مقولة مساعيد من طرفا ومساعيد من غضا ومساعيد ترعى في طروفها اللفايف

بسم الله الرحمن الرحيم
مقولة مساعيد من طرفا ومساعيد من غضا
ومساعيد ترعى في طروفها اللفايف

سألني أخٌ كريم عن مقولة ( مساعيد من طرفا ومساعيد من غضا ومساعيد ترعى في طروفها ( وفي رواية ذراها ) اللفايف ) ما المقصود بها وما المُراد منها وما صحّة ما ذكره محمد سليمان الطيّب بشأنها فأقول وبالله تعالى التوفيق :
كان المساعيد أهل معنى دقيق وجميل فلمّا وُصِفوا وجد الواصف أنّ أقلّهم وأردأهم نارٌ حارقةٌ كيف لا وهم الموصوفون بأنّهم ( صغار الوهود كبار الجهود ) والوهود جمع وهد وهو أثاث البيت ، فهم ذوو هممٍ كبيرةٍ ولا تهمّهم الدنيا في شيء ، والناس معادن ففيهم النفيس وفيهم الرديء وفي كلّ قبيلة كرماء وفرسان كما أنّ فيها الجبان والبخيل ، وقد أورد السمعاني في أوصاف القبائل روايات عديدة ومنها قول أحدهم في حوارٍ له مع آخر يسأله : ( أفمن الأنف أم من اللحيين أم من القفا ؟ ) وقوله يسأله : ( أفمن البيت أم من الزوافر ) ( الأنساب ، ج 1 ، ص 41 ) والزوافر أحلاف ، والناس متفاوتون في الفروسيّة والأخلاق والكرم وغيرها من الصفات .

وعبارة ( مساعيد من طرفا ..... ) يراد بها وصف المساعيد فالمسعودي واحدٌ من ثلاثة :
1ــ إمّا أن يكون من طرفاء ويراد بالطرفاء هنا نار الطرفاء ونار الطرفاء أردأ من نار الغضا بكثير
2ــ أو أن يكون من غضا ويراد بالغضا هنا نار الغضا ونار الغضا نار قويّة جدّاً
3ــ أو أن يكون ممّن ترعى في ذراهم وأطرافهم ــ أي حِماهم ــ اللفايف أي العشائر الضعيفة التي لا تستطيع حماية نفسها فتحتمي بغيرها من القبائل القويّة .
وهنا نرى أن الأمراء وصفوا بأنّه ترعى في ذراهم اللفايف ( الألفاف ) فيما وُصف بقيّة القوم بأنّهم نارٌ والنار حارقة سواء أكانت نار طرفاء أم نار غضا ولا يرضى مسعودي على نفسه أن يوصف بأنه من مساعيد طرفاء والويل لمن قال له ذلك كما وقع لأحدهم في قصّة حدثت قبل نحو 60 عاماً ليس هذا محلّ نشرها .
هذه العبارة مشهورة عند قبائل المساعيد وفي أوساطهم وهي تعني أنّ المساعيد فيهم من نار حميّته كنار الغضا ، وفيهم الأقلّ من ذلك وحاله كنار الطرفاء ، وفيهم أشراف القوم وهم الأمراء والسادة والشيوخ والكبار والقضاة الذين يلتفّ الضعفاء حولهم طلبا للحماية والإنصاف ، وليس من مسعوديٍّ يقبل على نفسه أن يقال له أنت من مساعيد طرفا ، وهي عند المساعيد كلمة إهانة لا يقبلونها البتّة ، وهذا التصنيف لا ينفرد به المساعيد ففي كلّ قبيلة رؤوس وأذناب ، أنوفٌ وقفا كلٌّ حسب معدنه .
ومن هنا وجدنا أنّ المسعودي يختصّ بالقضاء العرفي ويتميّز به وقد انفرد وحده بقضاء المنشد وهو القضاء المختصّ بقضايا النساء .
أمّا ما ذكره الطيّب وعزاه لبعض شيوخ قبيلة المساعيد فهو باطل لا أساس له من الصحّة وفيما يلي بيان ذلك :
قال الطيّب في حديثه عن دلائل عراقة المساعيد : " ذكرت مقولة شهيرة عن المساعيد ويعرفها غيرهم من القبائل وتؤكّد نسب المساعيد لشيبان من بكر بن وائل والمقولة هي :
مساعيد من طرفة ومساعيد من غضا ومساعيد ترعى في ظراهم اللفايف أو العمايم
وتعني مساعيد من طرفة أنّ هناك مع المساعيد قديماً في نجد فرقة من نسل طرفة بن العبد البكري الشاعر الشهير في الجاهلية
ومعنى مساعيد من غضا أي هناك فرقة من شيبان أو بكر بن وائل انضوت مع المساعيد من نسل هاني بن مسعود وكانت هذه الفرقة تسكن وادي الغضا في ذي قار وهو واد من وديان بكر بن وائل كان يشتهر بأشجار الغضا
ومعنى مساعيد ترعى في ظراهم اللفايف أو العمايم أي تنزل في حماهم العشائر والفخوذ من قبائل العرب الضعيفة وهو ما يسمّونه بالطنب والجوار وهؤلاء يمثّلون أولاد الأمير سليمان وأبناء عمومته " ( موسوعة القبائل العربيّة ، المجلّد الأوّل ، طبعة مزيدة ومنقّحة 1421 هــ 2001 م ، ص 142 ــ 143 )
قلت : وهنا وجدنا الطيّب قد جعل المساعيد ثلاثة أقسام لا يجمعها إلا اسم بكر بن وائل وهذه الأقسام هي :
1ــ مساعيد من طرفة
وهم من نسل طرفة بن العبد البكري ؟؟؟؟؟
2ــ مساعيد من غضا
وهم قومٌ من بني شيبان أو من بكر بن وائل ؟؟؟؟؟ كانوا يقطنون وادي الغضا أحد أودية ذي قار
3ــ مساعيد أصليّون
وهم من نسل هاني بن مسعود الشيباني ويمثّلهم أولاد الأمير سليمان المنطار وأولاده وأبناء عمومته
وقد عمّ اسم المساعيد هؤلاء البكريّين من سكّان وادي الغضا ومن نسل طرفة بن العبد وهذا يعني أنّ كلّ من لم يكن من ذريّة الأمير سليمان المنطار وآل بيته فليس بمسعوديٍّ بل هو من مساعيد طرفة أو مساعيد الغضا وهم ليسو بمساعيد أصلا وإنّما هم أحلافٌ من بكر بن وائل دخلت في المساعيد !!!؟؟؟
وهذا يعني أنّ الطيّب أخرج كلّ من يحمل اسم المساعيد ولا ينتمي إلى الأمير سليمان المنطار وآل بيته من نسب المساعيد لأنّهم في حقيقة الأمر من طرفا ومن وادي الغضا وأصلهم من بكر بن وائل وليسو من بني شيبان أصل المساعيد !!!
وطرفة بن العبد هو طرفة بن العبد بن سفيان بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل ( جمهرة أنساب العرب ، ص 320 ) وهو من بني قيس بن ثعلبة من فروع بكر بن وائل أي أنه ليس من بني شيبان الذين نسبت إليهم الفرقة المسعودية الأصل وطرفة هذا قتل وعمره عشرون سنة ( الشعراء والشعراء ، ص 105 ) ، قال الزوزني ( ت 486 هــ ) : " قتل وهو ابن عشرين سنة فيقال له ابن العشرين " ( شرح المعلّقات السبع ، ص 61 ) وقال أبو عبيد البكريّ ( ت 487 هــ ) : " هو المعروف بابن العشرين لأنّه قتل وهو ابن عشرين عاماً " ( سمط اللآليء ، ص 369 ) وليس له عقب يذكر ومن ادّعى أنّ له عقباً فليبرز الدليل !!! وهذا يعني أنّ الطيّب نسب إحدى الفئات المسعوديّة الثلاث إلى جدّ ليس له عقب .
وأمّا وادي الغضا بذي قار فليس من مواضع ذي قار ونواحيه وادٍ يدعى بوادي الغضا واّنه كان موطناً لبني بكر بن وائل وذو قار وادٍ وماء ولقد ذكر الجغرافيّون كالبكريّ وياقوت الحموي وغيرهما وادي ذي قار ونواحيه كحنو ذي قار وقراقر وحنو قراقر وذات العجرم والبطحاء وكلّها حول ذي قار ولم يذكرا لا هما ولا غيرهما من علماء البلدانيّات أنّ من ديار بكر بن وائل لا وادي الغضا ولا وادي الطرفاء ولا وادي السيال ولا وادي الرتم وبهذا فإنّ الطيّب قد جعل القسم الأعظم من المساعيد غير مساعيد أي أنّهم دخلوا المساعيد حلفاً وكأنّهم ممّن يشملهم مصطلح اللفايف لأنّهم من نسل طرفة وابن عمّه غضا !!! وكلاهما ليس من بني شيبان فيما الأمارة وحدهم هم المساعيد فهم من نسل الأمير سليمان المنطار وهو من نسل هاني بن مسعود الشيباني !!!
قلت : والآن بعد أن بيّنا معاني العبارة آنفة الذكر وفقاً لما زعمه الطيّب نقول أنّ الطيّب عزا هذه العبارة إلى الشيوخ التالية أسماؤهم :
1ــ الشيخ إبراهيم بن سلمي من الأمراء
2ــ الشيخ سليم بن حسن من الأمراء
3ــ الشيخ حسين بن عقيل من الأمراء
4ــ الشيخ حمد بن سليمان من الدغيمات
5ــ الشيخ عيد بن غنّام بن حمدي من الرواشدة
6ــ الشيخ أبو حجّاج من النصيرات
7ــ الشيخ محمد البريدي
وقال : " وأيّدهم كبار المساعيد في الديار السعوديّة "
( موسوعة القبائل العربيّة ، المجلّد الأوّل ، ص 140 )
وإذا ما أردنا أن نعرف من هم نسل الأمير سليمان المنطار سنجد أنّ الطيّب قرّر أنّهم الأمراء من قبيلة المساعيد ، قال الطيّب : " ... سلالة الأمراء فانحصرت في ذريّة عمرو بن سليمان بن عمرو الشهير بالمنطار وسمّوا أولاد سليمان الأمراء من المساعيد " ( موسوعة القبائل العربيّة ، المجلّد الأوّل ، حاشية ص 160 )
وقد ذكر الطيّب نقلاً عن الرواة الذين نقل عنهم أن شوفان هو عم الأمير سليمان المنطار ( موسوعة القبائل العربيّة ، المجلّد الأوّل ، الطبعة التجريبية ، حاشية ص 166 )
وقال : " عمُّ الأمير سليمان المِنْطار وكان يُسَمّى شوفان وهو جدّ الشَّوافين وسعد صادق الوعد أخيه وكلاهما جدود قبيلة الأحيوات " ( موسوعة القبائل العربيّة ، المجلّد الأوّل ، الطبعة التجريبية ، حاشية ص 166 )
وقال نقلاً عن بعض رواة مساعيد مصر : " شوفان عمّ الأمير سليمان "( موسوعة القبائل العربيّة ، المجلّد الأوّل ، الطبعة التجريبية حاشية ص 167 )
وقال في موضع آخر في ذكر شوفان : " يؤكّد بعض الرُّواة أنّه أخ سعد صادق الوعد " ( موسوعة القبائل العربيّة ، المجلّد الأوّل ، الطبعة التجريبية ، حاشية ص 186 )
وبالطبع فإن ما ورد حول شوفان وسعد هنا باطل فسعد صادق الوعد هو أبو شوفان وسعد صادق الوعد هو ابن أخي الأمير سليمان المنطار وليس عمّه وهو سعد صادق الوعد بن عليّ بن معلّى المسعودي.
قلت : بعد هذا البيان فإنّ كلّ من لم ينحدر من نسل الأمير سليمان وآل بيته فسيكون حتماً من نسل طرفة بن العبد وهو ليس من بني شيبان أو من جماعة وادي الغضا الغير معروف فرعهم الذين ينتمون إليه هل هم من بني شيبان أم أنّهم من فرع بكريٍّ آخر .
وفي ظلّ هذا كلّه نقول :
هل المرابدة من نسل الأمير سليمان المنطار
وهل الفراحين من نسل الأمير سليمان المنطار
وهل الرواشدة من نسل الأمير سليمان المنطار
وهل النصيرات من نسل الأمير سليمان المنطار
وهل البحيرات من نسل الأمير سليمان المنطار
وهكذا هو الحال بشأن بقيّة الفروع التي لا تنحدر من نسل الأمير سليمان المنطار وآل بيته فممّن هم إن لم يكونوا من المساعيد الأصليّين ؟؟؟
لقد أساء الطيّب بما أورده من تفسير بشأن العبارة مدار البحث إلى الحدّ الذي جعل فيه القسم الأعظم من المساعيد وهم لا ينحدرون حتما من نسل الأمير سليمان المنطار ولا من نسل آل بيته جعلهم من نسل طرفة ومن وادي الغضا !!!!!
وقد ذكر الطيّب بعض المساعيد الذين كانوا مع سليمان المنطار ولم يذكر لهم به صلة نسب باستثناء ما سبق بيانه عن الأحيوات فقال ذكر الأمير عمرو بن سليمان المنطار : " وكان معه عدّة رجال ممن تبقّوا ولهم في المساعيد سلالات مثل :
1ــ سليمان الأدغم ومنه الدغيمات
2ــ وراشد ومن الرواشدة
3ــ ومربد ومنه المرابدة
4ــ وعيهور ومنه العواهير
5ــ وجدّ الأحيوات وقيل اسمه معلّى
أمّا سلالة الأمراء فانحصرت في ذريّة عمرو بن سليمان بن عمرو الشهير بالمنطار وسمّوا أولاد سليمان الأمراء من المساعيد " ( موسوعة القبائل العربيّة ، المجلّد الأوّل ، طبعة حاشية ص 160 )
والصّحيح بشأن تفسير العبارة ما سبق أن أوردناه آنفاً وأمّا ما ذكره الطيّب فليس له أساس من الصحّة .
هذا ما أحببت بيانه لأخي السائل الكريم لكي لا يغترّ أحدٌ بما ورد في موسوعة القبائل العربيّة حول هذه العبارة والله وليّ التوفيق