الشيخ هايل السرور المسعودي
شيخ قبيلة المساعيد في الأردن
رحمه الله تعالى
تصوير نيوز :
الخميس 7 / آذار / 2013 م :
ولد الشيخ هايل عودة السرور
عام 1913، في أواخر الحقبة العثمانية ، وكانت القبائل البدوية تتحرك في البادية شمالاً
وجنوباً ، شرقاً وغرباً ، فلا حدود سياسية ولا موانع عسكرية ، وكانت بلدة الرويشد الحالية
، هي مسقط رأسه حيث كانت قبيلة المساعيد متواجدة في تلك المنطقة ، ونشأ في بيت والده
الشيخ عودة السرور ، الذي كان زعيماً عشائرياً صاحب نفوذ كبير ، لذا فقد ربى ابنه هايل
على الخصال المحمودة ، وعلّمه استخدام السيف والبندقية وركوب الخيل في عمر مبكرة ،
وكان الشيخ عودة يدرك بسليقته ونظرة الثاقبة ، أهمية العلم في مستقبل ابنه ، لكن طبيعة
التراحل والتنقل التي ميزت حياة البدو ، جعلت من مهمة تدريس الأبناء غاية في الصعوبة
، غير أنه وفر مدرساً لابنه ، يقيم معهم ويرحل حيث يرحلون ، وهو مُعلّم يطلقون عليه
اسم ( الخطيب ) كونه رجل دين في الأساس ، يُعلّم الأولاد المبادئ الأساسية في القراءة
والكتابة والحساب ، وحفظ أجزاء من القرآن الكريم ، حتى أنه عرف مبادئ اللغة الفرنسية
، خلال فترة الاستعمار الفرنسي في سوريا .
كانت قبائل المساعيد وقبائل
أهل الجبل تتحرك بين شمال شرق الأردن وجنوب شرق سوريا السياسية ، ولم تكن الحدود السياسية
واضحة المعالم على أرض الواقع في تلك النواحي ، فعشائرياً كانت منطقة جبل العرب تشمل
مناطق الأزرق وأم الجمال والقرى المحيطة بها من جهة الشرق ، وكانت هذه المنطقة الواسعة
على مقربة من الحدث السياسي والعسكري ، حيث كان لهذه القبائل دور بارز في الثورة العربية
الكبرى ، وقد تشبع رجالها بالحس القومي الوحدوي ، لذا نجد لرجالها حضوراً واضحاً في
مسيرة النضال العربي ، فالشيخ هايل السرور الذي تربى على الشجاعة والإقدام ، وأدرك
منذ شبابه أن الوحدة العربية السبيل الوحيد لحرية العرب ونهضتهم ، قاد مقاتلين من قبائل
أهل الجبل للقتال في فلسطين ضد الإنجليز واليهود ، وقد قاد رجاله في قتال بطولي ، مع
مجموعة أخرى من مقاتلين قدموا من البلقاء على رأسها الشيخ هايل الحديد ، وخلال معركة
بلدة ( بدو ) الواقعة غرب مدينة القدس ، أصيب هايل الحديد إصابة بليغة ، وقد عمل هايل
السرور على إخلائه ونقله إلى مستشفى رام الله ، لكنه استشهد قبل وصوله المستشفى .
كان حضور الشيخ هايل السرور
في الثورة السورية قوياً على أكثر من صعيد ، كمقاتل وكسياسي ممثلاً لأبناء منطقته في
مجلس الشعب السوري ، فقد خاض الانتخابات البرلمانية السورية وحقق الفوز فيها مرات متتالية
، وكان صوت الحق والمطالب برحيل الاستعمار الفرنسي ، وقد تميز بسعيه ومطالبته بتحقيق
وحدة بلاد الشام وبلاد الرافدين بقيادة الهاشميين ، فهو من مدرسة الأمير المؤسس عبد
الله بن الحسين ، وقد نمت الصلة بينهما بشكل قوي وراسخ ، حتى أنه حين اشتدت ملاحقة
الفرنسيين والبريطانيين للشيخ هايل السرور ، بادر الأمير عبد الله بتوفير الملاذ الآمن
له ، حيث أسكنه في بيت ابنه الأمير طلال ــ الملك طلال لاحقاً ــ بعيداً عن أعين مطارديه
، وقد كان لنشاطه الوحدوي آثاراً سلبية عليه ، حيث تمت مضايقته ولوحق كثيراً ، لكنه
بقي محافظاً على نهجه .
أخذ الشيخ هايل السرور عن
والده الزعامة العشائرية والقضاء العشائري ، وخلال فترة قصيرة ذاع صيته كقاضٍ لا يشق
له غبار ، حيث توافد إليه طلاب الحق من داخل الأردن وخارجه ، وكان دأبه تحقيق الصلح
قبل اللجوء للحكم القضائي ، فيسعى إلى تقريب القلوب والنفوس ، فلا يخرج المتخاصمون
من بيته إلا وقد زالت أسباب الخصام وتألفت نفوسهم ، وهو ما جعله حجة في القضاء ومقصداً
لطالبيه .
لعب الشيخ دوراً بارزاً
في استقرار قبيلته ، من خلال حضهم على تأسيس القرى والمطالبة لهم بالمدارس ، والخدمات
الصحية والبنى التحتية ، وشجع تعليم البنات ، وكان مثلاً رائعاً بذلك حيث بادر بتعليم
بناته ، وسمح لهن بإكمال دراستهن خارج الأردن، فقد كان صاحب نظرة ثاقبة وبصيرة نافذة
.
خلال عضويته لمجلس الشعب
السوري لعدة دورات ، ونظراً لنشاطه ومثابرته ، أصبح مراقباً للمجلس ، مشاركاً في الحركات
الوطنية التحررية والوحدوية ، وقد استمر في عضوية مجلس الشعب السوري حتى عام 1957،
ولم يتخل عن حلمه بوحدة بلاد الشام والعراق ، وكان هذا السبب في التآمر عليه ، فتم
اعتقاله وسجنه ، حتى وصل الأمر الحكم عليه بالإعدام ، بتهمة التآمر ، وقد عانى أشد
المعاناة في تلك الفترة ، وتعرض للتعذيب بشتى صوره ، حتى نزل الحكم إلى السجن المؤبد
، حيث أمضى خمس سنوات بسجن المزة في دمشق ، بعد ذلك أبعد إلى مصر ، لكنه تمكن من العودة
إلى الأردن عام 1961، لكنه بقي على موقفه ونهجه القومي المطالب الوحدة .
عُين الشيخ هايل السرور
عضواً في مجلس الأعيان الأردني عام 1987 حتى عام 1989، وكان صاحب رأي واضح وجريء، نابع
من رؤية ثاقبة موضوعية .
عرف عنه حبه للشعر ؛ كشاعر
رقيق الحس ، وعذب التراكيب ، حيث تميز بسليقة شعرية فوارة ، وقد انتشرت قصائده بين
الناس ، وتغنت بها الألسن ، وقد تميز شعره بالحكمة وتقديم الصفات النبيلة من شجاعة
وكرم ووطنية ، وله قصائد تبين معاناته في السجن ، وقصائد وجهها لأبنائه من أبرزها قصيدة
وجهها لنجله معالي سعد هايل السرور ، ركز فيها على الخصال الحميدة ، وكشف فيها عن خبرته
الكبيرة في الحياة ، لذا فإن الشيخ هايل السرور صوت حي في قلوب من عرفة وأحبه وتعامل
معه .
توفي الشيخ هايل السرور
عام 2000م ويبقى ذكره الطيب يخلده بين الأجيال ، فالذاكرة الوطنية تضعه في مقدمة كوكبة
الرجال الرواد .
وبعد انتخابه رئيساً لمجلس
النواب ،،، ليت ( سعد ) يقرأ من جديد ما كان والده الراحل الشيخ والمناضل الوحدوي الشيخ
هايل عودة السرور أوصاه به .. وتالياً نَصّ القصيدة :
|
البـارحـة عيـنـي ســرى الـنـوم عـنــه
وأهــول عـيـن سـاريـة مـثـل مـســراه
|
عـيـن تــرش دموعـهـا رشــف شـنّــه
أو دلـو تسحـب فطـر العـيـس بـرشـاه
|
يـا سعـد عـلـى أبــوك مــا أواه الجـنـه
بالضـيـق مـــا ضـيــع خـويــه وخـــلاه
|
الـيــاه يـــا بـذلـنــا مـالـنــا مــــا غــنــه
ولــيّــا فـعـلـنـا فـعـلـنـا، مــــا ذكــرنــاه
|
الـجــود ســـر جــــدود كــــار لأهـلـنــه
مـال طبـاع الـذيـب تـربـي مــع جــراه
|
يــا سـعــد خـــذ مـنــي كـــلاٍم، وتـبـنّـه
لا بــــد فــــي يــــوم تــعــوزه وتـلـقــاه
|
أوصــيــك يــــا ســعــد ســــرك تـكـنّــه
إيــاك ثـــم إيـــاك إيـــاك إيـــاك وايـــاه
|
وايـــــاك ضــحـــاك يـــغـــرك بــســنــه
مــا تـنـعـرف صـداقـتـه مـــن مـعــاداة
|
وأحــذر طـريــق الـهــون إيـــاك مـنــه
وإيـــــاك دروب تـــأخـــذك لــلأهــانــاة
|
ومن يلحق رعود الصيف كـم وهمنـه
كــم وردن عطـشـان ويـعــود بـظـمـاه
|
وافطن ترى سوس الخشب صار منه
لا تأمـن مـثـل أبــوك يجـيـك مــا جــاه
|
والــلــي بـــــدل صــارمـــه بـالـمـسـنـه
خـلـلّـه يـولــي يــــا ســعــد لا تــرجــاه
|
وإنا إللي بخاطري يا سعد جزت عنـه
يــــوم تــســـاوي الــذيـــب وام خــنّـــه
|
الــعــز مـنــقــع والـظـمـايــا اوردنـــــه
وإن شـح مـاه الـنـاس تعطـيـه مقـفـاه
|
هنـي مـن قالـوا علـى الصـدق مذهبـه
ولا عيـبـوا بــه ضاربـيـن المشاعـيـب
|
والنـفـس يـولـد ذلـهـا مــن أطمـاعـهـا
ولا تـطـيـع نـفـسـك لـلــردى وتـجـيـب
|
يــــومٍ عــثــر حـظـهــا فــــي زمـانـهــا
ضـاعـت مــا بـيـن الـعـرب والتعـريـب
|
قـد ضـاع مـن ضيـع حياتـه فـي رفـقـا
مـــا مـيــزوا بـيــن الـخـطـأ ومـصـيـب
|
لا خــانــت الـدنـيــا واشــتــد جــورهــا
تجـعـل مــن الـوجـه الضـحـوك كئـيـب
|
تـمـســي بــحــال وتـصـبــح بـغـيـرهــا
ولا بـــد مـــن بـعــد الـشـبـاب مـشـيـب
|
شابـت عوارضنـا ومـا شــاب عزمـنـا
وشـيـب الـفـتـى قـبــل الأوان عـجـيـب
|
إن جـــاروا الأعــــداء يـغـيــب شـيـنــا
وان جـــار علـيـنـا الـصـديـق نـشـيــب
|
|
تصوير نيوز :
قلت : الكاتب وجّه نصيحة لمعالي المهندس سعد هايل السرور بسماع نصيحة والده الشيخ هايل السرور ، وهذا جميل وطيّب ، ولكن ألم يكن جديرا بالكاتب أنّ ينوّه أن ما أورده هنا هو نقل حرفي عن الأستاذ هزّاع البراري ؟
هذه المقالة نشرها الأستاذ هزّاع البراري بعنوان ( الشيخ هايل السرور... قومي أحب الشعر والقضاء ) في جريدة الرأي بتاريخ الاثنين 31 / 12 / 2012 م ، ونقلتها عنه في ملتقى قبائل المساعيد والأحيوات بتاريخ 2 / 1 / 2013 م :
ثم نشرتها في مدوّنتي هنا المساعيد بنفس التاريخ :
ولم يزد الناقل في مقالته إلا توجيه النصح لمعالي أبو هايل ؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق