جريدة الأيّام
الأربعاء 29 / جمادى الاولى 1431 هــ
12 أيار 2010
الأربعاء 29 / جمادى الاولى 1431 هــ
12 أيار 2010
معركة النخيل على الجبهة الشرقية للضفة
الغربية
كتب جميل دراغمة:
حدث هذا منذ سنوات قليلة مضت، وأصبحت أريحا محاطة بأسوار من أشجار النخيل الباسقة التي تعلو عمودياً سنة بعد سنة، وتتوسع المساحات المزروعة أيضاً بشكل مضطرد وملفت للانتباه.
وقبل ذلك لو أتيح لمصور أن يلتقط صورة من الجو لمدينة القمر، المكان المأهول الأول في العالم كما تشير الروايات التاريخية، لأظهر صورة مجموعة كبيرة تعد بالآلاف من القمم النامية لأشجار النخيل وارفة الظلال تغطي هذه المدينة السياحية، وتعلو فوق سطوح بعض منازلها المغطاة بالقرميد، ولن يظهر في أطرافها كثير من النخيل.
والآن بعد أن أدرك جزء من الفلسطينيين (مزارعون ورجال أعمال وشركات استثمارية)، الأهمية الاستراتيجية لشجرة النخيل، اخذوا يعملون على توطينها بشكل واسع وراسخ في منطقة الغور، التي تتمتع بمزايا مناخية ملائمة لزراعتها.
فكثير من الحر والماء، وقليل من الرطوبة، وصفة مناسبة كي تصبح "جمهورية النخيل" أقوى قطاعات الزراعة في منطقة الغور التي تعتبر اكبر دفيئة بلاستيكية طبيعية تنمو فيها زراعات لا يمكن ان تنمو في مكان آخر في الضفة الغربية، مثل صنف نخيل المجهول (المجول).
لذلك، يبنون حالياً جمهورية النخيل؛ جمهورية قوامها الآن نحو أكثر من 65 ألف شجرة نخيل نحو ثلثها أتى أكله، وفي الطريق ينتظرون البقية كي تثمر وتعطي انتاجاً، والزراعات المتتالية من هذه الأشجار أعطت أجيالاً متتالية من الإنتاج الذي بدأ من نقطة الصفر قبل نحو عقد من الزمان.
بداية من نقطة الصفر
وقال رئيس جمعية
مزارعي النخيل زهير مناصرة، الذي يستثمر في واحد من أركان التحول في الاقتصاد
الزراعي، "من حيث الكميات لا نزال في البدايات، لكن ما يجري هو شيء كبير ومهم جداً
على صعيد التحول الزراعي في الأراضي الفلسطينية التي هي منطقة صغيرة. هذا تحول نوعي
في الزراعة، الآن نستطيع ان نتلمس الزراعة بالمفهوم الاقتصادي. لم تعد الزراعة
مسألة فردية بسيطة، وإنما هناك إنتاج بمقياس اقتصادي كبير".
يؤكد مزارعون آخرون ذلك، وينظرون إلى النخيل على انه السلاح الأقوى في مواجهة الانتكاسات التي واجهت القطاع الزراعي في السنوات الماضية. تلك الانتكاسات التي أشاعت أجواء من الإحباط في صفوفهم بسبب تذبذب أسعار المنتوجات التي غالباً ما تتأثر سلباً بالظروف الجوية المتقلبة.
وقال مدير الغرفة التجارية في محافظة أريحا كاظم المؤقت، إن حجم الصادرات الزراعية من محافظة أريحا لدول العالم باستثناء الاتحاد الأوروبي ارتفع إلى مليون ونصف دولار، 47% منها تمور، و 37% أعشاب طبية، وفقط 16% محاصيل زراعية متنوعة، في مقابل انتكاسة الموز، شجرة أريحا المميزة التي تراجعت مساحات زراعتها إلى نسبة كبيرة، حتى ان حجم التصدير منها في العام 2008 كان صفراً.
الشعور بأهمية هذه شجرة النخيل يسري بقوة في أوساط المزارعين، والتوسع في الزراعة مستمر بشكل ملفت والفكرة جاذبة لكبار المستثمرين وصغار المزارعين على حد سواء، وفي أطراف المدينة هناك أشجار زرعت حديثاً، وليس ترفاً ان تزرع الأشجار على قارعة الطرقات وفي ساحات المنازل.
وقال مناصرة: نحن نتحدث عن زراعة بمقياس كبير، وليست زراعة فردية، وذلك يتطلب بناء مصانع للتمر، وبرادات واسعة تستوعب تخزين إنتاج التمور بشكل جيد قابل للمنافسة في الأسواق العالمية.
رغم أن هناك نحو 3 آلاف شجرة نخيل بلدي داخل أريحا مزروعة منذ عشرات السنين - كما قدر احد سكان المدينة- كتقليد دأب السكان على اتباعه في مدينة تهتم بالسياحة وتحظى بطقس مناسب لنمو هذه الشجرة التي عرفتها الصحارى العربية، إلا ان زراعة النخيل على نحو استراتيجي واسع بدأت من نقطة الصفر.
يؤكد مزارعون آخرون ذلك، وينظرون إلى النخيل على انه السلاح الأقوى في مواجهة الانتكاسات التي واجهت القطاع الزراعي في السنوات الماضية. تلك الانتكاسات التي أشاعت أجواء من الإحباط في صفوفهم بسبب تذبذب أسعار المنتوجات التي غالباً ما تتأثر سلباً بالظروف الجوية المتقلبة.
وقال مدير الغرفة التجارية في محافظة أريحا كاظم المؤقت، إن حجم الصادرات الزراعية من محافظة أريحا لدول العالم باستثناء الاتحاد الأوروبي ارتفع إلى مليون ونصف دولار، 47% منها تمور، و 37% أعشاب طبية، وفقط 16% محاصيل زراعية متنوعة، في مقابل انتكاسة الموز، شجرة أريحا المميزة التي تراجعت مساحات زراعتها إلى نسبة كبيرة، حتى ان حجم التصدير منها في العام 2008 كان صفراً.
الشعور بأهمية هذه شجرة النخيل يسري بقوة في أوساط المزارعين، والتوسع في الزراعة مستمر بشكل ملفت والفكرة جاذبة لكبار المستثمرين وصغار المزارعين على حد سواء، وفي أطراف المدينة هناك أشجار زرعت حديثاً، وليس ترفاً ان تزرع الأشجار على قارعة الطرقات وفي ساحات المنازل.
وقال مناصرة: نحن نتحدث عن زراعة بمقياس كبير، وليست زراعة فردية، وذلك يتطلب بناء مصانع للتمر، وبرادات واسعة تستوعب تخزين إنتاج التمور بشكل جيد قابل للمنافسة في الأسواق العالمية.
رغم أن هناك نحو 3 آلاف شجرة نخيل بلدي داخل أريحا مزروعة منذ عشرات السنين - كما قدر احد سكان المدينة- كتقليد دأب السكان على اتباعه في مدينة تهتم بالسياحة وتحظى بطقس مناسب لنمو هذه الشجرة التي عرفتها الصحارى العربية، إلا ان زراعة النخيل على نحو استراتيجي واسع بدأت من نقطة الصفر.
"مملكة النخيل"
كان التحول بدأ منذ
أواسط الثمانينات، وأصبح ظاهرا بشكل اكبر أواسط التسعينات تزامناً مع التحول
السياسي وقيام السلطة الوطنية، وتنامي الشعور بأهمية الاستثمار في قطاع
الزراعة.
لذلك، فإن المدير التنفيذي لمزارعي مجموعة أصدقاء النخيل نعيم العيساوي الذي يملك الآن 4 آلاف شجرة نخيل، بدأ بمائة شجرة عام 2005، وبشكل سريع ومدروس وصل إلى هذا العدد.
ويقول الرجل، انه لن يتوقف عند هذا الحد، فقط إذا توفر الماء.
إنها بالنسبة له مسألة وجود واثبات قدرة على الاستثمار بشكل جيد، فهو يبني "مملكة النخيل" خاصته على أطراف الصحراء، أريحا، المدينة التي طالما اعتبرت موئل التاريخ البشري.
"فكرت ان استثمر في البلد. فكرت في أشياء كثيرة، فكرت بالزراعة، وجدت النخل أفضل شيء"، قال العيساوي الذي كان قبل ذلك جرب زراعة النخيل البلدي، وهو الصنف المزروع على نحو منزلي في معظم منازل أريحا.
يعزف المزارعون عن زراعة النخيل البلدي أو أصناف أخرى من النخيل.
في الغور الحار، على امتداد الشريط الممتد من جنوب أريحا حتى عند قرية بردلة شمالاً على حدود أراضي عام 48، معظم المزارعين توجهوا لزراعة النخيل من صنف المجهول، الذي يمتاز بصفات تنافسية عالمية.
كذلك فعل كل من مناصرة والعيساوي ومزارعين آخرين في المنطقة، وهم يستولدون الآن من الأشجار الأمهات فسائل جديدة لزراعتها، مثل أي مزارع آخر ينتظر عدة سنوات كي تصبح هذه الفسائل المحضونة على جذوع أمهاتها جاهزة للزراعة.
لذلك، يقول مناصرة ان التوسع في الزراعة يشي بتحول كبير، مشيراً إلى أن هناك ثمة شركات تعمل الآن على التحضير لزراعة آلاف الفسائل في محيط أريحا.
من أي مكان في المدينة يمكن مشاهدة مزارع النخيل، ويمكن أيضا مشاهدة نمط جديد من التحول الزراعي في الذهنية الفلسطينية ورؤية كيف يتم تطبيقه على الأرض. لكن على الجانب الآخر هناك مترددون ومتخفون من هذا التحول، وحتى أن بعضهم يحمل بشدة على هذا التوجه.
"ربما يكون هذا النشاط مستهدفاً من قبل إسرائيل في المستقبل. ربما يوما ما يرسلون فيروساً للقضاء على الإنتاج الفلسطيني. إنهم يفعلون كل شيء. أي شيء"، قال تاجر في سوق أريحا، كان في الماضي يتداول هذه الفاكهة لكنه الآن عزف عن ذلك لأمر لم يذكره.
وأضاف بينما كان يشير إلى صورة لشجرة نخيل علقت على حائط خلفه في غرفة وسط السوق، "أنا ضد زراعة هذا الصنف من الأشجار. غداً ستثبت وجهة نظري. يجب ان نفكر في الأمر ملياً وبشكل أعمق".
لذلك، فإن المدير التنفيذي لمزارعي مجموعة أصدقاء النخيل نعيم العيساوي الذي يملك الآن 4 آلاف شجرة نخيل، بدأ بمائة شجرة عام 2005، وبشكل سريع ومدروس وصل إلى هذا العدد.
ويقول الرجل، انه لن يتوقف عند هذا الحد، فقط إذا توفر الماء.
إنها بالنسبة له مسألة وجود واثبات قدرة على الاستثمار بشكل جيد، فهو يبني "مملكة النخيل" خاصته على أطراف الصحراء، أريحا، المدينة التي طالما اعتبرت موئل التاريخ البشري.
"فكرت ان استثمر في البلد. فكرت في أشياء كثيرة، فكرت بالزراعة، وجدت النخل أفضل شيء"، قال العيساوي الذي كان قبل ذلك جرب زراعة النخيل البلدي، وهو الصنف المزروع على نحو منزلي في معظم منازل أريحا.
يعزف المزارعون عن زراعة النخيل البلدي أو أصناف أخرى من النخيل.
في الغور الحار، على امتداد الشريط الممتد من جنوب أريحا حتى عند قرية بردلة شمالاً على حدود أراضي عام 48، معظم المزارعين توجهوا لزراعة النخيل من صنف المجهول، الذي يمتاز بصفات تنافسية عالمية.
كذلك فعل كل من مناصرة والعيساوي ومزارعين آخرين في المنطقة، وهم يستولدون الآن من الأشجار الأمهات فسائل جديدة لزراعتها، مثل أي مزارع آخر ينتظر عدة سنوات كي تصبح هذه الفسائل المحضونة على جذوع أمهاتها جاهزة للزراعة.
لذلك، يقول مناصرة ان التوسع في الزراعة يشي بتحول كبير، مشيراً إلى أن هناك ثمة شركات تعمل الآن على التحضير لزراعة آلاف الفسائل في محيط أريحا.
من أي مكان في المدينة يمكن مشاهدة مزارع النخيل، ويمكن أيضا مشاهدة نمط جديد من التحول الزراعي في الذهنية الفلسطينية ورؤية كيف يتم تطبيقه على الأرض. لكن على الجانب الآخر هناك مترددون ومتخفون من هذا التحول، وحتى أن بعضهم يحمل بشدة على هذا التوجه.
"ربما يكون هذا النشاط مستهدفاً من قبل إسرائيل في المستقبل. ربما يوما ما يرسلون فيروساً للقضاء على الإنتاج الفلسطيني. إنهم يفعلون كل شيء. أي شيء"، قال تاجر في سوق أريحا، كان في الماضي يتداول هذه الفاكهة لكنه الآن عزف عن ذلك لأمر لم يذكره.
وأضاف بينما كان يشير إلى صورة لشجرة نخيل علقت على حائط خلفه في غرفة وسط السوق، "أنا ضد زراعة هذا الصنف من الأشجار. غداً ستثبت وجهة نظري. يجب ان نفكر في الأمر ملياً وبشكل أعمق".
"الشجرة الذهب"
لكن ما الذي يدفع كبار التجار على التهافت على زراعة النخيل، ما
جعل الرقم يرتفع بشكل كبير؟ إنها "الشجرة الذهب"، كما ذهب احد المزارعين إلى
وصفها.
هناك أيضاً التوسع الأفقي والعامودي المرتبط بهذه الزراعة، كما يراه مناصرة، وهو الأمر المتعلق ببناء مصانع التمور وأماكن التخزين وحتى الآن تخلو الأراضي الفلسطينية من المخازن ومستودعات التخزين المطابقة للمواصفات العالمية كما يرى مناصرة، ويجري الآن تنفيذ مشاريع لها في الأغوار مثل مشروع مناصرة الذي سيعمل بطاقة 500 طن، ومن المتوقع بدء تشغيله في تشرين أول العام الجاري، مع بدء الموسم.
وقال الرجل: هناك قطاعات أخرى تستفيد من هذا القطاع؛ مثلا قطاعي البلاستيك والورق، لكن توزيع التمور يتطلب بناء شبكة واسعة للتوزيع والنقل والشحن والتصدير، وهو ما سيخلق فرص عمل ويساعد على استيعاب أيد عاملة جديدة، خاصة قطاع المرأة كما يقول مناصرة الذي يرى فيه قطاعاً مؤهلاً يستطيع ان يعمل في إنتاج التمور بكفاءة ومهنية عالية.
كانت الأراضي الفلسطينية بشكل عام تستغل في زراعة الخضار والفواكه، وفي الغور واجه السكان على امتداد السنوات الماضية معضلة كبير: الماء وتحكم إسرائيل في مصادره.
وقال مناصرة "سياسة إسرائيل في الحصار المائي حرمنا من المياه التي ازدادت ملوحتها وأصبح الاستمرار في التوسع في قطاعي الخضار والفواكه غير مجد".
هناك أيضاً التوسع الأفقي والعامودي المرتبط بهذه الزراعة، كما يراه مناصرة، وهو الأمر المتعلق ببناء مصانع التمور وأماكن التخزين وحتى الآن تخلو الأراضي الفلسطينية من المخازن ومستودعات التخزين المطابقة للمواصفات العالمية كما يرى مناصرة، ويجري الآن تنفيذ مشاريع لها في الأغوار مثل مشروع مناصرة الذي سيعمل بطاقة 500 طن، ومن المتوقع بدء تشغيله في تشرين أول العام الجاري، مع بدء الموسم.
وقال الرجل: هناك قطاعات أخرى تستفيد من هذا القطاع؛ مثلا قطاعي البلاستيك والورق، لكن توزيع التمور يتطلب بناء شبكة واسعة للتوزيع والنقل والشحن والتصدير، وهو ما سيخلق فرص عمل ويساعد على استيعاب أيد عاملة جديدة، خاصة قطاع المرأة كما يقول مناصرة الذي يرى فيه قطاعاً مؤهلاً يستطيع ان يعمل في إنتاج التمور بكفاءة ومهنية عالية.
كانت الأراضي الفلسطينية بشكل عام تستغل في زراعة الخضار والفواكه، وفي الغور واجه السكان على امتداد السنوات الماضية معضلة كبير: الماء وتحكم إسرائيل في مصادره.
وقال مناصرة "سياسة إسرائيل في الحصار المائي حرمنا من المياه التي ازدادت ملوحتها وأصبح الاستمرار في التوسع في قطاعي الخضار والفواكه غير مجد".
عمل في
السر!
يقدس التجار هنا
التمور، ويتحدث المزارعون عن الزراعات الكلاسيكية بسلبية، ويقولون ان النمط السائد
اليوم، نمط يشي بالشقاء والكد والربح القليل وتحكم الأسواق الإسرائيلية فيه.
لكن على الجانب الآخر يتحدث مزارعو النخيل بفخر عن قدرتهم على الصمود والوصول إلى هذه النقطة، ويشيرون إلى البدايات التي كان على الفلسطينيين زراعة هذا النوع من الأشجار على نحو تجاري بالعمل في السر، إذ كانت إسرائيل تمنع هذه الزراعة.
والآن العيساوي وغيره من المزارعين يطمحون إلى الوصول إلى رقم 200 ألف شجرة خلال السنوات الثلاث القادمة.
وهذا رقم كبير إذا تم النظر إلى البدايات ورقم صفر.
وقال العيساوي في إشارة منه إلى نية الحكومة تنفيذ مشاريع مائية في محيط أريحا: ربما غداً نستغل مياه عين الفشخة، أو مياه المجاري القادمة من أعالي الجبال بعد تنقيتها أو نستغل المياه الجوفية المالحة ونزرع أشجاراً أخرى من النخيل.
يرى الرجل ان أي اتساع في رقعة الأراضي المزروعة بالنخيل قد يحل جزءاً من مشكلة العمال العاملين في المستوطنات الاسرائيلية. اولئك العمال يمتكلون خبرة سنوات طويلة في هذا المجال.
وفي الأيام العادية يمكن رؤية مركباتهم تتقاطر وتدخل مزارع النخيل التابعة للمستوطنات على طول منطقة الغور.
ونوع التمر المنتج في فلسطين هو المجول وهي كلمة حرفت عن لفظة "مجهول"، ولا يعرف كثيرون من أين جاءت هذه الكلمة، وفيما يقول البعض أنها جاءت من العراق، يقول مناصرة إنها ربما تكون من بلاد المغرب، ويقول آخرون ان تمر المجهول، مجهول المصدر، لكنه معروف الميزات: أفضل حبة تمر تلمع مثل الذهب ومذاقها مثل العسل.
لكن ماذا بشأن تمر أريحا القديم، الأشجار الباسقة التي عرفت بها المدينة، ويمكن الآن رؤيتها أينما كان في المدينة، تتدلى منها السعف الجافة، وتطاول قممها النامية أعلى البنايات؟
انه تمر من النوع البلدي الذي لا يفضله مزارعو النخيل ويزين حارات أريحا.
يبدو أنها لا تستهوي الآن إلا الزوار والعصافير.
لكن على الجانب الآخر يتحدث مزارعو النخيل بفخر عن قدرتهم على الصمود والوصول إلى هذه النقطة، ويشيرون إلى البدايات التي كان على الفلسطينيين زراعة هذا النوع من الأشجار على نحو تجاري بالعمل في السر، إذ كانت إسرائيل تمنع هذه الزراعة.
والآن العيساوي وغيره من المزارعين يطمحون إلى الوصول إلى رقم 200 ألف شجرة خلال السنوات الثلاث القادمة.
وهذا رقم كبير إذا تم النظر إلى البدايات ورقم صفر.
وقال العيساوي في إشارة منه إلى نية الحكومة تنفيذ مشاريع مائية في محيط أريحا: ربما غداً نستغل مياه عين الفشخة، أو مياه المجاري القادمة من أعالي الجبال بعد تنقيتها أو نستغل المياه الجوفية المالحة ونزرع أشجاراً أخرى من النخيل.
يرى الرجل ان أي اتساع في رقعة الأراضي المزروعة بالنخيل قد يحل جزءاً من مشكلة العمال العاملين في المستوطنات الاسرائيلية. اولئك العمال يمتكلون خبرة سنوات طويلة في هذا المجال.
وفي الأيام العادية يمكن رؤية مركباتهم تتقاطر وتدخل مزارع النخيل التابعة للمستوطنات على طول منطقة الغور.
ونوع التمر المنتج في فلسطين هو المجول وهي كلمة حرفت عن لفظة "مجهول"، ولا يعرف كثيرون من أين جاءت هذه الكلمة، وفيما يقول البعض أنها جاءت من العراق، يقول مناصرة إنها ربما تكون من بلاد المغرب، ويقول آخرون ان تمر المجهول، مجهول المصدر، لكنه معروف الميزات: أفضل حبة تمر تلمع مثل الذهب ومذاقها مثل العسل.
لكن ماذا بشأن تمر أريحا القديم، الأشجار الباسقة التي عرفت بها المدينة، ويمكن الآن رؤيتها أينما كان في المدينة، تتدلى منها السعف الجافة، وتطاول قممها النامية أعلى البنايات؟
انه تمر من النوع البلدي الذي لا يفضله مزارعو النخيل ويزين حارات أريحا.
يبدو أنها لا تستهوي الآن إلا الزوار والعصافير.
منافسون
"أقوياء"
لكن أريحا تحفل
بمشهد يأخذ الالباب من قمم الجبال التي تحيط بها. إنها مدينة من نخيل. وأطرافها،
التي تشبك مع صحراء البحر الميت أخذت تتغطى بالنخيل، النخيل الذي يواجهه نخيل
المستوطنات الذي زرع على امتداد نهر الأردن.
يواجه الفلسطينيون منافسين "أقوياء"، هم أرباب زراعة النخيل في المستوطنات الزراعية في الغور، التي تسيطر على الأراضي ومزارع المياه.
على امتداد طريق (90) المعروفة إسرائيلياً بشارع "غاندي" وهو لقب داعية ترحيل الفلسطينيين وزير السياحة الأسبق رحبعام زئيفي الذي اغتالته الجبهة الشعبية، يمكن رؤية مزارع نخيل على امتداد البصر، ويمكن رؤية مخازن كبيرة لتخزين منتوجها.
"المنافس الأقوى لنا هو إسرائيل، لكن هناك ما يبشر، فالأوروبيون يتجهون لمقاطعة إنتاج المستوطنات، وهذا التوجه بدأ ينمو"، قال مناصرة.
تشير الإحصائيات إلى أن 95% من إنتاج المستوطنات هو من صنف "المجهول"، وهو ذاته الصنف الذي يزرعه المزارعون الفلسطينيون، لذلك يقول مناصرة ان ذلك يساعد الفلسطينيين في الدخول إلى الأسواق العالمية، وهو الأمر الذي من شأنه استفزاز إسرائيل.
وقال "يجب ان نستعد لذلك الاحتمال، ويجب على حكومتنا ان تبقى مفتوحة العيون"، والحكومة ذاتها، ذات التوجه التنموي والتي أولت الأغوار أهمية خاصة، ووضعت تنميته على أجندتها، ربما أدركت أهمية السلاح الجديد: النخيل.
ذاته رئيسها د. سلام فياض، احتفل العام الماضي مع مزارعي النخيل، وشاركهم معرضهم الأول للتمور، وأعلن حينها عن تحديد يوم وطني للتمور في شهر أيلول من كل عام.
لكن تبقى مشكلة التوسع الأفقي في زراعة النخيل، تواجه مشكلة توفر كميات موازية من الماء، تناسب حجم الأراضي التي يفكر ملاك الأراضي بزراعتها.في العام 1986 كان محمود الضامن وهو سليل عائلة عرفت بتعلقها بالزراعة، أول من بادر إلى زراعة النخيل على نحو تجاري في منطقة الجفتلك أو ما تعرف بالأغوار الوسطى، والرجل الذي يرى في هذه الزراعة "ذهباً بنياً" في إشارة منه إلى لون حبات البلح الناضجة بدأ بـ 115 فسيلة، وصلت الآن إلى 2000 شجرة، ويطمح بزراعة المزيد لو حلت مشكلة الماء.
يقول الرجل الذي يملك ثلاث آبار ارتوازية انه يواجه الآن مشكلة كبيرة عندما يفكر في توسيع مساحة الأراضي المزروعة بالنخيل.
المياه في هذه المنطقة الجافة والحارة تراجع منسوبها، لذلك قدم الضامن طلبات لتعميق آباره، لكنه لم يتلق أي جواب "الإسرائيليون يماطلون، وعدم تلقينا اخذ موافقة لتعميق الآبار يعني أن التوسع يبقى أحلاما ولا فائدة من الفكرة". لكن المستوطنات تتوسع وتتوسع، وتمتد مزارع النخيل في كل الاتجاهات، وهناك أجيال متخلفة من تلك الأشجار التي باتت مَعلماً من معالم الغور الذي تسيطر عليه الكيبوتسات الزراعية".
"يمكن للفلسطينيين تحويل خبراتهم في العمل في المستوطنات ونقلها إلى مزارعهم". هذه كانت مجرد فكرة لبعض مزارعي النخيل.
في الأغوار التي تحاذي نهر الأردن ولا تستفيد نقطة ماء واحدة من مياهه، لا يمكن للحياة ان تستمر دون الانخراط في عادة الزراعة؛ أي زراعة النخيل أو الحمضيات، أو الزراعات التقليدية، فالناس هنا "يعبدون الأرض والزراعة".
يواجه الفلسطينيون منافسين "أقوياء"، هم أرباب زراعة النخيل في المستوطنات الزراعية في الغور، التي تسيطر على الأراضي ومزارع المياه.
على امتداد طريق (90) المعروفة إسرائيلياً بشارع "غاندي" وهو لقب داعية ترحيل الفلسطينيين وزير السياحة الأسبق رحبعام زئيفي الذي اغتالته الجبهة الشعبية، يمكن رؤية مزارع نخيل على امتداد البصر، ويمكن رؤية مخازن كبيرة لتخزين منتوجها.
"المنافس الأقوى لنا هو إسرائيل، لكن هناك ما يبشر، فالأوروبيون يتجهون لمقاطعة إنتاج المستوطنات، وهذا التوجه بدأ ينمو"، قال مناصرة.
تشير الإحصائيات إلى أن 95% من إنتاج المستوطنات هو من صنف "المجهول"، وهو ذاته الصنف الذي يزرعه المزارعون الفلسطينيون، لذلك يقول مناصرة ان ذلك يساعد الفلسطينيين في الدخول إلى الأسواق العالمية، وهو الأمر الذي من شأنه استفزاز إسرائيل.
وقال "يجب ان نستعد لذلك الاحتمال، ويجب على حكومتنا ان تبقى مفتوحة العيون"، والحكومة ذاتها، ذات التوجه التنموي والتي أولت الأغوار أهمية خاصة، ووضعت تنميته على أجندتها، ربما أدركت أهمية السلاح الجديد: النخيل.
ذاته رئيسها د. سلام فياض، احتفل العام الماضي مع مزارعي النخيل، وشاركهم معرضهم الأول للتمور، وأعلن حينها عن تحديد يوم وطني للتمور في شهر أيلول من كل عام.
لكن تبقى مشكلة التوسع الأفقي في زراعة النخيل، تواجه مشكلة توفر كميات موازية من الماء، تناسب حجم الأراضي التي يفكر ملاك الأراضي بزراعتها.في العام 1986 كان محمود الضامن وهو سليل عائلة عرفت بتعلقها بالزراعة، أول من بادر إلى زراعة النخيل على نحو تجاري في منطقة الجفتلك أو ما تعرف بالأغوار الوسطى، والرجل الذي يرى في هذه الزراعة "ذهباً بنياً" في إشارة منه إلى لون حبات البلح الناضجة بدأ بـ 115 فسيلة، وصلت الآن إلى 2000 شجرة، ويطمح بزراعة المزيد لو حلت مشكلة الماء.
يقول الرجل الذي يملك ثلاث آبار ارتوازية انه يواجه الآن مشكلة كبيرة عندما يفكر في توسيع مساحة الأراضي المزروعة بالنخيل.
المياه في هذه المنطقة الجافة والحارة تراجع منسوبها، لذلك قدم الضامن طلبات لتعميق آباره، لكنه لم يتلق أي جواب "الإسرائيليون يماطلون، وعدم تلقينا اخذ موافقة لتعميق الآبار يعني أن التوسع يبقى أحلاما ولا فائدة من الفكرة". لكن المستوطنات تتوسع وتتوسع، وتمتد مزارع النخيل في كل الاتجاهات، وهناك أجيال متخلفة من تلك الأشجار التي باتت مَعلماً من معالم الغور الذي تسيطر عليه الكيبوتسات الزراعية".
"يمكن للفلسطينيين تحويل خبراتهم في العمل في المستوطنات ونقلها إلى مزارعهم". هذه كانت مجرد فكرة لبعض مزارعي النخيل.
في الأغوار التي تحاذي نهر الأردن ولا تستفيد نقطة ماء واحدة من مياهه، لا يمكن للحياة ان تستمر دون الانخراط في عادة الزراعة؛ أي زراعة النخيل أو الحمضيات، أو الزراعات التقليدية، فالناس هنا "يعبدون الأرض والزراعة".
تحكم إسرائيل
بمصادر المياه
الكل يشكو
من قلة الماء وتحكم إسرائيل في الموارد المائية. والغور الشمالي من الناحية المائية
الجوفية يعتبر من أفضل المناطق المائية على مستوى الضفة الغربية، وحسب اتفاقية
"أوسلو" فإن حصة الفلسطينيين في منطقة الحوض الشرقي الذي يضم منطقة الغور تقدر بين
54 مليون متر مكعب سنوياً يستهلك منها سنوياً بين 40-41 مليون متر مكعب كمياه آبار
وينابيع. وتقدر حصة الفلسطينيين في مياه حوض نهر الأردن بحوالي 249 مليون متر مكعب
سنوياً.
لذلك في الغور الشمالي الذي يضم قرى بردلة وكردلة وعين البيضا ومناطق المالح، لا يمكن ملاحظة مزارع نخيل واسعة على نطاق يمكن اعتباره انتقالاً كبيراً من زراعة الخضروات إلى زراعة البساتين.
إنها هنا مشكلة المياه مرة أخرى، لذلك مزارعون مثل ماجد عبد الرازق الذي يملك مزرعة نخيل على أطراف قرية عين البيضا يتخوفون من التوسع أيضا في هذه الزراعة.
لكن رغم ذلك، بدأت مزارعهم تعطي انتاجاً يعادلونه بجودة الثمار الذي قطف من المزارع اليهودية في المستوطنات المجاورة لهم.
لذلك في الغور الشمالي الذي يضم قرى بردلة وكردلة وعين البيضا ومناطق المالح، لا يمكن ملاحظة مزارع نخيل واسعة على نطاق يمكن اعتباره انتقالاً كبيراً من زراعة الخضروات إلى زراعة البساتين.
إنها هنا مشكلة المياه مرة أخرى، لذلك مزارعون مثل ماجد عبد الرازق الذي يملك مزرعة نخيل على أطراف قرية عين البيضا يتخوفون من التوسع أيضا في هذه الزراعة.
لكن رغم ذلك، بدأت مزارعهم تعطي انتاجاً يعادلونه بجودة الثمار الذي قطف من المزارع اليهودية في المستوطنات المجاورة لهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق