثناء مسير جيش الحفصي إلى القيروان فأجأهم جيش سيدي عرفة في مكان
يتوسّط المنستير وجمّالا عند الوردين والساحلين فوقعت الحرب بين الجيشين استمرّت
من التاسعة صباحاً إلى الغروب وانجلت عن انتصار جيش سيدي عرفة ( [28] ) ، وقد قاد هذه المعركة ابنه أحمد بن سيدي عرفة
لتقدّم سنّ سيدي عرفة ، وكانت هيئته العسكرية مؤلّفة من الشابّيّين ، وفي مقدّمتهم محمد بن أبي
الطيّب ، ومحمد الزفزاف بن سيدي عرفة ، والطاهر بن سيدي عرفة ، ومحمد بنّور والد
محمد المسعود الشابّيّ ، وعبد الصمد الشابّيّ ( [29] ) .
وفي عام 949 هــ توفّي الشيخ سيدي عرفة عن عمر بلغ 81 عاماً ، ودفن في مقبرة
الجناح الأخضر في القيروان ، وشُيّد له مقامٌ من قبل أبنائه وخليفته ابن أخيه محمد
بن أبي الطيّب ، ودفن إلى جواره أخوه محمد الكبير ومحمد الزفزاف بن عرفة وبعض
ابنائه ، وأحمد بن عرفة وخادم الله بنت أحمد بن عرفة ( [30] ) .
1ــ أحمد بن سيدي عرفة الشابّيّ أبو العبّاس .
وُلد عام 900 هــ ، وهو بطل معركة المنستير عام 1540 م 947 هــ التي
انتصر فيها على الحفصيّين وحلفائهم الإسبان ، وقد توفّي عام 950 هــ ، فقد جاء في
شعرٍ دُوّن على قبره قول الشاعر :
هذا ضريح أبو العبّاس سيّدنا = ابن الوليّ بحر العرفان لمن يردُ
ابن الإمام أبو العبّاس شهرته = يعني ابن مخلوف نعم الجدّ والسندُ
2ــ محمد الزفزاف بن سيدي عرفة الشابّيّ .
هو سادس شيخٍ للطريقة الشابّية وحامل لواء الثورة على الأتراك وعلى
أحمد سلطان الحفصي بعد سقوط الدولة بالقيروان ( [34] ) ، وقد استطاع القضاء على الحامية التركية ببسكرة
المتحالفة مع أحمد سلطان الحفصي عام 968 هــ ، ثمّ استولى على توزر فقفصة ، وقد
توفّي عام 985 هــ فدفن بجانب والده في القيروان بناءاً على وصيّته ( [35] ) .
ومن أولاده : عبد الصمد بن محمد الزفزاف الشابّيّ الذي اتّخذ من قلعة
تيزفرارين معقلاً حصيناً له استعمله منطلقاً لشنّ حروبه وغاراته على الأتراك ، فتمكّن
من تخضيد شوكتهم ومن تكوين إمارة بدوية في القسم الغربيّ من إفريقية دامت أكثر من
مائة سنة (
[36] ) ، وقد تحكم في قبيلة دُرَيْد وشاخ عليهم ، وكانت
وفاته عام 1025 هــ ( [37] ) .
3ــ الطاهر بن سيدي عرفة الشابّيّ .
كان من دعاة الطريقة الشابّية بجبل غريان حرصاً على إحياء السنّة بين
الإباضيّة الذين قوي أمرهم هناك منذ عدّة قرون ، وحينما قام بزيارتهم أسرع الناس
إلى ملاقاته في موكب بهيج وحظي بحفاوة متميّزة بينهم ، وقد أنجب ابناً اسمه محمد
وهو أحد رواة أخبار سيدي عرفة ، كما أنجب بنتاً اسمها خديجة وهي والدة محمد
المسعود الشابّيّ ( [38] ) .
3ــ أبو الفضل بن أحمد بن مخلوف الشابّي الهُذَلِيّ .
4ــ أبو الطيب بن أحمد بن مخلوف الشابّي الهُذَلِيّ .
وُلد عام 878 هــ ، وقد تولّى ابنه محمد إمارة القيروان بعد وفاة سيدي
عرفة عام 949 هــ ، واستمرّت ولايته حتى عام 965 هــ ، وهو تاريخ مقتله وسقوط
الدولة الشابّية على أيدي الغزاة العثمانيّين ( [40] ) ، وحينما سقطت الدولة تواصلت المقاوية الشابّيّة
للأتراك 123 عاماً ( [41] ) .
5ــ أبو الكرم أبو بكر بن أحمد بن مخلوف الشابّي الهُذَلِيّ .
وُلد حوالي عام 884 هــ ، وقد برز من ذريّته حفيداه الأخوان عبد الصمد
ومحمد المسعود ، وقد برز أوّلهما بثورته على العثمانيّين وباستنفاره للقبائل
الموالية وإقحامها في حروب متلاحقة لأكثر من ربع قرنٍ كاد يسترجع بها الدولة ،
فيما برز الثاني بانقطاعه إلى التصوّف والتأليف وإرشاد المريدين ، وقد بقيت رئاسة
الطريقة الشابّية في أحفاد أبي الكرم منذ أن تولّاها محمد المسعود حتى وفاة آخر
شيخ من أحفاده ، وهو محمد بن بورقعة الشابّي ، ومن بين 23 شيخاً تولّوا رئاسة
الطريقة الشابّية كان منهم 16 شيخاً من أحفاد أبي الكرم بن أحمد بن مخلوف الشابّي ( [42] ) .
7ــ أمة العزيز : أمّ العزّ بنت أحمد بن مخلوف الشابّي الهُذَلِيّ .
وقد ترجم الأستاذ حسن حسني عبد الوهّاب للشيخ أحمد بن مخلوف فقال :
" أحمد بن مخلوف شهر الشابيّ الهُذَلِيّ ، أبو العبّاس ، يُنسب إلى شيخٍ
ولِيٍّ يُعرف بسيدي نعمون مدفون بالشابّة ، وهي قرية بالساحل التونسي في وسط
الطريق ما بين المهدية وصفاقس .
بها وُلد أحمد في سنة 803 هــ وحفظ القرآن ، ثمّ قدم مدينة تونس ، وقرأ
بالزيتونة ، وتعرّف برجالها منهم أبو الفضل قاسم الرصاع ، ومحمد القسنطيني قاضي
المحلّة ، والشيخ الوليّ أحمد بن عروس وغيرهم . وبعد مدّة قصد بلد قصور الساف ــ
حذو المهدية ــ والتحق بخدمة الشيخ الوليّ سيدي علي بن أبي القاسم المزوغي "
، قال : " أخذ عنه طريق القوم ، ثمّ توجّه إلى الحجاز لأداء فريضة الحجّ ،
وصحب الشيخ عبد الوهّاب الهِنْديّ ، وانتفع بتعاليمه ، والتقى في مكّة بالشيخ
الصوفيّ عبد الكبير اليمنيّ ، وأخذ عنه ، ثمّ عاد إلى أفريقية واستقرّ بالقيروان ،
وتزوّج منها وشاع صيته في التربية الروحية وعلا ذكره في أنحاء البلاد ، وأسّس
طريقة صوفيّة تُعرف باسم الشابّيّة يتّصل سندها بالطريقة الشاذليّة الشهيرة .
وقد لاقت طريقته انتشاراً كبيراً ، ووجدت متّسعاً بين قبائل البدو
لخلوّ الأعراب من التعاليم الدينية ، ونالت حظّاً وافراً بينهم خصوصاً لمّا تداخل
خلفاؤه بعد وفاته في الشؤون السياسيّة وقيامهم بالدفاع عن حوزة البلاد لخلوّ
البلاد من الحامية وردّ هجمات الإسبان ، وتمكّن خلفاؤه لا سيّما ابنه المعروف
بسيدي عرفة من تأسيس إمارة مستقلّة قاعدتها القيروان ، وقد دامت هذه الإمارة نصف
قرنٍ كافحت خلالها في آنٍ واحدٍ بقيّة الدولة الحفصيّة المحتمية بنصارى الإسبان
والقوّات التركيّة المتسلّطة على إفريقية في خبرٍ طويلٍ استوعب ابن دينار
القيرواني شيئاً منه في تاريخه .
وتوفّي أبو العبّاس الشابّيّ في القيروان يوم 30 رمضان سنة 887 ، ويقال
إنّه دُفن في ضريح الشيخ عبد الله بن أبي زيد .
له :
1ــ مجموع الفضائل ، في سرّ منافع الرسائل في بداية الطريق لأهل
التحقيق ، هي إنشاءات ومكاتبات عديدة في مواضيع مختلفة من علم التصوّف جمعها بعد
وفاته بعض تلاميذه ، ولم يسمّ نفسه يخرج في 69 ورقة ، منه نسخة في مكتبتي
الخصوصيّة .
ومن أعلام الشابّيّة الكبار الشيخ محمّد المسعود الشابّيّ ، وقد ترجم له
الأستاذان محمد العروسي المطوي وبشير البكوش فقالا : " الشابّيّ ( محمد
المسعود ) 970 ــ 1028 هــ 1563 ــ 1620 م : محمد المسعود بن محمد بنّور بن عبد
اللطيف بن أبي الكرم بن أحمد بن مخلوف الشابّي . من أحفاد العارف الشهير أحمد بن
مخلوف الشابّيّ .
وُلد سنة 970 هــ وانتقلت به أسرته إلى توزر وهو صغير ، إثر سقوط دولة
الشابّية بالقيروان . وفي توزر بدأ محمد المسعود دراسته إلّا أنَّ إقامته لم تطل
هناك ، حيث اضطرّته ظروف الأسرة إلى التنقّل في الجنوب الغربيّ للبلاد التونسيّة ،
والمناطق الجزائريّة المصاقبة ، واقام مدّة في ششار بالأوراس .
وفي سنة 1003 هــ حجّ ، والتقى بجماعة من علماء الأزهر ، واستجازهم ،
وباحثهم مثل الشيخ صالح البلقيني الشافعيّ ، وسالم السنهوريّ المالكيّ ، ولمّا عاد
إلى تونس رجع إلى مهد نشأته داعياً إلى الطريقة الشابّيّة ، فأقام بسوف مدّة ، ثمّ
تنقّل بين ششار وجبال ورغة وتونس معلّماً ومربّيّاً ، مبتعداً عن كلّ ما يتّصل
بالسياسة ، رغم محاولات أخيه عبد الصمد الذي حاول إرغامه على ذلك قسراً ــ
وبالتهديد أحياناً ــ ، وأقام آخر أيّامه في ششار ، حيث نشط في نشر العلم والسلوك
، وأسّس زاوية هناك ، وتوفّي في ششار سنة 1028 هــ ، وقد خصّه ابنه عليّ بتأليفٍ
جمع فيه مناقبه وفضائله ، وهو تأليف هام في دراسة تاريخ الشابّيّة عامّة " ( [46] ) ، وذكر الكاتبان من تآليفه :
1ــ الفتح المنير في التعريف بطريقة الشابّيّة وما ربّوا به الفقير .
2ــ الدرّ الفائق في علم الطريقة والإشارات إلى الحقائق .
3ــ المقرّب المفيد في فروض العين والتوحيد .
4ــ المختصر الصغير في العبادات .
5ــ شرح المختصر الصغير .
6ــ شرح العقيدة .
7ــ مطالع الأنوار ومواهب الأسرار في الخمسة أذكار .
وقال الدكتور محمد أمين بلغيث في ذكره :
" أما عن المسعود الشابيّ الداعية والعالم الصوفيّ في عصر العدوانيّ فهو :
محمد المسعود بن محمد بنّور بن عبد اللطيف بن أبي الكرم بن أحمد بن مخلوف الشابّيّ
من أحفاد العارف الشهير أحمد بن مخلوف الشابيّ ( ت 887 هــ / 1482 م ) ، ولد عام
970 هــ / 1563 م ، داعيةٌ كبيرٌ من دعاة الشابّية ، جال في الجريد وسوف وأقام
بششار ( وتعرف اليوم بتابردقة ) وأسس زاوية مشهورة وتوفي عام 1028 هــ / 1620 م )
، وقد خصّه ابنه علي بتأليف جمع فيه مناقبه وفضائله ، ومحمد المسعود الشابي من
العلماء وكبار المتصوفة ، تزعّم الطريقة الشابّيّة التي سُمّيت فيما بعد الطريقة
الزروقية . لها أتباعها وأنصارها ، ومن بين كبارها المسعود ومساعديه المقربين إليه
ومنهم الشيخ علي درباز شُهر الآن دربال المدفون بجانب محمد المسعود الشابي بششار ،
وللشيخ علي دربال زاوية بعميش . أمّا والد سيدي المسعود وهو محمد بن بنّور فقد مات
بضاحية بلكور بالعاصمة ، ومن بين إخوة سيدي المسعود عبد الصمد الشابي ، وله نسل
بناحية القبائل وباتنة ، ويعرفون إلى اليوم بأولاد عبد الصمد ، وله أخ آخر يسمى
القاسم بالجبل الأخضر بطرابلس الغرب ، وكانت وفاة سيدي المسعود حسب الشيخ العوامر
المؤرّخ حوالي سنة 1028 هــ / 1619 م ، أو 1620 م . ودفن بزوايته الكائنة بششار ،
وكان سيدي المسعود قد أسّس مسجدين أحدهما بالوادي والثاني بقمار سنة 1597 م "
( [49] ) .
وقال الجيلاني بن إبراهيم العوامر : "
تزعّم سيدي المسعود طريقة دينيّة تُدعى الطريقة الشابّيّة سُمّيت فيما بعد الطريقة
الزروقية . لها أتباعها وأنصارها " ، وقال : " أمّا والد سيدي المسعود
وهو محمد بنّور فقد مات وقُبر بضاحية العاصمة الجزائرية ( بلكور ) ، ومن بين إخوة
سيدي المسعود : عبد الصمد وله نسلٌ بناحية القبائل ، وهم المعروفون بأولاد عبد
الصمد ، وأخٌ آخر يُسمّى القاسم بالجبل الأخضر بأرض طرابلس ، وكانت وفاة سيدي
المسعود حوالي عام 1028 هــ سنة 1619 م ، ودفن بزاويته الكائنة بششار قرب بلدة
خنشلة ، وكان قد أسّس مسجدين أحدهما بالوادي والثاني بقمار سنة 1597 م " ( [50] ) .
ومن رجالاتهم الذين نزلوا المدينة المنوّرة قبل قرنٍ من الزمان أحمد
الشّابيّ المسعوديّ ، قال محمد بن صالح الجودي القيرواني في ذكر من قابلهم في
المدينة المنوّرة عام 1332 هــ : "
كما اجتمعنا بالسَّيّْد أحمد الشّابي بن القاسم المسعودي نسبة إلى عبد الله بن
مسعود الصّحابي الشّهير وينتسب إلى هذيل " ( [51] ) .
المصدر : قبيلة هُذَيْل وأصولها القديمة في بلاد الحجاز حتى آخر عهد الأشراف عام 1344 هــ ــ مخطوط ــ
المصدر : قبيلة هُذَيْل وأصولها القديمة في بلاد الحجاز حتى آخر عهد الأشراف عام 1344 هــ ــ مخطوط ــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق