عن تاريخ المساعيد

يؤكد الكثير من الباحثين ومنهم أ / راشد الإحيوى فى كتابه عن ديار المساعيد القديمة ( 1 ) بأن المحفوظ عند قبائل المساعيد فى مختلف أنحاء ديارهم بأنهم قدموا من ديارهم الأصلية فى جنوبى الحجاز وبأن ديارهم كانت فى وادى الليث ونواحيه وبعض نواحى مكة المكرمة ويؤكد ذلك فى مبحثين : حول ما ذكره الكتاب حول ديار المساعيد القديمة ، وما ذكره رواة المساعيد عن ديارهم القديمة ، وأنا أجزم بدقة كل ما يكتبه أ / راشد الإحيوى إذ إنه يتحرى البحث من المصادر التاريخية علاوة على أنه لا يكتفي بذلك بل رأيناه يجوب الديار نازحاً من بادية الأردن الى بادية سيناء ، ثم يتوغل فى الديار المصرية ، ثم يطير الى مواطن الأجداد فى رحلة تراثية من البدع الى الحجاز الى مكة وغيرها فى المملكة العربية السعودية مصطحباً معه بعض الباحثين أومجموعة من المحبين لرؤية ديار المساعيد القديمة والوقوف على أطلالهم وذكر أيامهم ، وحفظ أشعارهم ، ولقد التقيته فى شبه جزيرة سيناء بصحبة الحاج / سليمان فريج راشد وهو يبحث ويسأل عن الباحثين والعارفين بأصول القبيلة وعن القضاء المسعودى ــ ولقد كان لى الشرف أن أكون واحداً من هؤلاء ــ وشاهدناه وهو يذهب من الجنوب إلى الوسط إلى الشمال فى شبه جزيرة سيناء ، ثم ينتقل الى منطقة جلبانة التابعة لمدينة القنطرة شرق بالاسماعلية ، ثم يرتحل الى الشرقية وإلى صعيد مصر ، وهذا لعمرى شرف عظيم لباحث يتحرى الحقيقة من مصادرها ، وأحسب أنه أفضل من يؤرخ لقبيلة المساعيد ، وأرى أنه قد وهب مساحة كبيرة من حياته وجهده فى استقصاء الحقيقة من منابعها ، وهذه مهمة الرحالة العظيم ، المخلص لقبيلته ، وحريٌّ بنا أن نذكر ذلك عندما نأخذ عنه ، ونضيف إلى مبحثنا رافداً ثراً من معين التراث البدوى ، للوصول معاً – بالعلم - الى غاية نبيلة عن المساعيد كقبيلة من أعرق القبائل العربية ، وأعظمها شأناً، وتأثيراً فى مجتمعنا المعاصر .
ولعلنا هنا لن نخرج عن طبيعة البحث اذا أشدنا بأحد الباحثين الذين لولاهم - كما أحسب - ماتم توثيق كل هذه الأصول عن قبيلة المساعيد ، وأعنى أ / راشد الاحيوى ، كما أن الامانة العلمية تقتضى أن نذكر له هذا الفضل فيما سيأتى :
قال الشيخ بن غانم الاحيوى المسعودى فيما أورده عنه أحمد موسى الفسفوس : جاء المساعيد من وادى الليث فى الحجاز ، كما قال رياض القطامين بجريدة الرأى الأردنية : ان عشائر الاحيوات المساعيد قبيلة عربية قدمت من وادى الليث ما بين اليمن والحجاز فى جنوب الجزيرة العربية ، كما ذكر القاضى اسليم أبو عيد الاحيوى المسعودى فقال قبيلة المساعيد التي قدمت من وادي اللَّيث قال الحاج سلاّم بن سليمان المسح أبو غريقانة الأحيوي المسعودي ــ رحمه الله تعالى ــ فيما أورده الشيخ عاتق بن غيث البلادى قال : حدثنى فرج بن الأطرش " أبو غريقانه " ، واسليم بن حمد وغيرهما من كبار الغريقانيين أن المساعيد قدموا من وادى الليث ، وحدثنى الشيخ سليمان الطرفاوى شيخ المساعيد فى البدع بأن المساعيد قد ارتحلوا من " الحوية " فى جنوب الحجاز .
هذا وقد ذكر أ / على نصوح الطاهر - رحمه الله - فى حديثه عن مساعيد فلسطين : " منازلهم الأصلية فى الحجاز فى أطراف مكة قرب جبل برد وجبل ذكاء ويقيمون فى السيل
ومما ذكره الشيخ / هايل ين عودة بن فريوان السرور السعودى شيخ مساعيد الجبل رحمه الله فى شمال الأردن : قبيلة المساعيد أصلها من الحجاز وفى ذكر قبيلة المساعيد أيضاً يقول د / خلف خازر : " تكاد تتفق الاقوال الشفوية المنقولة من أفواه أهل الجبل أنفسهم بأن التجمعات الأولى لعشائرهم قد بدأت فى منطقة الحجاز ، حيث استقر بعضها هناك بينما انتقل البعض الاخر الى العراق وتابع طرف ثالث هجرته الى سورية ليشمل المنطقة الممتدة من جبل العرب حتى مشارف منطقة الأزرق هذا ولقد ذكر دكتور/ فهمى سليم محمد ابراهيم غزوى فى أطروحته عن النظام العشائرى فى الأردن ذاكراً قبيلة المساعيد : يقول : روى لى الشيخ / هايل السرور شيخ عشائر أهل الجبل أن مساكن أهل الجبل قبل الاسلام فى الجزيرة العربية ، وفى زمن الفتوحات الاسلامية حيث هاجر قسم من هذه القبائل الى العراق ، وقسم اخر الى بادية الشام ، وقسم ثالث الى مصر ، وقد تفرق القسم الذى هاجر الى العراق الى فريقين فريق منهم لجأ الى بادية الشام والفريق الاخر ظل بالعراق .
هذا ويعلق الاستاذ / راشد الاحيوى على كل الاراء السابقة بقوله : يلاحظ من خلال النصوص السابقة المتعلقة بقبيلة المساعيد فى الجبل ( جبل العرب ) فى شمال الأردن : أن المساعيد قدموا فى الحجاز فى الجزيرة العربية وانهم انقسموا الى الأقسام التالية :
1ــ قسم هاجر الى العراق ومن هذا القسم فريق اتجه الى جبل العرب .
2ــ قسم هاجر الى بلاد الشام.
3ــ قسم هاجر الى الديار المصرية .
4ــ قسم ظل فى بلاد الحجاز .
كما أضاف أستاذنا أ / راشد الاحيوي بأن أ / احسان نمر قد ذكر بأن المساعيد هم من وادى الحرير بالحجاز ، كما ذكر ذلك كلاً من نسيم العكش فى كتابه العشائر الأردنية بين الماضى والحاضر ، ود / ثرية ملحس حينما قالت : تحدرت أسرتى من قبيلة المساعيد التى نزحت من الحجاز فى الجزيرة العربية .
هذا ويورد لنا أ / راشد الاحيوى العديد من الأقوال على لسان المشايخ والرواة لتؤكد نسبة قبيلة المساعيد الى بلاد اليمن ومن هؤلاء : محمد جميل المدنى فى بحثه الميدانى عن قبيلة الاحيوات بالأردن يقول : نحن نعود بجذورنا الى الجد الأكبر وهو مسعود بن هانئ والذى كان مقيما فى وادى الليث فى اليمن وقد هاجر أجدادنا من بلاد اليمن . هذا ويضيف أ / محمد جميل المدنى نقلاً عن شيوخ ووجهاء قبيلة المساعيد فى شمال الأردن بأن قبيلة المساعيد قدمت من وادى الليث فى اليمن يقول : قال عودة بن سليمان السرور المسعودى : ان المساعيد قدموا من اليمن وبالتحديد من وادى الليث ، وقال راكان بن عودة السرور السعودى ان قبيلة المساعيد قدمت من الأراضى الحجازية الى اليمن ، وقال عايد بن هزار السرور المسعودى : قدمت قبيلة المساعيد من الأراضى الحجازية من اليمن ، وقال عايد بن هزار السرور المسعودى : قدم المساعيد من وادى الليث فى اليمن ، وقال عواد بن هزام السرور السعودى : ان المساعيد قدموا من اليمن الى الحجاز ، وقال حسن بن مريبع بن قاسم الهلالى المسعودى : أنهم قدموا من اليمن من وادى الليث الى الحجاز ، ولعل تلك الاراء حول ديار المساعيد تؤكد على أن : ديار المساعيد كانت فى الديار الحجازية ، أو فى الديار اليمنية ، ولعل تعليقى هنا - حسب ما كتبه الباحثون يؤكد بأن المساعيد قد قدموا من وادى الليث فى اليمن .
هذا ولقد ذكر أ / محمد سليمان الطيب فى كتابة موسوعة القبائل العربية بأن المساعيد هم بنو هانئ بن مسعود الشيبانى من بلاد العراق وهذا زعم باطل لأن بنى شيبان من قبائل بلاد العراق ولاجود لهم فى جنوبى الحجاز كما أن مسعود بن هانئ جد المساعيد يقترب فى الاسم من هانئ بن مسعودالشيبانى ولعل هذا التشابه هو ما أوقع أ / محمد سليمان الطيب فى هذا الخلط بين القبائل الحجازية والقبائل الشيبانية .
هذا وتقتضى الأمانة العلمية طالما أفردنا فصلا كاملا عن ديار المساعيد القديمة بأن نؤكد على مارواه المساعيد حول ديارهم القديمة ، وماتوا وما ورثوه كابرا عن كابر، فى أصل المنشأ والديار ، ولعلنى لا أجد حرجاً فى أن أضمن دفتى هذا الكتاب ما أورده أ / راشد الاحيوي - الباحث العلامة عن قبيلة المساعيد (1 ) - فى ذكر بعض الرواة الذين قابلهم ليحدثوه عن ديار المساعيد القديمة كما اضيف اليه :
1ــ ما ذكره الشيخ / سعيد سالم حسين عقيل شيخ قبيلة المساعيد بجلبانة ( بالقرب من القنطرة شرق بمصر ).
2ــ وما ذكره كلا من الشيخ / حسين سالم حسين عقيل المجاهدين المساعيد فى حرب 1967 م
3ــ وكذلك ما رواه سليمان سالم حسين من كبار المساعيد .
4ــ وما أكده الشيخ / حسين عمرو سلامة القاضى العرفى .
5ــ والشيخ / عميرة سلامة عميرة القاضى العرفى بقرية جلبانة أيضاً
6ــ وما ذكره الشيخ / محمد عيد عيادة الشهير بالبريدى وهومن كبار القضاه العرفيين لقبيلة المساعيد فى الديار المصرية بقرية جلبانة هناك.
7ــ وما أكده الشيخ / عمرو سالم حسن .
8ــ والشيخ / سالمان حسين القاضى العرفى بقرية جلبانة .
وكل هؤلاء يؤكدون بأن المساعيد ينتسبون الى عدنان والتى تعد من أكبر الفروع العربية التى وجدت مع مضر وربيعة وأنمار وغيرها ، ويؤكدون أن ديار المساعيد القديمة بين اليمن والسعودية فى الأراضى الحجازية ؛ إلا أنهم يؤكدون بأن أصول المساعيد تعود الى اليمن فى ووادى الليث ، كما أنهم يتواجدون فى البدع : ( بدع المساعيد ) فى المملكة العربية السعودية .
9ــ هذا يؤكد الحاج / حسين سالم حسين عقيل المجاهدين بسيناء - وحسب ما ذكره الشيخ / سعيد سالم شيخ القبيلة فى جلبانة أيضاً يقول : ان الشيخ حسين سالم حسين - قد زار المملكة العربية السعودية وارتحل الى مناطق المساعيد هناك فى تبوك والبدع وغيرها ، وهناك التقى بالشيخ / سليمان الطرفاوى من المساعيد فى البدع ، والعمدة حسين مسلم الجغام المسعودى عمدة البدع فذكرا أن المساعيد يعودون فى أصولهم الى اليمن .
هذا ويؤكد الشيخ / سعيد سالم من أمراء المساعيد وشيخ القبيلة فى قرية جلبانة - بأنه قد أتى إلى مصر 75 قبيلة عربية وكان من ضمن هؤلاء قبيلة المساعيد ، ولقد رحلوا بعد ذلك الى ( فارعة المسعودى ) فى الضفة الغربية ، وكانت لهم معركة مع الحكومة فى غزة آنذاك ، وكان ضمن أمراء المساعيد فى الغزوة الأمير / سليمان المنطار وهو من كبار المساعيد ، واستمرت شهرة المنطار - كما يذكر - إلى أن أصبح الان معبراً على الحدود فى فلسطين .
هذا ويضيف الشيخ / سعيد سالم بأن المساعيد دخلوا سيناء عن طريق " نخل " القديم بوسط سيناء ، ثم نزحوا الى غرب العريش واستقروا هناك فسميت منطقة غرب العريش بالمساعيد على اسمهم وهى موجودة الى الان وكان من فروعهم الذين استقروا بمنطقة المساعيد فرع شوفان جدّ الشوافين وكانوا يطلقون على أنفسهم الاحيوات لانهم أكلوا من شجر الحويّ لكنهم مساعيد فى الأصل ، وفى السعودية - كما يذكر - لا يوجد من يطلق عليهم احيوات فالكل هناك مساعيد ، كما توجد فرقة منهم سكنت الأردن ، ثم استقروا فى منطقة جلبانة ومحافظة الشرقية ، ثم ارتحلوا الى صعيد مصر فى أسوان والمنيا وسوهاج ، ورجعت بعض القبائل لتستقر فى الشرقية وجلبانة ثم استقروا بها الى الان .
ومن الأمور الطريفة والتى تؤكد وجود المساعيد القديم خاصة الشوافين ومعه رجال القبيلة أيضاً ما ذكره الشيخ / سعيد سالم حسين - الأمير المسعودى - يقول : جاء المساعيد الى العريش وحفروا ثميله هناك ليشربوا ، وكانت العائلات والقبائل المجاورة تتدافع حول هذه الثميلة فسميت مياه المسعوديات ، هذا ولقد أوردت ذاكرة الشعر البدوى ذكر هذه الثميلة أيضاً ، كما ذكر لى والدى الحاج / عبد الهادى السيد الشاعر السيناوى الكبير وقد ذكر لى بأنهم كانوا يتغنون بذكرها فى سامرهم الليلى وفى رقصهم على أنغام الة الشبابة والأرغول والمقرون ، يقول شاعرهم :
بيت أبو سنون مشـرع والباقى كله حجـــــراوات
أوتاده فى حمض المرة
وحباله فى المسعوديـات
هذا ويذكر الشيخ / سعيد سالم حسين المسعودي شيخ قبيلة المساعيد بجلبانة مؤكداً بأن قبيلة الاحيوات من المساعيد ، كما ذكر المستشرق ساندى فى كتابه المساعيد ؛ هذا وقد ذكر لنا الشيخ / حسين سالم حسين عقيل المسعودي ــ وهو من المجاهدين الذين كانت لهم صولات وجولات فى خدمة الادارة المصرية والمخابرات الحربية أثناء حرب 1967م وانتصارات السادس من أكتوبر عام 1973م أيضاً ــ يقول : كان مما روى عن رجال المساعيد أنه حدث أيام الانجليز حيث كان القائد " براملى " قائداً للمخابرات البريطانية ، وكان يعرف عادات وتقاليد القبائل ، وحينما وقعت الحرب العالمية الأولى كانت مدافع الألمان تقذف نيرانها ، وكان البريطانيون قد دخلوا الحرب ، وكان هذا القائد متخفياً بين القبائل ليستحثها على نصرة الانجليز على أعدائهم ، فكان كلما سمع صوت المدافع يلعن الألمان وكانت القبائل تكره الانجليز فكانوا يسبون الانجليز ، وانتقل القائد بعد ذلك الى جماعة من المساعيد فظل يفعل ذلك لترهيب البدو من الألمان وكانت سحنته تدل على أنه بدوى ، بل كان يجيد اللهجة البدوية كأحد أبنائها ، ولقد دقق المسعودى فى مخارج حروفه فعرف أنه انجليزى فقال المسعودى : العرب لو متعلمين هايودونا فى داهيةٍ أي لوعرفوا انه انجليزي ما تجرأوا على قول ذلك خشية أن يقبضوا عليهم ، وفعلا كتب براملى تقريراً عن هؤلاء ٍ وما هى إلا أيام حتى قبضت المخابرات البريطانية على 114 فرد من أبناء القبيلة والقبائل المجاورة ، وقد وضعوهم فى معتقل كبير أثناء الحرب وهذا يدل على فراسة أبناء المساعيد أيضاً ، والفراسة جزء من رجاحة العقل ؛ لذا كان لهم القضاء ؛ واليهم يرجع القادة العرفيين أيضاً .
هذا ويذكر الشيخ / محمد عيد عيادة الشهير بالحاج / محمد البريدى المسعودى من كبار قضاة المنشد المسعودى ؛ ومن شيوخ القبيلة ، وهو رجل صالح ، وقد تعلم فى مدرسة الحياة الكثير ، وهو يعزى كل كلامه الى القرآن الكريم والأحاديث النبوية ؛ ويرفض الحديث عن الأنساب والأحساب ، وكان معى فى رحلتى اليه الصديق المهندس / محمد محمد السعيد حبيشة - ابن أخت الداعية الاسلامية الكبير الشيخ / محمد متولى الشعراوى - والذى استراح لمقدمه ذاكراً الشيخ الشعراوى بكل حمد وثناء ، ثم بدأ الحديث - مقتضباً - فقال الشيخ : جاء المساعيد إلى بلاد غزّة ، ثم قامت معركة المنطار بغزة فاستقام المساعيد هناك ــ أى مكثوا فى فلسطين ــ ثم دخلوا الى العريش ، ثم استقروا فى غرب مدينة العريش فى منطقة أطلق عليها اسم المساعيد نسبة لوجودهم وهناك حفروا ( بئر المسعوديات ) ، ثم زرعوا نخلتين أو ثلاثة فسمى المكان ( نخل المساعيد ) وكل ذلك قد حدث بعد الفتوحات الاسلامية ، ثم سار المساعيد الى مصر ومنها الى الشرقية والعايد والجيزة ثم الى منطقة الصف ، ثم ارتحلوا الى بنى سويف ومدن الصعيد ، ثم رجع بعضهم الى سيناء ، وانتقل بعضهم الى منطقة الطور جنوب سيناء وعرفوا هنا ( بعرب الجراجرة ) ، ثم ارتحلوا الى الشمال فى العريش ، واستقروا فى جلبانه بالقنطرة شرق ، والتابعة الان لمحافظة الاسماعيلية ، ومما يذكره القاضى / محمد البريدى المسعودي عن المساعيد فى فلسطين : ان بعضهم قد زار الحاج / عيد البريدى المسعودي وكان قاضياً ورجلاً مضيافاً ؛ فكان أن أحسن وفادتهم ، فلما ارتحلوا الى فلسطين كان من بينهم أحد الشعراء فأرسل الى والده قصيدة من شعره يقول فيها :
أزجو رقيب الحرب قصيــــــــدتى
هذا ويذكر الشيخ / سعيد سالم حسين المسعودي شيخ قبيلة المساعيد بجلبانة مؤكداً بأن قبيلة الاحيوات من المساعيد ، كما ذكر المستشرق ساندى فى كتابه المساعيد ؛ هذا وقد ذكر لنا الشيخ / حسين سالم حسين عقيل المسعودي ــ وهو من المجاهدين الذين كانت لهم صولات وجولات فى خدمة الادارة المصرية والمخابرات الحربية أثناء حرب 1967م وانتصارات السادس من أكتوبر عام 1973م أيضاً ــ يقول : كان مما روى عن رجال المساعيد أنه حدث أيام الانجليز حيث كان القائد " براملى " قائداً للمخابرات البريطانية ، وكان يعرف عادات وتقاليد القبائل ، وحينما وقعت الحرب العالمية الأولى كانت مدافع الألمان تقذف نيرانها ، وكان البريطانيون قد دخلوا الحرب ، وكان هذا القائد متخفياً بين القبائل ليستحثها على نصرة الانجليز على أعدائهم ، فكان كلما سمع صوت المدافع يلعن الألمان وكانت القبائل تكره الانجليز فكانوا يسبون الانجليز ، وانتقل القائد بعد ذلك الى جماعة من المساعيد فظل يفعل ذلك لترهيب البدو من الألمان وكانت سحنته تدل على أنه بدوى ، بل كان يجيد اللهجة البدوية كأحد أبنائها ، ولقد دقق المسعودى فى مخارج حروفه فعرف أنه انجليزى فقال المسعودى : العرب لو متعلمين هايودونا فى داهيةٍ أي لوعرفوا انه انجليزي ما تجرأوا على قول ذلك خشية أن يقبضوا عليهم ، وفعلا كتب براملى تقريراً عن هؤلاء ٍ وما هى إلا أيام حتى قبضت المخابرات البريطانية على 114 فرد من أبناء القبيلة والقبائل المجاورة ، وقد وضعوهم فى معتقل كبير أثناء الحرب وهذا يدل على فراسة أبناء المساعيد أيضاً ، والفراسة جزء من رجاحة العقل ؛ لذا كان لهم القضاء ؛ واليهم يرجع القادة العرفيين أيضاً .
هذا ويذكر الشيخ / محمد عيد عيادة الشهير بالحاج / محمد البريدى المسعودى من كبار قضاة المنشد المسعودى ؛ ومن شيوخ القبيلة ، وهو رجل صالح ، وقد تعلم فى مدرسة الحياة الكثير ، وهو يعزى كل كلامه الى القرآن الكريم والأحاديث النبوية ؛ ويرفض الحديث عن الأنساب والأحساب ، وكان معى فى رحلتى اليه الصديق المهندس / محمد محمد السعيد حبيشة - ابن أخت الداعية الاسلامية الكبير الشيخ / محمد متولى الشعراوى - والذى استراح لمقدمه ذاكراً الشيخ الشعراوى بكل حمد وثناء ، ثم بدأ الحديث - مقتضباً - فقال الشيخ : جاء المساعيد إلى بلاد غزّة ، ثم قامت معركة المنطار بغزة فاستقام المساعيد هناك ــ أى مكثوا فى فلسطين ــ ثم دخلوا الى العريش ، ثم استقروا فى غرب مدينة العريش فى منطقة أطلق عليها اسم المساعيد نسبة لوجودهم وهناك حفروا ( بئر المسعوديات ) ، ثم زرعوا نخلتين أو ثلاثة فسمى المكان ( نخل المساعيد ) وكل ذلك قد حدث بعد الفتوحات الاسلامية ، ثم سار المساعيد الى مصر ومنها الى الشرقية والعايد والجيزة ثم الى منطقة الصف ، ثم ارتحلوا الى بنى سويف ومدن الصعيد ، ثم رجع بعضهم الى سيناء ، وانتقل بعضهم الى منطقة الطور جنوب سيناء وعرفوا هنا ( بعرب الجراجرة ) ، ثم ارتحلوا الى الشمال فى العريش ، واستقروا فى جلبانه بالقنطرة شرق ، والتابعة الان لمحافظة الاسماعيلية ، ومما يذكره القاضى / محمد البريدى المسعودي عن المساعيد فى فلسطين : ان بعضهم قد زار الحاج / عيد البريدى المسعودي وكان قاضياً ورجلاً مضيافاً ؛ فكان أن أحسن وفادتهم ، فلما ارتحلوا الى فلسطين كان من بينهم أحد الشعراء فأرسل الى والده قصيدة من شعره يقول فيها :
أزجو رقيب الحرب قصيــــــــدتى
الى صاحبها عيد البريدى مهدياً
ان الفتى أصل للمدح كلـــــــــــــه
ان الفتى أصل للمدح كلـــــــــــــه
ما قلته فيه قليل لســـــت محصياً
وهذا يدل على اتصال مساعيد فلسطين بالمساعيد فى سيناء كما يذكر لنا شاعراً آخر قال عن المساعيد :
خير الورى قوم عرفتهم المساعيد مع شيبان نعم الأعارب
قلت : أصح الله لسانك ، هكذا صوب القاضى ما رواه الشيخ / سعيد سالم حسين شيخ قبيلة المساعيد بجلبانة :
مساعيد من شيبان خير الأعارب لهم شيمة لم تجدها عند غيرهم
وهو لا يعرف لماذا كنت قد اقتربت منه لأقبل جبينه ، لكننى أفهمته الموقف ، وهذا يؤكد أن المساعيد ليسوا من شيبان كما ذكر، ولعل هذين البيتين ينسخان البيتين اللذين رواهما الشيخ سعيد ؛ ومن هنا تجيء دقة الحفظ لتظهر الحقيقة التى يتحراها الباحث ؛ ويؤطر لها ؛ دون أى اجتهاد منه ؛ فالحق أبلج ، والحق أحق ان يتبع ، وقال أ / راشد بن حمدان الأحيوي : حينما زارني ابن العم الشَّاعر عصام بن أمين بن عبد الله بن سليمان بن سالم بن محمد الديك المسعودي طلب مني حين آوى إلى فراشه كتباً يقرؤه فأعطيته كتاب ( دمعات على مبسمي ) لابن العم الشَّاعر هاني بن محمد بن عيد البريدي المسعودي فلمّا قرأ أول قصائد هاني البريدي ( دمعات على مبسمي ) التي بدأها بقوله :
وهذا يدل على اتصال مساعيد فلسطين بالمساعيد فى سيناء كما يذكر لنا شاعراً آخر قال عن المساعيد :
خير الورى قوم عرفتهم المساعيد مع شيبان نعم الأعارب
قلت : أصح الله لسانك ، هكذا صوب القاضى ما رواه الشيخ / سعيد سالم حسين شيخ قبيلة المساعيد بجلبانة :
مساعيد من شيبان خير الأعارب لهم شيمة لم تجدها عند غيرهم
وهو لا يعرف لماذا كنت قد اقتربت منه لأقبل جبينه ، لكننى أفهمته الموقف ، وهذا يؤكد أن المساعيد ليسوا من شيبان كما ذكر، ولعل هذين البيتين ينسخان البيتين اللذين رواهما الشيخ سعيد ؛ ومن هنا تجيء دقة الحفظ لتظهر الحقيقة التى يتحراها الباحث ؛ ويؤطر لها ؛ دون أى اجتهاد منه ؛ فالحق أبلج ، والحق أحق ان يتبع ، وقال أ / راشد بن حمدان الأحيوي : حينما زارني ابن العم الشَّاعر عصام بن أمين بن عبد الله بن سليمان بن سالم بن محمد الديك المسعودي طلب مني حين آوى إلى فراشه كتباً يقرؤه فأعطيته كتاب ( دمعات على مبسمي ) لابن العم الشَّاعر هاني بن محمد بن عيد البريدي المسعودي فلمّا قرأ أول قصائد هاني البريدي ( دمعات على مبسمي ) التي بدأها بقوله :
وقالت حين طف الكيـل منـي
لعمرك من تكون إلام تعني ؟
جاشت مشاعره فكتب يقول :
رداً على الحبيب ابن العم هاني البريدي :
رداً على الحبيب ابن العم هاني البريدي :
ويدمع صاحبي من ملح جفني
ويلتحف الأسى من سوء ظني
|
ومــا أدراه إذ أخـفـقـت يـومــاً
ولا أدري بـه مـذ ضــاع مـنـي
|
ويكفيـنـي الــذي لاقــاه ظـلـمـا
ويكفـيـه الـــذي أبـكــاه عـنــي
|
فما في الأرض من تيـهٍ ولكـن
نـتـوه وأفتـديـه بـمــاء عـيـنـي
|
ولـي ظـلٌ أراه بمصـر يـجـري
وماءُ النيلِ حيـث يصـبّ يدنـي
|
وقـد أدنـاه مــن هـمّـي ودمّــي
أمـورٌ والهـوى ينـبـي ويغـنـي
|
مكـثـت بـوادهـا آهـــاً وواهـــاَ
وأرجـــأت الـتـأمـل والـتـمـنّـي
|
وطفـت بوحيهـا جهـراً وســراً
وسـابـقـت التـعـجّـل والـتـأنّــي
|
فما شافيت مـن دمعـي مجيـراً
ببسمة صاحبـي إذ عـمّ حزنـي
|
رأيت الأُحيوي والروح تهوي
إلــى لقـيـاه حيـنـاً بـعــد حـيــنِ
|
وقـد جاريـت فـي اللقيـا زمانـاً
بـه كنّـا دمـاً فـي الصّلـب منـي
|
ونـاديـنـا مسـاعـيـد الــبــوادي
تعالوا شأنكم في بعض شأنـي
|
أنـيـخـوا ودّكـــم لا عـيــش إلاّ
إذا مـا كـان هــذا الــود يمـنـي
|
هذا ويذكر العقيد بحرى / اسلام توفيق ــ بأن اللحيوات ( الاحيوات ) وعددهم 4500 نسمة ينتسبون الى مسعود ابن هاني ، حيث ارتحل المساعيد وبنو عقبة من نجد . ونزلوا فى وادى العربة ، وكان مع المساعيد قوم من عرب مطير يعيشون معهم فى مقابل جعل مادى ( الخاوة ) فاستثقلوا دفعها ، واستغاثوا ببنى عقبة . ثم يضيف : وانقسم المساعيد ثلاثة فرق : فرقة ذهبت شرقاً وسكنت فارعة المسعودى وراء حوارن ، والثانية غرباً حيث سكنت أرض مصر وعرفت بأولاد سليمان . وبقى منها بقية غرب مدينة العريش حافظت على اسم المساعيد ، والثالثة ذهبت جنوباً بشرق فسكنت وادى الليف فى الحجاز على بعد 50 ميلاً جنوب العقبة ، وتخلف من هذه الفرقة قوم فى وادى الجرافى ففرغ زادهم فأخذوا يقتاتون نبت الحوى فسموا الإحيوات .
هذا ويذكر الباحث / تيسير عبداللطيف فى كتابه أنساب العرب بأن المساعيد من هذيل ، وبأنهم من العدنانيين من الحجاز بشبه الجزيرة العربية . ( 1 )
هذا ولقد سجلت ذاكرة الشعر البدوى بأن المساعيد قد جاءوا من وادى الحرير يقول شاعرهم محمد بن عيسى العقرباوى ــ رحمة الله ــ فى قصيده له يمدح بها الأمير عبدالله بن ضامن أبو الفيته المسعودى أمير قبيلة المساعيد فى فلسطين عام 1946 م يقول :
انت مسعودى من وادى الحريـــــر
من أشرف
القوم من روس السياد
وإذا جاز لنا أن نعلق على قصيدة الشاعر / حسن بن عيد بن كريدم الاحيوي المسعودى عندما تحدث عن قبيلة الاحيوات ، فإنما نعلق لنصل الى الحقيقة فقط ، ولا شئ ، غيرها ، وليعرف الجميع إننى من قبيلة " بنى سليم " الحجازية واننى من سكان مدينة العريش من عائلة السلايمة التى تعود فى أصولها الى قبيلة بنى سليم العدنانية وليس لى أى صلة نسب أو مصاهرة مع المساعيد حتى أضيف اليهم أو أصحح لشعرائهم ، وليس لى سوى تحرى الحقيقة والبحث عن الأصول وتحليل النصوص والرويات وهذا يدحض عنى بداية أى شبهة أو مصلحة فى نسبة المساعيد الى الحجاز أو اليمن ، وانما الحق أبلج ، وهذا اجتهاد منى ، فإن أصبت فلى أجر الاصابة وإن أخطات فإننى على استعداد للاعتراف بذلك وتصويبه ، لذا وجب التنويه بداية .
ونعود لقصيدة الشاعر / حسن بن عيد بن كريدم الاحيوى المسعودى فى قصيدته عن تاريخ الأحيوات إذ يقول :
قال الفتى من وين يابو القواصيــد
وإذا جاز لنا أن نعلق على قصيدة الشاعر / حسن بن عيد بن كريدم الاحيوي المسعودى عندما تحدث عن قبيلة الاحيوات ، فإنما نعلق لنصل الى الحقيقة فقط ، ولا شئ ، غيرها ، وليعرف الجميع إننى من قبيلة " بنى سليم " الحجازية واننى من سكان مدينة العريش من عائلة السلايمة التى تعود فى أصولها الى قبيلة بنى سليم العدنانية وليس لى أى صلة نسب أو مصاهرة مع المساعيد حتى أضيف اليهم أو أصحح لشعرائهم ، وليس لى سوى تحرى الحقيقة والبحث عن الأصول وتحليل النصوص والرويات وهذا يدحض عنى بداية أى شبهة أو مصلحة فى نسبة المساعيد الى الحجاز أو اليمن ، وانما الحق أبلج ، وهذا اجتهاد منى ، فإن أصبت فلى أجر الاصابة وإن أخطات فإننى على استعداد للاعتراف بذلك وتصويبه ، لذا وجب التنويه بداية .
ونعود لقصيدة الشاعر / حسن بن عيد بن كريدم الاحيوى المسعودى فى قصيدته عن تاريخ الأحيوات إذ يقول :
قال الفتى من وين يابو القواصيــد
ومن وين أصلك يا الاحيوى تقوله
قلت أسأل التاريخ والليث يا عبيـد
قلت أسأل التاريخ والليث يا عبيـد
واسأل ربوع البدع عن ما نقــوله
بلادنا فى الليث وفيها مساعيـــــد
بلادنا فى الليث وفيها مساعيـــــد
فجبال أبو سليمان منبع رجولــــة
حنا هل الطولات حنا مســـــــاعيد
حنا هل الطولات حنا مســـــــاعيد
وفينا المعانى
السامية والرجولــة
وفى تعليقنا على القصيدة - وليسعنى صدر شاعرنا العظيم - لنقول : عندما ذكر شاعرنا الهمام فى قصيدته كلمة : جبال ( أبو سليمان ) وهذه لها وقفة تمعن ، لنسأل: ماذا يقصد " بجبال أبو سليمان " التى ذكرها فى قصيدته وقد تبين أن مراد الشاعر بجبال أبو سليمان جبال بني مسعود في شمال شرق مكة التي يقطنها مساعيد مكة .
وفى النهاية تبقى كلمة : إن المساعيد فى جموعهم يتفقون على أن ديار المساعيد عندهم تقع فى وادى الليث في جنوبي الحجاز الذي كان يعد من اليمن اصطلاحا .
-------------هوامش :
(1) راشد الاحيوى ، قبيلة المساعيد ، ديارها القديمة ، نسبها ، هجرتها ، جمعية الهجانة ، العقبة ، الأردن، دار كنوز المعرفة العلمية للنشر والتوزيع ، عمان ، 2007م.
(1) تيسير عبداللطيف ، أنساب العرب ، المملكة العربية السعودية 1990م .
وفى تعليقنا على القصيدة - وليسعنى صدر شاعرنا العظيم - لنقول : عندما ذكر شاعرنا الهمام فى قصيدته كلمة : جبال ( أبو سليمان ) وهذه لها وقفة تمعن ، لنسأل: ماذا يقصد " بجبال أبو سليمان " التى ذكرها فى قصيدته وقد تبين أن مراد الشاعر بجبال أبو سليمان جبال بني مسعود في شمال شرق مكة التي يقطنها مساعيد مكة .
وفى النهاية تبقى كلمة : إن المساعيد فى جموعهم يتفقون على أن ديار المساعيد عندهم تقع فى وادى الليث في جنوبي الحجاز الذي كان يعد من اليمن اصطلاحا .
-------------هوامش :
(1) راشد الاحيوى ، قبيلة المساعيد ، ديارها القديمة ، نسبها ، هجرتها ، جمعية الهجانة ، العقبة ، الأردن، دار كنوز المعرفة العلمية للنشر والتوزيع ، عمان ، 2007م.
(1) تيسير عبداللطيف ، أنساب العرب ، المملكة العربية السعودية 1990م .
بقلم
حاتم عبدالهادى السيد
المؤرخ المصرى
ملتقى قبائل المساعيد والأحيوات :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق