تهتم هذه المدونة وتعنى بأنساب وتاريخ وأعراف وتقاليد وأخبار وأعلام وشؤون قبائل المساعيد

الاثنين، يناير 27، 2014

قرى الأحيوات : بلدتا قطـر ورحمـة... شاهدتان على الفقر والحرمان في وادي عربة ، تحقيق الأستاذ إبراهيم الفرّية

الأستاذ الإعلامي إبراهيم الفرّاية أبو محمود
 
العقبة - الدستور ــ إبراهيم الفراية
عام جديد .. ولا جديد...الفقر ذات الفقر ...والخبز ذات الخبز..والحزن ذات الحزن...والجياع جياع...عام جديد .. ولاجديد ، كل ما في الامر ان الالم والحزن في مزيد قد تكون الصورة ابلغ من الكلام ..لكن يبدو اننا تعودنا على الصور فلم نعد نهتم كثيراً في تفاصيلها بسبب كثرة من يئن ويشتكي ... لكن هذه المرة فان الصور اشد قسوة وايلاماً.
الحكاية تبدأ من بلدة قطر .. وتتفاقم في بلدة رحمة التي لاتبعد عنها سوى بضعة كيلو مترات لتكون المأساة برمتها في خربوش ذلك الشيخ الطاعن في السن سالم سلمان الذي تبرع احد ابناء المنطقة الطيبين للبحث عنه في اطراف القرية ذلك انه يعرف تفاصيل برنامجه اليومي حتى عاد به الى خربوشه لتكون تراجيديا انسانية عجزت عن حلها كل وزارات التنمية الاجتماعية المتعاقبة في المملكة وعشرات المنظمات الانسانية التي تزعم دعم ورعاية المجتمعات المحلية.
سالم سلمان صاحب الثمانين عاماً او يزيد لايأنس في الدنيا الا عنزته التي لا تفارقه فرغم سنوات الشقاء والتعب والفقر والجوع يأبى ذلك الثمانيني الا ان (يسرح) في عنزته على اطراف رحمة ، سالم سلمان لا بيت يأويه ولا راتب يعينه على مشاق الحياة ولا وثيقة ولاهوية ولا عناية ولا رعاية كل ما يملكه من حطام الدنيا خربوش مشرع للهواء يتوسطة ابريق شاي وثمة اطباق فارغة وشيء مما تجود به أنفس المجاورين.
حدثني احد ابناء القرية ان قصة سالم سلمان وصلت الى مسامع احد وزراء التنمية الاجتماعية السابقين وبالتأكيد لم يكلف الوزير نفسة عناء السفر الى رحمة ليغبر قدماه بتراب القرية الصحراوية مكتفياً بعريضة يوصلها معنيون تشرح حالة الشيخ الثمانيني لم تكتب الورقة لان سالم لا يملك ولداً ولا زوجة ولا ابناء ولا حتى املاً في قادم الايام مكتفياً بمتابعة شؤون عنزته التي اصبحت همه وهدفه.
سالم سلمان يرتشف قليلاً من الشاي ويسألني لماذا اتيت ، قلت له سنحاول في (الدستور) ان نوصل رسالتك وصورتك الى من يعنيهم الامر لعل اصحاب القلوب الرحيمة يفكرون في زيارة عاجلة الى خربوشك المتواضع ويحولوه الى غرفة تليق بشيخ طاعن ارهقته سنوات الفقر والحرمان ...تمتم الشيخ بكلمات لم افهمها واخذ يداعب عنزته التي ابت الا ان تكون الجليس الثالث معنا.
لله درك يا سالم ماذا فعلت بك الدنيا وابن اخيك الشاب الاخرس يحاول ان يقول لي شيئاً في قصتك وسنين عمرك لكن الكلمات كانت حبيسة لسانه وان عبر عنها باشارات لم افهمها لكنني من خلال جيرانه فهمت انه يتيم يرقب عمه بصمت والم.
ولم تكن حال حماد ناصر حماد وزوجته وطفلته افضل حالاً من شيخنا الثمانيني فحماد الذي فقد البصر منذ سنوات طويلة استطاع بطيبة اهل القرية ان يتزوج من فتاة ابت الا ان تكون النور المضيء لحماد صاحب الخامسة والخمسين عاماً ليرزقهم الله بالطفلة منى لكن ارهاصات وصعوبات الحياة ما زالت اكثر بكثير من قدرات وامكانيات حماد ، واحلام الزوجة الشابة المؤمنة بقضاء الله ...وآفاق عيون الطفلة الحالمة منى تبقى سعادة حماد حبيسة لظروفه المادية القاسية ومنزله المستأجر وضيق ذات اليد.
يقول حماد وهو يتحسس جدران منزله المستأجر كل ما اطمح به ان اتمكن قبل وفاتي من تأمين منزل ملائم لزوجتي وطفلتي فأنا تعودت على ظلمة الحياة وقسوتها ومرارتها لكنني ادعو الله عز وجل ان يعينني على تأمين منزل تعيش به اسرتي بكرامة وامان.
ويضيف حماد وزوجته وطفلته تقربان منه لا املك من حطام الدنيا و نعيمها سوى دعاء صادق ان يحفظ الله لي هذه الزوجة الوفية والطفلة اليانعة وان يأتي خبر ان بيتاً كتب لي لامضي به بقية حياتي.
تجتهد الزوجة الصالحة في رعاية حماد وطفلتهما في ظروف اقل ما يمكن ان توصف بها انها صعبة لكنها بارادة ام منى وايمانها المطلق بربها سهلة وتحتاج فقط الى لمسة حنان ورعاية من صاحب قلب كبير يعينهم على العيش الكريم.
وفي قطر المتكئة على اطراف العقبة الخاصة من الجهة الشمالية كانت الحكاية ليست كالحكايات فهلالة فرج ام سالم صاحبة التسعين عاماً وابنها المتعب سالم صاحب الخامسة والاربعين عاماً وابنتها مغيضة صاحبة الاربعين عاماً لا يعرفون اطلاقاً عاماً ولا عيداً جديداً كل ما تعرفة الام المثقلة بتعب السنين انها لا تسمع ولا ترى وان سالماً رغم سنينه الطويلة ما زال اسير الغرفة وساحتها وان مغيضة تسرح مع الحلال وان الفقر فقر والحزن حزن والجوع جوع.
هلالة فرج تتوسد في الصباحات المشمسة باب ما يطلق عليها مجازاً الغرفة الحديثة وتنام مساء في الخربوش الحديدي لكن سالم المتكىء على عصاة القهر والحرمان يقول لـ"الدستور" صورني داخل الغرفة فكل ما تملك العائلة من بقايا حطب النار ومؤونة الشهر ومتاع الدنيا موجود فيها.
واسأل سالم عن التلفاز والثلاجة والغاز فيرد بابتسامة المتألم(احنا بنعرف النار) فكل حياتنا حول النار وبعد شرود تنادي التسعينية ام سالم (سوي شاي للضيف) في رسالة واضحة ان الفقر والحرمان والمرض لا ينسي ملح الارض حق الضيف.
يقول سالم اتمنى مشاهدة التلفاز واتوق الى ثلاجة فيها كل ما لذ وطاب وقد استريح من جمع الحطب وايقاد النار اذا توفر غاز ولا مانع من ان يصرف لي مبلغ يكفل لي عيشاً كريماً ولكنه استدرك قبل هذا وذاك اين الكهرباء
الم اخبركم ان رحلة "الدستور" الاولى في وادي عربة المثقل بالالم والفقر والحرمان استثنائية ليس لان كثيراً من القصص في الوادي تمثل قمه النسيان والحرمان لكن لان هذه القصص غاب عنها متشدقو ومزاودو التنمية الشاملة بكافة قطاعاتهم وتصنيفاتهم.
حدثني احدهم ان مديرية تنمية المجتمع المحلي في سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة في عهد الرؤساء السابقين صرفت 8 ملايين دينار على التنمية ، لكن يبدو ان سالم سلمان وحماد ناصر حماد والتسعينية هلالة فرج واسرتها لا تنطبق عليهم شروط الاستفادة من تنمية المجتمع المحلي آنذاك.
جريدة الدستور ، 22 / 2 / 2011 م
http://www.addustour.com/Viewarchive...2_id305517.htm

وقد علق أحد أبناء القبية وهو الأخ عطا الله الأحيوات على هذا التقرير بقوله :

رحمة تستغيث
عطا الله الأحيوات / رحمة /
منذ زمن وأهالي رحمة يسمعون الكلام الجميل والوعود البراقة , مسؤولا يأتي ومسؤولا يغادر , يأتي وتأتي معه الوعود ويملأ قلوبنا باللأمل , ويغادر وتغادر معه الوعود ويغادر الأمل قلوبنا ويحل مكانه الأحباط واليأس . أليست منطقة رحمة وأهاليها الطيبين البسطاء جزء لا يتجزأ من النسيج الأردني ؟ نحن وأنتم ايها المسؤولين نعلم جيدا أن العضو المريض يؤثر على سائر الجسم ويعيق حركته, لذلك يجب وفورا وبدون أدنى تأخير أو مبرر البدأ بتنفيذ المشاريع الزراعية التي وعدت بها ابنة الوطن وجزئه البسيط الطيب الغالي قرية رحمة , علما أنه تقرر تنفيذ عطاء المشروع الزراعي اعتبارا من تاريخ 1/6/2010 ولكن لم يتم أي شيئ من ذلك . أرجوكم اعلامنا عن السبب . وكذلك اعلامنا عن سبب عدم قيام السيد أمين عام سلطة وادي الأردن المحترم بزيارة قرية رحمة أ.... والله من وراء القصد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق