تهتم هذه المدونة وتعنى بأنساب وتاريخ وأعراف وتقاليد وأخبار وأعلام وشؤون قبائل المساعيد

الخميس، يناير 30، 2014

سعد هايل السرور: طفولة ساقها الترحال من مضارب البداوة إلى "خيمة" السياسة

 
سعد هايل السرور : طفولة ساقها الترحال من مضارب البداوة
إلى "خيمة" السياسة
 

عندما كنت طفلا
 

ديما محبوبه
عمان – "الترحال" سمة دمغت طفولة سعد هايل السرور، وحفر عميقا، بتفرعاته النفسية، في مكنونات شخصيته البدوية الأصيلة.
وإذا كان السرور "استقر" أخيرا- أو هكذا ظن- بعد أن ألقى "رحله" في "خيمة" الحياة السياسية، فلا يملك المدقق فيه، إلا أن يلمح ذلك "التأهب" الدائم في حركاته وسكناته، وفي اضطراب مقلتيه، اللتين لا تستقران على حال، ما يوحي بأنه على أهبة "الترحال"، وعلى الأرجح أنه، لهذا السبب، تحديدا اختار الحياة السياسية طريقا "صحراويا" لراحلته، بكل مفاجآتها وتحولاتها المتقلبة؛ كونها تنسجم مع طبيعته البدوية.
 على أن ترحاله الدائم في طفولته المبكرة، لم يمنع رئيس مجلس النواب الأردني الأسبق، سعد هايل السرور، من تحمل مسؤوليات جسيمة، إذ إنه كان طفلا "كبيرا"، يهوى حضور مجالس الكبار من أبناء عشيرته، فضلا عن أن طفولته المتنقلة، جعلت منه شخصا صلبا، مولعا بالتفوق، وصاحب عزيمة لا تلين.
وكانت تجمع السرور علاقة طيبة مع ذويه، يصفها بأنها "علاقة مبنية على الالتزام، وعلى احترام الصغير للكبير"، وهو أمر دارج لدى العائلات البدوية، ومرتكز أساسي في أخلاق العشيرة.
أما عن علاقته، على وجه الخصوص، مع والده الذي كان "شيخ العشيرة" آنذاك، فحملت "صفات إيجابية وطيبة"، وفق السرور، ووالده هو من كان يعمل على تشجيعه على مجالسة الكبار، والمبادرة بتقديم أي خدمة ممكنة، وهذا، تحديدا، ما زرع في داخله حب مساعدة الآخرين .
كما أن والده، كان حريصا على تدريسه هو وإخوانه، حتى إتمام تحصيلهم العلمي، وجعل معهم "مدرسا رحالا" يسافر أينما سافروا، ويحط معهم أينما حطوا.
كان يسمى هذا المدرس الرحال "الخطيب"، بحسب السرور، ويصف هذه "المدرسة" بـ"الفريدة"، إذ لا مكان ولا زمان محددين لها، "فأينما وضعنا أغراضنا يبني الخطيب بيت الشعر المخصص للمدرسة"، فيذهب السرور وأقرانه من أبناء عشيرته، إلى تلك المدرسة؛ إيمانا منهم بحقهم في التعلم.
وفي أثناء فترة التنقل والترحال، فإن السرور، وبقية الأطفال من جيله، لم يكونوا يتحملون الكثير من الأعباء، وكان على الأهل، أن يعلموا أطفالهم، فقط، كيفية تحمل مسؤوليتهم؛ لأن الجميع مشغولون.
أما الألعاب التي كان يزاولها السرور وأطفال العشيرة الآخرون، فكانت بسيطة، ومصنوعة من أدوات خام متوفرة في بيئته الصحراوية، على غرار الجري والقفز على الحواجز، التي كانوا يصنعونها من أدوات بسيطة، كالحجارة وقطع الخشب أو أغصان الشجر، وكذلك "التقنيص" على هدف محدد، إما بالحجارة أو "المقلاع".
ويقول إن المقلاع، كان يصنع من المطاط والجلد أو القماش، مضيفا أن أبناء جيله وأبناء البادية على العموم، لم يكونوا يعرفون بوجود "كرة" للعب، مثل "كرة القدم" مثلا، كما هي الحال في الأرياف والمدن.
وحين يُسأل السرور عن صفاته إبان طفولته، يجيب بأنه لم يكن شخصا ضعيفا، خصوصا وأنه ابن "شيخ العشيرة"، ما يجعل الاحترام متبادلا بين جميع الأطراف، وفي المقابل، فإن "منصبه" الطفولي آنذاك، لم يجعل منه طفلا مغرورا، ولم يكن يخطر في باله، أنه سيكون "صاحب مكانة سياسية"، على حد تعبيره، بل كان همه ينصب،على اللعب ومخالطة الكبار.
كما كان للبادية دور كبير في تكوين شخصية السرور الجريئة والقوية، إذ علمته الكثير من صفات التحدي، والإصرار وبلوغ الهدف.
وعن والدته، فكل ما يذكره السرور، أنها كانت "امرأة قيادية"؛ إذ كانت تجمع العديد من زوجات الأقارب وعشائر البادية لتناول العديد من القضايا، ويدور بينهن كثير من المواضيع التي تهم العشيرة، علاوة على مسائل أسرية أخرى.
كان ذلك كل ما علق في ذاكرة السرور الغضة، إذ توفيت والدته وهو في العاشرة من عمره. وأما الفضل الكبير في تربيته فهو لإخوانه، وفي تكوين شخصياتهم، فأخته الكبرى، التي نهضت بمسؤوليات والدته كاملة، مثلما كان لها دور كبير أيضا في توجيهه وحفزه على التعلم، ويصفها بأنها كانت الداعمة له معنويا.
كما يصف السرور نفسه، بأنه كان "طفلا لا يعرف البطر"، ولم تكن هذه السمة "تطبع الأطفال سابقا"، من حيث المأكل والملبس، وخصوصا لأطفال البادية، فكانت الحياة بسيطة، ولا وجود "للتنوع"، الذي يتوفر للأطفال في الوقت الحالي.
وبقي السرور يعيش هذه الحياة، التي يغلب عليها طابع التنقل حتى الصف الثالث الابتدائي، ومن بعدها استقر مع عشيرته في مدينة المفرق، ودرس في مدرسة فوزي الملقي.
أما عن طفولته في مدينة المفرق، فكانت مغايرة لما ألفه سابقا، وأحس أنه انتقل إلى حياة الاستقرار، وأصبح "اللعب مختلفا أيضا"، فبات يعرف "القلول"، ولعبة العصا، وكرة القدم.
ويصف والده بأنه كان شخصا متفتحا ومثقفا، غير متعصب، وكان كثير الاهتمام بأبنائه، حتى في طريقة لبسهم، إذ لم يكن لباسهم يقتصر على الثوب العربي، بل سمح لهم، أيضا، بارتداء القميص والبنطلون.
وحول ما آلت إليه علاقته بأصدقائه القدامى، يعترف السرور بأنه، في الوقت الحالي، غدت هناك الكثير من الفروقات بينهم؛ نظرا لأن التعليم وإتمام الدراسة، لم يكونا هدف أصدقائه جميعهم، غير أن هذا المآل، لم يجعله شخصا غريبا عليهم، إذ ما يزال يقابل الكثير منهم، فتتلاشى جميع الفروقات بحضرتهم، وتهيمن على لقاءاتهم، الأحاديث الجميلة والمحببة، والوفاء لعهد الطفولة والذكريات.
ويضيف السرور، أن ما كان يجعله ملازما لأطفال العشيرة أو الحي، يتمثل بغياب أي نوع من أنواع التسلية البيتية، مثل الألعاب الإلكترونية وغيرها، أو حتى التلفاز، وهي أمور تلهي عن إقامة صداقات طفولة جميلة.
يبقى أنه، بعد أن "رحل" السرور عن طفولته، تقلد العديد من المناصب، أهمها رئاسة مجلس النواب لعدة دورات منذ العام 1989، وحظي بتأييد قوى وطنية ومعارضة، جراء اعتدال طرحه السياسي، ولم يخسر موقعه النيابي، منذ فاز بعضوية مجلس النواب، عن إحدى دوائر البدو في المفرق، منذ استئناف الحياة النيابية.
جريدة الغد الأردنية : http://www.alghad.com/index.php/article/389218.html
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق