الدكتورة المبدعة ثريا ملحس ! * بقلم الدكتورة عايدة النجار

الدكتورة المبدعة ثريا ملحس ! 

 بقلم الدكتورة عايدة النجار

عرفتُ الشاعرة ثريا ملحس وأنا على مقاعد الدراسة في مدرسة زين الشرف الثانوية من خلال كتاباتها في جريدة الحوادث الاسبوعية الصادرة في عمان في مطلع الخمسينيات لصاحبها مسلم بسيسو . حرصت على قراءة الجريدة خاصة و كنت أكتب على صفحاتها وأنا طالبة في مرحلة الاعدادية كما كنت مراسلة الجريدة في المدرسة . كانت ثريا تمثل لي نموذجا لشاعرة وكاتبة ومبدعة. لم أكن أعرف أن ثريا ملحس , ستصبح من أهم الرائدات في الاردن ليس كأديبة فحسب , بل كأستاذة جامعية في بيروت ولها مواقف وحس قومي تعبر عنه بصراحة في الجامعة الامريكية وتتحدى رئيسها في مواقف وطنية نظيفة . الاديبة المبدعة ثريا ملحس درست الثانوية في المدرسة الانجليزية في القدس قبل عام 1948 وقبل أن تكمل تعليمها في بيروت لتصبح " الدكتورة ثريا " عن جدارة؛ والاستاذة التي أفادت الكثيرين من علمها المتعمق في التربية والادب والتراث العربي , بالاضافة لفتحها سجالات أدبية واجتماعية جادة على صفحت الجرائد وبعضها مثيرة للجدل . في زيارة اجتماعية حميمية للدكتورة ثريا استمتعت بصحبتها وقدرتها الفائقة على تلخيص ما جاء في بعض كتبها التي تعتز بها . وفي كتابها الموسوم " اللغة العربية لغة الحضارات ",أحد الكتب المصنفة " من تراثنا العربي " تقول : " اللغة العربية أعطت كثيرا وأخذت , ولم تقف يوما ما حجرا متجمدا أم خشبة بلا تعصب وماء. فهي دائما تتحرك مثل حركة الارض التي لا نحس بها تدور ....وحين بحث اللغويون الغربيون في لغات العالم قسموها الى فصائل , فكانت فصيلة اللغة العربية أعلى الفصائل الاشتقاقية , ووضعوا لغات العالم في ثلاث فصائل ..إن للغة العربية ميزانا في مفرداتها هي الفاء والعين واللام , ومنها تتفرع ماضيا ومضارعا وأمرا وأسماءأفعال , ومفعولات , ما عدا غيرها من المجردات وزيادات تؤدي المعاني التي يتفنن بها المتكلمون . .." لقد "غطست "في تقليب وقراءة فكرها من كتبها التي حملتها شاكرة كرمها , وأحدها " حزب الكلامية في أدب العصر الاموي ", ( في أثار الدارسين وفي أثاره ) لأتعلم الكثير عما يعرفه المتخصصون في هذا المجال . وشدني كتابها المعنون " ماهية الحب الروحي في أثار الباحثين العرب " , وفيه , تكتب عن مفهوم الحب في المعاجم , والحب عند الكتاب والمفكرين العرب القدامى وعند الباحثين العرب المحدثين وتذكر" أن طه حسين كان أول من أشار الى ظاهرة العذرية في الشعر العربي القديم أو أول من نبه الى الاهتمام بها "..وأشارت الى عدد من الباحثين منهم عباس محمود العقاد وزكي مبارك وغيرهما حول مفاهيم الحب العذري .وتعتبر كتبها مرجعا للباحثين وطلاب العلم في الجامعات . ومن دواوينها الشعرية النشيد التائه , 1949 , قضايا ومجامر , !958 ونوارس تراكمت على الثلوج الحمراء , 1999 , وعبور نحو البرزخ 2008 , وغيرها .

التنوع في كتب د. ثريا في الابحاث ,والشعر , والقصص, والكتابة في القضايا العامة ومنها حول المرأة تجعلها قمة في العطاء المستمر . فلها أكثر من سبعين عملا أدبيا , وهي ما زالت لليوم منكبة بحماس وقوة ابداعية ملفتة للانتاج. فالجلوس معها بالنسبة لي كان جلسة "تحفيز " , خاصة ولها ذاكرة" ما شاء الله ", نشطة ومتجددة . مثل هذه المبدعة لا يعرفها الجيل الجديد , ولا بد أن يعرّف بها المثقفون وبانتاجها . الدكتورة ثريا ملحس , الباحثة والاديبة والشاعرة والكاتبة - أطال الله في عمرها -, ثروة يجب أن تظل "لامعة "لتظل إحدى الرائدات المبدعات "من بنات عمات أيام زمان " وكما ذكرتها في كتابي الذي حاولت فيه التذكير بالرائدات والمعلمات والمنتجات . اللواتي يجب أن يقدّرن دوما . !!


 جريدة الدستور : http://www.addustour.com/PrintTopic....0_id335448.htm