خالدالمسلم : خاص ــ صوت الجوف
أحييكم وأرسل لكم الرسالة الثانية من هنا من محافظة البدع فمرحباً بكم وحياكم الله وأتمنى أن أقدم لكم معلومات مفيدة .
شهدت البدع إزدهاراً اقتصاديا وحضاريا ً منقطع النظير إبان عصر مملكة الأنباط (100ق.م – 106م ) حيث كانت نقطة تجمع للطرق التجارية التي تربط البتراء عاصمة الأنباط بميناء لوكي كومي ( عينونة ) على ساحل البحر الأحمر وبواحة الحجر في الجنوب . وتحوي العديد من الآثار الإسلامية المبكرة ، وهي مدينة ذات مياه عذبة وأشجار ونخيل ، وقد عرفت بعد القرن السابع الهجري في كتابات الرحالة المسلمين باسم مغير شعيب . ويتبع البدع عدد من المراكز هي : ( مركز مقنا ، ومركز قيال ، ومركز أم رمانة ) .
تقع مدينة البدع في الشمال الغربي من المملكة العربية السعودية في وادي عفال 225 كلم غرباً عن مدينة تبوك وتبعد عن البحــر ( خليج العقبة ) ثمانية وعشرون كلم شرقاً والبحر الأحمر أربعون كلم شمالاً ، وترجع تسميتها بهذا الاسم لكثرة المياة والآبارالتي ابدعت فيها ، ويطلق عليها قديماً اسم ( مدين ) وقيل : مدين اسم قبيلة ولهذا قال الله تعالـــــــى : - (( وإلى مدين اخاهم شعيباً )) نسبة لقوم مدين الذين سكنوا هذه المنطقة كما ( يقول المؤرخ الاغريقي إيو سيبوس إن مدين بن إبراهيم كان أول من سكنها فسميت باسمه حسبما ذكر موسل ، وكان روبل الرحالة البريطاني الذي زار المكان سنة 1850م أول من لفت أنظار الباحثين من المستشرقين ، فزاره عدد منهم وكتبوا عنه ، ومن أهمهم بورتن ودوتي وموسل وفلبي وبعثة جامعة لندن التي حققت المكان وكتبت عنه تقريراً علمياً نشرته ســنة 1970 م ضمن ماكتبته عن منطقة شمال غـرب الجـزيرة العربيـة .
وقال ابن هرمة يمدح عبدالـواحد بن سليمان بن عبد الملك :
ومعجـب بمديح الشعر يمنعه
من المديح ثواب المدح والشفق
لأنت والمدح كالعذراء يعجبها
مس الرجال ويثني قلبها الفَرَق
لكن بمدين من مفضي سويمرة
من لا يُذم ولا يُثنى له خُلـُق
أهل المـدائن تأتيه فتمدحه
والمادحون بماقالوا له صدقوا
تحتضن المدينة كنوز اثرية فبها مساكن شعيب عليه السلام وبئر موسى وكما قيل إنه كان يسكنها قوم أهل الظلة الذين عذبهم الله عز وجل . فالبدع يقطنها قبيلة المساعيد وهم أول من سماها بالبدع نسبة لأنهم أول من ابتدع الماء بالبدع لأنه لم يكن بها ماء وكما توارثت في ذلك مقولة شهيرة : ( البدع بدعناه ) .
كما تحتضن البدع مناطق ساحلية تابعه لها تعتبر من أفضل السواحل والشواطئ على الاطلاق على متداد خليج العقبة ... توجد قرية مقنا التي تقابل مدينة ذهب في مصر والتي تبعد عنها 21 كيلو متر على امتداد البحر حتى أنك بالليل ترى أنوار مدينة ذهب وهي تمتاز بمناخ بارد بالصيف وهواء عليل وشواطئ خلابة فيرتادها الكثير من الغواصين من شتى البقاع لما لها من نكهة خاصة في الغوص حيث تمتاز برؤية صافيه وجمال مرجاني وبكورية الشعب المرجانية وصفاء المياه الجميلة حتى أنك ترى زميلك بضوء القمر تحت 60 قدم تحت البحر وبالنهار ترى زميلك على بعد 50 متر وبها أسماك جميلة ....وفي الجنوب أعلى البحر الأحمر في بداية دخول الخليج تجد شاطئ الشيخ حميد ذلك الشاطئ الممتد من مقنا بمسافة 50 كيلومتر تقريبا حيث يمتاز الشاطئ بالهدوء حيث أنه خالِ من البنيان ، ويحبه الكثير من الغواصين لما به الكثير من الأسماك لهواة الصيد وعلى امتداد الشاطئ شرقا نجد ( قرية قيال ) التي زارها فريق تبوك للطيران الشراعي ... فالمنطقة بها خدمات وبها مرافق سكنية وشاليهات على البحر وساحل رملي خلاب ومراكز غوص ومرسى سياحي .
والبدع لها مكانة تاريخية مهمة ففيها مقابر أثرية منحوتة في الصخور ، وتعود على أرجح الأقوال لقوم شعيب عليه السلام ، وهي أيضا معبر قديم لحجاج الشام وفلسطين ومصر وهي منطقة جبلية تشتهر بالزراعة الموسمية وخصوصاً الطماطم ، ويتبع لها مناطق ساحلية غنية بالمقومات السياحية وذلك لما تتميز به من جمال طبيعي خلاب وشواطئ بكر ساحرة .
آثار قوم مدين قوم نبي الله شعيب عليه السلام في البدع
نبدأ بالتعريف عن نبيهم المرسل إليهم :
نسبه ووفاته :
فهو : شعيب النبي العربي من بني مدين من نسل إبراهيم كان بعد هود وصالح وقبل أيام موسى بقليل .
اختلف الناسبون في اسم أبيه وجده فقال بعظهم هوابن نوفل بن رعبيل بن مربن عنقاء بن مدين ، وقال المسعودي كان لسانه العربية وفهم بعض المفسرون من الايه على لسان قومه ( وإنا لنراك فينا ضعيفا ) إنه كان أعمى . فجعله ابن حبيب أول من ذكرهم تحت عنوان ( اشرف العميان ) ، وقال السمعاني قبره في حطين ( بفلسطين ) وزاد النووي : وهذا مشهور عند أهل بلادنا وعلى قبره بناء .
ويقول بن تغري وهذا اعتقد انه هو الراجح أن قبره في حطين وهي قرية غرب طبريا يقال إن قبر شعيب وابنته والتي تدعى (( صفورا)) ، وهي زوجة موسى عليه السلام وقال بن الأثير : لما ماتت سارة زوجت إبراهيم عليه السلام تزوج بعدها ( قطورا )
ابنة يقطن وهي من الكنعانيين فولدت له نفشان ومران ومديان ومدن ونشق وسرح فالبربر من ولد نفشان وأهل مدين قوم شعيب من ولد مديان واسم شعيب يثرون بن ضيعون بن عنقا بن ثابت بن مدين بن إبراهيم وقيل إن شعيب ابن ابنة لوط عليه السلام .
وقوم شعيب هم أصحاب الأيكة ومدين هي مملكتهم ومغاير شعيب هي عاصمتهم والمعروفة بالبدع الآن ، وليس هنا ك مغاير تعرف بمغاير شعيب عليه السلام والبدع غيرها أما البدع فهي تقع في الوادي وعلى ضفتيه .
أما المغاير فهي تقع على الضفة الغربية من الوادي .
اما البئر أي بئر موسى عليه السلام فهي غير معروفه إلى الآن .
ويقول فلبي عندما زار البدع إن الشيخ محسن من قبيلة المساعيد أرشده إلى بئر تعرف بمائها منذ القدم وتعرف ببئر ( سعيدني)
وأضاف فيلبي أن المسافة بين البئر ومركز شرطة البدع يستغرق عشرون دقيقه مشيا على الأقدام .
قال تعالى : ( وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۖ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ ۚ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ )
يظهر من الآية الكريمة أن المقصود بمدين هم القوم الذين يسكنون مدين وليس المقصود المكان ، فإسم مدين يطلق على المكان أيضا الذي كان يسكنه قوم شعيب والذي فر إليه موسى بعد قتله الرجل الفرعوني بمصر كما يطلق على الناس أنفسهم الذين بمدين وهم أصحاب الأيكة أنفسهم ( ومعنى أيكه في اللغة أي الشجر الكثيف) .
قال الشاعر
الناس كالناس إلا أن تجربهم
وللبصيرة حكم ليس للبصر
كالأيك مشتبهات في منابتها
وإنما وقع التفضيل بالتمر
ووصفت أرض مدين قديما بكثافة أشجارها وبساتينها ومازالت إلى الآن بالوادي المعروف بوادي البدع ، وقد عرف الرومان بقايا ثمود والعمالقة ومدين حين فتحهم لهذا الجزء من البلاد العربية ودعوهم بإسم الأنباط الذين كان لهم شا ن عظيم في التاريخ العربي
وأهل مدين الذين نقصدهم في موضوعنا اليوم هم من العرب وينسبون إلى مدين بن إبراهيم عليه السلام ، وكان دينهم قبل شعيب هو دين إبراهيم ولكنهم لم يحافظون على دينهم فعاثوا في الأرض وأكثروا فيها الفساد وطففوا في الموازين فبعث الله سبحانه لهم شعيب صلى الله علي وسلم فدعاهم إلى توحيد الله فآمن به القليل ورفض معظمهم دعوته فسخروا منه ودعواه واستكبروا ، فصبر صلوات الله وسلامه عليه وانتظر أمر الله ، وبعد هذا الصبر والانتظار انتصر الله لنبيه فأهلك هؤلاء القوم بالصيحة كمافي قوله تعالى :
( وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مَّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا أَلاَ بُعْدًا لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ )
وبعد أن أهلك الله المنكرين من هؤلاء القوم عاش بعدهم وقتا طويلا ..
أما أهل مدين الذين ورد ذكرهم في التوراة في أخبار حروب بني إسرائيل وملك بابل وأشور فالذي يظهر أنهم من بقايا مدين ممن آمن بشعيب ونجا من العذاب الذي حل بقومه وقد بقيت أثارهم حتى الآن ، وهي في غاية الأهمية ، وقد زارها كثير من الأجانب مثل موزل عام 1910 وسجل ملاحظاته التي اعتمد عليها فلبي في زيارته عم 1951 م كما يقول ذلك فلبي بنفسه
صحيفة صوت الجوف الألكترونية :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق