لا زالت قبيلة هذيل العربية موجودة في الجزائر إلى اليوم ( بطون منهم على الحدود مع تونس ) خصوصا في ولاية التبسة وخنشلة ، وبطونها الأخرى تستقر في الغرب في الجزائر بولاية تلمسان ، ويحفظون أنسابهم إلى اليوم ويُعرفون بالهذيلي ، وقد ذكر المؤرخون أن قبيلة هذيل كان أول تواجد لها في شمالي أفريقيا مع بداية الفتح ، فقد شارك أبناؤها في الفتح الإسلامي ، ومنهم من استقر في المدن كبسكرة وعنّابة بالجزائر وفي حاضرتي تونس والقيروان بتونس ، ثم لحقت بطونهم الأخرى مع الهجرة الهلالية التي ضمّت عددا من جماجم العرب ( مجموعة متنوعة من القبائل انضمت للقبائل الهلالية كربيعة وهذيل ومذحج وعريب وغيرهم ) استوطنت أماكن متفرقة من شمال افريقيا ، وما زالت بطونها تعرف ــ إلى اليوم ــ بأسمائها الأولى أو داخلة في أحلاف أخرى . فمثلا بعض بطون هذيل ذكر ابن خلدون انها دخلت في الحلف مع هوارة بشرق الجزائر ، كما ذكر منهم فرعاً استقر بباجة في زمانه . وأثناء ثورة الشابّيّة على الأتراك في تونس هاجر كثير من الهذيليين واستقروا بشرق الجزائر .
ومنهم أشهر رجال الشابية الهذيلين في العصر الحديث بلا شك الشاعر التونسي الراحل أبو القاسم الشابّي الملقب بشاعر الخضراء ( تونس ) بن محمد بن بلقاسم بن إبراهيم بن أحمد بن كنوز بن محمد المسعود بن محمد بالنور بن عبد اللطيف بن أبي الكرم بن أحمد بن مخلوف بن علي بن مساعد بن سليمان بن مروان بن عبد الغني بن حسن بن أحيد بن حميص بن الليث عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد العزيم بن سهم بن هنين بن تانير بن داود بن ( هذيل ) بن عبد الرحمان بن (عبد الله ابن مسعود ) بن غافل بن حبيب بن شمس بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن ( هذيل ) بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان من صلب سيدنا إسماعيل عليه السلام .
وقد أسس أحد أبناء قبيلة هذيل العربية من أسرة آل شابّي في تونس طريقة صوفية تعرف ( بالطريقة الشابية ) التي مهدت لإمارة الشابية ( دولة الشابية ) في تونس ، امتد نفوذها لتشمل مجالات كثيرة من الشرق الجزائري ، والتي استمدت قوتها من تلك الزاوية الروحية ، فكان للشابيين دولتهم أواخر دولة الحفصين وبداية عهد الاتراك ، ومن الأسباب التي عجّلت بظهور دولة الشابيين الهذيليين في تونس خيانة الحفصيين للعهد الاسلامي وتحالف حكام الحفصيين مع الإسبان من جهة ، والظلم الذي سلطه الأتراك على القبائل والمدن التونسية من جهة ثانية .
أمّا عن شيوخ الطريقة الشابية المشهورين نذكر : أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺨﻠﻮف ، ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻜﺒﯿﺮ، اﻟﺸﯿﺦ ﻋﺮﻓﺔ ، ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺴﻌﻮد .
وﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻤﺆﻟﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺼﻮف بهذه الطريقة : ﻛﺘﺎب ( اﻟﻔﺘﺢ اﻟﻤﻨﯿﺮ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺮﯾﻒ ﺑﺎﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻟﺸﺎﺑﯿﺔ وﻣﺎ ﯾﺮﺑﻰ ﺑﮭﺎ اﻟﻔﻘﯿﺮ ) أﻟفه اﻟﺸﯿﺦ ( اﻟﺜﺎﻧﻲ) ﻣﻦ ﺷﯿﻮخ اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻟﺸﺎﺑﯿﯿﺔ اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ﺳﻨﺔ 1029 ھـ ، وﻓﻲ ھﺬا اﻟﻜﺘﺎب اﻟﺬي ﻟﻢ ﯾﻄﺒﻊ ﺑﯿﺎﻧﺎت ﻏﺰﯾﺮة اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻋﻦ اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻟﺸﺎﺑﯿﺔ ﻧﻘﺘﻄﻒ ﻣﻨﮭﺎ ﻣﺎ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻠﺘﻌﺮﯾﻒ ﺑﮭﺆﻻء اﻟﺸﯿﻮخ . واﻟﻜﺘﺎب ﻣﻘﺴّﻢ إﻟﻰ أﺑﻮاب اﻷول ﻓﻲ اﻟﻮﻻﯾﺔ ، واﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺮﯾﻒ ﺑﻨﺴﺐ اﻟﺸﯿﺦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺨﻠﻮف ، وﻛﯿﻒ اﺑﺘﺪأ أﻣﺮه ، واﻟﺜﺎﻟﺚ ﻓﻲ اﺳﺘﺨﻼﻓﮫ ﻟﻮﻟﺪه ، واﻟﺮاﺑﻊ ﻓﻲ ﻣﺒﻨﻰ ﻃﺮﯾﻘﺘﮭﻢ وﺳﺪادھﺎ ، واﻟﺨﺎﻣﺲ ﻓﻲ ﻛﻼﻣﮭﻢ ﻋﻦ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ، واﻟﺴﺎدس ﻓﻲ أورادھﻢ اﻟﺘﻲ أﻣﺮوا اﻟﺘﻠﻤﯿﺬ ، واﻟﺴﺎﺑﻊ ﻓﻲ اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ واﻷﺣﺰاب ، وﺑﮭﺬا ﯾﺘﻢّ اﻟﻜﺘﺎب .
وﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻤﺆﻟﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺼﻮف بهذه الطريقة : ﻛﺘﺎب ( اﻟﻔﺘﺢ اﻟﻤﻨﯿﺮ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺮﯾﻒ ﺑﺎﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻟﺸﺎﺑﯿﺔ وﻣﺎ ﯾﺮﺑﻰ ﺑﮭﺎ اﻟﻔﻘﯿﺮ ) أﻟفه اﻟﺸﯿﺦ ( اﻟﺜﺎﻧﻲ) ﻣﻦ ﺷﯿﻮخ اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻟﺸﺎﺑﯿﯿﺔ اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ﺳﻨﺔ 1029 ھـ ، وﻓﻲ ھﺬا اﻟﻜﺘﺎب اﻟﺬي ﻟﻢ ﯾﻄﺒﻊ ﺑﯿﺎﻧﺎت ﻏﺰﯾﺮة اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻋﻦ اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻟﺸﺎﺑﯿﺔ ﻧﻘﺘﻄﻒ ﻣﻨﮭﺎ ﻣﺎ ﯾﺼﻠﺢ ﻟﻠﺘﻌﺮﯾﻒ ﺑﮭﺆﻻء اﻟﺸﯿﻮخ . واﻟﻜﺘﺎب ﻣﻘﺴّﻢ إﻟﻰ أﺑﻮاب اﻷول ﻓﻲ اﻟﻮﻻﯾﺔ ، واﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺮﯾﻒ ﺑﻨﺴﺐ اﻟﺸﯿﺦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺨﻠﻮف ، وﻛﯿﻒ اﺑﺘﺪأ أﻣﺮه ، واﻟﺜﺎﻟﺚ ﻓﻲ اﺳﺘﺨﻼﻓﮫ ﻟﻮﻟﺪه ، واﻟﺮاﺑﻊ ﻓﻲ ﻣﺒﻨﻰ ﻃﺮﯾﻘﺘﮭﻢ وﺳﺪادھﺎ ، واﻟﺨﺎﻣﺲ ﻓﻲ ﻛﻼﻣﮭﻢ ﻋﻦ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ، واﻟﺴﺎدس ﻓﻲ أورادھﻢ اﻟﺘﻲ أﻣﺮوا اﻟﺘﻠﻤﯿﺬ ، واﻟﺴﺎﺑﻊ ﻓﻲ اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ واﻷﺣﺰاب ، وﺑﮭﺬا ﯾﺘﻢّ اﻟﻜﺘﺎب .
وﻓﻲ اﻟﺒﺎب اﻟﺜﺎﻧﻲ ﯾﺄﺗﻲ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﺑﻨﺴﺐ اﻟﺸﯿﺦ وﯾﺼﻞ به إﻟﻰ ﻋﺒﺪ ﷲ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺮﺳﻮل اﻷﻋﻈﻢ .
ﻧﺸﺄ اﻟشيخ اﻷﻛﺒﺮ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺨﻠﻮف اﻟﺸــﺎﺑّﻲ ﺑﺒﻠﺪ اﻟﺸﺎﺑّﺔ ، وﻣﻨﮭﺎ اﻧﺘﻘﻞ إﻟﻰ ﻣﺪﯾﻨﺔ ﺗﻮﻧﺲ ﺑﻨﯿّﺔ ﻃﻠﺐ اﻟﻌﻠﻢ ﻓﻲ زﻣﻦ اﻟﺸﯿﺦ اﻟﺮﺻﺎع ﻗﺎﺿﻲ ﻗﻀﺎة ﺗﻮﻧﺲ ، وﻣﻜﺚ ﻓﻲ دراﺳﺔ ﻃﻠﺐ اﻟﻌﻠﻢ أﻋﻮاﻣﺎ ، ثمّ ﺨﺮج اﻟﺘﻠﻤﯿﺬ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺨﻠﻮف إﻟﻰ اﻟﺴﺎﺣﻞ ﻟﯿﻠﺘﺤﻖ ﺑﺸﯿﺦ آﺧﺮ ﻣﻦ اﻟﺼﻮﻓﯿﺔ ، ﻓﻮﺟﺪ ﺑﻘﺼﻮر اﻟﺴـــﺎف ﺳﯿﺪي ﻋﻠﻲ اﻟﻤﺤﺠﻮب ، وﻛﺎن زاھﺬا ﺳﺎﻟﻜﺎ ﺑﺎﻟﻤﺮﯾﺪﯾﻦ ﻓﺠﻠﺲ ﻟﻤﺠﻠﺴﮫ ، وأﻗﺎم ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺘﮫ ﻋﻨﺪه ، ﻓﺄﺳﺘﺨﺪﻣﮫ اﻟﺸﯿﺦ ، ثمّ أشارﻋﻠﯿﮫ ﺷﯿﺨﮫ ﺳﯿﺪي ﻋﻠﻲ اﻟﻤﺤﺠﻮب ﺑﺎﻟﺬھﺎب إﻟﻰ اﻟﻘﯿﺮوان ، وأذن ﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﻌﮭﺪ ، وﻗﺎل ﻟﮫ ﺷﯿﺨﻚ ﯾﺄﺗﯿﻚ إﻟﻰ اﻟﻘﯿﺮوان ، ﻓﺄﻧﺘﻘﻞ اﻟﺸﯿﺦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺨﻠﻮف إﻟﻰ اﻟﻘﯿﺮوان ، وأﻗﺎم ﺑﺠﺎﻣﻊ اﻟﺪواز وﻛﺎن ﻓﻘﯿﺮاً ﯾﺘﺠﺮّد ﻇﺎھﺮاً وﺑﺎﻃﻨﺎً ، ﺛﻢّ ﺻﺎر إﻣﺎﻣﺎً ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺠﺎﻣﻊ ، ﺛﻢّ ﻣﺆدﺑﺎ ﺑﻤﻜﺘﺐ ﻗﺮﯾﺐ ﻣﻨﮫ ، ﺛﻢّ ﺗﺰوج ( أم اﻟﻌﺰّ ) ، ﻓﺄﻧﺠﺐ ﺳﺘﺔ ﻣﻦ اﻟﺬﻛﻮر ، وھﻢ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻜﺒﯿﺮ ، واﻟﺸﯿﺦ ﻋﺮﻓﺔ ، وأﺑﻮ اﻟﻔﻀﻞ ، وأﺑﻮ اﻟﻄﯿﺐ وأﺑﻮ اﻟﻜﺮم ( أﺑﻮ ﺑﻜﺮ) وأﺑﻮ اﻟﺴﻌﻮد ، وآﺧﺮ ﻟﻢ ﯾﺬﻛﺮ اﺳﻤﮫ ، واﻷﺧﯿﺮة ﺳﻤﺎھﺎ أمّ اﻟﻌﺰّ ، وﺗﻮﻓﯿﺖ زوجﺘﮫ ، ﻓﺄﻃﻠﻘﻮا إﺳﻢ واﻟﺪﺗﮭﺎ ﻋﻠﯿﮭﺎ ، وﻟﻢ ﯾﺘﺰوج ﺑﻌﺪھﺎ ، وﯾﻘﻮل أوﻻدي إﻟﻰ آﺧﺮ اﻟﺰﻣﺎن ﺗﻜﻮن ﻋﻨﺪھﻢ اﻟﺪﻧﯿﺎ وأﺧﺎف ﻋﻠﯿﮭﻢ ﻣﻦ اﻟﻔﺘﻨﺔ .
وﻗﯿﻞ ﻟﻠﺸﯿﺦ اﻟﻨﺎس ﯾﺴﺒﻮﻧﻚ ﻓﻘﺎل ﻋﻠﻰ أي ﺷﻲء ؟ ﻓﻤﺎ زدت ﺷﯿﺌﺎ أﺳﺐّ ﻣﻦ أﺟﻠﮫ ، ﻓﺎﻟﻜﺘﺎب ﻛﺘﺎب ﷲ ، واﻟﺴﻨﺔ ﺳﻨﺔ رﺳﻮل ﷲ ، واﻟﻄﺮﯾﻖ ﻟﻠﺠﻨﯿﺪ ، واﻟﻮاھﺐ ﺳﯿﺪي ﻋﺒﺪ اﻟﻮھﺎب اﻟﮭﻨﺪي ، واﻟﻤﺼﺎﻓﺤﺔ ﺳﯿﺪي ﻋﻠﻲ اﻟﻤﺤﺠﻮب ، وﺣﺰب اﻟﺒﺤﺮ ﻟﻠﺸﺎذﻟﻲ ، واﻟﻮﻇﯿﻔﺔ ﻟﯿﺤﻲ ﺑﻦ ﻋﻘﯿﺒﺔ أﻻ أﻋﻮذ ﺑﻜﻠﻤﺎت اﷲ اﻟﺘﺎﻣﺎت .
وﻗﯿﻞ ﻟﻠﺸﯿﺦ اﻟﻨﺎس ﯾﺴﺒﻮﻧﻚ ﻓﻘﺎل ﻋﻠﻰ أي ﺷﻲء ؟ ﻓﻤﺎ زدت ﺷﯿﺌﺎ أﺳﺐّ ﻣﻦ أﺟﻠﮫ ، ﻓﺎﻟﻜﺘﺎب ﻛﺘﺎب ﷲ ، واﻟﺴﻨﺔ ﺳﻨﺔ رﺳﻮل ﷲ ، واﻟﻄﺮﯾﻖ ﻟﻠﺠﻨﯿﺪ ، واﻟﻮاھﺐ ﺳﯿﺪي ﻋﺒﺪ اﻟﻮھﺎب اﻟﮭﻨﺪي ، واﻟﻤﺼﺎﻓﺤﺔ ﺳﯿﺪي ﻋﻠﻲ اﻟﻤﺤﺠﻮب ، وﺣﺰب اﻟﺒﺤﺮ ﻟﻠﺸﺎذﻟﻲ ، واﻟﻮﻇﯿﻔﺔ ﻟﯿﺤﻲ ﺑﻦ ﻋﻘﯿﺒﺔ أﻻ أﻋﻮذ ﺑﻜﻠﻤﺎت اﷲ اﻟﺘﺎﻣﺎت .
وﺗﻮﻓﻲ ﺳﻨﺔ 887 ھـ 1182 م ، وﻛﺎﻧﺖ وﻻدﺗﮫ ﺳﻨﺔ 803 ھـ 1100 م ، ودﻓﻦ ﺑﻀﺮﯾﺢ اﻟﺸﯿﺦ ﺳﯿﺪي ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ أﺑﻲ زﯾﺪ ﺑﺎﻟﻘﯿﺮوان . وﻣﻨﮫ ﺗﻮارث أﺑﻨﺎؤه وأﺣﻔﺎده اﻟﻤﺸﯿﺨﺔ ، ﻓﺎﻧﺘﺼﺐ ﺑﻌﺪه اﺑﻨﮫ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻜﺒﯿﺮ ، وﺗﻮﻓﻲ ﺑﻌﺪه ﺑﺜﻼﺛﺔ أﻋﻮام 890 ھـ ، وﺗﻮﻟّﻰ ﺑﻌﺪه أﺧﻮه اﻟﺸﯿﺦ ﺳﯿﺪي ﻋﺮﻓﺔ اﻟﻤﻌﺮوف ﺑﻘﺒّﺔ ﺿﺮﯾﺤﮫ ﺧﺎرج ﺳﻮر ﻣﺪﯾﻨﺔ اﻟﻘﯿﺮوان ، أﻣﺎ ﺷﺨﺼﯿﺔ اﻟﺸﯿﺦ ﻋﺮﻓﺔ ﻓﺈﻧﻚ ﺗﺠﺪ ﺷﯿﺌﺎ ﻋﻨﮭﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﻟﻤﺆﻧﺲ ص 152 ﻃﺒﻌﺔ ﺗﻮﻧﺲ ، وﻗﺪ ﺣﺎول أن ﯾﻜﻮن اﻟﻤﻠﻚ ﺑﯿﺪه ، وﻓﻲ أﻋﻘﺎﺑﮫ ، وأن ﯾﺆﺳﺲ دوﻟﺔ ﻛﺈﺣﺪى اﻟﺪوﻟﺘﯿﻦ أو اﻟﻤﻮﺣﺪﯾﺔ إﻻ أن اﻟﻈﺮوف ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﯿﮫ أﺷﺪ ﻣﻤﺎ ﻛﺎن ﯾﻈﻨﮫ ، ﻓﺈن اﻟﺒﻼد اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﻋﺎﺻﻔﺔ اﻧﻘﻼب ﻟﻢ ﯾﺴﺒﻖ ﻟﮫ ﻧﻈﯿﺮ ، وھﻲ إﻧﺤﻼل دوﻟﺔ ﺑﻨﻲ ﺣﻔﺺ واﻻﺣﺘﻼل اﻻﺳﺒﺎﻧﻲ ، واﻟﮭﺠﻮم اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻲ اﻟﺬي ﺗﻐﻠﺐ ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ ، وﺷﺮّد أﻋﻮان اﻷﺳﺒﺎن الأعراب ( سكان البادية )
والشابية ( اﻟﺸﺎﺑﯿﺔ ﯾﻨﺘﺴﺒﻮن للهذليين ) .
وﺗﻮﻓﻲ اﻟﺸﯿﺦ ﻋﺮﻓﺔ ﺳﻨﺔ 919 ھـ 1512 م وﻗﻠﻮب ﺳﻜﺎن ﻣﺪﯾﻨﺔ اﻟﻘﯿﺮوان ﻧﺎﻓﺮة ﻋﻨﮫ ، وﻗﺪ إﺳﺘﻨﺠﺪوا ﺑﺎﻟﻘﺎﺋﺪ درﻏﻮث ﺑﺎﺷﺎ ، وھﻮ ﺑﻤﺪﯾﻨﺔ ﻃﺮاﺑﻠﺲ ، ﻓﻠﻤّﺎ أﻧﺠﺪھﻢ ﺳﻠّﻤﻮا إﻟﯿﮫ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ، واﻧﺤﺮﻓﻮا ﻋﻦ أﺑﻲ اﻟﻄﯿﺐ اﻟﺸﺎﺑﻲ ﺷﻘﯿﻖ اﻟﺸﯿﺦ ﻋﺮﻓﺔ اﻟﻤﻨﺘﺼﺐ ﻟﻠﺰﻋﺎﻣﺔ ﺑﻌﺪ وﻓﺎة أﺧﯿﮫ ، ﻓﻘﺘﻠﮫ درﻏﻮث ﺑﺎﺷﺎ ، وﻓﺮّت أﺷﯿﺎﻋﮫ وﻗﺒﯿﻠﺘﮫ ﻣﻦ اﻟﻘﯿﺮوان وﺳﻜﻨﻮا اﻟﺒﺎدﯾﺔ .
وأﺣﻔﺎد ﻋﺒﺪ اﻟﺼﻤﺪ اﻟﺸﺎﺑّﻲ ﻧﺰﻟﻮا ﺑﻘﻔﺼﺔ ، وھﻢ اﻟﻤﻌﺮوﻓﻮن ﺑﺎﻷﺟﺮﯾﯿﻦ ، وﻣﻨﮭﻢ ﻣﻦ ﻧﺰل ﺑﺠﺒﺎل ورﻏﺔ ﻣﻦ وﻻﯾﺔ اﻟﻜﺎف ، وأﺣﻔﺎد ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺴﻌﻮد ﻧﺰﻟﻮا ﺑﻀﺎﺣﯿﺔ ﺗﻮزر ، وﻛﺎﻧﺖ ﻟﻤﺤﻤﺪ اﻟﻤﺴﻌﻮد ( أحد أبناء الشيخ ) زاوﯾﺔ ﺑﺠﺒﻞ أوراس ﻗﺮب ﺧﻨﺸﻠﺔ ، وﺑﮭﺎ ﺗﻮﻓﻲ ودﻓﻦ ﻓﯿﮭﺎ .( وذريته ما زالت فيها إلى اليوم ) ، وﻣﻦ اﻟﺸﺎﺑﯿﯿﻦ ﻣﻦ ﻧﺰل ﻋﻨﺎﺑﺔ وﺳﻮق ھﺮاس وﺧﻨﺸﻠﺔ .
ﻗﺎل اﻟﻤﺴﻌﻮدي ﻓﻲ اﻟﺨﻼﺻﺔ اﻟﻨﻘﯿﺔ : " وأوﻗﻊ ﺣﻤﻮدة باﺷﺎ ﺳﻨﺔ 1631 م ﺑﺎﻟﺸﯿﺦ ﻋﺒﺪ اﻟﺼﻤﺪ اﻟﺸﺎﺑﻲ ، واﻧﺘﺰع درﯾﺪ ﻣﻦ ﯾﺪه " ، وﻧﮭﺐ اﻟﻨﺎس ﻣﻨﺎزل اﻟﺸﺎﺑﯿﯿﻦ إﺛﺮ ھﺮوﺑﮭﻢ ، وﻗﺪ ﻋﺜﺮﻧﺎ ﻋﻠﻰ وﺛﯿﻘﺔ ﻣﺤﺮّرة ﺑﺎﻟﺸﮭﺎدة اﻟﻌﺎدﻟﺔ ﻣﻦ ﺑﯿﻦ اﻟﺮﺳﻮم اﻟﻤﺤﻔﻮﻇﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻜﺘﺒﺔ اﻟﻌﺘﯿﻘﺔ ﺑﺠﺎﻣﻊ ﻋﻘﺒﺔ ﺑﺎﻟﻘﯿﺮوان ﺗﻨﺺّ ﻋﻠﻰ إﺟﺮاءات ﻛﺎﻧﺖ ﺻﺎدرة ﻣﻦ ﻗﺎﺋﺪ ﻣﺤﻠّﺔ اﻟﺘﺮك ( ﻣﺤﻠّﺔ درﻏﻮث ﺑﺎﺷﺎ ) ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ھﺬا اﻟﺸﺄن ، وﻣﻮﺿﻮع اﻟﻮﺛﯿﻘﺔ ﻟﻢ ﺗﺘﻌﺮض ﻛﺘﺐ اﻟﺘﺎرﯾﺦ إﻟﯿﮫ ، وھﻜﺬا أﻣﻌﻦ ﺟﻨﻮد اﻟﺘﺮك ﻓﻲ ﻣﻄﺎردة اﻟﺸﺎﺑﯿﯿﻦ ، وﻗﺘﻠﻮا ﻣﻨﮭﻢ اﻟﺰﻋﯿﻢ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻨﻮر واﻟﺪ اﻟﺸﯿﺦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺴﻌﻮد ﻣﺆﻟﻒ ﻛﺘﺎب اﻟﻔﺘﺢ اﻟﻤﻨﯿﺮ اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ﺳﻨﺔ 1029 ھـ ، وﺷﺮّدوھﻢ ﺧﺎرج ﺣﺪود اﻟﺒﻼد ﻣﻦ اﻟﺠﮭﺔ اﻟﻐﺮﺑﯿﺔ ، وﺑﻌﺪ أﻣﺪ ﻣﺪﯾﺪ دﺧﻠﻮا ﺑﻼد اﻟﺠﺮﯾﺪ ، واﺳﺘﻘﺮّوا ﺑﻀﺎﺣﯿﺔ ﻣﺪﯾﻨﺔ ﺗﻮزر ﺣﯿﺚ ھﻢ اﻵن ﯾﻌﯿﺸﻮن ﻓﻲ ﺳﻼﻣﺔ وأﻣﻦ ، وﻧﺰﻋﺘﮭﻢ ﺗﺤﻮﻟﺖ إﻟﻰ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺼﺎﻟﺢ ، واﺷﺘﮭﺮ ﻣﻨﮭﻢ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﺑﺎﻟﻨﺒﻮغ ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻢ واﻷدب ﻧﺨﺺّ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ ﻣﻨﮭﻢ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻤﻠﮭﻢ اﻟﻤﺮﺣﻮم أﺑﺎ اﻟﻘﺎﺳﻢ اﻟﺸﺎﺑﻲ ، وﻣﻦ اﻟﻐﺮﯾﺐ أن ﻧﻠﻤﺲ ﻓﻲ ﺷﻌﺮه اﻟﻨﺰﻋﺔ اﻟﺼﻮﻓﯿﺔ وأﻧﺎﺷﯿﺪ اﻟﺤﺮﯾﺔ ، وھﻤﺎ ﻣﻦ ﺧﺼﺎﺋﺺ آﺑﺎﺋﮫ وأﺟﺪاده اﻟﺸﺎﺑﯿﯿﻦ الهذيليين ﺗﺤﻠﻰ ﺑﮭﻤﺎ ﺷﻌﺮه ، وأﺧﯿﺮا ﻧﺠﺪ ﻓﻲ اﻟﺪﯾﺒﺎج ص 197 ﻓﻲ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻋﻤﺮﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻜﻤﺎد اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ﺳﻨﺔ 960 ھـ 1552 م اﻟﻤﻌﺮوف ﺑﺎﻟﻮزان اﻟﻘﺴﻨﻄﯿﻨﻲ أﻧﮫ ﻗﺪ اﻟﻒ ﻛﺘﺎﺑﺎ ﻓﻲ اﻟﺮد ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻟﺸﺎﺑﯿﺔ وھﻮ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻤﻔﻘﻮدة ﻓﯿﻤﺎ ﯾﻈﮭﺮ .
نقلته بتصرّف عن قبائل الجزائر tribus Algeriennes
قلت : لا بدّ من التنبيه أنّ هناك انحرافات عديدة عمّت الطرق الصوفية ممّا لا أصل له ، وكلّ ما يتعارض مع القرآن الكريم والسنّة النبوية الصحيحة فهو مردود وإن كان ظاهره العادة والزهد والورع ، ففي شرعنا الحنيف الكفاية بما لا مزيد عليه ، ولو كان خيرا لسبقنا السلف الصالح إليه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق