الحياة الاجتماعية في سيناء: العادات والأعراف
![الحياة الاجتماعية في سيناء: العادات والأعراف [field_caption-formatted]](http://asic.almasryalyoum.com/sites/default/files/imagecache/thumb_300_100p/asic/ysssssssssssssssss.jpg)
رغم تطور الحياة وانتشار السيارات وبناء المنازل الأسمنتية، إلا إن بدو سيناء مازالوا محتفظين بعاداتهم وتقاليدهم المميزة، وكذلك المساكن التي يعيشون فيها، والزي الذي يرتدونه، إلى جانب اعتمادهم على القضاء العرفي الذي لا زال مسؤولاً عن الضبط الاجتماعي وتحقيق السلام بين القبائل.
العادات والتقاليد السيناوية:
من أهم ملامح الحياة السيناوية "الخيمة"، والتي تختلف مع اختلاف الفصول، ففي الشتاء يسكن البدو في خيام من الشعر تحيكها النساء تفاديًا للبرد والأمطار، وتتكون الخيمة من تسعة أعمدة منها ثلاث في الوسط، وثلاث في كلا الجانبين، وينسج سقف الخيمة من شعر الماعز، بينما الأجناب تحاك من وبر الجمال وصوف النعاج، أما في الصيف فينتقل البدو إلى خيام أصغر حجمًا، مفتوحة من الجانبين تحاك من الشعر أو الوبر.
ويعد الزي البدوي من أكثر الملامح المميزة لأهل سيناء، إذ يرتدي الرجال الثوب أو الجلابية باختلاف ألوانها باستثناء اللون الأحمر، هذا بخلاف العباءة البيضاء التي تغطيها عباءة أخرى سوداء أو بنية، بينما ترتدي المرأة البدوية الثوب الأسمر الطويل المحاط بحزام عند الوسط، وتزينه بتطريز من خيوط الحرير، متعددة الألوان، مع قناع أسود يغطي الجسم بالكامل، إضافة إلى البرقع المزين بالحلي كالذهب والفضة، ويميز لون نقوش الثوب بين المرأة المتزوجة وغير المزوجة، إذ يكون اللون الأحمر للمتزوجات وفيما يكون الأزرق لمن لم يسبق لهن الزواج.

ويتسم بدو سيناء بالكرم وحسن الضيافة، الولاء للقبيلة، الأخذ بالثأر، مراعاة الجار، وتكريم الإبل، واحترام الأعراض والوفاء بالعهود، والشجاعة والافتخار بالنسب، ويمثل الرجال مصدر قوة القبيلة، ويحظون بمكانة اجتماعية مميزة، بل إن بعض قبائل البدو تقصر حق الميراث على الذكور فقط.
ويرتبط الفرد ارتباطًا وثيق بقبيلته، ويخضع لمشايخها، وقد يقوم مشايخ القبيلة بطرد فرد منها وهو ما يسمى بالتشميس، ويقصد به طرد شخص يتسبب في مشاكل لأهله وذويه، حيث تقوم القبيلة بإعلام الجميع من خلال ورقة يوقع عليها كبارها ويتم نشرها، بما يعفيهم من مسؤولية أي خطأ يرتكبه، كما لا تتحمل القصاص له إذا حدث له مكروه من أحد أبناء القبائل الأخرى.
ويتسم البدو بإكرام الوافدين اللذين يتناوب أفراد القبيلة على ضيافته، ومن حق المضيف الذي لا يمتلك ما يضايف به الوافد أن يأخذ رأسًا من قطيع جاره سواء كان ينتمي إلى قبيلته أو لا، ولكن بشرط أن يقوم المضيف بإعادة ما أخذه خلال 14 يوم، وفي حالة عدم إعادته فمن حق الجار الإغارة على غنمه وحجز ما يمكن حجزه حتى يسترد حقه.
والبدو لديهم قدرة فائقة في اقتفاء الأثر إذ يعرفون هل هذا الشخص رجل أم إمرأة أم حيوان، وهل يحمل شيئًا خفيفًا أم ثقيلاً، كما إن لديهم قدرات فائقة في صيد الغزلان والأرانب البرية والسمان، وكذلك طيور الحباري التي تمثل أحد الطيور المميزة للصحاري العربية.
وللبحر مكانة مميزة لدى بدو العريش، ولديهم تقليد قديم عقب كل ربيع يقيمون خلاله احتفالاً في الثلاثاء السابق على شم النسيم، يزورون فيه البحر ويذبحون الذبائح ويرمون برؤسها، وأرجلها وجلودها في البحر، أما الباقي يطبخونها ويأكلونها، ويسمى بأربعاء أيوب.
وتقام الأفراح والاحتفالات لدى البدو، في مناسبات عدة كالزواج، ختان الذكور، الإفراج عن سجين، سبوع المولود الذكر، ويتم الاحتفال من خلال الرقص والغناء وإلقاء الشعر، ومن أهم مظاهر الاحتفال عند البدو الدحية، وهي أن يقف المنشدون صفًا واحدًا ويتوسطهم شاعر أو أكثر، يرتجل الشعر، وترقص أمامهم فتاة بالسيف وتسمى بالحاشية.
وفيما يتعلق بالزواج لدى البدو، فله طقوس خاصة إذ أن المتعارف عليه لدي البدو أن يتم الزواج بين أبناء القبيلة الواحدة، إلا إن هناك بعض الاستثناءات التي تتيح الزواج من خارج القبيلة، فمهر ابنة العم جمل أصيل أو خمسة جمال، بينما مهر الأجنبية يتراوح بين 5 جمال إلى 20 جمل.
وعند الزواج لا يؤخذ رأي الفتاة البكر، ويكتفي بأخذ رأي والدها أو وكيلها، بخلاف من سبق لها الزواج، والتي لابد من أخذ رأيها، وإذا كانت الفتاة لا ترغب في الزواج أو أجبرت عليه فإنها لا تدخل البرزة أي خيمة الزفاف يوم العرس، وتهرب منه إلى شخص مقرب لها من أهلها وتسمى بذلك "ناجزة البرزة"، وفي هذه الحالة يجوز لها الطلاق. ولا يوجد تحرير لعقود الزواج عند البدو، وهو ما نظم المجلس القومي للمرأة وعدد من المنظمات المدنية حملات للحد منه تحت اسم "مبادرة مناهضة الزواج القبلي غير الموثق".
وفي حالات الوفاة، تقوم بعض القبائل بوضع ثوب المتوفي فوق قبره ويتركونه حتى يبلى أو يأخذه عابر سبيل كزكاة عن الميت، ويكون البكاء على المتوفي من أهله المقربين وتقوم النساء بحل شعورهن ووضع التراب على رؤسهن ويندبن الميت ويقمن الحداد لمدة 40 يومًا إلى سنة ولا يلبسن خلالها الحلى ولا الثياب الجديدة وينقطعن عن حضور الأفراح ويخعلن البرقع ويتلثمن بقماش أسود.
القضاء العرفي:

يحكم علاقات بدو سيناء بعضهم البعض القضاء العرفي، وهو الذي يحفظ الأمن والاستقرار ويحقق السلم فيما بينهم، وهو يشتمل على عدد من القضاة المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة ورجاحة العقل، واللذين تتنوع مسمياتهم وفقًا للقضايا التي ينظرونها.
فهناك كبار العرب أو رجال الصلح، اللذين يلعبون دور الوساطة حال حدوث خلاف بين شخصين أو قبيلتين، حيث يتدخلون في المشاكل التي لا تحل إلا بالصلح، لعدم توافر أدلة أو لجسامة ما ينتج عنها من إضرار إذا ثبت الضرر، ومن بين هذه القضايا قضايا السلب والقتل والحرب والتعدي على العرض والمال.
أما "المنشد" فهو القاضي المختص بالنظر في قضايا العرض والشرف، كالزنا، والإهانات الشخصية، هروب الفتيات مع شباب من قبائل أخرى، ويسمى قضاة هذا النوع عادة بـ"المسعودي" نظرًا لانتماء معظم قضاتها لقبيلة المساعيد.
و"القصاص" هو القاضي المختص بقضايا الدم كالقتل والجروح، و"العقبي" أو قاضي النساء ينظر في المسائل الشخصية كحالات الزواج والطلاق، والمهر، فيما ينظر "الزيادي" في كل ما يتعلق بالمال والسرقات والمشكلات المتعلقة بالإبل وسرقتها.
وهناك "الضريبي" أو قاضي الإحالة وهو قاضي الدرجة الثانية يلجأ إليه من سلب ماله، إذا لم ينصفه الزيادي، أو إذا اختلف المتنازعين في شأن القاضي الذي يحكم بينهم. و"المبشع" هو القاضي المختص بالجرائم التي ليس لها شهود، ويتم اللجوء إليه بالتوافق بين المدعي والمدعى عليه، ويحكم على صدقهما عن طريق لحس النار باللسان.
وإلى جانب هذه المسميات، فيلجأ القضاة إلى من يطلق عليهم "أهل الخبرة" لاستشاراتهم في القضايا النوعية التي بحاجة لتخصص، فهناك المسوق أي خبير الإبل، وأهل القطاعات وهم الخبراء في الزراعة، وقصاص الأثر أي الخبير في اقتفاء الآثار، والحسباء فيما يتعلق بتقاليد العرب والعهود والمواثيق، وأهل العرايش وهم خبراء وقضاة النخيل.
ويوجد ثلاث درجات للتقاضي في العرف البدوي، إذ يقوم الطرفان المتنازعان باختيار ثلاثة قضاة، ويبدأ بالفصل واحد منهم يتوافق الطرفان على اختياره، وفي حالة عدم رضا الأطراف المتنازعة عن حكمه، ينظر في القضية القاضي الثاني، وفي حالة رفض حكمه أيضًأ، يتم اللجوء للقاضي الثالث والأخير الذي يغلب حكم أحد القاضيين السابقين، وهنا يكون حكمه نهائيًا ونافذًا.
وجميع الأحكام في القضايا العرفية، سواء كانت جنائية أو مادية، تكون غرامات مالية، فلا يوجد حكم بالقتل أو الضرب أو الحبس، فعلى سبيل المثال جرائم القتل يكون مقدار الدية فيها 40 جملاً حال الاعتراف بالجريمة، إما إذا ثبتت التهمة بعد إنكار فيجب على القاتل دفع أربعة ديات أي 160 جملاً، كذلك من قتل طفل وجب عليه دفع أربعة ديات، بينما فدية من قتل امرأة ثماني ديات، أي 320 جمل، وإذا كان القاتل والقتيل من أبناء قبيلة واحدة وجب على القاتل دفع الدية بجانب فتاة بكر يتزوجها أحد أقارب القتيل بدون مهر.
وفي جرائم الاغتصاب، إذا اغتصب رجل فتاة من قبيلته حكم عليه بـ6 جمال، وإذا كانت من غير قبيلته حكم عليه بـ8 جمال، وإذا اغتصب رجل امرأة ثيب من قبيلته حكم عليه بجملين، وإذا كانت من غير قبيلته، حكم عليه بـ4 جمال.
كلمات بدوية:

القلد: معاهدة سلمية لمنع الحرب أو الغزو وحفظ السلام بين القبائل، ولكل قبيلة شخص يطلق عليه حسيب لحفظ عهودها مع القبائل الأخرى، وعند عقد قلد بين قبيلتن يجتمع حسيبا القبيلتن مع كبارهما في بيت طرف ثالث ويضع حسيب القبيلة الأولى يده في يده نظيره من القبيلة الاخرى ويحلف كل منهما قسم القلد "الله الله محمد رسول الله، نحن وأنتم، الحوض واحد، والروض واحد، الذي يضركم يضرنا والذي يسركم يسرنا، بيننا وبينكم عهد الله، لا يصيير بيننا غزو ولا حرب، نعادي من عاداكم، ونصادق من صادقكم، ما دام البحر بحر، والكف ما ينبت شعر"، وإذا رغبت قبيلة في فك القد ترسل مبعوث من قبيلة ثالثة لإبلاغهم بهذا الأمر ويعطيهم مهلة 30 يوم.
الحلف: هو معاهدة دفاعية هجومية، للتحالف بين القبائل المتعددة، كالحلف بين قبيلتى السواركة والرميلات بشمال سيناء. ويتم على أساس قاعدة "الغرم بالغنم"، أى إذا أصاب القبائل المتحالفة خسارة ما، يشترك فى وضعه جميع أفرادها بنصيب متساو.
الطلوع: وهو بمثابة دمج بين قبيلتين، إذ من الممكن أن تنضم إلى قبيلة أخرى بالأخوة للمحافظة على كيانها، ومن ثم يجتمع شيخ القبيلة اللاجئة من شيخ القيبلة التي لجأ إليها في مجلس خاص، ويقولوا ولاء الطلوع أو الأخوة.
فنجان السيف: وهذا الفنجان يعد من باب الأخوة بين الضيف ومضيفه، وعلى الضيف بعد هذا الفنجان أن يدافع عن مضيفه إذا لزم الأمر أو وقع عليه اعتداء.
العطوة (الهدنة): فى حالة نشوب نزاع مسلح بين القبائل، يمكن لأحد الفريقين أن يطلب هدنة من القتال، وتتراوح مدتها من 3 أيام إلى 14 شهرا، وإذا نقض أحد الفريقين الإتفاق إقتص منه القضاء ضعفين.
السامر: فن شعبى بدوى هام، وفيه يجتمع أفراد القبيلة من الذكور عند المساء فى حلبة واسعة حيث يقفون صفا واحدا مصفقين فى إيقاع منتظم منحنين تارة للأمام وأخرى للوراء، ويقف فى أولهم شخص قادر على الارتجال الفورى للأغاني والأشعار.
الطنب: نظام حق الجوار ممن أصابه أذى أو إعتداء، وخشى أن يصيبه ضرر، فيلجأ المضار يطلب الحماية من طرف أقوى، وعادة ما يقابل هذا الطلب بالترحيب.
الخوخار: نوع من السهرات تشترك فيه النساء والرجال فى الرقص والغناء
الفصلة: إذا وافق والد الفتاة على الخطبة، يأخذ عصا خضراء ويعطيها للخاطب، ويتناول الخاطب الفصلة ويقول "قبلتها زوجة على سنة الله ورسوله".
البرزة: خيمة للزواج يعدها العريس بالقرب من خيام أهل العروس تتم بها مراسم الزفاف، وهو مجموعة من الأغطية الحمراء المزركشة، التى اشتهرت نساء البدو بنسجها على الأنوال.
العبيد السود: يعيش عدد كبير منهم فى سيناء، ولكن البدو لا يتزوجون من نسائهم، وإذا تزوج عربى من إمرأة من العبيد السود، يعتبر نسله عبيدا ويعاملوا على هذا الأساس.
التبييض والتسويد: التبييض هو رفع فيه راية بيضاء على مصدر ماء درب شهير إعترافا بجميل شخص معين، والتسويد عو عكس التبييض، حيث ترفع فيه راية سوداء تشهيرا بشخص لإرتكابه عملا سيئا أو تقاعسه عن الوفاء بدين.
الكراز: مصنوع من الفخار ويستخدم للغسيل والشرب وهو أكبر من الإبريق ويستخدم للغسيل وتكون كمية المياه التى يستوعبها تكفى لإستخدام اليوم فى الظروف العادية.
الجاعد: هو جلد الخراف كبيرة الحجم بصوفها يلبسه الرجال بعد دبغه على ظهورهم فى الشتاء ومنهم من يلبسه فى الصيف.
السراحات: جمع سراحة وهى راعية الغنم، ويطلق على مكان رعى الأغنام "المسراح".
اللثمة: قطعة من القماش الأسود توضع على وجه البنت لحجب وجهها عن أنظار الغرباء.
المنسف: طبق مستدير واسع من الخشب أو النحاس، يقدمون عليه الطعام للضيوف في المجلس.
البكرج: إبريق من النحاس لصنع القهوة ويسمى الدلال.
المراجع:
(1) فؤاد حسين، شعبنا المجهول في سيناء، مطابع الأخبار، 1996.
(2) إسماعيل عبد الفتاح، وصف سيناء من سلسلة وصف مصر المعاصرة، الهيئة العامة للاستعلامات، 2002.
(3) "شبه جزيرة سيناء وشرم الشيخ"، موقع الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية، متاح على الرابط: http://goo.gl/0XjaxZ
(4) محمد عبد المنعم القرماني، مدخل إلى نهضة سيناء، في: مؤتمر التنمية الشاملة للمجتمعات الصحراوية المنعقد في محافظة الوادي الجديد، 15/3/1975.
(5) القضاء الوفي ينظم حياة البدو في سيناء"، المساء، 22/7/2011.
(6) نعوم بك شقير، تاريخ سينا القديم والحديث وجغرافيتها، بيروت، دار الجيل، الطبعة الأولى، 1991.
(7) إبراهيم أمين غالي، سيناء المصرية عبر التاريخ، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2012.
(8) يحيي محمد الغول، سيناء المقدسة، المكتب العربي للمعارف، 2008.
(9) عبده مباشر وإسلام توفيق، سيناء الموقع والتاريخ، دار المعارف، 1978.
مركز المصري للدراسات والمعلومات :
المصري اليوم :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق