البشعة والمجالس العرفية في مصر

إعداد آيات سمير

البشعة والمجالس العرفية من أشهر ما يعرف عن البدو فى بعض المحافظات المصرية ونحن نسمع عن هذه المسميات ولكن لا يدرك البعض حقيقتها ورغم أننا بالقرن الحادى والعشرون إلا أن العادات والمعروفة عن العرب مازال البعض يلجئ لها حتى الآن بحثا عن الحقيقة , لذا رصدت فكرة جلسة فعلية للبشعة مع أحد المبشعين والقضاة العرفيين وذلك على بعد أميال من مدينة الإسماعيلية وتحديدا بأحد نواحى قرية ” سرابيوم ” الواقعة بالقرب من مدينة فايد حيث أجرينا هذه اللقاء .

من أنت ؟
أنا الشيخ محمد العيادى من قبيلة العيايدة ربع السلاطنة خمس العديات أعمل مبشع وقاضى عرفى ورثت هذه المهنة عن والدى فقد علمنى الكثير عن هذه المهنة وأعمل بهذا المجال منذ أكثر من 7 أعوام .
هل تواجهك صعوبات خلال ساعات عملك كمبشع ؟
أكثر ما يواجهنى هو تعرضى لبعض الأشخاص الذين يحضرون إلى ويطلبون منى أن أبرء الجانى مقابل أخذ رشوة ولكننى أرفض ذلك وبشدة لأننى أعتبر أن هذه المهنة أمانة وشرف بل أنها تعتبر أداة مقدسة لكشف الحقيقة لكل من يريدها لذلك أرفض قبول الرشاوى وهذا هو سر نجاحى
ماهى البشعة ؟
عبارة عن طاسة من الحديد وزنها 3 كيلو جرامات بالتقريب ’ يتم وضعها وحميها على جمر النار حتى تقارب على مرحلة الانصهار, ثم يتم وضعها على السنة المتخاصمين أو الذين يتم أتهامهم بالسرقة أو الخيانة وغيره ’ حيث يقوم الشخص بوضع لسانه عليها وهى منصهرة فإن كان صادقا لم تمسه بسوء ولا تحرق لسانه وإن كان كاذبا تحرق لسانه ولا يتمكن من الحديث أو الكلام أو تناول أى شئ لمدة ثلاثة أيام ’ ولكنها لا تجعل الإنسان يفقد النطق كما يدعى البعض .
وينوهه : أن كل جلسة للبشعة يتم إثباتها فى محضر بأخذ أرقام بطاقات المتخاصمين وذلك كإحتياط قانونى .
هل هناك شروط للعمل فى هذه المهنة ؟
لا توجد شروط للعمل فى هذه المهنة ولكن فى إعتقادى الشخصى أن هذه المهنة لها أدبيات لأنها تعتبر أمانة تبلغ وتؤدى إلى أصحابها وبخاصة وأنها تعتبر من أدوات إظهار الحق ولكن هناك البعض من المبشعين الذين يتخذون هذه المهنة كمصدر لثراء السريع و ” تجارة ” فيقبلون الرشاوى وغيره وهذا مخالف لشروط وأدبيات المهنة والتى من شأنها أن تظهر الحق .
ما العقوبة التى يتحملها الجانى أو المتهم الذى تثبت إدانته لإرتكاب وقائع السرقة وغيره ؟
فى قانون هذه المهنة يتحمل الجانى قيمة ما تم سرقته ويلتزم برده إلى أصحابه أما فى حالات الضرر النفسى بيتم تعويض المتضرر بحسب الحكم الذى يرضاه المتضرر أو أهله .
هل توجد علاقة بين البشعة والسحر أو الجن ؟
ليس هناك علاقة بين البشعة والسحر لأن البشعة تقرأ عليها بعض الآيات القرآنية وبعض الأذكار الخاصة بإتمام تقوسها وهذا مخالف تماما للسحر والذى يتم فيه أرتكاب بعض الأمور التى تغضب الله سبحانه وتعالى من أجل أتمام بعض المهام أما البشعة فلا علاقة لها بالسكر ولكن أعتقد أن البشعة لها علاقة ب ( المبشع ) ذاته من حيث قوة شخصيته وقدرته على الإستبصار بالأمور فهى تعتبر صديقتى الوفية .
ما أغرب الحالات التى قابلتها ؟
أغرب الحالات التى وأجهاتنى عندما قدم إلى أحد الأشخاص وذلك منذ عدة أشهر حيث حضر هو وبناته بسبب أن بناته تتهمه تتهمه بالإعتداء عليهم جنسيا وبالفعل أعترف الرجل بأنه فعل ذلك وفى حضور أزواج بناته مما أصابنى بحالة من الحزن الشديد واعتبرت أن هذه الحادثة من علامات الساعة وبخاصة وأننا عرب ومسلمين وجعلت أتساءل فى نفسى كيف يتم هذا ونحن كعرب نقدر الشرف ونحافظ عليه ؟ .
المجالس العرفية :-
ما القضاء العرفى ؟ وفيما تعقد المجالس العرفية ؟
القضاء العرفى أو المجلس العرفى هو عبارة عن مجلس يتم فيه فض المنازعات بين الخصوم ومن له الحق فى المنازعة أو المشكلة يتم الحكم له وذلك بالأدلة والشهود والبعض يلجئ للقضاء العرفى لأن حكمة أسرع من المحاكم الحكومية القانونية كما تعتمد أى جلسة للقضاء العرفى على موافقة الطرفين للحضور فلا تتم جلسة عرفية إلا بحضور الخصيمين وذلك بعكس القضاء الحكومى والذى من الممكن أن يحكم غيابيا على المتهمين , وتقعد المجلس العرفية فى كل المشاكل مثل ( القتل – والسرقة – والنصب – الشرف – الإعتداء بالضرب ) وغيره من المشاكل ذات الشبة الجائية كما فى القضاء الحكومى والقضايا الرسمية .
هل هناك أنواع لتلك المجالس ؟
نعم توجد هناك أنواع لتلك المجالس وتعرف به بعض القبائل العربية فمثلا هناك قضاء عرفى خاص بالقتل ويسمى عندنا (بمنقع الدم ) وهذا ما تعرف به قبيلى البلوى والمسعودى حيث يتم فيه الفصل فى المشاكل المتعلقة بالقتل والفدية , وهناك أيضا مجلس خاص بقضايا الشرف ويسمى ( المنشد ) وتعرف به قبيلة عرب المساعيد أما قبيلة العيايدة فهى مختصة بالمجالس العرفية التى تفصل بين الخصوم فى مشاكل الموال والضرب .
ولدينا العديد من العلماء المختصين بالمجالس العرفية مثل الشيخ مسلم أبو نصار , والشيخ شهود أبو مبارك والشيخ عودة أبو عيد الجبيرى فهناك دراسة للقضاء العرفى ونحن نتعلم من أمثال هؤلاء العلماء الكبار .
ما المقابل الذى يتقاضاه القاضى العرفى أو المبشع ؟
بالطبع المقابل الذى يحصل عليه القاضى هو المال ويسمى ( رُزقة ) وهذا المال يتم الحصول عليه من الطرفين بحسب المبلغ المتفق عليه مع الطرفين فمثلا من يتم إدانته تضيع عليه أمواله ويأخذها القاضى أما الشخص الذى تم تبرئته يرد له المال . ولكن هذا يحدث فى المشاكل الكبيرة أما بعض المشاكل الصغيرة فلا نتقاضى فيها المال وبخاصة مع الاشخاص الذين لا يستطيعون الدفع ولكن بعض القضاة العرفين لا يعملون إلا بالمال بل أنهم يطلبون مبالغ كبيرة وتسمى ( كبارة ) وهذا يعتبر من سلبيات المهنة التى يرتكبها البعض .
وفى النهاية أتمنى من الله تعالى أن يكفى الناس شر الناس وأن تنعم مصر بالأمن والأمان فى ظل قيادتها الحكيمة

جريدة فكرة :
http://fekra.media/archives/4154

تعليق :

البشعة جزء من نظام التقاضي وقد ساهمت في حلّ كثير من القضايا العالقة ، ورغم هذا فلا يقرّها الشرع أو القانون .