قبيلة عاترة من أقدم وأعرق قبائل هُذَيْل ، فهي من قبائل بني قرد بن معاوية بن تميم بن سعد بن هُذَيْل ، وقد كانت من أعظم وأجلّ قبائل هُذَيْل في شمال شرق مكّة المكرّمة في القرنين التاسع والعاشر ، وظلّت تُعرف بهذا الاسم حتى القرن العاشر للهجرة فيما توفّر لديّ من معلومات ، ومن أهمّ معاقلها المضيق ( البردان ) في وادي نخلة الشامية ، وقد تغيّرت أسماء بعض القبائل الهذلية وغلب عليها أسماء فروعٍ منها حلّت أسماؤها محلّ الاسم القديم في ذات الديار .
وممّا جاء عن هذه القبيلة العريقة في كتابي :
( قبيلة هُذَيْل وأصولها القديمة
في بلاد الحجاز حتى آخر عهد الأشراف عام 1344 هــ )
والعمدة فيه على النصوص والوثائق حتى عام 1344 هــ 1925 م ما يلي :
1ــ عَاتِرَة بن جابر بن زيد بن قِرْد بن معاوية بن تَمِيم بن سَعْد بن هُذَيْل .
بنو عَاتِرَة وواحدهم عاتِريّ ، فرعٌ من بني قِرْد بن معاوية بن تَمِيم بن سَعْد بن هُذَيْل . قال عبد الحقّ الإشبيلي ( ت 581 هــ ) " العاتريّ في هُذَيْل يُنْسَب إلى عَاتِرَة بن جابر بن زيد بن قِرْد " ، وقال الخيضري ( ت 894 هــ ) : " العاتِريّ بمثنّاة مكسورة وراء نسبة إلى عَاتِرَة بن جابر بن زيد بن قِرْد " .
وقال المقريزيّ ( ت 845 هــ ) : " وولد جدير بن زيد بن قِرْد : عتوارة وعَاتِرَة " .
قلت : جدير تصحيف جابر .
وقال ابن معصوم الحسيني ( ت 1120 هــ ) : " بنو عَاتِرَة من هُذَيْل " .
ولا أدري هل يقصد ابن معصوم عَاتِرَة بن جابر أم عَاتِرَة بن عَمْرو بن الحَارِث !
ولقبيلة عَاتِرَة أخبار عديدة منها :
1ــ عَاتِرَة من أهل المضيق عام 832 هــ .
قال عبد العزيز بن عمر بن فهد المكي في ذكر حوادث سنة 832 هــ في ذكر فرار السَّيّْد إبراهيم من أخيه السَّيّْد بركات : " ثمَّ توجّه إلى المضيق ، فآواه أهل المضيق عَاتِرَة ونَباتَة ، وأضافوه وأظهروا له المساعدة " ، وقال : " وسار السَّيّْد بركات بمن معه إلى نخلة ، وأخرَبها وسبى أهلها وأخذهم ، وكانت طائفة يقال لها نَباتَة ساروا مع الشريف إبراهيم ، فلمّا أن فرغ من أمر نَباتَة صاحت عَاتِرَة على الشريف بركات ، ووقع بينهم قتال ، فظفر عليهم الشريف بركات ، ولزم منهم عشرين نفساً ، ونهب محلّتهم ، وجاء بهم إلى مكّة مسلسلين في الحديد ، ثمّ بعد ذلك وصلت عَاتِرَة إلى السَّيّْد بركات ، وأعطوه رهائن ثلاثة من أولاد كبرائهم على أن يسلّموا له ألف دينارٍ ذهباً ، ويعودوا إلى بلادهم فعفا عنهم وقبل ذلك " .
2ــ عَاتِرَة يهاجمون إحدى القوافل في منى وعرفات وكرا عام 888 هــ .
قال عبد العزيز بن عمر بن فهد المكي في حوادث ربيع الثاني سنة 888 هــ : " وفي يوم الأحد سابع ربيع الثاني سافرت قافلة بَجيلة من على منى وعرفات وكرا ، فلمّا وصلوا قرب كرا خرج عليهم عرب هُذَيْل ، وهم فِرقة من عرب القصقوص أهل البادية ، ونهبوا القافلة جميعها حتى الجمال ، وقتلوا جملة من الرجال ، وجرحوا بعضهم ، ويقال أن الذي أخذوه غير الجمال يجيء أربعة آلاف دينار ، ثمَّ إنَّ العرب أرسلوا يسألون في الصلح وهم يردّون ذلك لأربابه فإن أبى الشريف فمن أراد أن يشتري متاعه فليأتهم ، وكان مع القافلة رفيق مقدّم ، ويقال أنه قال : ما أرفق إلّا على هذه الفِرقة ، ووصل الخبر إلى مكة ، ثمَّ إلى الشريف ، فأرسل رتبة خيل تجلس تحت جبل هؤلاء حتى يستصرخ عليهم العربان " .
قلت : ورد الاسم في غاية المرام الفصوص وهو تصحيف القصقوص ، وجاء صحيحاً في بلوغ القرى .
3ــ صلح عَاتِرَة مع شريف مكّة عام 908 هــ .
قال إبن فهد في حديثه عن عهد الشريف جازان بن محمد بن بركات في حوادث جمادى الأولى سنة 908 هــ حيث فرَّ القاضي شرف الدين الرافعيّ إلى نخلة ، فأرسل الشريف إبن عنقا لإحضاره فعاد بلا فائدة قال : " وعاد إبن عنقا من نخلة ، ولم يواجه ، وأغلظ له أهلها ، ثمَّ جاء بعض العربان إلى المستقين بأبيار العسلات ، وشوّشوا على بعض المستقين ، ضربوه بالسيف على كتفه ، ثمَّ على غيره وضربوا عرقوب جمله ، وحمل على العتّالين إلى مكة ، ثمَّ نحر ثاني يوم ، فتشوّش الشريف جازان لذلك ، وخرج هو وغالب عسكره إلى نخلة ، ورأى عرباً فوق الجبال بقرب مكّة ، فنادى عليه ، فأرسل لهم في أخذ مكّة منهم وجهاً ثلاثة أيام ، فأعطوهم ذلك ، وطلبوا العشاء فاشتروا لهم زاداً ، وعزموا لهم شيئا ، الجملة بعشرين ديناراً ، كذا يقال ، ثمَّ سمعنا إنّما أعطوهم ثمانية أشرفية ، ثمَّ الله يصنع في ملكه ما يشاء ، وازداد سعر الحبِّ وبالله المستعان ، وإذا وصل إليهم جاه أملاك شيخ نَباتَة ، ولم يقع بينهم اتفاق ، ثمَّ دخل البلاد ، وطلع بعضهم إلى الجبل ، فوجدوا بعض ما عجزوا عنه من الزاد ، وبعض بقر وحمار وجاريتين ، ثمَّ حرقوا بعض النخيل ، وأخذوا جميع ما وجدوه في الأشجار من الموز والليم والليمون ، وحصدوا جميع حَبّهم ، وكان قد استوى ، فلمّا رأوا ذلك نزل إلى الشريف شيخ غاترة بن القصقوص ، وهم الذين عندهم الشريف الرافعي ، وصالح الشريف على أن يسلّم لهم الرافعي وولده ، فسلّموهما لهم ، فسمع نَباتَة فنزل شيخهم إبن ملاك ، وصالح أيضاً ، وعاد الشريف وعسكره " .
قلت : إبن القصقوص هو شيخ قبيلة عَاتِرَة التي تصحّفت إلى غاترة .
4ــ وقال جار الله بن فهد المَكّي في كتابه حُسْن القِرى الذي ألّفه عام 947 هــ في ذكر قرية التنضب : " وفيها الآن نخيل ومزارع للحبّ مرضية ، يسكنها عرب نَباتَة من هُذَيْل ، ولأجلهم تعرف ببني نَباتَة وبني مسعود ، ولهم بها حصنٌ قديمٌ علوّ جبل في سفل وادي نخلة ، كالعَاتِرَة في علوّها في البردان ، ويقع بينهم الحروب في بعض الأزمان فيؤذيهم صاحب مكّة ، بأخذ أموال جمّة لقوّتهم وكسر شوكتهم " .
وقال في ذكر البردان : " البردان : علوّ وادي نخلة الشامية " . قال : " وأقول : وهو علوّ واديها لعَاتِرَة قبيلة من عرب هُذَيْل ، ولهم فيه حصن قديم خراب على جبل علوّ مسيل الوادي ، وأمامه بركة كبيرة مبنيّة بالجصّ والحجارة الكبار شبه البحرة " .
وجاء في حاشية الكلام على البردان : " والآن مشهور بعين المضيق كان يملك غالبها الأشراف الحرّث ، ثمّ انتقل بالشراء للأشراف العبادلة وذوي زيد ، وبه قريتان للحرّث ونَباتَة من هُذَيْل " .
قال جار الله بن فهد المَكّي في ذكر البردان والتنضب : " ورأيت [ .... ] معروفون بالرجالة والشجاعة يقال لهم هُذَيْل ، مفترقون فرقتين أحدهما عَاتِرَة وثانيهما نَباتَة ، ولكلٍّ منهم شيخ يرجعون إليه ، ويعوّلون في أمورهم عليه ، وبعض الأحيان يقع الحرب بينهم ، فتلوم الدولة شيخهم ويجعلون عليه مالا يوزعه عليهم حالا ومالا ، فالله تعالى يلطف بنا وبهم أجمعين ، ويختم لنا بخير آمين " .
قلت : ما بن القوسين فراغ في الأصل قال الشيخ حمد الجاسر رحمه الله تعالى : " لم يذكر ما رأى ولعلّه ( أهلها ) " .
ويتضح لنا مما سبق بيانه ما يلي :
1ــ أن هُذَيْل الذين يقطنون وادي نخلة فرقتان هما :
1ــ عَاتِرَة وشيخهم القصقوص .
2ــ نَباتَة وشيخهم إبن ملاك .
ومن قبيلة عَاتِرَة :
1ــ القصقوص .
هم شيوخ قبيلة عَاتِرَة وكانوا من شيوخ وادي نخلة إلى جانب ابن ملّاك شيخ قبيلة نَباتَة ، ويُعرفون باسم القصاقيص ، ولهم أخبار قديمة منها :
1ــ القصقوص يهاجمون قافلة قرب جبل كرا عام 888 هــ .
قال عبد العزيز بن عمر بن فهد المكي في حوادث ربيع الثاني سنة 888 هــ : " وفي يوم الأحد سابع ربيع الثاني سافرت قافلة بجيلة من على منى وعرفات وكرا ، فلمّا وصلوا قرب كرا خرج عليهم عرب هُذَيْل ، وهم فرقة من عرب الفصوص أهل البادية ، ونهبوا القافلة جميعها حتى الجمال ، وقتلوا جملة من الرجال ، وجرحوا بعضهم ، ويقال أن الذي أخذوه غير الجمال يجيء أربعة آلاف دينار ، ثمَّ إنَّ العرب أرسلوا يسألون في الصلح وهم يردّون ذلك لأربابه فإن أبى الشريف فمن أراد أن يشتري متاعه فليأتهم ، وكان مع القافلة رفيقٌ مقدّم ، ويقال أنه قال : ما أرفق إلّا على هذه الفرقة ، ووصل الخبر إلى مكة ، ثمَّ إلى الشريف ، فأرسل رتبة خيل تجلس تحت جبل هؤلاء حتى يستصرخ عليهم العربان " .
قلت : الفصوص تصحيف القصقوص .
2ــ القصقوص شيخ عَاتِرَة عام 908 هــ .
قال إبن فهد في حوادث جمادى الأولى سنة 908 هــ وقد تقدّم الخبر : " ... فلمّا رأوا ذلك نزل إلى الشريف شيخ غاترة بن القصقوص ، وهم الذين عندهم الشريف الرافعي ، وصالح الشريف على أن يُسلّم لهم الرافعي وولده ، فسلّموهما لهم ، فسمع نَباتَة فنزل شيخهم إبن ملاك ، وصالح أيضاً ، وعاد الشريف وعسكره " .
قلت : إبن القصقوص هو شيخ قبيلة عَاتِرَة التي تصحّفت إلى غاترة .
3ــ القصقوص أحد شيخي وادي نخلة عام 915 هــ .
قال إبن فهد في ذكر حوادث عام 915 هــ في ذكر مسير السَّيّْد عرار بن عجل ومن معه إلى وادي نخلة : " ... وتوجه القاضيان والسَّيّْد عرار والبقيري ومحيي الدين بن زقيط إلى وادي نخلة ، فصادفوا بها صُبْح الجمعة القاضيين المالكي والحنبلي ، ورأوا عينها وتغدوا بها من مضافة أحد شيخي البلد بن ملاك ، وتوجّه الباش ومن جاء معه لبلاد سولة لرؤية عينها ، وواعد المالكي مكة ، وحمل له القصقوص أحد شيخي وادي نخلة ضيافة كبيرة إلى سولة ، فأكل وأصبح بمكة " .
هذه المادّة قيد التحديث حسبما يستجدّ من نصوص أو وثائق والله الموّفق .
ويمكن التواصل مع الباحث على العنوان التالي :
alahaywiy@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق